السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما نواجه أسئلة محرجة من الأبناء حول الحمل والولادة أوكيف جئنا إلى هذه الدنيا مثلا، ومن ثم تتدرج هذه الأسئلة بشيء من التفصيل بتقدم المرحلة العمرية .
هذا الموضوع الحساس والذي يكتنفه الكثير من الغموض كونه من الأمور التي لا يجب أن يتم التحدث عنها في العلن ’’ثم الخلاف الذي يظهر بين رجال الدين والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين وحتى الأطباء
وتضارب أراءهم حول هذا الأمر
ولا ننسى أولياء أمور الطلاب الذي يراقبون الأمر بتحفظ وربما قلق ورفض البعض خصوصا أننا في ظل مجتمع يرفض مناقشة مثل هذه الأمور على الملأ ’’
فالمؤيدون يرون أنها ضرورة ملحة في ظل الانفتاح و سهولة امتلاك مصادر المعلومات بطريقة سهلة بغض النظر عن السن , و هذه المصادر في الغالب تعرض المعلومات التي تتعلق بالجنس بشكل خاطئ منافي للواقع , أو مبتذل , فهي تشوه مفاهيم الأبناء حول الجنس وبالتالي يتجه الابن أو البنت للتجريب والبعض إلى الشذوذ والانحراف !
إلى جانب أن الاسلام كان له قصب السبق في هذا المجال حيث وضع أسس واضحة وصريحة بهدف التربية الجنسية للأبناء منها الاستئذان على الوالدين في أوقات محددة ، كذلك التفريق بين الأبناء في المضاجع وغض البصر وتحريم المصافحة بين الجنسين غير المحارم ، التستر وعدم الخلوة بالمرأة الأجنبية ، كذلك الزواج المبكر ،قال عليه الصلاة والسلام ((يا معشر الشَّباب، مَنِ استطاع منكُم الباءة فليتزوَّج، فإنَّه أغضُّ للبَصر وأحصن للفرْج، ومَن لم يستطع فعليه بالصَّوم؛ فإنه له وجاء))؛ أخرجه البُخاري ’’
كل هذه قواعد وأسس لتسير هذه الغريزة أو الطاقةبشكل صحيح ، فيكون بذلك مجتمعا عفيفا تربى ابناؤه على الحياء !
هذا جانب ، من جانب آخر تناول الاسلام أحكام النكاح والطهارة والغسل من الجنابة بالتفصيل ،،
من ذلك قوله تعالى ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة 222
وقوله تعالى (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ) البقرة 223
، بل ذهب البعض إلى أن الختان هو أول بذرة للتعامل الصحيح مع الجسد جنسيا والمحافظة على الأعضاء التناسلية الذكرية من الجراثيم وما إليها ، وقد جعلها الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه من سنن الفطرة !
فهم يرون أن الثقافة الجنسية ليست دعوة للجنس بل توضيح أن هذه الطاقة طبيعية أوجدها الله بداخلنا شأنها شأن المكون النفسي والعقلي والاجتماعي وغير ذلك ، لا يجب التعامل مع هذا المكون بالنبذ والاحتقار وكأنه جرم أو فضيحة أو نقص ، بل توجيه مناسب لكيفية التعامل مع الجسد البشري وفهم كل ما يتعلق بهذه الطاقة وما هي الطرق الصحيحة للتعامل معها بإيجابية ,,
كذلك أن يتم توجيه هذا النوع من المعلومات بما بتناسب مع احتياجات المرحلة العمرية التي يمر بها الأبناء
كما يرون أنه يجب على الأم أن تعلم ابنتها والأب يعلم ابنه فيما يتعلق بالبلوغ وما يصاحبه من تغيرات على المستوى النفسي والجسمي والعقلي والاجتماعي كذلك قبل بلوغهم بفترة قصيرة ،
أما المعارضون فيرون أن التربية الجنسية دعوة للانفتاح على الشر والبلاء والانحراف ، وأن في ذلك تقليدا للغرب الذي لا ينكر منكرا ولا يحكمه دين ، و أن حالة الانحراف والشذوذ الذي وصلت إليه تلك المجتمعات كان بسبب هذه المقررات ،
كما أنهم يحتجون بأن أجدادنا القدامى كانوا على درجة من العفة والحياء والالتزام دون أن يكون هناك مثل هذه المقررات في الكتّاب أو المدارس ’ فلماذا الآن تعلقون على مسألة إدراج التربية الجنسية كمقرر دراسي للأبناء ! هذا غير مقبول ومرفوض من جانب أفراد المجتمع العربي المحافظ جملة وتفصيلا ’’
ثم من يضمن لهم شخص يكون أهلا لتحمل هذه المسئولية بحيث يعطي الطالب كفايته و بطريقة مناسبة !
,,,,
الحقيقة بعد الاطلاع اتفقت مع المؤيدين في مسألة تحديد مادة للثقافة أو بالأحرى التربية الجنسية أو الجسدية على أن تكون هذه المعلومات متناسبة مع المراحل العمرية المختلفة وبقدر احتياجهم من ناحية دينية و أخلاقية ومن ناحية فسيولوجية ، حتى نضمن على الأقل وصول المعلومات بالشكل الذي نريده وتكون هذه المعلومات معروفة لي كولي أمر ، ومن ناحية أخرى ينجلي الغموض الذي يسيطر على الأبناء وبالتالي لا يرون هناك حاجة للبحث عنها ،، فكل ممنوع مرغوب كما يقال!
فمسألة التكتم على هذه الحقائق ونهر الأبناء أو التهرب من أسئلتهم يثير فضولهم ويفتح مجالا لهم للبحث عن المعرفة وبالتالي قد يحصلون عليها بطريقة قد تكون غير صحيحة مشوهة أو غير مناسبة لأعمارهم مما يؤدي إلى الكثير من الاضطرابات النفسية والأخلاقية ، في ظل وجود الشبكات والمواقع الاباحية والصور الخليعة المبتذلة!.
كذلك المعارضون محقون في قضية من هو الشخص المؤهل الموثوق الذي يمكن أن نسلمه تزويد الأبناء بهذه الأمور ومن هو المربي الذي سيتولى مسألة الشرح والتوضيح !
من الذي يضمن لنا سير هذه العملية التربوية بالشكل الصحيح والمناسب الذي لا يخالف الدين والعادات والتقاليد وطبيعة المجتمع العربي المسلم ، ولا يؤثر بشكل سلبي على نفسية أبنائنا..
برأيي أن أولياء الأمور أولا وأخيرا هم من يحتاجون إلى التوعية والتثقيف بالمقصود الفعلي للثقافة الجنسية
بعرض محتواها ثم بعد ذلك توضيح أهمية التوعية لها فمثلا كيف نعود الطفل على الاستئذان على الوالدين وغيرهما كذلك غض البصر ، كذلك الفتيات تتعلم كيف تستتر ، إلى جانب التفريق بين الأبناء عند النوم ، فرض مزيدا من الرقابة ومحاولة التقرب من الأبناء وفهم مخاوفهم و مناقشتهم في القضايا الغامضة بالنسبة لهم لخلق جو من الألفة والثقة ,كذلك التوجيه للتعامل الأمثل مع احتياج الأبناء لفهم هذه الغريزة والتعامل الأمثل معها, وهكذا نسد طريق الابتذال والترويج الخاطئ لهذه الطاقة الفطرية الغريزية التي أوجدها الله لتحقيق هدفا وهو الحفاظ على النوع البشري !..
تحياتي’’
,,بقلمي,,