لم تكن تعلم أن كرة ثلج صغيرة كَ تلك ستتسبب في كل تلك المعمعة..!
بدأت القصة كلها حين كانت تقلب محطات التلفاز في ملل دون شيء مثير للاهتمام... حصاد نهاية العآم يكتسح القنوات الحكومية و الخاصة..
أولهما تحصد كم تم ترحيل سكان السويد إلى سكنات لائقة و كم حبة صاروخ تم حجزها من قبل فرق الدرك الوطني ..
و ثانيهما تختصر كل المشاهد الفنية ل"ريفكا العجيب و الأربعين بهلول " ..
زفّرت بإحباط كبير حتى انتبهت لشريط العناوين أسفل الشاشة.. "تركيا و تونس وجهات الجزائريين المفضلة لقضاء ليلة رأس السنة الجديدة"..
بحلقت في الهاتف أمامها ثم في مهمة حوآئيّة ناجحة تمكنت من إقناع الزوج المغبون بالاتصال بأقرب وكالة سياحية للحجز نحو تركيآ.. وضاعت دنانير ترميم المطبخ !
ثم إنها لم تفكر بتاتاً في تونس ,فهي تعلم جيداً أن نزوح الجزائريين إلى هناك سيجعلها تشعر كأنها استأجرت كوخا في احد جبال الونشريس..
سيشربون كلهم حد الثمالة و يخرجون لمضايقة هذا و معاكسة تلك على أساس أنهم يحتفلون "بالريفيون"! و يأخذون قسطا من الرآحة
بعد أن عملوا بجد لإنقاذ العياشي -رحمه الله- من البئر الارتوازي و لم يفلحوا..!
وصلت طائرتها مع المغبون إلى اسطنبول في تمام الساعة الرابعة مساءً .. ثم توجهوا إلى فندق 4 نجوم حجزوه بأموال "الفايونص" تحت شعار احييني اليوم و اقتلني غداً..
كان الجناح الذي يحوي غرفتهم يطل على منظر في غاية الجمآل..
مجموعة من الاصدقآء يصنعون رجلاً لطيفاً من الثلج و يلتقطون صوراً معه و ضحكاتهم تتعالى بين الفينة و الأخرى..
عآشق قد دفأ خليلته بمعطفه الصوفي و يتمشون حول البركة التي كانت على وشك أن تتجمد..
فتاة وحيدة على الضفة الاخرى ترتدي قبعة صوفية و شعرها الأحمر قد شكل شالاً كثيفا حول رقبتها ..ترمي حصى صغييرة في وسط البركة
فتكسر طبقة الجليد الرقيقة تلك و تشكل حلقات دائرية في لوحة أجمل من ان يتم وصفها..
كان الأمر أشبه برواية مآ..
تسمرت المسكينة تشاهد كل هذا الخيال من أعلى نافذتها و زوجها يهمّ بأخذ قسط من الراحة حتى وجدها أمامه و قد شغلت مود الpuppy face *-*
تطلب منه أن ينزلا لرؤية المكان عن كثب.. لم يستطع رد طلبها فقد كانت بارعة في فن"التحلال" ..
و لم تكن سوى دقائق حتى وجد نفسه في الباحة و هي تركض أمامه كطفلة ترى العالم لأول مرة..
وضع يديه في جيوب سترته و ابتسم في رضى.. فرغم التكاليف إلا أن المكان يستحق الزيارة بعد كل شيء...
كان يبحث عن مكان للجلوس في الجوار حتى تأتيه كومة من الثلج على ظهره .. "هآقد بدأنا" تمتم بهذه العبارة و نظر نحوها و هي تضحك بأعلى صوتها..
فباغتها بكرة ثلج أكبر غطت كل وجهها.. تعالت ضحكاتهم و بدأو بالتراشق بكرات الثلج فتحمست البهلولة و كعبشت كرة رصّتها جيدا كأنها تصنع كراة جبس وليس ثلجا ,
و صوبتها نحو رأس الرومانسي الأنيق ف"فلّڨته" حتى فقد الوعي..
صَرَخت عالياً حين رأت قطرات الدم تنزف من جبهته و تحول بياض الثلج إلى اللون الأحمر.. "هآحوجي" و هرولت نحوه باكية "يايما واش درت
كان كل من في الباحة يحدقون فيهم و لم يفهموا شيئاً.. هل هو طري لدرجة أن تقسم رأسه كرة ثلجٍٍ صغيرة..
و لم يعلموا أن الفتاة البريئة التي كانت تلعب مع زوجها كانت تُكعبش الرفيس لمدة خمس سنوات لتأخذه معها كمؤونة إلى الاقامة الجامعية أيام دراستها..
دقائق ووصلت سيارة الإسعاف لأخذ المصاب و زوجته القناصة نحو المستشفى...مرت نصف ساعة حتى بدأ الصقر الجريح يستيقظ من غيبوبته القصيرة..
و من يومها و غرفته مغلقة لا ينزلون إلى للأكل حتى انتهت مدة نزولهم في الفندق و قد أقسم أن لا سياحة بعد اليوم ..
الترميم يليق بنا!
آخر تعديل بواسطة المشرف: