وقفة مع حديث : ( اتق الله حيثما كنت )
أحبتي القراء الكرام أخرج الإمام الترمذي بسنده عن أبي ذرٍّ جُندُبِ بنِ جُنَادَةَ وأبي عبدِ الرَّحمنِ مُعاذِ بنِ جبلٍ رضِي اللهُ عَنْهُما، عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ( اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ).
هذا الحذيث العظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم ، قسّم تعامل العبد في هذه الحياة إلى قسمين :
الأول : تعامله مع ربه سبحانه وتعالى .
والثاني : تعامله مع الناس .
فالقسم الأول : تعامل العبد مع ربه سبحانه وتعالى فيه وصيتان من رسول الله صلى الله عليه وسلم هما قوله عليه الصلاة والسلام : ( اتَّقِ الله حيثما كنت، وأتبع السَّيِّئة الحسنة تَمْحُهَا ) .
اشتملت الوصية الأولى على الأمر بالتقوى وهي وصية الله للأولين والآخرين يقول تعالى { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } فما هي التقوى ؟
يقول العلماء رحمهم الله أن التقوى : هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية ، بفعل أوامره ، واجتناب نواهيه .
فينبغي علينا معشر المؤمنين أن نتقي الله في كل مكان كنا فيه : في العمل ، في المنزل ، في السوق ، في الطريق... يجب علينا أن نتقِ الله تبارك وتعالى .
كذلك في أي زمن : في زمن الشباب ، أو في زمن المشيب .
وعلينا أن نجتهد في فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات حتى نحقق التقوى التي أمرنا الله ورسوله بها .
ولقائلٍ أن يقول : نحن لسنا معصومين فما الحل ؟
الحل هو في الوصية الثانية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قوله عليه الصلاة والسلام : ( وأتبع السَّيِّئة الحسنة تَمْحُهَا ) فهذا من سعة رحمة الله بنا أن يسر أسباب المغفرة لعباده ، بل قد نزل بمثلها قرآن يقول تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } ، فمن عمل سيئةً ثم أتبعها بحسنةٍ محت الحسنة تلك السيئة شريطةَ أن تكون الحسنة أعظم من السيئة ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق ) ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الذنبين وجعل لكل منهما كفارة ، فالأول حلف بغير الله وهو شرك أصغر وكفارته قول لا إله إلا الله والثاني أمر بكبيرة وكفارتها أن يتصدق بأي صدقة .
بهذا نكون قد انتهينا من القسم الأول وهو تعامل العبد مع ربه تبارك وتعالى .
والقسم الثاني : تعامله مع الناس : وهي في قوله صلى الله عليه وسلم: ( وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ).
الله أمرنا في كتابه الكريم بالإحسان إلى الناس يقول تعالى : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } ويقول تعالى { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا } والله تعالى لم يثنِ على نبيه صلى الله عليه وسلم بكثرة الصلاة والصيام بل أثنى عليه بحسن الخلق يقول تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } .
فالإسلام جاء بمكارم الأخلاق يقول صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .
وحسن الخلق له جزاء عظيم عند الله ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) صححه الألباني. ويقول عليه الصلاة والسلام ( أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) رواه أبو داود وحسنه الألباني.
فينبغي علينا جميعً أن نتخلق بالأخلاق الحسنة حتى نكسب قلوب الناس ، وصدق القائل :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ * فطالما استعبد الإنساَ إحسانُ
وختاماً حسن الخلق لا يكلفنا شيئاً يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ) ويقول عليه الصلاة والسلام ( الكلمة الطيبة صدقة) .
اللهم أعنا على التقوى حيث ما كنا وأعنا على إتباع السيئة الحسنة فتمحوها ، وأعنا على التخلق بالأخلاق الحسنة ياذا الجلا والإكرام وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
.................................................. ........................(محبكم )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ....أحبتي القراء الكرام أخرج الإمام الترمذي بسنده عن أبي ذرٍّ جُندُبِ بنِ جُنَادَةَ وأبي عبدِ الرَّحمنِ مُعاذِ بنِ جبلٍ رضِي اللهُ عَنْهُما، عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ( اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ).
هذا الحذيث العظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم ، قسّم تعامل العبد في هذه الحياة إلى قسمين :
الأول : تعامله مع ربه سبحانه وتعالى .
والثاني : تعامله مع الناس .
فالقسم الأول : تعامل العبد مع ربه سبحانه وتعالى فيه وصيتان من رسول الله صلى الله عليه وسلم هما قوله عليه الصلاة والسلام : ( اتَّقِ الله حيثما كنت، وأتبع السَّيِّئة الحسنة تَمْحُهَا ) .
اشتملت الوصية الأولى على الأمر بالتقوى وهي وصية الله للأولين والآخرين يقول تعالى { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } فما هي التقوى ؟
يقول العلماء رحمهم الله أن التقوى : هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية ، بفعل أوامره ، واجتناب نواهيه .
فينبغي علينا معشر المؤمنين أن نتقي الله في كل مكان كنا فيه : في العمل ، في المنزل ، في السوق ، في الطريق... يجب علينا أن نتقِ الله تبارك وتعالى .
كذلك في أي زمن : في زمن الشباب ، أو في زمن المشيب .
وعلينا أن نجتهد في فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات حتى نحقق التقوى التي أمرنا الله ورسوله بها .
ولقائلٍ أن يقول : نحن لسنا معصومين فما الحل ؟
الحل هو في الوصية الثانية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قوله عليه الصلاة والسلام : ( وأتبع السَّيِّئة الحسنة تَمْحُهَا ) فهذا من سعة رحمة الله بنا أن يسر أسباب المغفرة لعباده ، بل قد نزل بمثلها قرآن يقول تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } ، فمن عمل سيئةً ثم أتبعها بحسنةٍ محت الحسنة تلك السيئة شريطةَ أن تكون الحسنة أعظم من السيئة ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق ) ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الذنبين وجعل لكل منهما كفارة ، فالأول حلف بغير الله وهو شرك أصغر وكفارته قول لا إله إلا الله والثاني أمر بكبيرة وكفارتها أن يتصدق بأي صدقة .
بهذا نكون قد انتهينا من القسم الأول وهو تعامل العبد مع ربه تبارك وتعالى .
والقسم الثاني : تعامله مع الناس : وهي في قوله صلى الله عليه وسلم: ( وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ).
الله أمرنا في كتابه الكريم بالإحسان إلى الناس يقول تعالى : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } ويقول تعالى { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا } والله تعالى لم يثنِ على نبيه صلى الله عليه وسلم بكثرة الصلاة والصيام بل أثنى عليه بحسن الخلق يقول تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } .
فالإسلام جاء بمكارم الأخلاق يقول صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .
وحسن الخلق له جزاء عظيم عند الله ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) صححه الألباني. ويقول عليه الصلاة والسلام ( أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) رواه أبو داود وحسنه الألباني.
فينبغي علينا جميعً أن نتخلق بالأخلاق الحسنة حتى نكسب قلوب الناس ، وصدق القائل :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ * فطالما استعبد الإنساَ إحسانُ
وختاماً حسن الخلق لا يكلفنا شيئاً يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ) ويقول عليه الصلاة والسلام ( الكلمة الطيبة صدقة) .
اللهم أعنا على التقوى حيث ما كنا وأعنا على إتباع السيئة الحسنة فتمحوها ، وأعنا على التخلق بالأخلاق الحسنة ياذا الجلا والإكرام وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
.................................................. ........................(محبكم )