- إنضم
- 13 أفريل 2013
- المشاركات
- 14,618
- نقاط التفاعل
- 54,537
- النقاط
- 1,756
- العمر
- 31
- محل الإقامة
- قسنطينة
- الجنس
- أنثى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله أوقاتكم، أودّ مشاركتكم اليوم بقصة قصيرة أخرى مع أنني أشك في كونها كذلك ههه
(اليوم طولتها شوي) بصراحة لم أبذل فيها الجهد المطلوب كتبتها فقط لقتل الوقت ولتمرين قلمي
لذلك أي انتقادات تريدون إضافتها ستفيدني كثيرا وتسعدني بكل تأكيد فلا تبخلوا عليّ بآرائكم
أتمنى أن تروقكم ^^
{ضمَّةُ أمل}
بعد يومٍ شاقٍّ خرج الزوّار من غرفتي تاركين خلفهم طنينا قويًّا في أذنيّ وصداعًا مؤلمًا يكاد يهشّم رأسي وفوضى لا تليق بغرفة في مستشفى، مريضٌ بوجه شاحبٍ وذراعٍ يُمنى وقدمٍ يُسرى مكسورة وكدمات تملأ كلّ جسمه لمَ تُثقلون عليه إذن بزياراتكم؟ ولمَ تُحضرون معكم الأطفال؟ إنها ليست روضةً للصغار ولا مكانًا للاستجمام، تذمرت كثيرا مّما حدث وأطلقتُ زفيرًا طويلًا وأنا أمرّرُ أصابع يدي اليُسرى بين خصلات شعري ثم تحسّستُ بلطفٍ الندبة التي خُتمت حديثًا على جبيني محاولًا استرجاع ما حدث.
"ما أنا عليه الآن هو نتيجة زلزال عنيف ضرب مدينتي قبل أيام فانهار المبنى الذي كنتُ أعمل بداخله فجأة لأجد نفسي حبيس الأنقاض يحاصرني الظلام من كلّ صوب وأقتات على ذرات هواء تهدّدني كلّ ثانية بالاختناق، جسدي مشلول بالكامل بالكاد أحرّك أصابع يدِي كمن يحملُ مدينةً على عاتقه ودماء غزيرة تسرّبت من جبيني لتغرقَ سُحنتي، لم أستوعب في بادئ الأمر ما حدث بعدها أيقنتُ أنها نهايتي ولا مفرّ مما خطّه لي قدرِي سأدفن هنا ولن يتمّ العثور على جثّتي أو بقايا جثّتي على الأغلب، ليتني أرى أخي لآخر مرّة ليتني أضمّ أمّي وأقبّل جبينها ليتني أشارك والدي نقاشاتنا المعتادة حول كرة القدم ليتني أحتضن عائلتي دفعة واحدة ومرّة واحدة فقط، فارت عيناي بالدّمع واختلطت عبراتي بدمائي ولكن ما فائدة البكاء الآن بعدما انتهى كلّ شيء، فقد خارت قواي وفقدتُ صبري ورغبتي في الحياة معًا فأغمضت عينيّ مستسلما لمصيري المحتوم، لكن تنّبه سمعِي لصوت ضجيجٍ غريب بالخارج لست أعلم مصدره وكأن أحدهم يحاول إبعاد الأنقاض، هل جاؤوا لإنقاذي؟ هل أعلّق آخر ما تبقّى من آمالي عليهم؟ أم سيموت كذلك آخر أمل لديّ قبل ولادته؟ كلّ حواسي تنادي ورغبتي في الحياة التي استيقظت لتوّها تريد أن تصرخ وتخبرهم أنّني هنا، {هل من أحد هنا؟} أحدهم ينادي وصوته يقترب، نعم أنا هنا ليتك تستمع لصراخ روحي وتقترب أكثر فجأة ظهرت فتحة صغيرة وسط عتمتي تسرّب منها النّور لتتّسع شيئا فشيئا ويظهر خلفها خيال شخص يطلب المساعدة من البقية بعدما لمحني وأدرك أنني على قيد الحياة، لم أستطع تمييز ملامحه جيّدًا ولكن ما استطاعت ذاكرتي حِفظه هو صوته، فهو يدرك جيّدا أن دقائق الانتظار مملة بالأخص وأنت تحمل جبلا من الصخور الضخمة فوق جسدك النحيل فاستفاض في الحديث إليّ دون أن ينتظر منّي ردًّا لأنه يعلمُ أنني خائر القوى، أخبرني أن اسمه محمد وأنه فرد من فريق الحماية المدنية، وحدّثني عن عائلته التي لم يبقى منها سواه فكلّهم انتقلوا إلى جوار ربّهم ولذلك فهو يكرّس ما تبقى من حياته في مساعدة الغير، كان يحاول كسب انتباهي وانتزاع الخوف من قلبي إلى غاية إنقاذي من تلك الأنقاض، لكن صوت ارتطام الحصى المتكرر الذي ينبئ بحدوث انهيار آخر قريبا يزيد من فزعي، حينها أدخل محمد يده من تلك الفتحة بصعوبة وضمّ يدي إلى يده بحنان ولطف {لا تقلق أنا معك، ثق بي لن أتركك} آنست حقا بصوته الهادئ الذي أحال فزعي وخوفي إلى طمأنينة وسلام وإلى دفء كفّه الذي يفيض بمشاعر الأخوة فرغم أن الاحتفاظ بكفّي لوقت طويل كان عملا مضنٍ بالنسبة له ولكنه لم يفلتها بل كذلك أعطاني ما لم أتوقعه "قلادة والدته" يقول أنها آخر ذكرى له منها ودائما ما تسانده كلّما تعثّر في هذه الحياة أعارني إياها لأستمد منها قوّتي الضائعة، احتضنت القلادة بشغف وضغطت على كفّ محمد بكلّ ما أوتيت من قوّة لأوصل له شكري وامتناني فقد شعرتُ للحظة أن الله رزقني في هذه الدنيا أخوين بدل الأخ الواحد، لكن لحظات الإخاء والمودة تلك لم تدم ليعاود الانهيار من جديد، تشبثت بكفّ محمد كمن يتشبث بوالدته داخل زحمة الأسواق خشية الضياع منها ورددت بعض الأذكار داخل قلبي المرتجف لأغرق مجددا في ظلمتي الحالكة وأفقد وعيي لأستيقظ لاحقا وأجدني داخل المستشفى"
فارقت روحي ذكرياتي عائدةً إلى واقعي، فالتفتُ إلى الخزانة الصغيرة على يسار سريري وأخرجت من دُرجها قلادة ذهبية عُلق اسفلها اسم الجلالة "الله"، احتضنتها برفقٍ بين كفيّ ثم حملت هاتفي لأتصل بأخي واستفسر منه عن جديد البحث عن محمد، هذا الشخص الذي بثّ الأمل في روحي وأعاد نبض الطمأنينة لقلبي أريد أن ألقاه وأن أتبيّن ملامحه، أودّ أن أضمّه إليّ كما ضمّ يدي إليه وأن أعيد إليه قلادة والدته التي أودعني إياها رغم أنّها آخر ذكرى من أهله، لازلت أتذكر كلماته ذلك اليوم "يا صديقي أنا يتيم الوالدين ويتيم الأصدقاء ويتيم الأحباب ويتيم كلّ شيء في هذه الحياة" حينها لم تكن لي قدرة على إجابته ومواساته وإن التقيته مجددا سأخبره أنه لن يكون يتيمًا بعد الآن فأنا سأكفل حرمانه مثلما كفل فزعي وسأكفل وحدته مثلما كفل عجزي، سأكون له كلّ شيء ومثلما زرع بداخلي بذرة أمل سأكشف له مخبآت صدري من محبّة وودّ وأزرع في قلبه ورود صداقة وأخوة، أغلقت هاتفي بعدما لم ألقى جوابا من أخي ليلج فجأة الغرفة، كنت سأبادر بمعاتبته لولا ملامح الأسى والحزن البادية على وجهه، اِنقبض قلبي لملامح الحسرة تلك وسألته "ما بك؟"، ناولني حقيبة كان يحملها لم أنتبه لها إلا الآن ثم ألقى قنبلته الموقوتة التي انفجرت فور رؤيتي ملابس الحماية المدنية "البقاء لله، لقد توفيّ وهو ممسك بيدك"، لا أدري كيف كان وقع تلك الكلمات على قلبي ونفسي ولكنه كان خبرًا لاذعًا كفيلا بإماتة كلّ أحاسيسي ومشاعري إنها صدمة قادرة على تهشيم أكثر القلوب صلابة، لم أكن أرغب بالبكاء حينها بل البكاء هو من كان يرغب بي، حزن قاسٍ كان يعزف على أوتار قلبي وألم عميق ينخر صدري وكل مشاعري الجريحة تود أن تصرخ "لماذا فعلت ذلك يا صديقي؟ لمَا لم تُفلت يدي وعرّضت نفسك للخطر؟ لما لم تخُن ثقتي فيك كما يفعلُ الجميع؟ كنت أودّ أن أخبرك أن صداقتك أعظم مكسب لي ولكنك رحلت يا صديقي ولم يبقى لي من ذكراك سوى ضمّة أمل"
بقلمي ~لؤلؤة قسنطينة~
وأسعد الله أوقاتكم، أودّ مشاركتكم اليوم بقصة قصيرة أخرى مع أنني أشك في كونها كذلك ههه
(اليوم طولتها شوي) بصراحة لم أبذل فيها الجهد المطلوب كتبتها فقط لقتل الوقت ولتمرين قلمي
لذلك أي انتقادات تريدون إضافتها ستفيدني كثيرا وتسعدني بكل تأكيد فلا تبخلوا عليّ بآرائكم
أتمنى أن تروقكم ^^
{ضمَّةُ أمل}
بعد يومٍ شاقٍّ خرج الزوّار من غرفتي تاركين خلفهم طنينا قويًّا في أذنيّ وصداعًا مؤلمًا يكاد يهشّم رأسي وفوضى لا تليق بغرفة في مستشفى، مريضٌ بوجه شاحبٍ وذراعٍ يُمنى وقدمٍ يُسرى مكسورة وكدمات تملأ كلّ جسمه لمَ تُثقلون عليه إذن بزياراتكم؟ ولمَ تُحضرون معكم الأطفال؟ إنها ليست روضةً للصغار ولا مكانًا للاستجمام، تذمرت كثيرا مّما حدث وأطلقتُ زفيرًا طويلًا وأنا أمرّرُ أصابع يدي اليُسرى بين خصلات شعري ثم تحسّستُ بلطفٍ الندبة التي خُتمت حديثًا على جبيني محاولًا استرجاع ما حدث.
"ما أنا عليه الآن هو نتيجة زلزال عنيف ضرب مدينتي قبل أيام فانهار المبنى الذي كنتُ أعمل بداخله فجأة لأجد نفسي حبيس الأنقاض يحاصرني الظلام من كلّ صوب وأقتات على ذرات هواء تهدّدني كلّ ثانية بالاختناق، جسدي مشلول بالكامل بالكاد أحرّك أصابع يدِي كمن يحملُ مدينةً على عاتقه ودماء غزيرة تسرّبت من جبيني لتغرقَ سُحنتي، لم أستوعب في بادئ الأمر ما حدث بعدها أيقنتُ أنها نهايتي ولا مفرّ مما خطّه لي قدرِي سأدفن هنا ولن يتمّ العثور على جثّتي أو بقايا جثّتي على الأغلب، ليتني أرى أخي لآخر مرّة ليتني أضمّ أمّي وأقبّل جبينها ليتني أشارك والدي نقاشاتنا المعتادة حول كرة القدم ليتني أحتضن عائلتي دفعة واحدة ومرّة واحدة فقط، فارت عيناي بالدّمع واختلطت عبراتي بدمائي ولكن ما فائدة البكاء الآن بعدما انتهى كلّ شيء، فقد خارت قواي وفقدتُ صبري ورغبتي في الحياة معًا فأغمضت عينيّ مستسلما لمصيري المحتوم، لكن تنّبه سمعِي لصوت ضجيجٍ غريب بالخارج لست أعلم مصدره وكأن أحدهم يحاول إبعاد الأنقاض، هل جاؤوا لإنقاذي؟ هل أعلّق آخر ما تبقّى من آمالي عليهم؟ أم سيموت كذلك آخر أمل لديّ قبل ولادته؟ كلّ حواسي تنادي ورغبتي في الحياة التي استيقظت لتوّها تريد أن تصرخ وتخبرهم أنّني هنا، {هل من أحد هنا؟} أحدهم ينادي وصوته يقترب، نعم أنا هنا ليتك تستمع لصراخ روحي وتقترب أكثر فجأة ظهرت فتحة صغيرة وسط عتمتي تسرّب منها النّور لتتّسع شيئا فشيئا ويظهر خلفها خيال شخص يطلب المساعدة من البقية بعدما لمحني وأدرك أنني على قيد الحياة، لم أستطع تمييز ملامحه جيّدًا ولكن ما استطاعت ذاكرتي حِفظه هو صوته، فهو يدرك جيّدا أن دقائق الانتظار مملة بالأخص وأنت تحمل جبلا من الصخور الضخمة فوق جسدك النحيل فاستفاض في الحديث إليّ دون أن ينتظر منّي ردًّا لأنه يعلمُ أنني خائر القوى، أخبرني أن اسمه محمد وأنه فرد من فريق الحماية المدنية، وحدّثني عن عائلته التي لم يبقى منها سواه فكلّهم انتقلوا إلى جوار ربّهم ولذلك فهو يكرّس ما تبقى من حياته في مساعدة الغير، كان يحاول كسب انتباهي وانتزاع الخوف من قلبي إلى غاية إنقاذي من تلك الأنقاض، لكن صوت ارتطام الحصى المتكرر الذي ينبئ بحدوث انهيار آخر قريبا يزيد من فزعي، حينها أدخل محمد يده من تلك الفتحة بصعوبة وضمّ يدي إلى يده بحنان ولطف {لا تقلق أنا معك، ثق بي لن أتركك} آنست حقا بصوته الهادئ الذي أحال فزعي وخوفي إلى طمأنينة وسلام وإلى دفء كفّه الذي يفيض بمشاعر الأخوة فرغم أن الاحتفاظ بكفّي لوقت طويل كان عملا مضنٍ بالنسبة له ولكنه لم يفلتها بل كذلك أعطاني ما لم أتوقعه "قلادة والدته" يقول أنها آخر ذكرى له منها ودائما ما تسانده كلّما تعثّر في هذه الحياة أعارني إياها لأستمد منها قوّتي الضائعة، احتضنت القلادة بشغف وضغطت على كفّ محمد بكلّ ما أوتيت من قوّة لأوصل له شكري وامتناني فقد شعرتُ للحظة أن الله رزقني في هذه الدنيا أخوين بدل الأخ الواحد، لكن لحظات الإخاء والمودة تلك لم تدم ليعاود الانهيار من جديد، تشبثت بكفّ محمد كمن يتشبث بوالدته داخل زحمة الأسواق خشية الضياع منها ورددت بعض الأذكار داخل قلبي المرتجف لأغرق مجددا في ظلمتي الحالكة وأفقد وعيي لأستيقظ لاحقا وأجدني داخل المستشفى"
فارقت روحي ذكرياتي عائدةً إلى واقعي، فالتفتُ إلى الخزانة الصغيرة على يسار سريري وأخرجت من دُرجها قلادة ذهبية عُلق اسفلها اسم الجلالة "الله"، احتضنتها برفقٍ بين كفيّ ثم حملت هاتفي لأتصل بأخي واستفسر منه عن جديد البحث عن محمد، هذا الشخص الذي بثّ الأمل في روحي وأعاد نبض الطمأنينة لقلبي أريد أن ألقاه وأن أتبيّن ملامحه، أودّ أن أضمّه إليّ كما ضمّ يدي إليه وأن أعيد إليه قلادة والدته التي أودعني إياها رغم أنّها آخر ذكرى من أهله، لازلت أتذكر كلماته ذلك اليوم "يا صديقي أنا يتيم الوالدين ويتيم الأصدقاء ويتيم الأحباب ويتيم كلّ شيء في هذه الحياة" حينها لم تكن لي قدرة على إجابته ومواساته وإن التقيته مجددا سأخبره أنه لن يكون يتيمًا بعد الآن فأنا سأكفل حرمانه مثلما كفل فزعي وسأكفل وحدته مثلما كفل عجزي، سأكون له كلّ شيء ومثلما زرع بداخلي بذرة أمل سأكشف له مخبآت صدري من محبّة وودّ وأزرع في قلبه ورود صداقة وأخوة، أغلقت هاتفي بعدما لم ألقى جوابا من أخي ليلج فجأة الغرفة، كنت سأبادر بمعاتبته لولا ملامح الأسى والحزن البادية على وجهه، اِنقبض قلبي لملامح الحسرة تلك وسألته "ما بك؟"، ناولني حقيبة كان يحملها لم أنتبه لها إلا الآن ثم ألقى قنبلته الموقوتة التي انفجرت فور رؤيتي ملابس الحماية المدنية "البقاء لله، لقد توفيّ وهو ممسك بيدك"، لا أدري كيف كان وقع تلك الكلمات على قلبي ونفسي ولكنه كان خبرًا لاذعًا كفيلا بإماتة كلّ أحاسيسي ومشاعري إنها صدمة قادرة على تهشيم أكثر القلوب صلابة، لم أكن أرغب بالبكاء حينها بل البكاء هو من كان يرغب بي، حزن قاسٍ كان يعزف على أوتار قلبي وألم عميق ينخر صدري وكل مشاعري الجريحة تود أن تصرخ "لماذا فعلت ذلك يا صديقي؟ لمَا لم تُفلت يدي وعرّضت نفسك للخطر؟ لما لم تخُن ثقتي فيك كما يفعلُ الجميع؟ كنت أودّ أن أخبرك أن صداقتك أعظم مكسب لي ولكنك رحلت يا صديقي ولم يبقى لي من ذكراك سوى ضمّة أمل"
بقلمي ~لؤلؤة قسنطينة~