إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد
جاء في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم تُفْسِد .ْ
صححه الشيخ أحمد شاكر والشيخ الألباني
قال العلامة المناوي - رحمه الله -: "ووجه الشبه: حذق النحل، وفِطنته، وقلة أذاه، وحقارته، ومنفعته، وقنوعه، وسعيه في الليل، وتنزُّهه عن الأقذار، وطيب أكله، وأنه لا يأكل مِن كسب غيره، وطاعته لأميره، وأن للنحل آفاتٍ تقطعه عن عمله، منها: الظلمة، والغَيْم، والريح، والدخَان، والماء، والنار، وكذلك المؤمن له آفات تُفقِره عن عمله؛ ظلمة الغفلة، وغَيْم الشك، وريح الفتنة، ودخَان الحرام، ونار الهوى"
كما أكد علماءُ الحشرات أن النحلَ لا يمتص إلا رحيق الأزهار الفواحة، كما أن العسَل الخارجَ من بطنها مِن أطيب الإفرازات الحيوانية وأنفعِها على الإطلاق.
ومِن صفات عالَم النَّحل: أنه يعمَل ويجتهد، ويثابر طَوال يومه في بناء خليَّته، وتشييد مدينتِه، ويحافظ على نَسْله، وله شجاعة وإقدامٌ، ويُضحِّي بنفسه مِن أجل بني خليَّتِه، ويحبُّ العملَ الجماعي، وهذا واضحٌ وجليٌّ، كما أن النحل لا يتبرَّم مِن العمل، بل يعمَل في صمتٍ، ولا ينتظر منصبًا أو مكانةً في خليَّتِه.
النحل في القرآن:
جاءت سورةٌ كاملة في القرآن الكريم باسم سورة (النحل)، وهذا من تكريم الله لتلك الحشرة الصغيرة، ولفت انتباه المؤمنين للتشبه بهذا الكائن؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 68، 69].
بين المؤمن والنحلة:
المؤمن لا يأكل إلا طيبًا، وتلك صفة النحل:
عن أبي سعيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي)).
المؤمن لا يقول إلا طيبًا، والنحل يخرج العسل:
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((.... ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليقُلْ خيرًا، أو ليسكُتْ)).
المؤمن يحب العمل الجماعي، والنحل متعاون:
عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمنُ للمؤمن كالبنيان، يشُدُّ بعضُه بعضًا))، وشبَّكَ بين أصابعه.
ومما جاء في سيرته صلى الله عليه وسلم: أنه كان في بعض أسفاره، فأمر بإصلاح شاةٍ، فقال رجل: يا رسول الله، عليَّ ذبحُها، وقال آخر: عليَّ سلخها، وقال آخر: عليَّ طبخها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((وعليَّ جمع الحطب))، فقالوا: يا رسول الله، نحن نكفيك، فقال: ((قد علمتُ أنكم تكفوني، ولكني أكره أن أتميز عليكم؛ فإن الله يكره مِن عبده أن يراه متميزًا بين أصحابه)).
إن ملامحَ الجماعة في دِيننا تظهر في كل العبادات التي نتعبد بها لله؛ فالصلاة تؤدى في جماعة المسجد، وتصوم الأمة كلها شهرًا واحدًا في وقت واحد، ويؤدُّون فريضة الحج في آنٍ واحد ومكان واحد، ويخرجون لصلاة العيد مكبِّرين مهلِّلين في صوت واحد، كما أن ربنا إذا نادى علينا في كتابه ينادي بصيغة الجمع، فيقول: يا أيها الذين آمنوا، يا أيها الناس.
مِن صفات المؤمن أن يكون نافعًا للغير كالنحل:
عن ابن عمر: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الناس إلى الله تعالى: أنفعُهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى: سرورٌ تُدخِله على مسلمٍ...)).
ومما أُثِر عن علي رضي الله عنه قوله: "كونوا في الناس كالنحلة في الطير؛ إنه ليس من الطير شيءٌ إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطيرُ ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها، خالِطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايِلوهم بأعمالكم وقلوبكم؛ فإن للمرءِ ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع مَن أحَبَّ".
وأعجبني ما قاله الشيخ الغزالي - رحمه الله -: "المسلم كالنحلة التي تطوف بالحدائق والحقول، تطعَمُ الخير، وتُعطي العسل، ولا يرى أحدٌ منها إلا ما يسُرُّ"؛ "كنوز من السنة". فعلى المؤمن الصائم: أن يتعلمَ مِن النحل؛ فلا يقبل إلا الطيب، ولا يتكلم إلا بالطيب، ولا يطعَم إلا الطيب، ولا يلبَس إلا الطيب، ولا يشرب إلا الطيب، ولا يكسِب إلا الطيب، فإذا عاش المؤمن كالنحل - يتحرى الطيبَ مِن كل شيء، وفي كل شيء - كانت نهايتُه بإذن الله طيبةً؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 32]. وتلك دروس جليلة، ومهما كثرت فهي قليلة، لكن في المثال الواحد، ما يُغني عن ألفِ شاهد. وصية عملية: كُنْ طيبًا في كلامك، وفي أفعالك، وفي حركاتك، وفي طعامك وشرابك؛ فالطيب يعيش حياةَ الطيبيين
جاء في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم تُفْسِد .ْ
صححه الشيخ أحمد شاكر والشيخ الألباني
قال العلامة المناوي - رحمه الله -: "ووجه الشبه: حذق النحل، وفِطنته، وقلة أذاه، وحقارته، ومنفعته، وقنوعه، وسعيه في الليل، وتنزُّهه عن الأقذار، وطيب أكله، وأنه لا يأكل مِن كسب غيره، وطاعته لأميره، وأن للنحل آفاتٍ تقطعه عن عمله، منها: الظلمة، والغَيْم، والريح، والدخَان، والماء، والنار، وكذلك المؤمن له آفات تُفقِره عن عمله؛ ظلمة الغفلة، وغَيْم الشك، وريح الفتنة، ودخَان الحرام، ونار الهوى"
كما أكد علماءُ الحشرات أن النحلَ لا يمتص إلا رحيق الأزهار الفواحة، كما أن العسَل الخارجَ من بطنها مِن أطيب الإفرازات الحيوانية وأنفعِها على الإطلاق.
ومِن صفات عالَم النَّحل: أنه يعمَل ويجتهد، ويثابر طَوال يومه في بناء خليَّته، وتشييد مدينتِه، ويحافظ على نَسْله، وله شجاعة وإقدامٌ، ويُضحِّي بنفسه مِن أجل بني خليَّتِه، ويحبُّ العملَ الجماعي، وهذا واضحٌ وجليٌّ، كما أن النحل لا يتبرَّم مِن العمل، بل يعمَل في صمتٍ، ولا ينتظر منصبًا أو مكانةً في خليَّتِه.
النحل في القرآن:
جاءت سورةٌ كاملة في القرآن الكريم باسم سورة (النحل)، وهذا من تكريم الله لتلك الحشرة الصغيرة، ولفت انتباه المؤمنين للتشبه بهذا الكائن؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 68، 69].
بين المؤمن والنحلة:
المؤمن لا يأكل إلا طيبًا، وتلك صفة النحل:
عن أبي سعيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي)).
المؤمن لا يقول إلا طيبًا، والنحل يخرج العسل:
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((.... ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليقُلْ خيرًا، أو ليسكُتْ)).
المؤمن يحب العمل الجماعي، والنحل متعاون:
عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمنُ للمؤمن كالبنيان، يشُدُّ بعضُه بعضًا))، وشبَّكَ بين أصابعه.
ومما جاء في سيرته صلى الله عليه وسلم: أنه كان في بعض أسفاره، فأمر بإصلاح شاةٍ، فقال رجل: يا رسول الله، عليَّ ذبحُها، وقال آخر: عليَّ سلخها، وقال آخر: عليَّ طبخها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((وعليَّ جمع الحطب))، فقالوا: يا رسول الله، نحن نكفيك، فقال: ((قد علمتُ أنكم تكفوني، ولكني أكره أن أتميز عليكم؛ فإن الله يكره مِن عبده أن يراه متميزًا بين أصحابه)).
إن ملامحَ الجماعة في دِيننا تظهر في كل العبادات التي نتعبد بها لله؛ فالصلاة تؤدى في جماعة المسجد، وتصوم الأمة كلها شهرًا واحدًا في وقت واحد، ويؤدُّون فريضة الحج في آنٍ واحد ومكان واحد، ويخرجون لصلاة العيد مكبِّرين مهلِّلين في صوت واحد، كما أن ربنا إذا نادى علينا في كتابه ينادي بصيغة الجمع، فيقول: يا أيها الذين آمنوا، يا أيها الناس.
مِن صفات المؤمن أن يكون نافعًا للغير كالنحل:
عن ابن عمر: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الناس إلى الله تعالى: أنفعُهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى: سرورٌ تُدخِله على مسلمٍ...)).
ومما أُثِر عن علي رضي الله عنه قوله: "كونوا في الناس كالنحلة في الطير؛ إنه ليس من الطير شيءٌ إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطيرُ ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها، خالِطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايِلوهم بأعمالكم وقلوبكم؛ فإن للمرءِ ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع مَن أحَبَّ".
وأعجبني ما قاله الشيخ الغزالي - رحمه الله -: "المسلم كالنحلة التي تطوف بالحدائق والحقول، تطعَمُ الخير، وتُعطي العسل، ولا يرى أحدٌ منها إلا ما يسُرُّ"؛ "كنوز من السنة". فعلى المؤمن الصائم: أن يتعلمَ مِن النحل؛ فلا يقبل إلا الطيب، ولا يتكلم إلا بالطيب، ولا يطعَم إلا الطيب، ولا يلبَس إلا الطيب، ولا يشرب إلا الطيب، ولا يكسِب إلا الطيب، فإذا عاش المؤمن كالنحل - يتحرى الطيبَ مِن كل شيء، وفي كل شيء - كانت نهايتُه بإذن الله طيبةً؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 32]. وتلك دروس جليلة، ومهما كثرت فهي قليلة، لكن في المثال الواحد، ما يُغني عن ألفِ شاهد. وصية عملية: كُنْ طيبًا في كلامك، وفي أفعالك، وفي حركاتك، وفي طعامك وشرابك؛ فالطيب يعيش حياةَ الطيبيين