يبين لنا أستاذ علم النفس د.مروان المطوع
اثر العبادة كالصلاة والصيام والقيام وكثرة التعبد في العلاج النفسي فيقول: إن الأمراض النفسية والعقلية جاء ذكرها في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) فالإسلام تناول أنماط السلوك المرضي وأعراضها، كما قام بتحليل ودراسة المسؤولية المخففة للمرضى النفسيين والعقلانيين سواء في القرآن أو في السنة النبوية، والتاريخ الإسلامي يشهد بان الأطباء المسلمين كانوا أول من وضع فكرة الأمراض العقلية وحاولوا إبعادها عن المعتقدات والأرواح الشريرة والسحر والشعوذة التي كانت سائدة في أوروبا آنذاك، وقد أثبتت الدراسات دور القرآن الكريم في المساهمة الفعالة في العلاج النفسي.
الشعور بالأمن
وأكد د.المطوع ان الإيمان يؤدي الى الهدوء والطمأنينة النفسية لأنه يمنح المؤمن الأمل والرجاء في عون الله ورعايته، كما ان شعور المؤمن بأن الله تعالى معه وفي عونه كفيل بأن يبث في نفسه الشعور بالأمن والطمأنينة فقد قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فالآيات الكريمة تبث عند المؤمن السكينة والهدوء النفسي وراحة البال، إن الإيمان بالله سبحانه وتعالى يؤدي الى التخلص من الخوف والقلق، وذلك لأن المؤمن يعلم انه لا يمكن ان يصيبه أذى أو مرض أو خير أو شر إلا بإذن من الله، فالمؤمن الصادق لا يخاف من الموت لأنه يعلم انه في هذه الحياة الدنيا كعابر سبيل سرعان ما ينتقل الى الحياة الأخرى الباقية، كما ان المؤمن الصادق لا يشعر بالقلق الناتج عن بعض المشاعر أو الأحاسيس اللاشعورية بالذنب وهو ما يعاني منه العديد من المرضى النفسيين وذلك لأن المؤمن يعلم ان الله يقبل التوبة ويغفر الذنوب جميعا.
تغيير السلوك عن طريق العبادات
وبين د.المطوع ان عملية تغيير السلوك تعتبر ركنا من أركان العلاج النفسي الذي يعرف بأنه عملية تعليم المريض سلوكا يختلف عن السلوك المرضي الذي سبق وتعلمه، ومنهج القرآن الكريم تغيير السلوك هو أسلوب العمل والممارسة الفعلية وذلك عن طريق العبادات المختلفة.
الصلاة
ولفت الى ان وقوف الإنسان في الصلاة في خضوع وخشوع بين يدي الله تعالى وتوجهه الى الله سبحانه وتعالى بكل أحاسيسه ومشاعره وينصرف عن كل هموم الدنيا، وإن هذا التوجه التام والانصراف عن مشكلات الحياة وعدم التفكير بها في أثناء الصلاة من شأنه ان يخلق حالة من الاطمئنان النفسي وراحة البال والاسترخاء لدى المؤمن ولهذه الحالات النفسية التي تحدثها الصلاة اثر علاجي ممتاز في تخفيض التوتر والقلق الناشئ عن ضغوط الحياة اليومية، وبالتالي فإن الصلاة تساعد المرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم والتوتر والاكتئاب على التخفيف من هذه الأمور النفسية المؤلمة لأن الصلاة تؤدي الى خفض القلق وبالتالي زيادة في الاسترخاء ثم المساعدة على النوم، مؤكدا ان الاسترخاء من الوسائل الفعالة في العلاج النفسي وهو وسيلة لتعليم المريض كيفية التحكم في التوتر والقلق، وان الصلاة خمس مرات في اليوم تعتبر نظاما تدريبيا فعالا على الاسترخاء النفسي، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لبلال رضي الله عنه حين تحين الصلاة: «أقم الصلاة وأرحنا بها» بمعنى لتهدأ نفوسنا وتستريح بأداء الصلاة ويهدأ بالنا، إن تكرار حالة الاطمئنان النفسي والاسترخاء التي تحدثها الصلاة بالمواقف المثيرة للقلق إنما تؤدي في النهاية الى تكوين ارتباط شرطي جديد بين الموقف المثير للقلق والتوتر وبين استجابة الاسترخاء والاطمئنان النفسي التي تحدثها الصلاة.
وهي استجابة معارض لاستجابة القلق وبها يتخلص الإنسان من التوتر والقلق، وهذا من أحد الطرق العلاجية المستخدمة الآن في الطب النفسي الغربي ويطلق عليها علاج القلق بواسطة الارتباط الشرطي المعاكس واشار الى ان من الآثار العلاجية الأخرى للصلاة انها تؤدي الى الشعور بالأمن وهذا يساعد على انطلاق طاقات الإنسان الإبداعية والذهنية التي كانت مقيدة بالقلق، فيشعر الإنسان بالنشاط والحيوية، كما ان الاتصال الروحي بين الإنسان وربه في أثناء أدائه للصلاة يمد المؤمن بالأمل والقوة والعزم وهذا يطلق في نفسه قدرات كبيرة تمكنه من تحمل مشاق الحياة وصعوباتها وآلام المرض، كما ان لصلاة الجماعة وبالأخص صلاة الجمعة اثرا علاجيا فعالا، فهي تساعد على تفاعل الفرد مع الآخرين وتكوين علاقات اجتماعية سليمة بينه وبين الآخرين وتنمي علاقة الصداقة والحب مع الآخرين مما يساعد على نمو شخصية المدمن ويجعلها شخصية اجتماعية ناضجة تتمتع باتزان انفعالي، كما تشبع حاجة الفرد الى التقبل والانتماء الاجتماعي والوقاية من القلق الذي يعاني منه بعض الناس نتيجة شعورهم بالعزلة وعدم الانتماء او شعورهم برفض الجماعة لهم.
الصوم
وعدد د.المطوع الفوائد العلاجية النفسية الفعالة للصوم فيقول: الصوم يدرب الفرد على مقاومة شهواته الجنسية والسيطرة عليها، كما ان استمرار التدريب على التحكم بالشهوات يؤدي الى ان يتعلم الإنسان قوة الإرادة وصلابة العزيمة وقد يفيد الصوم في علاج كثير من المرضى الذين يعانون من حالات الإدمان على الخمور والمخدرات لأنه يساعدهم على نمو الإرادة لديهم، وكما هو معروف فإن علاج الإدمان يعتمد على الإرادة فقط بصورة أساسية، بالإضافة الى ان الصوم يساعد على تربية ضمير الإنسان ليكون ملتزما دائما بالسلوك الحسن والخلق العالي.