ترك نبي الله موسى عليه السلام، بعد وفاته، لبني إسرائيل التابوت الذي فيه سكينةٌ من الله عزَّ وجلَّ، وألواح التوراة وبعض الأشياء الأخرى، إلا أنهم أهملوا تعاليم التوراة، وعبدوا الأصنام، وساءت أحوالهم.
وكان بين بين بني إسرائيل نبي، يدعى "صموئيل" في العبرية، طلبوا منه أن يسأل الله أن يبعث لهم ملكًا لكي يقاتلوا بدلًا مما يعانوه من إهانةٍ وتشريدٍ، فسألهم النبي إن كانوا حقًّا سيقاتلون، فقالوا له نعم سنقاتل، وكيف لا نقاتل وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا، لكن كعادتهم لم يصدقوا مع الله عز وجل، فقال الله تعالى عن حالهم في آياته من سورة البقرة: 246، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)، وفقا لموقع "دار الإفتاء".
وأخبرهم نبيُّهم أن الله عز وجل بعث لهم "طالوت" ملكًا عليهم، وكان "طالوت" فقيرًا غير معروف بينهم، وقيل إن بني إسرائيل لم يعرفوه للوهلة الأولى وأخذوا يفكرون فيمن يكون هذا، فلما عرفوه احتقروه واستنكروا أن يكون ملِكًا عليهم، لأنه ليس من وجهائهم، لكن الله جل شأنه أخبرهم أن هناك اعتبارات أخرى تتفوق على هذه الاعتبارات، أولها وأهمها اصطفاء الله له، وهذا أمر مفهوم بالنسبة لقوم يأتيهم خبر السماء وبينهم نبي يبلغ رسالة ربه إليهم، ويجب أن يكون هذا الاصطفاء حاسمًا في استجابتهم، لولا أنهم جبلوا "فُطروا" على الجدل والمراوغة والعناد.
مع الاصطفاء الإلهي، كان يملك "طالوت" العلم والقوة الَّذيْن منحهما الله تعالى، فكان "طالوت" لديه مزية زائدة عن قومه في العلم والقوة، خاصَّة أنهم كانوا يطلبون ملكًا يقاتلون معه ضد أعدائهم، وعلم الملك وقوته مهمان لتحقيق الغاية من وجوده في موقع القيادة، وأخبرهم النبي أنَّ الله تعالى يؤتي ملكه من يشاء؛ فالكون كله ملك له سبحانه وتعالى، والأمر أمره والتدبير تدبيره، فلا ينازع الله في ملكه أحد كائنًا من كان، قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 247].
وبين لهم النبي أن الله قد جعل لمُلكه علامة ظاهرة، وهي استعادة التابوت والآثار التي كانت عندهم من لدن سيدنا موسى عليه السلام؛ حتى يكون في ذلك مزيد تصديق وإقناع لهم لملكه عليهم، فحملت الملائكة التابوت وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون إليهم، بعد أن أُخِذَتْ منهم؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 248].
خَرَجَ المَلك طالوت للقتال بجيش يبلغ 80 ألف مُقاتل، خَرجوا معهُ كارِهين، فقالَ طالوت: (إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) - [ البقرة 249]، فلما بلغ نهر الأردن، وهو بين الأردن وفلسطين، فنهاهم عن الشرب منه، وعفا لهم عن غرفة واحدة يبل بها الجندي ريقه، فلما وصلوا إلى النهر، شرب معظمهم حتى ارتووا وخالفوا أمر ملكهم، إلا عدد قليل لم يشرب أو اغترف غرفة واحدة، وذُكِر أن هذا العدد بضع مئات قليلة.
ثبت مع "طالوت" 4 آلاف مقاتل، رجع منهم 76 ألف، حتى عبر "طالوت" ومن معه النهر،"قالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ"، البقرة 249، فلم يبق مع طالوت سوى 300 مقاتل وبِضع عشرات منهم، وفيهم أبو داوود عليه السلام، ومعه 13 من أبناءه، أصغرهم داود، وكانَ الله قد أجرى على يديه معجزات أو كرامات رغم سنِه، ومن ذلِكَ تسبيح الجبال، وتسديد قذافتِه.
ومع بداية القتال اصطفَ الجيشان، رمى داوود "جالوتَ" بقذيفته، فأصابه بينَ عينيه، فأسقَطَه قتيلاً، واشتبك الجيشان فانتصر المؤمنون على الكافرين بفضل الله وإرادته، وكان في ذلك تمهيد لسيدنا داود عليه السلام ليكون قائدًا ونبيًّا لبني إسرائيل؛ كما قال سبحانه: (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ۞ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [البقرة: 250-251]، وفقا لـ"محمد بن جرير الطبري"، "جامع البيان عن تفسير آي القرآن"، صفحة: 481-509، جزء 4".
وكان بين بين بني إسرائيل نبي، يدعى "صموئيل" في العبرية، طلبوا منه أن يسأل الله أن يبعث لهم ملكًا لكي يقاتلوا بدلًا مما يعانوه من إهانةٍ وتشريدٍ، فسألهم النبي إن كانوا حقًّا سيقاتلون، فقالوا له نعم سنقاتل، وكيف لا نقاتل وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا، لكن كعادتهم لم يصدقوا مع الله عز وجل، فقال الله تعالى عن حالهم في آياته من سورة البقرة: 246، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)، وفقا لموقع "دار الإفتاء".
وأخبرهم نبيُّهم أن الله عز وجل بعث لهم "طالوت" ملكًا عليهم، وكان "طالوت" فقيرًا غير معروف بينهم، وقيل إن بني إسرائيل لم يعرفوه للوهلة الأولى وأخذوا يفكرون فيمن يكون هذا، فلما عرفوه احتقروه واستنكروا أن يكون ملِكًا عليهم، لأنه ليس من وجهائهم، لكن الله جل شأنه أخبرهم أن هناك اعتبارات أخرى تتفوق على هذه الاعتبارات، أولها وأهمها اصطفاء الله له، وهذا أمر مفهوم بالنسبة لقوم يأتيهم خبر السماء وبينهم نبي يبلغ رسالة ربه إليهم، ويجب أن يكون هذا الاصطفاء حاسمًا في استجابتهم، لولا أنهم جبلوا "فُطروا" على الجدل والمراوغة والعناد.
مع الاصطفاء الإلهي، كان يملك "طالوت" العلم والقوة الَّذيْن منحهما الله تعالى، فكان "طالوت" لديه مزية زائدة عن قومه في العلم والقوة، خاصَّة أنهم كانوا يطلبون ملكًا يقاتلون معه ضد أعدائهم، وعلم الملك وقوته مهمان لتحقيق الغاية من وجوده في موقع القيادة، وأخبرهم النبي أنَّ الله تعالى يؤتي ملكه من يشاء؛ فالكون كله ملك له سبحانه وتعالى، والأمر أمره والتدبير تدبيره، فلا ينازع الله في ملكه أحد كائنًا من كان، قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 247].
وبين لهم النبي أن الله قد جعل لمُلكه علامة ظاهرة، وهي استعادة التابوت والآثار التي كانت عندهم من لدن سيدنا موسى عليه السلام؛ حتى يكون في ذلك مزيد تصديق وإقناع لهم لملكه عليهم، فحملت الملائكة التابوت وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون إليهم، بعد أن أُخِذَتْ منهم؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 248].
خَرَجَ المَلك طالوت للقتال بجيش يبلغ 80 ألف مُقاتل، خَرجوا معهُ كارِهين، فقالَ طالوت: (إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) - [ البقرة 249]، فلما بلغ نهر الأردن، وهو بين الأردن وفلسطين، فنهاهم عن الشرب منه، وعفا لهم عن غرفة واحدة يبل بها الجندي ريقه، فلما وصلوا إلى النهر، شرب معظمهم حتى ارتووا وخالفوا أمر ملكهم، إلا عدد قليل لم يشرب أو اغترف غرفة واحدة، وذُكِر أن هذا العدد بضع مئات قليلة.
ثبت مع "طالوت" 4 آلاف مقاتل، رجع منهم 76 ألف، حتى عبر "طالوت" ومن معه النهر،"قالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ"، البقرة 249، فلم يبق مع طالوت سوى 300 مقاتل وبِضع عشرات منهم، وفيهم أبو داوود عليه السلام، ومعه 13 من أبناءه، أصغرهم داود، وكانَ الله قد أجرى على يديه معجزات أو كرامات رغم سنِه، ومن ذلِكَ تسبيح الجبال، وتسديد قذافتِه.
ومع بداية القتال اصطفَ الجيشان، رمى داوود "جالوتَ" بقذيفته، فأصابه بينَ عينيه، فأسقَطَه قتيلاً، واشتبك الجيشان فانتصر المؤمنون على الكافرين بفضل الله وإرادته، وكان في ذلك تمهيد لسيدنا داود عليه السلام ليكون قائدًا ونبيًّا لبني إسرائيل؛ كما قال سبحانه: (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ۞ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [البقرة: 250-251]، وفقا لـ"محمد بن جرير الطبري"، "جامع البيان عن تفسير آي القرآن"، صفحة: 481-509، جزء 4".