مقدمة
كثيراً ما يتردد لدى البعض وخصوصاً مع نهاية السنة الميلادية مرورنا بأقصر يوم في السنة أو بالأحرى بقصر النهار وطول الليل.فهل هذا صحيح؟
وهل فعلاً يتزامن مع اليوم العشرين من آخر شهر ديسمبر أي مع نهاية فصل الخريف ودخول فصل الشتاء بصفة رسمية؟
الهدف
سنحاول من خلال هذا البحث القصير أن ندرس هذه المقولة بصفة علمية لنثبت صحة أو عدم صحتها وهذا من خلال الاستعانة بمواقيت الصلاة وخصوصاً تسليط الضوء على الشروق والغروب، فبهما نستطيع استخراج جدول السنة بأكملها وهذا بتنقلنا من مكان لآخر عبر المعمورة.
استراتجية البحث
نحن نعلم أن المعادلات الحسابية لاستخراج المواقيت تعتمد معايير أو مداخيل بواسطتها تتم الحسابات وهي: خط الطول وخط العرض وكذلك الارتفاع.
وطبعاً كما ذكرنا من قبل فإن أهم المواقيت التي تخص هذا البحث هي الشروق والغروب.
اعتمادات أولية
قبل الشروع في إعطاء النتائج أشير بالذكر بأن مركز أو أساس أو الانطلاقة ستكون مباشرة مع اختيار مدينة تقع أو تقترب من خط الاستواء.
لماذا خط الاستواء؟
تعريف (وكيبيديا): خط الاستواء هو خط وهمي يلتف حول كوكب الأرض أفقياً في منتصف المسافة بين قطبيه. يقسم خط الاستواء الأرض إلى قسمين نصف كرة شمالي ونصف كرة جنوبي. بالتعريف يكون خط الاستواء على دائرة عرض صفر، وهو بمثابة مرجع لمعرفة أغلب المناخات في العالم.
بعض الدول الواقعة على خط الاستواء: الغابون، جمهورية الكونغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية، أوغندا، كينيا، الصومال، إندونيسيا، الإكوادور، البرازيل.
لكن هنا سنرى تأثيره على المواقيت وليس على المناخ.
لنأخذ مثلاً مدينة الكينيا – Kisumu, Kenya. هناصورة نشاهد فيها موقعها جغرافياً، أي نلاحظ قربها من خط الاستواء,
حيث إحداثياتها هي:
0◦ 05′ 29.87″ S 34◦ 46′ 04.98″ E
وهذا بالاستعانة ببرنامج جوجل إيرث Google Earth.
لنستخرج الآن جدول لمواقيت الشروق الخاص بهذه المدينة.
هذا المنحني يبين لنا كل مواقيت شروق الشمس على مدار 365 يوم، أي لكل أيام سنة 2013.
لنرَ الآن ما يحدث مع مواقيت الغروب.
هنا نلاحظ نفس الشيء أي منحنى متذبذب بين أقصى وأدنى حد في نفس الأيام وبنفس وتيرة الشروق وبنفس الفارق أي 30 دقيقة.
لكن ماذا لو أجرينا الفارق الزمني بين شروق وغروب الشمس أي المدة الزمنية للنهار ونضعه في المحور العمودي، فنحصل على هذا المنحنى.
ما نلاحظه مباشرة أن طول أو زمن النهار لا يتغير، فأدنى حد لا يتجاوز 12 ساعة و7 دقائق بينما أقصى حد لا يتجاوز 12 ساعة و9 دقائق، أي إن الفارق لا يتعدى الدقيقتين على مدار العام، ولو كانت المدينة بالضبط على خط الاستواء أي صفر عرضاً لكان الفارق هو أيضاً صفر.
نفهم من هنا أن أي مدينة تقع على خط الاستواء، ليس فقط أن مناخها معتدل بل حتى في المواقيت، فليلها كنهارها يعني بصفة عامة لا يوجد شيء اسمه أقصر يوم في السنة ولا أطول يوم في السنة.
وهي نتيجة منطقية.
لكن ماذا يحدث لو اتجهنا شمالاً أو العكس كذلك لو اتجهنا جنوباً.
هل الفارق الزمني سيتغير؟ هل سنشهد أطول أيام السنة و أقصرها؟
للإجابة عن هذا السؤال، سنختار مدينتين من الجهة الشمالية وكذلك من الجهة الجنوبية ونقارن.
من الجهة الشمالية سيقع اختياري مثلاً على عاصمة الجزائر، ثم نزيد في اتجاهنا شمالاً لغاية عاصمة فرنسا باريس.
فماذا تعطيني المواقيت؟
لنبدأ بالجزائر.
يتضح لنا من خلال المخطط البياني أن الشروق يصل فيه مرة كحد أقصى ومرة كحد أدنى مع فارق بينهما يصل إلى ساعتين و32 دقيقة.
الشيء نفسه بالنسبة للغروب ولكن بصورة عكسية كما هو موضح.
ومنه نستطيع استخراج طول أو زمن النهار لكل أيام السنة وهذا بعملية بسيطة وهو الفارق بين مدة الغروب والشروق، فنحصل على هذه النتيجة.
أي نجد أن الفارق بين الحد الأقصى أي أطول يوم في السنة هو يوم 171 الموافق 20/06/2013.
أي يصل طول النهار إلى 14 ساعة و42 دقيقة وبين الحد الأدنى أي أقصر يوم في السنة هو اليوم 355 وهو الموافق 20/12/2013.
أي يصل طول النهار إلى 9 ساعات و39 دقيقة، أي أن الفارق بينهما هو 5 ساعات و3 دقائق.
مثلما نرى في هذا المخطط.
وحتى نستدل بمقارنة سريعة، فلنختر منطقة أو مدينة تقع أكثر شمالاً على خط العرض مثلاً باريس.
و بعد إجراء نفس العملية نستخلص بصورة موجزة هذا المخطط البياني والذي نستخلص منه جملة من المعلومات نلخصها فيما يلي:
يمثل هذا المنحنى نفس منحنى مواقيت الجزائر، أي أن أقصر وأطول أيام السنة هي نفسها لا تتغير. لكن يكمن الفارق في المدة الزمنية بحيث نجد أن في باريس يصل الفارق إلى نحو 8 ساعات، وتحديداً 7 ساعات و57 دقيقة، بينما في الجزائر وصل إلى قرابة 5 ساعات و3 دقائق وهذا يعني أنه كلما اتجهنا شمالاً، كلما اتسع الفارق الزمني. وهذا ما يؤدي بنا حتماً نحو المناطق القطبية، أي نجد أن الشمس لا تغرب مدة 6 أشهر ولا تطلع مدة 6 أشهر.
والآن لنتجه نحو نصف الكرة الجنوبية وطبعاً سنتوقع أن كل شيء سيحدث عكس ما تحصلنا عليه في مناطق نصف الكرة الشمالية.
سيقع تختياري على مدينتين، مدينة برازافيل الكونغولية و مدينة كاب تاون أقصى مدن جنوب إفريقيا.
مباشرة سنضع المخطط البياني لزمن طول النهار على مدار سنة 2013 لنرى متى يحصل أقصر يوم، ومتى يحصل أطول اليوم وكم يقدر الفارق.
إليكم المخطط
فأقصر يوم هو 20/06/2013 بعكس مناطق نصف الكرة الشمالية، وكذلك أطول يوم هو 20/12/2013 بعكس مناطق نصف الكرة الشمالية.
كما نلاحظ أن أطول يوم يقدر بـ 12 ساعة و24 دقيقة و أقصره يقدر بـ 11 ساعة و53 دقيقة هذا يعني فارق 31 دقيقة.
ومباشرة نتجه جنوباً إلى مدينة كاب تاون الجنوب إفريقية ومع مخططها البياني لطول نهارها على مدار سنة 2013.
مباشرة نلاحظ أن فارق طول النهار ازداد مقارنة بمدينة برازافيل الكونغولية.
فهنا تحصلنا على فارق يقدر بـ 4 ساعات و32 دقيقة. بينما في الأولى لم يتعدّ 31 دقيقة وهذا يؤدي بنا منطقيا ًلنفس ما استنتجناه مع مناطق نصف الكرة الشمالية.
فهنا كلما اتجهنا جنوباً اتسع الفارق، وحتماً سنصل لمناطق قطبية أين الشمس لا تشرق طوال 6 أشهر وبالمقابل وفي نفس الوقت 6 أشهر الشمس لا تغرب في القطب الشمالي و العكس صحيح.
الخلاصة
نختم هذا المقال بهذا المخطط البياني الذي لخصت فيه كل موضوع البحث واضعاّ 6 مدن متفرقة شمالاً وجنوباً بحسب خط العرض.
إنه مخطط يبين لنا فعلاً مواقيت طول النهار على مدار السنة في أي منطقة في العالم، ومنه نستنتج أن كل المدن على محاذاة أو التي هي بالقرب من خط الاستواء، فإن ليلها كنهارها لا يوجد فارق وحتى في مواقيت الصلاة الخمس وكلما ابتعدنا منه سواء شمالاً أو جنوباً فإن الفارق يبدأ في الاتساع، ليصل لحدود قصوى يجعل طول النهار أو الليل يمتد لنصف سنة مع انعكاس كل ما يحدث في نصف الكرة الشمالية يقابله العكس في نصف الكرة الجنوبية.
فلا نستطيع أن نعمم ونقول: نحن نمر على أقصر أيام السنة لأن هذا ينطبق فقط على نصف الكرة، وتحديداً كل المناطق التي تبتعد قليلاً عن خط الاستواء ولا تقترب نحو القطب وكرقم له معنى رياضي خط 45 عرضاً.
أرجو أنكم قد استفدتم من هذا المقال.
ملاحظة
كل هذا المقال هو بمجهود شخصي حيث قمت بعمل برنامج بلغة C++ ومن ثم إستخرجت النتائج
وقد نشرته عام 2013 في موقع عالم الإبداع العربي في مسابقة أيام الأنترنت العربي
آخر تعديل: