سقوط آخر معاقل مُلك فارس وتحقق بشارة النبي
02:36 م الأربعاء 25 يوليو 2018
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى وهو صادق في كل ما يقوله أو يبشر به ولو طال الزمان، وقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على يقين من هذا، وتحققت الكثير من البشريات التي أخبر بها النبي صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله من فتوحات وانتصارات للمسلمين، ومن هذه الفتوحات فتح "فارس" وأن المسلمين سيغنمون سواري كسرى.. وفي هذا التقرير يقدم مصراوي نبذة تاريخية عن فتح "جلولاء" في مثل هذا اليوم 12 ذي القعدة سنة 16 هجريًا:
روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي في الأبيض"، وتحقق الوعد زمنَ خلافة ثاني الخلفاء الراشدين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففتح الصحابة فارس، وكان أول من رأى القصر الأبيض ضرار بن الخطاب، فجعل الصحابة يكبرون ويقولون: "هذا ما وعدنا الله ورسوله"، حسبما ذكر الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية".
واليوم 12 ذي القعدة تحل هذه الذكرى، حيث سقط آخر معاقل الفرس، وتم فتح "جلولاء" سنة 16 هجريًا، ووقعت بعد هزيمة الفرس في المدائن حيث جمع يزدجرد فلوله وأقام في جلولاء وحفر خندقا واستعد للمسلمين.
و"جلولاء" أو "قره غان" هي مدينة عراقية وهي مركز ناحية تابعة إدارياً لمحافظة ديالى تقع على ضفة نهر ديالى، يبلغ عدد سكانها 100 الف نسمة، كانت تعتبر محطة هامة في طريق التجارة بين العراق وإيران.
وخرج جيش المسلمين بقيادة هاشم بن عتبة، وكان على المقدمة القعقاع بن عمرو، وعلى الميمنة سعد بن مالك، وعلى الميسرة أخوه عمر بن مالك، وعلى الساقة عمرو بن مرة الجهني.
ولقد اشتبك المسلمون معهم في ثمانين اشتباكًا، كانت كلها لصالح المسلمين في كلِّ اشتباك يتقدَّم المسلمون ويضيِّقون الحصار على الفرس، ثم خرج الفرس على المسلمين من طريق سريٍّ لم يكن فيه حسكٌ، واقتتلوا قتالًا شديدًا إلى الليل حتى شبَّهه بعض المسلمين بليلة الهرير في القادسية، ثم انتهى القعقاع إلى باب الخندق وأخذ به ونادى في المسلمين، فهبُّوا جميعًا حتى أخذوا الباب، وتفرَّق العجمُ في الطرق التي وضعوا فيها الحسك فوقعوا في شرِّ أعمالهم، وهلكت خيلُهم منها، فعادوا مشاةً فأخذتهم سيوف المسلمين ولم ينجُ منهم إلا القليل، وكان جملةُ قتلاهم مائةَ ألفٍ قد تناثروا في الساحات والتلال؛ لذلك سُمِّيت هذه المعركة "جلُولاء الوقعية".
وسيّر سعد بن أبي وقاص جيشا قوامه اثني عشر ألفا بقيادة هاشم بن عتبة فحاصرهم، وتناوش الطرفان القتال الضاري فترة طويلة، حتى تمكن القعقاع من عمل ثغرة في خندقهم وقتل من الفرس مائة ألف وغنم المسلمون 30 مليوناً من قطع الذهب.
واستطاع حيش المسلمين أن يتتبع من هربوا من الفرس وكذلك كسرى الذي فر فيمن فروا، وغنموا منهم مغانم كثيرة وثمينة، وقام القعقاع بن عمرو التميمي أن يتتبع حامية فارسية وقاتلها وحصل منها على خمسة دروع وستة أسياف في غاية الأهمية
فقد كان من بين هذه الدروع والأسياف سيف ودرع كسرى، وسيف ودرع هرقل، وكان الفرس قد غنموهما من الروم قبل ذلك، ودرع وسيف خاقان ملك الترك، ودرع وسيف ملك الهند، ودرع وسيف النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقد أخذهما كسرى لما مات النعمان بن المنذر، وخَيَّر سيدنا سعد بن أبي وقاص القعقاع بن عمرو بين السيوف فاختار سيف هرقل وكان سيفًا قويًّا، وكانت الفرس تفخر بهذه العُدَّة.
ومن ضمن ما غنمه المسلمون في مطاردتهم للفرس حُلَل كسرى، فغنموا لباسه وغنموا سِوَارَي كسرى وتاجه، وكان وزن التاج واحدًا وتسعين كيلو جرامًا، وكان كسرى فارس إذا جلس على كرسي مملكته يدخل تحت تاجه، وتاجه معلق بسلاسل الذهب؛ لأنه كان لا يستطيع أن يقلّه على رأسه لثقله، بل كان يجيء فيجلس تحته ثم يدخل رأسه تحت التاج الذي تحمله السلاسل الذهبية عنه، وأخذ المسلمون هذه الغنائم، وغنموا القطف وهو البساط الموجود في الإيوان، وكان من عجائب هذا العصر، وكان حجمه ستة وثلاثين مترًا في ستة وثلاثين مترًا، وكانت السجادة مصنوعة من خيوط موشاة بالذهب والفصوص والجواهر، وكانت عليه الرسوم النادرة التي لا تقدر بمال، وكانت الأكاسرة تُعِدُّه للشتاء إذا ذهبت الرياحين شربوا عليه، فكأنهم في رياض؛ فيه طرق كالصور وفيه فصوص كالأنهار، أرضها مذهبة، وخلال ذلك فصوص كالدر وفي حافاته كالأرض المزروعة والأرض المبقلة بالنبات في الربيع، والورق من الحرير على قضبان الذهب، وزهره الذهب والفضة، وثمره الجوهر وأشباه ذلك.
وأرسل خمس الغنائم إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة المنورة، وكان من ضمنها متعلقات كسرى وملابسه ودرعه وسيفه، ولما وصلت هذه الأشياء إلى سيدنا عمر بن الخطاب استدعى رجلاً اسمه "مُحلِّم" أجسم رجل في المدينة في ذلك الوقت، وكان جسم يزدجرد ضخمًا جدًّا، فقد كان يشبه يزدجرد في جسمه، وألبسه سيدنا عمر لباس يزدجرد، وأقام له التاج على عمودين من الخشب وألبسه محلمًا، وجعل الناس ينظرون إليه، وقال للناس: هذا يشبه ملك كسرى، أعزنا الله بالإسلام، وأذل الله مثل هؤلاء بالإسلام.
وعندما رأى المسلمون في المدينة هذا النصر الكبير تحمسوا وارتفعت عزيمتهم واشتركوا في الجهاد مع جيش المسلمين في أرض فارس والعراق.
02:36 م الأربعاء 25 يوليو 2018
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى وهو صادق في كل ما يقوله أو يبشر به ولو طال الزمان، وقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على يقين من هذا، وتحققت الكثير من البشريات التي أخبر بها النبي صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله من فتوحات وانتصارات للمسلمين، ومن هذه الفتوحات فتح "فارس" وأن المسلمين سيغنمون سواري كسرى.. وفي هذا التقرير يقدم مصراوي نبذة تاريخية عن فتح "جلولاء" في مثل هذا اليوم 12 ذي القعدة سنة 16 هجريًا:
روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي في الأبيض"، وتحقق الوعد زمنَ خلافة ثاني الخلفاء الراشدين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففتح الصحابة فارس، وكان أول من رأى القصر الأبيض ضرار بن الخطاب، فجعل الصحابة يكبرون ويقولون: "هذا ما وعدنا الله ورسوله"، حسبما ذكر الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية".
واليوم 12 ذي القعدة تحل هذه الذكرى، حيث سقط آخر معاقل الفرس، وتم فتح "جلولاء" سنة 16 هجريًا، ووقعت بعد هزيمة الفرس في المدائن حيث جمع يزدجرد فلوله وأقام في جلولاء وحفر خندقا واستعد للمسلمين.
و"جلولاء" أو "قره غان" هي مدينة عراقية وهي مركز ناحية تابعة إدارياً لمحافظة ديالى تقع على ضفة نهر ديالى، يبلغ عدد سكانها 100 الف نسمة، كانت تعتبر محطة هامة في طريق التجارة بين العراق وإيران.
وخرج جيش المسلمين بقيادة هاشم بن عتبة، وكان على المقدمة القعقاع بن عمرو، وعلى الميمنة سعد بن مالك، وعلى الميسرة أخوه عمر بن مالك، وعلى الساقة عمرو بن مرة الجهني.
ولقد اشتبك المسلمون معهم في ثمانين اشتباكًا، كانت كلها لصالح المسلمين في كلِّ اشتباك يتقدَّم المسلمون ويضيِّقون الحصار على الفرس، ثم خرج الفرس على المسلمين من طريق سريٍّ لم يكن فيه حسكٌ، واقتتلوا قتالًا شديدًا إلى الليل حتى شبَّهه بعض المسلمين بليلة الهرير في القادسية، ثم انتهى القعقاع إلى باب الخندق وأخذ به ونادى في المسلمين، فهبُّوا جميعًا حتى أخذوا الباب، وتفرَّق العجمُ في الطرق التي وضعوا فيها الحسك فوقعوا في شرِّ أعمالهم، وهلكت خيلُهم منها، فعادوا مشاةً فأخذتهم سيوف المسلمين ولم ينجُ منهم إلا القليل، وكان جملةُ قتلاهم مائةَ ألفٍ قد تناثروا في الساحات والتلال؛ لذلك سُمِّيت هذه المعركة "جلُولاء الوقعية".
وسيّر سعد بن أبي وقاص جيشا قوامه اثني عشر ألفا بقيادة هاشم بن عتبة فحاصرهم، وتناوش الطرفان القتال الضاري فترة طويلة، حتى تمكن القعقاع من عمل ثغرة في خندقهم وقتل من الفرس مائة ألف وغنم المسلمون 30 مليوناً من قطع الذهب.
واستطاع حيش المسلمين أن يتتبع من هربوا من الفرس وكذلك كسرى الذي فر فيمن فروا، وغنموا منهم مغانم كثيرة وثمينة، وقام القعقاع بن عمرو التميمي أن يتتبع حامية فارسية وقاتلها وحصل منها على خمسة دروع وستة أسياف في غاية الأهمية
فقد كان من بين هذه الدروع والأسياف سيف ودرع كسرى، وسيف ودرع هرقل، وكان الفرس قد غنموهما من الروم قبل ذلك، ودرع وسيف خاقان ملك الترك، ودرع وسيف ملك الهند، ودرع وسيف النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقد أخذهما كسرى لما مات النعمان بن المنذر، وخَيَّر سيدنا سعد بن أبي وقاص القعقاع بن عمرو بين السيوف فاختار سيف هرقل وكان سيفًا قويًّا، وكانت الفرس تفخر بهذه العُدَّة.
ومن ضمن ما غنمه المسلمون في مطاردتهم للفرس حُلَل كسرى، فغنموا لباسه وغنموا سِوَارَي كسرى وتاجه، وكان وزن التاج واحدًا وتسعين كيلو جرامًا، وكان كسرى فارس إذا جلس على كرسي مملكته يدخل تحت تاجه، وتاجه معلق بسلاسل الذهب؛ لأنه كان لا يستطيع أن يقلّه على رأسه لثقله، بل كان يجيء فيجلس تحته ثم يدخل رأسه تحت التاج الذي تحمله السلاسل الذهبية عنه، وأخذ المسلمون هذه الغنائم، وغنموا القطف وهو البساط الموجود في الإيوان، وكان من عجائب هذا العصر، وكان حجمه ستة وثلاثين مترًا في ستة وثلاثين مترًا، وكانت السجادة مصنوعة من خيوط موشاة بالذهب والفصوص والجواهر، وكانت عليه الرسوم النادرة التي لا تقدر بمال، وكانت الأكاسرة تُعِدُّه للشتاء إذا ذهبت الرياحين شربوا عليه، فكأنهم في رياض؛ فيه طرق كالصور وفيه فصوص كالأنهار، أرضها مذهبة، وخلال ذلك فصوص كالدر وفي حافاته كالأرض المزروعة والأرض المبقلة بالنبات في الربيع، والورق من الحرير على قضبان الذهب، وزهره الذهب والفضة، وثمره الجوهر وأشباه ذلك.
وأرسل خمس الغنائم إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة المنورة، وكان من ضمنها متعلقات كسرى وملابسه ودرعه وسيفه، ولما وصلت هذه الأشياء إلى سيدنا عمر بن الخطاب استدعى رجلاً اسمه "مُحلِّم" أجسم رجل في المدينة في ذلك الوقت، وكان جسم يزدجرد ضخمًا جدًّا، فقد كان يشبه يزدجرد في جسمه، وألبسه سيدنا عمر لباس يزدجرد، وأقام له التاج على عمودين من الخشب وألبسه محلمًا، وجعل الناس ينظرون إليه، وقال للناس: هذا يشبه ملك كسرى، أعزنا الله بالإسلام، وأذل الله مثل هؤلاء بالإسلام.
وعندما رأى المسلمون في المدينة هذا النصر الكبير تحمسوا وارتفعت عزيمتهم واشتركوا في الجهاد مع جيش المسلمين في أرض فارس والعراق.