أطلت على الجواري في القصر كالبدر ليلة ليلة تمامه ، و أخذت تمشي بكبرياء حتى وقفت أمام جلالة الملك فحيته و جلست جنبه ، علت الأصوات و الهمسات في القاعة فأخذت حينها تحدق في وجوه الحاضرين مبتسمة ، ثم التفتت فجأة على صوت القدح و قد ضربه سيده على الأرض .
تقدمت حينها احدى الجواري فسلمت ثم قالت :- سيدتي إن الملك لا يدخل عليه أحد الا و انتظر اذنه في الجلوس ثم انه .....
فقاطعتها قائلة :
-إنني ولدت حرة يا سيدي فكيف لي أن أكون عبدا لأحدهم...
- إنك جاريتي ياليلى......
- و إن جاريتك لا ترضى بأنصاف الرجال و لا ترضى بأن تكون عبدة فإما أن تكون زوجة و أختا و حبيبة و إما أن لا تكون ...
- إني أراك أسأت الأدب في حضرتي و أهنت سلطتي
-دع عنك يا سيدي العتب و أخبرني عن جواريك بأي حق سجنتهن في قصرك فالواحدة لها في السنة ليلة و المحظية لها ليلتين أو أكثر فأخبرني في أي تربة شربن الذل و أي سماء أمطرت عليهن الهوان فهانت أنفسهن عليهن قبل أن تهون يا سيدي عليك؟
رمقها الجميع بنظرات حانقة فقامت غير مباليةو انصرفت نحو مخدعها و جلست تترقب بداية الاحتفال .....
غربت الشمس فأشعلت قنديلا و خرجت وسط الجموع تشقها لمحته من بعيد فغيرت وجهتها و جلست غير بعيد مع الجواري تتبادل معن أطراف الأحاديث .
مرت أمامها جارية تحمل طبق فاكهة فاستأذنتها لأخذ حبة رمان فأذنت لها فتعالت ضحكات الجواري عليها فانصرفت غير آبهة لأمرهن ..
جن الليل فأوت إلى خدرها تفكر مما كان من أمرها مع جلالة الملك ، وهل حقا أساءت الأدب أم أنها أحسنت ، فالمرء في مواطن كثيرة يخال نفسه أحسن و هو مسيء، و أحيانا أخرى يرى نفسه مخطئا و هو مصيب ، و النفس الزكية هي التي تخلو بصاحبها تمدحه إن أحسن و تعاتبه إن أساء .
تبادر إلى مسامعها صوت جارية تنادي فأذنت لها فقدمت لها كتابا من الملك فجاء فيه
"عزيزتي ، إنك اليوم جعلتني أدرك أنكن أنتن النساء روح لا جسد و كرامة لا فتنة ، إنك اليوم تحدثت فأبدعت و بينت فأحسنت البيان و إن كنت سأضع تاجي يوما لوضعته أمام أنثى لم تخن ثقتها بنفسها و لم ترضى بأن تنتقص ذاتها لأجل شرف اختيارها زوجة حضورك الليلة لفت نظري بشدة و قد كانت هنالك الشقراء و الحوراء ، الشرقية و الغجرية ، غير أن قلبي أبى إلا أن يختارك ، لأنك كنت الحقيقة جلية من دون زيف ولا افتراء ، لم تكوني أكثر منهن فتنة أو جمالا ، ولكنك كنت الأكثر قدرة على أسر القلوب ، فهنيئا لك قصرك سيدة فيه للأبد "
خربشاتي
آخر تعديل بواسطة المشرف: