الحمار حيوان أليف يتميز بالصبر على التعب والجوع والعطش ويتمتع بقوة سمع عالية وقوة إبصار تمكنه من الرؤية ليلاً وذاكرته قوية تجعله يتذكر الطرق ويستخدم في الركوب وحمل الأشياء وهو رفيق دائم للإنسان.. وورد ذكره في القرآن الكريم في 5 مواضع.
يقول الدكتور عبدالله سعيد - أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر:
جاء ذكر الحمار في سورة النحل في قوله تعالى: “والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون” الآية 8.
وذلك في معرض التذكير بنعم الله الذي سخر للإنسان هذا الحيوان الذي يحمله ويحمل أمتعته.
وورد ذكر الحمير في قوله تعالى: “واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير” سورة لقمان آية 19.
وتشير هذه الآية إلى أهمية أن يخفض الإنسان من صوته وألا يرفعه حتى لا يشبه صوت الحمار الذي يكرهه الناس، فهو من أفظع وأبشع الأصوات، وهذه من الوصايا التي أوصى بها لقمان ابنه، وهي تجمع أمهات الحكم ومنها نهيه عن التكبر وأمره بالتواضع والسكون في الحركات والأصوات.
وفي قوله تعالى: “مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين” سورة الجمعة آية 5.
فقد صورت هذه الآية حالة اليهود الذين آتاهم الله التوراة ليعملوا بما فيها من تعاليم وآداب ويتعلموها، ولكنهم أعرضوا عنها وكذبوا بما جاء فيها من تبشير برسول الله – صلى الله عليه وسلم – والإيمان بما جاء به من القرآن، وقد ذكرت التوراة أوصافه فكان شأنهم كشأن الحمار الذي يحمل أسفاراً من الكتب فوق ظهره فلا يعلم ما بها من علم فهم لم يستفيدوا من التوراة إلا بالخيبة والخسران.
وفي قوله تعالى في سورة المدثر: “فما لهم عن التذكرة معرضين. كأنهم حمر مستنفرة. فرت من قسورة” الآيات 49، 51
شبهت هذه الآيات المعرضين عن دعوة الحق النافرين عن سماعها كأنهم حمر وحشية نافرة من الأسود التي تجري خلفها أو من الصائدين لها.
حمار عُزير
كما ورد ذكر الحمار في سورة البقرة في معرض قصة حمار عُزير وهي قصة مشهورة
يقول تعالى: “أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير” آية 259.
هذه الآية جاءت في تصوير قدرة الله تعالى على إعادة الحياة بعد الموت. وقصة عُزير انه كان رجلاً صالحاً حكيماً خرج ذات يوم إلى قرية فانية فأحس بالحر فنزل عن حماره ومعه سله فيها تين وسلة فيها عنب فاعتصر من العنب الذي كان معه في قصعة ثم أخرج خبزاً يابساً كان معه ووضعه في عصير العنب ليبتل ويأكله ثم استلقى ونظر إلى سقف البيوت ورأى ما فيها وهي قائمة على عروشها وقد أباد الله عز وجل أهلها وفني سكانها وسقطت حيطانها على عروشها ورأى عظاماً بالية فقال “أنى يحيي هذه الله بعد موتها” لم يشك أن الله يحييها بل قالها تعجباً وجهلاً بقدرة الله تعالى فلما أراد الله به خيراً أراه آية في نفسه وفي حماره فأنزل الله عليه ملك الموت فقبض روحه فأماته الله مائة عام ثم بعثه فسأله الملك كم لبثت؟ قال: لبثت يوماً أو بعض يوم فقال له بل لبثت مائة عام، فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتغير وقد حفظهما الله عن التغير والفساد. وانظر إلى حمارك فنظر إلى حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة وكان قد مات وتمزق لحمه وجلده وانتثرت عظامه وتفرقت أوصاله. فنادى الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ثم كساها اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار رافعاً رأسه وأذنيه إلى السماء ناهقاً يظن القيامة قد قامت.
الإعجاز الإلهي
من الإعجاز الإلهي في خلق الحمار أنه حيوان مستأنس يتمتع بحدة السمع. وحمير الركوب عادة كبيرة الحجم مفتولة العضلات سريعة الحركة. والحمار قدم فوائد كبيرة للبشر، وكان يستخدم في الحروب لنقل المعدات، ومازال وسيلة نقل مهمة حتى الآن في بعض البلدان.
ويوصف الحمار كدليل لسلوك الطرق الوعرة والتي مشى فيها ولو لمرة واحدة ويستعمل حدسه الطبيعي للبقاء وهو حيوان ذكي حذر لديه قدرة على التعلم. وتحمل أنثى الحمار لمدة 11 شهراً ومنه أصناف وسلالات كثيرة: كالحمار الأميركي المنقط والحمار الأبيض المتوسط والحمار الأثيوبي أو الصومالي والحمار الأهلي.
أكفئوا القدور..!
في السنة النبوية ورد ذكر الحمار في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً”.
وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل في حديث عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت القدور نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “أكفئوا القدور فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئاً”.