من لطائف القرآن ما حُكي عن أهل الكهف:
{قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورِقكم…}
تساءل أحدهم عن مدة اللبث، فاجتهدوا في تحديدها دون جزم: {يوما أو بعض يوم}، ولما شعروا أن الإجابة محتمَلة قال بعضهم: {ربكم أعلم بما لبثتم}.
لقد أنهى أهل الكهف خلافهم، وانصرفوا إلى ما يحفظ مودتهم وقوتهم: {فابعثوا أحدكم بورِقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما…}.
وهنا درس بليغ، وهو أن العقلاء ليسوا أهل جدل، بل أهل عمل؛ فمنذ تحقق لهم ألا فائدة من إضاعة الوقت في حسم مسألة الوقت توقفوا بعد أن قال كل منهم ما لديه.
بعضنا الآن يلت ويعجن في الجدل، ويخسر نفسه والناس، ويكسب الخصومات؛ ليثبت أنه على صواب في مسائل تتسع للخلاف، وكأن الله خصه بالعلم وحدَه!
إن من عرف عقول الناس عرف أن الناضج لا يطيل جدلا، بل يقول ما لديه، ثم ينصرف إلى ما فيه نفع لنفسه، وصيانة لعقله، وللعقول أن تأخذ من رأيه وتدع.
دمتم في رعاية الله وحفظه♥