شهر مبارك وكل عام والجميع بخير وصحة وسلامة ،،
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال و تسلم منا رمضان بالرحمة والغفران ،،
..
خطر لي أن أشارككم بعضا من ذكريات الماضي عن رمضان وعادات استقباله في حضرموت ،،
كيف كنا نعيش أيامه قبل عشرين عاما من الآن ،،
وهي عادات تختلف من منطقة إلى أخرى حالنا في ذلك حال أغلب الدول ،، في العالم !
..
كثيرا ما أحن للماضي و متعلقة جدا بما كان فيه من عادات وقيم واحترام الجار والغريب والضيف والمسافر ،،
كنت كثيرا ما استمتع بالأيام القلائل التي تسبق رمضان ،،
كانت النساء تقمن ببعض الأعمال قبيل رمضان بأيام قليلة ،، حيث كانت تنقع حبوب الذرة لمدة يوم كامل ، ثم تقوم في اليوم التالي بطحنها على ( المطحن ) وهو عبارة عن حجرين أحدهما مسطح توضح عليه الحبوب المنقوعة وتقطع عليها شرائح البصل وفصوص من الثوم والفلفل الأخضر الحار أو الأحمر ،، وحجر آخر اسطواني الشكل يشبه ( النشابة ) تسحق بواسطة الحبوب مع بقية المكونات ،، ما زالت رائحة العجين المتكون على المطحن عالقة في أنفي إلى هذه اللحظة ، يصنع من هذه العجينة خبز يسمى ب ( الخمير ) ،، حيث يتم ترك هذه العجينة لأيام حتى تختمر ذاتيا ، ثم يقمن بخبزها في أول يوم من رمضان ،، كما كن يجففن السمك بطريقة معينة ليستخدم فيما بعد في طهي شوربة القمح المجروش ويسمى السمك المجفف ب (الحنيذ) ،، إلى جانب تجهيز الفخار بأشكاله المختلفة ،، لشرب القهوة في فناجين الفخار و أيضا يتم حفظ المياة في الجرار ، وكذلك في ( الزير ) وهو أكبر حجما من الجرة ،،
و صحون التقديم التي تستخدم في رمضان يتم الاحتفاظ بها في صناديق حديدية إلى رمضان المقبل ،، ولا تخرج إلا في المناسبات الخاصة !
ثم يأتي أول أيام رمضان ، نلبس فيه ملابس جديدة أو ملابس المناسبات النادرة ،، ونخرج العصرية معشر الأطفال ،، كل منا يحمل معه ( الكنبة ) وهي تقوم مقام الحقيبة ، شكلها اسطواني مصنوعة من سعف النخيل تحمل على الكتف ولها غطاء ،
تضع الأمهات لنا بداخله ما تم طبخه من الأكلات الشعبية ،،
نختار اكبر ساحة في القرية ونتجمع فيها ونضع حدا من الحجارة الصغيرة فتكون كالحجرة ،
واحدة للفتيان و أخرى للفتيات ،،
نجتمع ونغني بعضا من الأغاني التراثية ،،
نتبادل الأطعمة مع بعضنا ،، ثم نعود قريب الساعة الخامسة قبل المغرب بحاولي ساعة لنجد الأطباق في انتظارنا ، تلك التي خصصت للفقراء والمعوزين وكذلك المسنين الذين لا عائل لهم ،، وكنا نستابق على ذلك ،،
فتجد الشوارع تعج بالأطفال وما يحملونه من أطباق وتلك الابتسامات التي ترتسم على وجوهنا حين نحملها إلى أصحابها ،،
في الطرقات نجد الشباب مجتمعين تحت أشجار السدر ،،
منهم من يقرأ القرآن ومنهم من يلعب الدومينو وما إليها ،
وعند أبواب المساجد نجد الشيوخ يفترشون الأرض ويقرأون القران ،، وأصواتهم تبعث في قلوبنا الطمأنينة والفرح ،،
ثم يعود الجميع إلى بيوتهم باستثنائي
حيث كان لدي مشوار أهم بكثير من العودة إلى البيت ، كنت أذهب إلى ( الصرفة ) حيث تعود الرواعي من المرعى مع الأغنام مع الغروب قبيل أذان المغرب بقليل،، كنت أقف مع الغروب انتظر عودة الرواعي مع بقية النساء صاحبات الأغنام ، يقمن بفرز الأغنام وكل واحدة تبحث عن أغنامها وسط القطيع ،،
مع إصدار بعض الأصوات التي تميزها الأغنام فيما بينها ،،
حيث كن يتناوبن على الذهاب إلى المرعى ،، في كل يوم تذهب أثنتين إلى المرعى بالأغنام وفي اليوم التالي تذهب أخريات وهكذا ،،
وبعد أن تنتهي النساء من أخذ أغنامهن ،، في طريق العودة يأذن المؤذن قبل وصولي البيت في أغلب الأحيان وتبدأ والدتي و والدي بتأنيبي على التأخير ولكن بلا جدوى ،،
في كل يوم أعاود الكره وأتذكر أن أختي الكبرى كانت تحرمني من بعض أصناف الطعام التي أحبها عقابا على ( التطنيش ) ..
بعد ذلك تتجمع النساء كل يوم في منزل واحد لأداء صلاة التراويح ،، وكل واحدة تحضر معها شيئا مما طبخته ، بعد الصلاة يتسامرن إلى الساعة العاشرة ، ثم تذهب كل إلى بيتها ،، ..
كنا كأطفال ممنوعون من السهر ، وكان السهر فقط من حق الشباب ، ،،
كنت كثيرا ما أتمنى أن أكبر ، فقط ، لأسهر رمضان ،، وألعب الورق إلى وقت السحور كما تفعل ذلك البنات الكبار ( المتبرقعات كما كنا نسميهن معشر الصغار )
في الأسبوع الثاني من رمضان ،، يأتي (الختم ) ، وهو أجمل ليلة نعيشها في ليالي رمضان الجميلة ،
تزين الشوارع وتكنس وتنظف ، ثم بعد التراويح نلبس أجمل ما نملك وتتزين الفتيات ، بعدها تصف البضائع والألعاب والحلويات وتباع للأطفال ،، وهي أشياء يحضرها المغتربون أو تحضر من المدن المختلفة داخليا و لا تباع مطلقا في القرية في سائر أيام السنة ، كانت مميزة جدا بالنسبة لنا ، وكنا نبدأ بتجميع مصروفنا قبل رمضان لنتمكن من شراء ما نريده في تلك الليلة ، ..
في العشر الأواخر تبدأ العزائم ويقوم الأقارب بدعوة بعضهم البعض للفطور ، وتذبح الذبائح وتقام الولائم ،
وأجمل مافيها ،، الصحون التي تعطى لنا لنوزعها على الفقراء ، وكنا نتنافس في ذلك ،، ( عشان ربي يحبنا ) كما كانوا يعلموننا ،، ..
.. .. ..
في يوم ٢٩ رمضان ، منذ الصباح تقوم الأمهات بوضع الحناء على شعور البنات ، وفي العصر توضع الحناء على الايدي والأرجل توديعا لرمضان واستقبالا للعيد ،،
وفي المساء نترقب جميعا إعلان الإمام في المسجد إذا كان اليوم التالي تتمة الشهر أو دخول شهر شوال ،،
فإذا كان العيد يغني الأطفال أغاني توديع رمضان ،
و أخرى لإستقبال العيد والترحيب به ،،
وتقوم النساء بغسل الصحون وتجفيفها وو ضعها في الصناديق المخصصة لها ،،
وتستعد لطقوس العيد في اليوم التالي ،،،
وهكذا ينتهي رمضان في ذاك الزمان ،،
لا تلفزيون ولا جوال ولا ايباد ،، ولا سهر ..
ولم تكن هنالك ثقافة الأطعمة المتعددة والأصناف المختلفة ، ولم تكن هناك ظاهرة الجنون والأزمات العالمية والرغبة في اقتناء الأواني والأدوات وغيرها ،،
كان رمضان صوم وصلاة وصدقة وتكافل ،،
وتربية الأطفال على المروءة ونبل الأخلاق والرحمة والتعاون واحترام الغير،،وقبل ذلك كله تمييز رمضان عن غيره من الشهور ،،بأشياء يحبها الأطفال ، فيقبلون على الطاعة ،،،
.. .. ..
أرجو أن أكون وفقت في عرض الموضوع ،
وأتمنى أن تكون إضافة مفيدة ،،
وبإماكنكم مشاركتي بما تجود به ثقافتكم ومخزون الذاكرة..
تقديري و إلى لقاء متجدد بإذن الله تعالى في مناسبات أخرى..
في حفظ الرحمن ،،
..
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال و تسلم منا رمضان بالرحمة والغفران ،،
..
خطر لي أن أشارككم بعضا من ذكريات الماضي عن رمضان وعادات استقباله في حضرموت ،،
كيف كنا نعيش أيامه قبل عشرين عاما من الآن ،،
وهي عادات تختلف من منطقة إلى أخرى حالنا في ذلك حال أغلب الدول ،، في العالم !
..
كثيرا ما أحن للماضي و متعلقة جدا بما كان فيه من عادات وقيم واحترام الجار والغريب والضيف والمسافر ،،
كنت كثيرا ما استمتع بالأيام القلائل التي تسبق رمضان ،،
كانت النساء تقمن ببعض الأعمال قبيل رمضان بأيام قليلة ،، حيث كانت تنقع حبوب الذرة لمدة يوم كامل ، ثم تقوم في اليوم التالي بطحنها على ( المطحن ) وهو عبارة عن حجرين أحدهما مسطح توضح عليه الحبوب المنقوعة وتقطع عليها شرائح البصل وفصوص من الثوم والفلفل الأخضر الحار أو الأحمر ،، وحجر آخر اسطواني الشكل يشبه ( النشابة ) تسحق بواسطة الحبوب مع بقية المكونات ،، ما زالت رائحة العجين المتكون على المطحن عالقة في أنفي إلى هذه اللحظة ، يصنع من هذه العجينة خبز يسمى ب ( الخمير ) ،، حيث يتم ترك هذه العجينة لأيام حتى تختمر ذاتيا ، ثم يقمن بخبزها في أول يوم من رمضان ،، كما كن يجففن السمك بطريقة معينة ليستخدم فيما بعد في طهي شوربة القمح المجروش ويسمى السمك المجفف ب (الحنيذ) ،، إلى جانب تجهيز الفخار بأشكاله المختلفة ،، لشرب القهوة في فناجين الفخار و أيضا يتم حفظ المياة في الجرار ، وكذلك في ( الزير ) وهو أكبر حجما من الجرة ،،
و صحون التقديم التي تستخدم في رمضان يتم الاحتفاظ بها في صناديق حديدية إلى رمضان المقبل ،، ولا تخرج إلا في المناسبات الخاصة !
ثم يأتي أول أيام رمضان ، نلبس فيه ملابس جديدة أو ملابس المناسبات النادرة ،، ونخرج العصرية معشر الأطفال ،، كل منا يحمل معه ( الكنبة ) وهي تقوم مقام الحقيبة ، شكلها اسطواني مصنوعة من سعف النخيل تحمل على الكتف ولها غطاء ،
تضع الأمهات لنا بداخله ما تم طبخه من الأكلات الشعبية ،،
نختار اكبر ساحة في القرية ونتجمع فيها ونضع حدا من الحجارة الصغيرة فتكون كالحجرة ،
واحدة للفتيان و أخرى للفتيات ،،
نجتمع ونغني بعضا من الأغاني التراثية ،،
نتبادل الأطعمة مع بعضنا ،، ثم نعود قريب الساعة الخامسة قبل المغرب بحاولي ساعة لنجد الأطباق في انتظارنا ، تلك التي خصصت للفقراء والمعوزين وكذلك المسنين الذين لا عائل لهم ،، وكنا نستابق على ذلك ،،
فتجد الشوارع تعج بالأطفال وما يحملونه من أطباق وتلك الابتسامات التي ترتسم على وجوهنا حين نحملها إلى أصحابها ،،
في الطرقات نجد الشباب مجتمعين تحت أشجار السدر ،،
منهم من يقرأ القرآن ومنهم من يلعب الدومينو وما إليها ،
وعند أبواب المساجد نجد الشيوخ يفترشون الأرض ويقرأون القران ،، وأصواتهم تبعث في قلوبنا الطمأنينة والفرح ،،
ثم يعود الجميع إلى بيوتهم باستثنائي
حيث كان لدي مشوار أهم بكثير من العودة إلى البيت ، كنت أذهب إلى ( الصرفة ) حيث تعود الرواعي من المرعى مع الأغنام مع الغروب قبيل أذان المغرب بقليل،، كنت أقف مع الغروب انتظر عودة الرواعي مع بقية النساء صاحبات الأغنام ، يقمن بفرز الأغنام وكل واحدة تبحث عن أغنامها وسط القطيع ،،
مع إصدار بعض الأصوات التي تميزها الأغنام فيما بينها ،،
حيث كن يتناوبن على الذهاب إلى المرعى ،، في كل يوم تذهب أثنتين إلى المرعى بالأغنام وفي اليوم التالي تذهب أخريات وهكذا ،،
وبعد أن تنتهي النساء من أخذ أغنامهن ،، في طريق العودة يأذن المؤذن قبل وصولي البيت في أغلب الأحيان وتبدأ والدتي و والدي بتأنيبي على التأخير ولكن بلا جدوى ،،
في كل يوم أعاود الكره وأتذكر أن أختي الكبرى كانت تحرمني من بعض أصناف الطعام التي أحبها عقابا على ( التطنيش ) ..
بعد ذلك تتجمع النساء كل يوم في منزل واحد لأداء صلاة التراويح ،، وكل واحدة تحضر معها شيئا مما طبخته ، بعد الصلاة يتسامرن إلى الساعة العاشرة ، ثم تذهب كل إلى بيتها ،، ..
كنا كأطفال ممنوعون من السهر ، وكان السهر فقط من حق الشباب ، ،،
كنت كثيرا ما أتمنى أن أكبر ، فقط ، لأسهر رمضان ،، وألعب الورق إلى وقت السحور كما تفعل ذلك البنات الكبار ( المتبرقعات كما كنا نسميهن معشر الصغار )
في الأسبوع الثاني من رمضان ،، يأتي (الختم ) ، وهو أجمل ليلة نعيشها في ليالي رمضان الجميلة ،
تزين الشوارع وتكنس وتنظف ، ثم بعد التراويح نلبس أجمل ما نملك وتتزين الفتيات ، بعدها تصف البضائع والألعاب والحلويات وتباع للأطفال ،، وهي أشياء يحضرها المغتربون أو تحضر من المدن المختلفة داخليا و لا تباع مطلقا في القرية في سائر أيام السنة ، كانت مميزة جدا بالنسبة لنا ، وكنا نبدأ بتجميع مصروفنا قبل رمضان لنتمكن من شراء ما نريده في تلك الليلة ، ..
في العشر الأواخر تبدأ العزائم ويقوم الأقارب بدعوة بعضهم البعض للفطور ، وتذبح الذبائح وتقام الولائم ،
وأجمل مافيها ،، الصحون التي تعطى لنا لنوزعها على الفقراء ، وكنا نتنافس في ذلك ،، ( عشان ربي يحبنا ) كما كانوا يعلموننا ،، ..
.. .. ..
في يوم ٢٩ رمضان ، منذ الصباح تقوم الأمهات بوضع الحناء على شعور البنات ، وفي العصر توضع الحناء على الايدي والأرجل توديعا لرمضان واستقبالا للعيد ،،
وفي المساء نترقب جميعا إعلان الإمام في المسجد إذا كان اليوم التالي تتمة الشهر أو دخول شهر شوال ،،
فإذا كان العيد يغني الأطفال أغاني توديع رمضان ،
و أخرى لإستقبال العيد والترحيب به ،،
وتقوم النساء بغسل الصحون وتجفيفها وو ضعها في الصناديق المخصصة لها ،،
وتستعد لطقوس العيد في اليوم التالي ،،،
وهكذا ينتهي رمضان في ذاك الزمان ،،
لا تلفزيون ولا جوال ولا ايباد ،، ولا سهر ..
ولم تكن هنالك ثقافة الأطعمة المتعددة والأصناف المختلفة ، ولم تكن هناك ظاهرة الجنون والأزمات العالمية والرغبة في اقتناء الأواني والأدوات وغيرها ،،
كان رمضان صوم وصلاة وصدقة وتكافل ،،
وتربية الأطفال على المروءة ونبل الأخلاق والرحمة والتعاون واحترام الغير،،وقبل ذلك كله تمييز رمضان عن غيره من الشهور ،،بأشياء يحبها الأطفال ، فيقبلون على الطاعة ،،،
.. .. ..
أرجو أن أكون وفقت في عرض الموضوع ،
وأتمنى أن تكون إضافة مفيدة ،،
وبإماكنكم مشاركتي بما تجود به ثقافتكم ومخزون الذاكرة..
تقديري و إلى لقاء متجدد بإذن الله تعالى في مناسبات أخرى..
في حفظ الرحمن ،،
..
آخر تعديل بواسطة المشرف: