كلاسيكيّة .
:: عضو منتسِب ::
- إنضم
- 22 جوان 2018
- المشاركات
- 52
- نقاط التفاعل
- 100
- النقاط
- 55
- محل الإقامة
- البُليدة [ الجزائر ]
- الجنس
- أنثى
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -
روى المؤرخون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه المعروف بشدته وقوة بأسه
كان يعد موائد الطعام للناس فى المدينة ذات يوم فرأى رجلا يأكل بشماله فجاءه من خلفه ، وقال :
- يا عبدالله كل بيمينك . .
- فأجابه الرجل : يا عبدالله إنها مشغولة .
فكرر عمر القول مرتين فأجابه الرجل بنفس الاجابة . . !!
- فقال له عمر : وما شغلها ؟
- فأجابه الرجل : أصيبت يوم مؤتة فعجزت عن الحركة . . !!
- فجلس إليه عمر وبكى وهو يسأله : من يوضئك ؟
ومن يغسل لك ثيابك ؟
ومن يغسل لك رأسك ؟
ومن .. , ومن .. , ومن .. ؟
ومع كل سؤال ينهمر دمعه . . ثم أمر له بخادم وراحلة وطعام وهو يرجوه العفو عنه
لأنه آلمه بملاحظته على أمر لم يكن يعرف أنه لا حيلة له فيها . . !!
هكذا تصنع ( القوانين ) .
والفاروق ذاته رضي الله عنه يواصل التجوال المسائي متفقداً وليس متلصصاً
وإذ بطفل يصدر أنيناً حزيناً فيقترب من الدار ويسأل عما به ؟
فترد أم الطفل :
( إني أفطمه يا أمير المؤمنين )
حدث طبيعي أُم تفطم طفلها ولذا يصرخ . . ولكن أمير المؤمنين لا يمضى إلى حال سبيله ،
بل يحاور أُم الطفل ويكتشف أن الأم فطمت طفلها قبل موعد الفطام لحاجتها لمائة درهم
كان يصرفها بيت مال المسلمين لكل طفل بعد الفطام .
يرجع الفاروق إلى منزله لا لينام إذ أنين ذاك الطفل لم يبارح عقله وقلبه فيصدر أمراً
( بصرف المائة درهم للطفل منذ الولادة وليس بعد الفطام ) .
ويصبح الأمر قانوناً يحفظ حقوق الأطفال ويحميهم من مخاطر الفطام المبكر . .
لو لم يحاور الفاروق تلك المرأة لما أصدر قانوناً يحمي حق الطفل في الرضاعة الكاملة . .
وهكذا تَشكَّل ( قانون الطفل ) .
وكان الفاروق يحب أخاه زيداً ، وكان زيد هذا قد قُتل في حروب الردة .
ذات نهار بسوق المدينة يلتقي الفاروق وجهاً بوجه بقاتل زيد
وكان قد أسلم وصار فرداً في رعيته .
يخاطبه الفاروق غاضباً :
( والله إني لا أحبك حتى تحب الأرض الدم المسفوح ) . . !!
فيسأله الأعرابي متوجساً :
( وهل سينقص ذاك من حقوقي يا أمير المؤمنين ) . . !!
ويُطمئنه أمير المؤمنين ( لا ) . .
فيغادره الأعرابي بمنتهى اللامبالاة قائلا :
( إنما تأسى على الحب النساء ) . .
أي مالي أنا وحبك إذ ليس بيني وبينك غير ( الحقوق والواجب ) !!
لم يغضب أمير المؤمنين ولم يزج به في السجن
بل كظم غضبه على جرأة الإعرابي وسخريته وواصل التجوال . . !!
لم يفعل ذلك إلا إيماناً بحق هذا الإعرابي في التعبير وبكظم الغضب
وهو في قمة السلطة وبفضل شجاعة هذا الإعرابي . . !!
تَشكَّل في المجتمع ( قانون حرية التعبير ) .
ثم إمرأة كانت تلك التي جردته ذات جمعة من لقب أمير المؤمنين حين قالت ( أخطأت يا عمر )
وكانت هذه بمثابة نقطة نظام إمرأة من عامة الناس ترفض قانون المهر الذي صاغه الفاروق عمر . . !!
لم يكابر أمير المؤمنين ولم يزج بالمرأة في السجون ولم يأمر بجلدها بل إعترف بالخطأ بالنص
الصريح ( أخطأ عمر وأصابت إمرأة ) ، ثم سحب قانونه وترك للمجتمع أمر تحديد المهور
حسب الإستطاعة .
- ? -
هكذا تُصنع القوانين ،
أي حسب غايات المجتمع وطموحاته وثقافاته
وذلك بالغوص في قاع المجتمع المستهدف بتلك القوانين . . !!
فالمجتمع هو مصدر القوانين
لا يغير الناس و لا الحياة . .
ولكن ليس في القوم . . ( عمر ) . . رضي الله عنه !!
ليس في القوم عمر . .
من أروع ما تصفحت .
- عابق التحايا -