تشتكي الزوجات كثيرا من انغلاق الزوج داخل البيت فلاهو يستمع إلى حكاياتها ولا هو يحكي لها ولا يرد على كلامها ولا يبدي إهتماما بالحديث في المواضيع التي تطرحها تقريبا مثل بعض مواضيع المنتدى هنا التي لاتلقى اهتمام او مشاركة.
كذلك التحرج في إبقاء تركيزه الذهني منصتا لقصصها ويختصر الأقوال والردود والتعليقات امممم ، إيييييه، هاااااا، احم احم و"احم ... احم " بالمناسبة لها دلالة بالتصاق حديثها في بلغمه فتصيبه الكحة هههه. وهي أعراض الانفجار.فاذا سمعتيها فهذا يعني انتهاء وقت الحصة للأسف.
غير أن هذا الزوج المنغلق الابكم الجافي الجاف المشاعر لا يكون بهذا الشكل خارج البيت فهو انسان ضحوك ثرثار متحمس صبياني مرح وجدالي ويخوض في الحوارات ويبارز في النقاشات وربما يمارس هوايات الطفولة ويلعب "النطيطة" وهو على أبواب الشيخوخة ومعاملته خارج أو داخل المنزل أو دعوني أفتح الجرح مباشرة (بعيدا او في غياب الزوجة) مغايرة تماما فضحكه وصراخه يسمع من على بعد ألف كلم عن البيت لكن عند دخوله يدخل كالروبوت وطبعا أي زوجة لا تفوتها أي حركة او همسة يقوم بها الزوج مع الآخرين ولو كانت رمشة العين أو تحريك شفتين وتقارن وتلاحظ هذا الفرق في طبائع الزوج بينها وبين الآخرين. انها تليسكوب يحرس كل المجرة.
لكن عوض أن تبحث عن الاسباب في كل الأطراف والأدراج تضيع الوقت والجهد في تركيب قراءات و سيناريوهات وتوجه الاتهامات العرفية في الأخير لهذا الزوج بقسوة القلب معها وبتراجع الحب عن أول يوم وبالاحتقار واللامبالاة وكل صفات الجفاء والهجران والاهمال وعدم معاملتها بنفس الحماسة كالأقارب والأصدقاء والصبيان.
وطبعا الزوج لا يستطيع غالبا تفسير كل شيء ولا يجد حتى الأسلوب بل أحيانا لا يجد مبررا لهذه الاتهامات من الزوجة ويزيد الطين بلة باختلاق تعليلات كالتعب والارهاق حتى أصبح الارهاق مشجبا تعلق عليه أسباب اختلاف حالته بينه وبين زوجته وبينه وبين باقي البشر.وفي أول مهاتفة لصديق يبطل كل مزاعم الارهاق والتعب ليخرج من البيت الى المقهى الى مشارف الفجر.
دعونا نعين سؤالا حتى تكون الإجابة عليه هي محتوى هذا الموضوع وسبب كتابتي له لأجل عيونكم.
لماذا لا ينصت ولا يحادث الزوج زوجته عكس ما يفعل مع الاخرين كالاصدقاء؟
وللإجابة على السؤال وجب البحث في محتوى الأحاديث التي يخوذها الزوج مع كل طرف ومالذي يحفزه ويحمسه على التكلم حتى الثرثرة ومافوق الثرثة والتي أسميها" الجياحة"
طبعا ما يحفز فينا غريزة الكلام والانفعال والتعبير وردود الافعال ويضغط على زر الانصات والاهتمام للمتكلم هو ما نستقبله من كلام الآخر وفحواه ومدى تناسقه او تناسبه مع اهتمامتنا وولعنا واعجابنا. كقنوات التلفاز تقريبا.
مثلا أنا انسان مولع بالرياضة وكريستيانو ومحرز وبن الشيخ انت تحدثني عن المجرات وانفجار نجم جديد واكتشاف بقايا دينصورات في موريتي او نادي الصنوبر هذا لا يشغل اهتمامي لهذا فجوابي سيكون مختصر بالقول الله لا يردهم عالدينصورات وسبحان الله على النجم ويتوقف الكلام ولكن ان حدثتني على بن الشيخ ورأيه في محرز فهذا ميدان معركتي وساسقط وابلا من ثرثرتي على دماغك حتى تترجاني بالسكوت وتترجى بن الشيخ عن عدم الخوض في أعراض اللاعبين.
كذلك الزوجة والزوج محتوى حديثك هو ما يلفت انتباه زوجك ويبعث فيه الروح ويخرج عفريته لتبادل اطراف الحديث معك دون ملل أو انزعاج حتى يصيح الديك ويعلن طلوع فجر جديد. وهكذا تعيشين ألف ليلة وليلة وما تنعرف اذا تموتي اولا.
أما اذا حدثتيه عن جارتك واولادها وخالتك وبناتها وأمك واشغالها وفلانة وعلانة وكل حديثك الذي تخوضينه مع بنات جنسك ونفس فصيلتك فهذا لا يثيره ولا يحرك فيه غريزة الكلام لأنه رجل وليس صديقتك أو جارتك أو مولات الحمّام بل سيطبق على فمه حتى لا يفتحه و يصرخ في وجهك بالصمت والابتعاد وتندمي على فتح الموضوع معه.
فاختي المواطنة حاولي البحث في مغريات وشهوات زوجك التي تحركين بها مشاعر الانصات والكلام لديه. كوني فهلوية ولا تكوني كطبق السلاطة كل يوم نجده على المائدة.
مثلا حتى لا أطوّل اذا كان يحب كريسيانو أحبي أنتِ ميسي ( ليس من قلبك) سيبقى طول الدهر يشرح لكي أن كريستيانو أفضل من ميسي وسيشتري لك فستان بألوان جوفنتوس او ريال مدريد. افرحي هذا ما تحبي.
وكذلك اذا كان الزوج يحب السياسة ويحب أبو جرة سلطاني حدثيه عن مناقب الشيخ واستفسري عن حالته الصحية وحالته الاقتصادية والسياسية وعن ترشحه للرئاسيات في 2050 وصدقيني سيقتني لكي برنوسا تبسيا وممكن تروحو عمرة زيدي افرحي بانو سنيك من حناكك.
اذا كان يثيره الحياة الثقافية ويكتب الاشعار اسرقي من مكتبته كتبا واقتبسي في كلامك معه أثناء تسياق الدار بعض الالفاظ المعقدة ودعيه يفسرها ويصرفها ويعرب ما تحته خط ويكون الفكرة العامة وقد يتحفز ويساعدك في تنشاف المنزل لا تتجاوزي حدود الفصاحة دعي بعض الركاكة في لسانك حتى لا يفزع ويرمي المنشفة على خلقتك ولكن كوني تلميذته النجيبة حتى تزيدي في غروره ويغسلك المواعن.
اذا كان الزوج يحب جارتك حدثيه عن جارتك حينها.
وهنيئا لكي سيدتي اشتغال الراديو هنا الجزائر هنا الكوليرا.
كان معكم محدثكم فريد أبوفيصل.
آخر تعديل بواسطة المشرف: