" قصة منصور "

الفضل10

:: عضو مُشارك ::
إنضم
25 سبتمبر 2018
المشاركات
254
نقاط التفاعل
253
النقاط
13
العمر
47
محل الإقامة
سلطنة عمان
الجنس
ذكر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سادتي الأكارم /
كنت أتصفح الكتاب الذي أهداني اياه أحد الأخوة الاعزاء والذي كتبه في حلته القشيبة والذي ضمّنه بقصص لطيفة جميلة فيها من الدروس ، والقيم ، والعبر التي لا يستغني عنها من أراد السلامة في هذه الحياة ، كنت اقرأ قصة " عندما مات العصفور " ، كان بطلها "منصور " ذاك الشاب الملتزم الذي عشقه أهل قريته بعدما أفاض عليهم بأخلاقه ،
ونالوا من فضله وعطاءه ، حين تعودوا منه سبق الزيارة وتلمس حوائجهم ، اعتاد على مبادرة التحية على الصغير والكبير لا يستثني منهم أحدا فالمعيار عنده " كلنا أولاد آدم وآدم من تراب " كان مع أهله ذاك النموذج الذي تشرئب له أعناق الفقد لذاك الخلق العظيم الجم ، حين شح وجود أمثال من اكتسبوا تلك الخصال التي استنزفتها
المصالح في ظلال التكالب على نيل الغنائم من متاع زائل !


مضموم القصة :
بعد تلك الشمائل التي رقّت " منصور " ليكون رمزاً لتلكم القرية الآمنة الصغيرة تغير الحال وتبدل بعدما هجم على قريته ذاك السيل " العرم " الذي أطاح بالكثير من المنازل ليهجرها أهلها وييممون بوجوههم لمناطق أخرى يحقنون بها أرواحهم ، فقل وجود الناس هناك وانشغل منصور بالبيت ، في ترميمه واصلاح ما تلف منه ، بات بعد ذلك حبيس البيت بعد ذهاب الكثير ، وبقى يضاجع الهموم ويناكف التفكير ، حتى اتته زوجته الحنون وأشارت عليه أن يبحث عن الاصدقاء الذي يخرجونه من حاله وعزلته ، تعّرف على "مطاوعة " _ مع تحفظي على التسمية _ فسار سيرتهم بدأ يتأخر عن الرجوع للبيت، هجر أولاده فما عاد ذلك الأب المثالي الذي كان المثال والقدوة لهم ، قام يعنف زوجته ويسمعها الكلام الجارح ، ويبرز لها أن القوامة له وبيده وهو المتحكم بها ! فانقلب البيت السعيد ليكون البيت الخرب
الذي ينعق على أعتابه غراب الشؤم الكئيب !


حتى ذاك العصفور الذي كان يتعاهده يسوق له الطعام ، ويضع له الماء هجر عشه ونسى أمره !
بدأ مع أصحابه الجدد لتبدأ تلك " التصنيفات للناس " هذا فاسد ، وذاك طالح ، وهذه سافره ،وتلك متبرجة !
ليكون السلام والتسليم على حسب مدى " صلاح وفساد من يُلاقي " ، وطبعاً حكم الظاهر هوالذي به يُلاسن ويُحاجج !



الزوجة زينب :
تحاول جاهدة أن ترده لصوابه ويعود منصور ذاك الذي يطيب الجرح من صفاته ، ولكن بدون جدوى !



الناس :
استنكروا فعله فماعادوا يرون ذاك الخلق وتلك الابتسامة !



وفي يوم من الأيام وهو واقف عند الشجرة سقط ذاك العصفور من أعلاها ميتاً ، وكأن ماساً كهربائياً
هز كل كيانه وكله لتكون العودة لذاك الصواب ، فعاد وهو يصرخ وينادي زوجته ويحتضنها ويقبل رأسها ويديها
يعتذر منها على كلما مضى معاهداً نفسه وإياها أن يعود منصور الذي قتله بيده حين استمع لتلك الزمرةالتي
جعلت الدين مطية لنسف كل جسور التواصل بين الناس حين صنفوا الناس وحفروا خندق التمييز والاقصاء ،
متناسين بأن الدينا المعاملة وأن الأخلاق وحسن الفعال هي من تقلب المعادلة والموازين .





 
ذاك :
الأسف نتبعه بزفرات من الأسى حين يكون المنطلق يتجاوز واقع الأمور
من ذاك ذاك السواد الكثيف الكثيب من المخالفات الشرعية التي باتت تُصنف
من البديهيات ومن صغائر الأمور ، مثل أن نجد ذاك التساهل في خروج بعض
الخصلات من الشعر ، أو ذاك الساعد الذي يبرز من بين ثنايا الثوب ،
أعلم بأن بعض الأفعال لا تكون عن سابق قصد ، ولكن الكثير حين تبدي له
النصح يتضايق وينعتكَ بالتشدد وتعظيم القول !

ومع هذا :
كان للتعامل وحسن الطريقة إذا ما اقتضى الأمر ذلك الأثر في نفس
وقلب مرتكب ذاك الخطأ حين يُرسل له ورود الود من كلمات تفتح له
الصدر ليغوص بنصحه في سويداء القلب ، ليكون القبول هو نتاج النصح .

لا :
أن يبادر بقصف الجبهات
وتحقير ذاك الكيان ليحسب نفسه
واقع في جحيم الموبقات !

من هنا :
كان الفارق والمخالف بين الأمرين
لمن أراد الرشد .

التدين :
ليس له بطاقة هوية تكون بالصورة
والشكل وإنما هو ما وقر في القلب
وصدقه الفعل ، وليس بالتمني ،
أو بالدعوى والتجني !

ولا :
يعني أن تكون متديناً أن تُحيط بنفسك بهالة القداسة
، وترى الناس من برجك العاجي على أنك المنزه
وغيرك في الإثم واقعون !!

ما :
أجمل الإنسان حين يحب لغيره ما يحبه لنفسه من ذاك يكون مشفقاً على غيره ،
يتمنى لهم الكمال وبلوغ الرشاد ،يمد يد العون ويبسط له الوجه بجميل الابتسام ،
بذاك يأسر القلوب ويكون الفعل هو رسول السلام مستغنٍ بذاك عن طويل الكلام .

لتبقى القاعدة :
" إنما الدين النصيحة ،
إنما الدين المعامله " .

عن منصور وعن حاله
من قبل معرفته " بتلك الزمرة "
وبعد نستخلص :
أن الإنسان باستطاعته جني الأجور وطرق أبواب البر والخير وهو على
سجيته وأخلاقه من غير أن يكون له انتماء وتبعية لمن لا يعلمون
في الدين غير " رسمه " !!

ليكونوا بذلك :
ذاك الحمل الثقيل وذاك الوجه القبيح لذاك المعنى العظيم
ألا وهي " الاستقامة " في دين الله القويم .

أقول :
ما جرف منصور هو " جهله " في الدين حين جعل ما عظم
في صحائف أعماله من عظيم الفعال من صنوف الخير على المحك
لينسف كل ما فعله في غمرة ذاك الجهل وذاك التغييب عن الواقع
وعن مبادئ الدين .

الدين دين يسر مش عسر ، الدين ما قالك تشدد وتزمت
وحلل على كيفك وحرم كذلك على كيفك

في مقولة :
" الدين يسر " .

البعض_ لا أعني شخصك أختي الكريمة _
يجعلها شماعة لينتهك بها ما الله أمر ونهى !
فالدين يسر لا يعني أن أقع في المخالفات واسترسل
في الموبقات ، وأنا أتشدق بتلكم الكلمات !

فلايقال :
بأن التمسك بتعاليم الإسلام هو " التشدد " !
التشدد حين نهرع لكل عسير إذا ما وجد الأمر به سعه ، فذاك
منهج رسول الله _ عليه الصلاة والسلام _ إذا ما خير
" فإنه يختار الأيسر ما لم يكن حراما " .


قد يُقال :
البعض للأسف يتخذ من هذا الدين شماعه
ليظهر أمام الناس بوجه ويخفي بباطنه وجه مغاير تماما
يبدي عكس ما يبطن
ليش النفاق بأمور الدين ؟؟
وليش أعمل أشياء يشوفها غيري غلط وأنا متعصب
لموقفي وكأني ملاك منزل وكل عمل أعمله
لا يحتمل الخطأ؟؟

القول فيما قلتموه :
أن البعض يتترس ويتخندق
" بالتدين "
ليمرر خبث نواياه !

حين :
يصل الأمر بأحدهم أنه يرى كل أفعاله وأقواله لا يمكن أن تخضع
للخطأ فذاك الوصول لدرجة الغرور التي تودي بصاحبها لدركات المهالك !
فقد أوصل نفسه لمرتبة العصمة التي خصها الله لخير خلقه من الرسل
والانبياء المجتبون .


تبقى الخاتمة :
" أن التدين هو رديف الأخلاق الحميدة
التي تُستقى من منبع ماالله أوجب وأمر " .

 
ذاكَ :
التعميم لا يمكن أن يكون
لأن " لكل قاعدة شواذ "
من هنا كان " الاستثناء "
هو المقصود في ذلك الحديث .


وللأسف الشديد :
الكثير عند الحديث عن " المطاوعة " ،
يقتصر على سوق المثال " القاصر " الذي تلفه قبائح الفعال والأقوال ، ليكون هو الوحيد في واقعنا المعاش ، بمعنى : يتعامون أو يتغافلون عن وجود الملتزم القدوة الذي تنجذب إليه العقول والقلوب ، من جميل مخبره وأخذه وتركه ،


وذاك :
هو الاجحاف بأم عينه ! والذي به تباعدنا عن الأصل الذي يجب على كل واحد منا اتباعه ألا وهو الالتزام والثبات والسير على منهج الله ، كي لا نكون كريشة في مهب الريح في هذه الحياة !



تلك الأمثلة التي ذكرتها كمثل :
_ تطبيق القانون .
_ الطب .
_والعلوم الأخرى .


وإن تعددت صنوفها
فالسبب والعلة واحدة !


" هو ذلك الجهل بمهية الشيء حين يكون التأويل والتفسير للشيء لا يخرج عن سقيم ومحدودية الفكر لتكون النتيجة منعكسة على الجمع والفرد " !

هنا :
تكون المصيبة حين يخوض الإنسان غمار الاشياء وهو معصوم العينين ، ومحجوب العقل ، ومضّيع النجدين لا يرى غير " أوهامه " التي بناها نتيجة حسابات لا ترتكز على حقائق ويقينيات كمثال :


ذاك التشدد الذي يمارس الاقصاء وكأن الأرض والسماء وما فيهما وما عليهما ملك له فهو المتصرف فيهما يعطي من يشاء حق البقاء ويحرم من يشاء !!!



ذاك التعلم في أمر الاستقامة :
لن يكون ذلك من غير الولوج من باب العلم والمعارف ، ومن غير ذاك لن يخرج من معترك المثالب ! يقع الخطأ حين يقحم نفسه ذاك المغتر في دوامة الشبه ، مبتعداً عن الأخلاق ليكون ضيق الأفق هو " الرئة التي يتنفس بها التعامل مع الناس ليكون ذاك الخواء القاتل الذي يقضي على كل من يتنفسه !


دوماً أقول :
لو أننا أبحرنا في سيرة الرسول _ عليه الصلاة والسلام _ لما كان هذا حالنا !!! لأن في سيرتها " حياة لأولي الألباب " .


دمتم بخير .....
 
السلام عليكم الاخ الكريم الفضل.
..ما كان الرفق في شيء الا زانه...
وفي سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من الأثر والعبر ما يجعلنا نفرق بين التشدد والافراط وبين تقديس الدين وتقديس المتدين وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و الغلظة والفضاضة يكفي ان نعمل بسيرة نبينا لتسيير شؤونا ومعاملاتنا ونشر الفضائل والاخلاق وتبليغ رسالة الاسلام.
وأما الجهل فله عدة أوجه حتى وان تزين بزينة التدين والالتزام فان قبحه يظهر حينما ينطق ويتبين حين يعامِل.
ربي يبارك فيك على هذا المقال القيم.
 
العودة
Top