السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تلك الكرات الذهبية الهشة التي تسبح في زيت غزير، يخرجها الصانع بحركة سريعة لإبهار الزبائن
ليغرقها في إناء مملوء بالعسل، هي في الحقيقة مصدر صراع بين شعوب دول حوض البحر المتوسط
اختلفوا في أصلها وتسميتها، واتفقوا في عشقها "الزلابية" أو "لقمة القاضي" أو "اللقيمات" أو "العوامة" أو " المشبك "
من الحلوى المفضلة لشعوب المتوسط وهي الأكثر تفضيلًا في شهر رمضان.
يعود أصل "الزلابية" للشعب اليوناني الذي يطلق عليها "لوكوماديس" وتحظى بشعبية كبيرة في اليونان
ويتناولها اليونانيون مع الآيس كريم بنكهة المستكة أو مع القرفة، وهي مشهورة أيضًا في قبرص بنفس الاسم.
وهناك من يرجع أصل الزلابية إلى اسم زرياب الأندلسيّ الذي إبتكرهَا عندما سافرَ إلى الأندلس ثم المغرب العربي
حيث حُرف اسمه من زرياب إلى زلياب.
يقول الباحث في تاريخ الحضارة الأندلسية "فوزي سعد الله": " يشيع الاعتقاد بأن الزلابية شهدت النور في الربوع الأندلسية
وأنّ اسمها ذاته مشتق من اسم مبتدعِها المفترَض الفنان مُتعدِّد المواهب زِرْيَاب، وهو أبو الحسن علي ابن نافع
مُغني بلاط قرطبة الأموية خلال العقود الأولى من القرن التاسع الميلادي.
ويضيف سعد الله: "ويُقال إنّ اسمها هذا، "الزلابية"، ليس سوى تحريفا لـ :
"الزِّرْيَابِيَة" نسبة إلى العندليب القرطبي الذي أبدع في المأكولات والمشروبات والحلويات ومختلف الطيبات
وحتى في الأزياء، مثلما فعل في الموسيقى والعزف والغناء.
لوكوماديس
بعد أن كانت تقدم مع السكر المطحون،
أضاف إليها الأتراك شراب العسل السميك، وأطلقوا عليها اسم "العوامة"
وتقدم هناك مع القهوة التركية، وفي المناسبات الهامة.
وسبب تسميتها بلقمة القاضي يعود للقرن الثالث عشر وبالتحديد في مدينة بغداد
حيث كانت تقدم للقضاه ويتناولونها كلما أحسوا بالجوع
فتوفر عليهم الوقت، إذ أنها عبارة عن لقيمات صغيرة سريعة الالتهام.
وكانت الزلابية في العهد العباسي معروفة وهاهو ابن الرومي يتغنى بها في شعره
ونجد موائد إفطار الجزائريين تتزين في رمضان بشتى أنواع المأكولات سواء التقليدية أو الحديثة
ومنها "الزلابية" التي يزداد الإقبال عليها في هذا الشهر ويلقبوها بـ " ملكة السهرات الرمضانية "
ويصبح استهلاك "الزلابية" في رمضان عادة وتقليدًا لا يمكن التخلي عنهما من قبل المواطن الجزائري
الذي يقبل عليها بصفة كبيرة مع اهتمامه ببعض الحلويات الأخرى
على غرار "القطايف" و "قلب اللوز" و "المقروط" و "البقلاوة" وغيرها...
وتتعدد أشكال وأنواع الزلابية في الجزائر بحيث توجد ذات الحجم الكبير والمستطيل ومنها الدائرية الصغيرة
كما تتنوع أذواقها وألوانها بحسب مكوناتها وطريقة تحضيرها.