الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين،أمَّا بعد :
فإخواني في اللّٰه... قد أقبل علينا ضيفٌ عزيز ، يُظِّلُنا مرة واحدة في السَّنَّة،قال اللّٰه تعالى : {أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[1]،و إنَّ من الأيّام الَّتي ينبغي تذكرها و تذكير النَّاس بها : شهر رمضان المبارك.
و قد ثبث في السُّنَّة أنَّ حبيبنا صلى اللّٰه عليه و سلم كان يُبَشِّرُ أصحابه رضي اللّٰه عنهم بقدومه فيقول لهم : " أتاكُم رَمضانُ شَهرٌ مبارَك، فرَضَ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ عليكُم صيامَه، تُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ، وتغَلَّقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيهِ مَرَدَةُ الشَّياطينِ، للَّهِ فيهِ خيرٌ من ألفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمََ " [2] ، و قال إبن رجب الحنبلي رحمه اللّٰه : " قال بعض العلماء : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان،كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران ، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين ، من أين يشبه هذا الزمان زمان "[3].
إخواني في اللّٰه،لنشكر اللّٰه تعالى الَّذي وفقنا لبلوغ شهر الطاعة قال تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}[4]،فقد روى إبن حنبل رحمه اللّٰه عن أبي هريرة رضي اللّٰه عنه : " كان رجلانِ من بَلِيٍّ حَيٍّ من قُضاعةَ أسلَما مع النبيِّ صلى اللّٰه عليه و سلم، واستُشهد أحدُهما، وأُخِّر الآخَرُ سَنَةً، قال طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: فأُريتُ الجَنَّةَ، فرأيْتُ المؤخَّرَ منهما، أُدخل قبل الشهيدِ، فتعجبتُ لذلك، فأصبحْتُ، فذكرْتُ ذلكَ لِلنَّبِيِّ صلى اللّٰه عليه و سلم، أو ذُكر ذلِك لرسولِ الله صلى اللّٰه عليه و سلم، فقال رسولُ اللهِ صلى اللّٰه عليه و سلم: أليسَ قد صام بعدَه رمضانَ، وصلى ستةَ آلافِ ركعةٍ، أو كذا وكذا ركعةً صلاةَ السَّنَةِ "[5].
و لنحرص إلى التعرض لنفحاته تعالى و كل من إبتغى أن تمسّه هذه النفحات فعليه بالعمل الصالح و الإكثار منه.
تخيَّل أنَّه آخر شهر في حياتك فصُم شهرك هذا صوم مودِّع و إعمل بوصيته صلى اللّٰه عليه و سلم لأهل الصلاة : " إذا قُمْتَ في صَلاتِكَ فَصَلِّ صَلاةَ مُوَدِّعٍ "[6].
و من الأعمال الصالحة الَّتي يجب علينا ملازمتها في رمضان خاصة:
1- التوبة و الرجوع إلى اللّٰه قال تعالى : {وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [7].
2- الصِّيام : كفاه فضلاً أنَّه كفّارة للذنوب فعن أبي هريرةَ رضي اللّٰه عنه قال: قال رسولُ اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: " قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ "[8]،و هذا الفضل لا يناله كل صائم لقوله صلى اللّٰه عليه و سلم : " رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامِه إلا الجوعُ، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامِه إلا السَّهرُ "[9] .
3- الإكثار من تلاوة القرآن : فقد كان النبيّ صلى اللّٰه عليه وسلم كان يعارض جبريل القرآن كلّ سنة مرّة في رمضان،كان الزّهريّ رحمه الله يقول إذا دخل رمضان:" إنّما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطّعام "[10].
4- الإكثار من الصدقة : فعن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنه قال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ عليه السّلام، فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ " [11].
5- الإكثار من النوافل كقيام الليل : لقوله صلى اللّٰه عليه و سلم : " أفضلُ الصيامِ، بعدَ رمضانَ، شهرُ اللهِ المحرمِ . وأفضلُ الصلاةِ، بعدَ الفريضَةِ، صلاةُ الليلِ " [12].
و لنجتنب الملهيات عن ذكر اللّٰه و الأعمال الصالحة في هذا الشهر كأصحاب الأخدود الّذين فتنوا أهل الإيمان عن صراط الرَّحمن،فنحن و للّٰه الحمد لن تصدنا الشهوات عن دخول الجنّات.
فهذا شهر ليس كسائر الشهور،فربّنا سبحانه و تعالى دعانا إلى إغتنام سبل الشفاعة،فلن نحرم أنفسنا من خيره.
أخي في اللّٰه هذه كلمات موجهة إليك سائلًا المولى تعالى تصل قلبك فبادر بالتوبة و استغفر لذنبك.
وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سورة إبراهيم الآية 5.
[2] صصحه الألباني في صحيح النسائي 2105.
[3] لطائف المعارف 1/15.
[4] سورة البقرة الآية 152.
[5] أحمد شاكر مسند أحمد 16/170إسناده صحيح و أخرجه أحمد 8399 واللفظ له، والبزار 929.
[6]صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 401 له شواهد تدل على أن له أصلا و أخرجه ابن ماجه 4171 وأحمد 23545 و اللفظ له.
[7] سورة النور الآية 31.
[8] أخرجه البخاري 1904 و مسلم 1151 بإختلاف يسير.
[9]أخرجه الألباني في صحيح الترغيب 1084 و قال عنه :حسن صحيح و أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» 3249 وابن ماجه 1690 واللفظ لهما، وأحمد 9683 باختلاف يسير.
[10] لطائف المعارف 1/171.
[11] أخرجه البخاري 3220.
[12] أخرجه مسلم 1163.
وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سورة إبراهيم الآية 5.
[2] صصحه الألباني في صحيح النسائي 2105.
[3] لطائف المعارف 1/15.
[4] سورة البقرة الآية 152.
[5] أحمد شاكر مسند أحمد 16/170إسناده صحيح و أخرجه أحمد 8399 واللفظ له، والبزار 929.
[6]صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 401 له شواهد تدل على أن له أصلا و أخرجه ابن ماجه 4171 وأحمد 23545 و اللفظ له.
[7] سورة النور الآية 31.
[8] أخرجه البخاري 1904 و مسلم 1151 بإختلاف يسير.
[9]أخرجه الألباني في صحيح الترغيب 1084 و قال عنه :حسن صحيح و أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» 3249 وابن ماجه 1690 واللفظ لهما، وأحمد 9683 باختلاف يسير.
[10] لطائف المعارف 1/171.
[11] أخرجه البخاري 3220.
[12] أخرجه مسلم 1163.
المصدر ...موقع التصفية والتربية السلفية