- إنضم
- 22 ديسمبر 2018
- المشاركات
- 1,338
- نقاط التفاعل
- 3,708
- النقاط
- 76
- العمر
- 31
- محل الإقامة
- بسكرة
- الجنس
- ذكر
ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ
ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ( 2 / 30-28 ) ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻳﻘﻮﻝ :
ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺣﺒﺲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ، ﻭﻓﻄﺎﻣﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺎﺕ، ﻭﺗﻌﺪﻳﻞ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﻧﻴﺔ، ﻟﺘﺴﺘﻌﺪ ﻟﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﺳﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻭﻧﻌﻴﻤﻬﺎ، ﻭﻗﺒﻮﻝ ﻣﺎ ﺗﺰﻛﻮ ﺑﻪ ﻣﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ، ﻭﻳﻜﺴﺮ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﻈﻤﺄ ﻣﻦ ﺣﺪﺗﻬﺎ ﻭﺳﻮﺭﺗﻬﺎ، ﻭﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﺤﺎﻝ ﺍﻷﻛﺒﺎﺩ ﺍﻟﺠﺎﺋﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ .
ﻭﺗﻀﻴﻖ ﻣﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺘﻀﻴﻴﻖ ﻣﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ، ﻭﺗﺤﺒﺲ ﻗﻮﻯ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺮﺳﺎﻟﻬﺎ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻀﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷﻬﺎ ﻭﻣﻌﺎﺩﻫﺎ، ﻭﻳﺴﻜﻦ ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻛﻞ ﻗﻮﺓ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﺣﻪ، ﻭﺗﻠﺠﻢ ﺑﻠﺠﺎﻣﻪ، ﻓﻬﻮ ﻟﺠﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﻦ، ﻭﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻴﻦ، ﻭﺭﻳﺎﺿﺔ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﻟﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ .
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﺌﻴﺎً ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﺮﻙ ﺷﻬﻮﺗﻪ ﻭﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻌﺒﻮﺩﻩ، ﻓﻬﻮ ﺗﺮﻙ ﻣﺤﺒﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﻠﺬﺫﺍﺗﻬﺎ ﺇﻳﺜﺎﺭﺍً ﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺮﺿﺎﺗﻪ، ﻭﻫﻮ ﺳﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺑﻪ، ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻮﺍﻩ، ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻗﺪ ﻳﻄﻠﻌﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻔﻄﺮﺍﺕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ .
ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﺗﺮﻙ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻭﺷﻬﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻌﺒﻮﺩﻩ ﻓﻬﻮ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺸﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ .
ﻭﻟﻠﺼﻮﻡ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﺠﻴﺐ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ , ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻭﺣﻤﻴﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠﻴﻂ ﺍﻟﺠﺎﻟﺐ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻮﻟﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻓﺴﺪﺗﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ ﺍﻟﻤﺎﻧﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺤﺘﻬﺎ .
ﻓﺎﻟﺼﻮﻡ ﻳﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺻﺤﺘﻬﺎ , ﻭﻳﻌﻴﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻠﺒﺘﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ , ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ( ﻳﺎﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﺘﻘﻮﻥ ) ) [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ : 185 ] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻟﺼﻮﻡ ﺟﻨﺔ ) ﻭﺃﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﺷﺘﺪﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ , ﻭﻻ ﻗﺪﺭﺓ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻭﺟﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ .
ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ : ﺇﻥ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻬﻮﺩﺓ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ , ﺷﺮﻋﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ﺭﺣﻤﺔ ﺑﻬﻢ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﺣﻤﻴﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﺟﻨّﺔ .
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺪﻯ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﻟﻠﻤﻘﺼﻮﺩ ﻭﺃﺳﻬﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻄﻢ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻋﻦ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎﺗﻬﺎ ﻭﺷﻬﻮﺍﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺷﻖ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺃﺻﻌﺒﻬﺎ ﺗﺄﺧﺮ ﻓﺮﺿﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﺳﻂ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﻃﻨﺖ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﺃﻟﻔﺖ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ِﻓﻨﻘﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ.
ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ( 2 / 30-28 ) ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻳﻘﻮﻝ :
ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺣﺒﺲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ، ﻭﻓﻄﺎﻣﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺎﺕ، ﻭﺗﻌﺪﻳﻞ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﻧﻴﺔ، ﻟﺘﺴﺘﻌﺪ ﻟﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﺳﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻭﻧﻌﻴﻤﻬﺎ، ﻭﻗﺒﻮﻝ ﻣﺎ ﺗﺰﻛﻮ ﺑﻪ ﻣﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ، ﻭﻳﻜﺴﺮ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﻈﻤﺄ ﻣﻦ ﺣﺪﺗﻬﺎ ﻭﺳﻮﺭﺗﻬﺎ، ﻭﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﺤﺎﻝ ﺍﻷﻛﺒﺎﺩ ﺍﻟﺠﺎﺋﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ .
ﻭﺗﻀﻴﻖ ﻣﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺘﻀﻴﻴﻖ ﻣﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ، ﻭﺗﺤﺒﺲ ﻗﻮﻯ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺮﺳﺎﻟﻬﺎ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻀﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷﻬﺎ ﻭﻣﻌﺎﺩﻫﺎ، ﻭﻳﺴﻜﻦ ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻛﻞ ﻗﻮﺓ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﺣﻪ، ﻭﺗﻠﺠﻢ ﺑﻠﺠﺎﻣﻪ، ﻓﻬﻮ ﻟﺠﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﻦ، ﻭﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻴﻦ، ﻭﺭﻳﺎﺿﺔ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﻟﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ .
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﺌﻴﺎً ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﺮﻙ ﺷﻬﻮﺗﻪ ﻭﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻌﺒﻮﺩﻩ، ﻓﻬﻮ ﺗﺮﻙ ﻣﺤﺒﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﻠﺬﺫﺍﺗﻬﺎ ﺇﻳﺜﺎﺭﺍً ﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺮﺿﺎﺗﻪ، ﻭﻫﻮ ﺳﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺑﻪ، ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻮﺍﻩ، ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻗﺪ ﻳﻄﻠﻌﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻔﻄﺮﺍﺕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ .
ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﺗﺮﻙ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻭﺷﻬﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻌﺒﻮﺩﻩ ﻓﻬﻮ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺸﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ .
ﻭﻟﻠﺼﻮﻡ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﺠﻴﺐ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ , ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻭﺣﻤﻴﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠﻴﻂ ﺍﻟﺠﺎﻟﺐ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻮﻟﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻓﺴﺪﺗﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ ﺍﻟﻤﺎﻧﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺤﺘﻬﺎ .
ﻓﺎﻟﺼﻮﻡ ﻳﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺻﺤﺘﻬﺎ , ﻭﻳﻌﻴﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻠﺒﺘﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ , ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ( ﻳﺎﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﺘﻘﻮﻥ ) ) [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ : 185 ] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻟﺼﻮﻡ ﺟﻨﺔ ) ﻭﺃﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﺷﺘﺪﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ , ﻭﻻ ﻗﺪﺭﺓ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻭﺟﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ .
ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ : ﺇﻥ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻬﻮﺩﺓ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ , ﺷﺮﻋﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ﺭﺣﻤﺔ ﺑﻬﻢ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﺣﻤﻴﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﺟﻨّﺔ .
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺪﻯ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﻟﻠﻤﻘﺼﻮﺩ ﻭﺃﺳﻬﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻄﻢ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻋﻦ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎﺗﻬﺎ ﻭﺷﻬﻮﺍﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺷﻖ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺃﺻﻌﺒﻬﺎ ﺗﺄﺧﺮ ﻓﺮﺿﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﺳﻂ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﻃﻨﺖ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﺃﻟﻔﺖ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ِﻓﻨﻘﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ.