بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين وخاتم النبيين والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، وصحابه رضي الله عنهم أجمعين ، ومن تبعم وتبع من تبعهم من القرون المفضلة وأئمة الفضل عبر العصور إلى يوم الدين . أما بعد
فيطيب لي في هذا المنتدى الطيب المنبني على السير وفق الكتاب والسنة إن شاء الباري عز وجل ، أن أنبه إخواني من العامة إلى أمر لا حظته كثيرا في مساجدنا ، ألا وهي الملصقات الموجودة على جدر المساجد مكتوب فيها أسماء الله تعالى الحسنى ، والملاحظ فيها إسم الضار ،ومعلوم أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها إلا بدليل من الكتاب أو السنة الصحيحة ، والأمر الثاني إسم الضار لا يليق إطلاقه على الله ، فهو يعتريه نقص من خلال دلالته اللفظية .
سئل الشيخ العثيمين مما يطلق على الله سبحانه وتعالى بأنه النافع الضار، فهل هما اسمان أم صفتان؟ وهل ثبت حديث فيهما؟ .
فقال رحمه الله تعالى : " ليس من أسماء الله النافع الضار، بل هما من صفات الله عز وجل فهو الذي بيده النفع وبيده الضر، وليس الضار من الصفة التي تقال وحدها، بل يقال: النافع الضار معاً، فإن قيل: النافع فقط فلا بأس، لكن النافع الضار فيه أن الله عز وجل بيده الأمر كله من نفعٍ وضر، وعلى كل حال فهما ليسا من أسماء الله، وإنما مما يوصف الله بهما فقط، والحديث الوارد في عدهما من أسماء الله ضعيف ". سلسلة لقاء الباب المقتوح
سئل العلامة المحدث الالباني رحمه الله تعالى عن إسم الضار والنافع وإطلاقه على الله عز وجل .
فقال رحمه الله تعالى : " وكثيرا ما نتحدث ويتحدث علماؤنا قديما وحديثا بمثل هذه العبارات لبيان أن الله عز وجل هو الذي يضر وهو الذي ينفع ولا غيره يضر أو ينفع إلا بإذنه تبارك وتعالى وذلك يؤخذ من نصوص كثيرة من الكتاب والسنة فالذي لا يجوز هو إطلاق الإسم على الله عز وجل ومناداته به أما أن يوصف به أثناء الحديث فهذا استعمل في زمان السلف حتى اليوم فنحن ما نقول يا ضار ولا نقول يا نافع وإن كان هو الضار والنافع ولا نقول يا موجود لأنه ليس من أسمائه الحسنى لأن أسمائه الحسنى توقيفية كما ذكرنا ذلك مرارا بمعنى أن التسمية نتوقف لنسمي لله عز وجل بها على النص في الكتاب وفي السنة أما إذا لم يأتِ في ذلك نص فلا ندعو الله عز وجل إلا بأسمائه الحسنى هذا شيء والتحدث عن الله عز وجل في أثناء الحديث كما سمعتم آنفا شيء آخر بمعنى صحيح أن الله عز وجل هو ينفع وهو يضر إن كان صحيحا فلا مانع في أثناء الحديث أن نقول أن الله هو النافع هو الضار لكن لا نسميه أسماء نناديه بها ونتقرب بها إليه تبارك وتعالى ". سلسلة الهدى والنور
قال شيخنا الفاضل محمد على فركوس حفظه الله تعالى ورعاه وأطال في عمره عن سؤال في اسمي النافع والضار ومدى صحة إطلاق الضار على الله تعالى فقال : " فينبغي التفريقُ بين الاسم والصِّفة من حيث إثباتُ «النافع والضار » من جهة، وبين الإرادة والمحبةِ في النفع والضرر من جهة أخرى.
فالمعلوم عند أهل السُّنَّة أنَّ أسماءَ الله توقيفيةٌ، بمعنى أنهم لا يُثبتون لله من الأسماء إلاَّ ما أثبتَه الله لنفسه في كتابه أو أَثْبته له رسولُه في سُنتِه من الأسماء والصفات، وإثباتُ اسمَيِ «النافع والضار » متوقِّفٌ على صِحَّة حديثِ أبي هريرة مرفوعًا عند الترمذي، هما اسمان مِنْ سَرْدِ الحديث، والحديث صححَّه قوم وضعَّفه آخرون، وممَّن صحَّحه الحاكمُ، وابنُ حبان، وحسَّنه النووي في «الأذكار »، وهو الذي ارتضاه الشوكاني في «تحفة الذاكرين »، وذهب جماعةٌ من الحفَّاظ إلى أنّ سرد الأسماء في حديث الوليد عن الترمذي مُدرَج فيه، وبهذا قال ابن كثير، ورجَّحه ابن حجر، وعلَّق الصنعاني على كلام ابن حجر بقوله:« اتفق الحفَّاظُ مِن أئمَّة الحديث أنَّ سردها إدراجٌ من الرواة ». والحديثُ ضعَّفه الألباني. قال ابن تيمية -رحمه الله-:« قد اتفق أهلُ المعرفة بالحديث على أنَّ هاتين الروايتين -يعني رواية الترمذي من طريق الوليد، وابنِ ماجه من طريق عبد الملك بن محمَّد- ليستا من كلام النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وإنما كلٌّ منهما من كلام بعضِ السلف ».
وعليه، فمن أثبت الحديثَ عَدَّ «النافعَ والضارَّ » مِن أسماء الله الحسنى، ومَن ضعَّفه ومنع الاحتجاجَ به ردَّ الاسمين، مع إقراره بصفة النفع والضُّرِّ الثابتة بنصوص أخرى من غير اشتقاق اسم منها> .إنتهى كلامه. من فتاوى الشيخ فركوس .
وعليه فالحديث المروي من حديث أخرجه الترمذي في «سننه » كتاب الدعوات، : (3507)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وضعفه الألباني كمال قال شيخنا في «ضعيف الجامع » للألباني: (2/178).
الأمر الآخر أن ضابط التسمي بأسماء الله تعالى أربعة أقسام :
القسم الأول : أسماء تدل على كمال محض من حيث الدلالة اللفضية للإسم أو من حيث التقدير الذهني . مثل السميع والبصير فهذه يسمى الله بها ويوصف بها .
القسم الثاني : أسماء تدل على نقص من جانب وتدل على كما من جانب آخر أي ، تدل على نقص من خلال مدلولها اللفظي وعلى الكمال من حيث التقدير الذهني . مثل : الغضب ، المكر فهذه لا يسمى الله بها ولكن يوصف بها بقيد لا على إطلاقها .
القسم الثالث : أسماء تدل على كمال من حيث مدلولها اللفضي ، وعلى النقص من حيث التقدير الذهني مثل : صفة الكلام فهذه لا يسمى الله بها ولكن يوصف بها سبحانه وتعالى .
القسم الرابع : أسماء تدل على نقص محض مثل العجز والكسل فهذه لا يسمى الله بها ولا يوصف بها ولا يخبر بها فتعالى الله عن كل نقص في حقه فأسماءه حسنى أي بالغة في الحسن غايته أي لا منتهى لها في الحسن ، فال يمكن للعقل أن يصل إلى حسن أسماءه وصفاته .
قال العلامة العثيمين : إن الألفاظ إما تدل على معنى ناقص نقصا مطلقا ، وإما أن تكون دالة على كمال في حال ونقص فيحال ، وإما أن تكون دالة على الكمال ولكن ليس غاية الكمال ، وإما أن تدل على غاية الكمال .
القسم الأول :إن كانت دالة على غاية كمال ، فهي من أسماء الله ، إذ ليس فيها نقص أبدا ، لاحتمالا ، ولا تقديرا ، وذالك مثل السميع والبصير ..............الخ
القسم الثاني : وهو الألفاظ الدالة على كمال ، لكن مع احتمال نقص بالتقدير ، غهذه لايسمى الله بها مثل المتكلم ، الشائي ، المريد ...............الخ
القسم الثالث : الذي يحتمل نقصا وكمالا في نفس المعنى لا في المتعلق لا يطلق على الله وإنام يذكر مقيدا ، مثل المكر والخداع....................الخ إنتهى كلامه رحمه الله تعالى
قال الناظم : في حسن أسماء الله تعالى ، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}
أَسْماءُ رِبِّي بالِغَاتُ الْحُسْنِ ... وَلا يُحاطُ قَدْرُها بِالْذِّهْنِ
وَذاكَ كَـ(الْحَيِّ الْقَديرِ الْقاهِرِ) ... فَإِسْمُهُ عَن كُلِّ نَقْصٍ قَد بَرِي
وقال كذالك في توقيفية أسما الله تعالى ، قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}
وَاعلَمْ بِأَنَّها عَلَىَ الْتَّوقيفِ ... عَلَىَ نُصوصِ وَحيِنا الْشَّريفِ
فَالْعَقلُ لا يُثبِتُ شَيئاً مِنها ... بَل قاصِرٌ كُلََّ الْقصورِ عَنها
لا تَقْفُ شَيئاً لَيسَ فيهِ عِلمُ ... فَذاكَ إِثْمٌ واضِحٌ وَجُرمُ
فإسم الضار لا ينسب إلى الله تعالى من حيث التسمية إذ لا دليل عليه صحيح ، ولكن يوصف به على أن الضر والنفع بيد الله عز وجل ، كذالك أن وصف الضار والنافع ،المعطي المانع ، المعز المذل وغيرها ، هما من الأسماء المزدوجة المقرونة ، بحيث لا يطلق مثلا الضار على الله وحدها بل تكون مع مقرونة مع وصف بالنافع كما ذكر أهل العلم في ذالك .
فأرجو من إخواني أن ينتبوا لهذا الأمر و بالأخص أئمة المساجد .
والله الموفق
أبو محمد تمرت مصطفى في 15 جمادى الثانية 1439
آخر تعديل: