إنها الخامسة مساءا ، استيقظت اليوم على غير عادتي أخطط للاحتفال بعيد ميلاد زوجتي ، إنها المرة الأولى التي أفاجئها فيها منذ ستة سنوات ، فلم أكن في الواقع أتذكر عيد ميلادها و لا تاريخ زواجنا ، يحدث كثيرا أن أهنئ احدى صديقاتي على عيد ميلادها ، أما زوجتي فلم يحدث ذلك بعد ، فكرت طويلا فيما سأقدمه لها و أية هدية ستفرحها ، فاهتديت أخيرا إلى خاتم ذهب ، فأنا لم أهديها الذهب لحد الساعة باستثناء السلسلة التي وضعتها في رقبتها ليلة زواجنا .
سارعت لمحل صديقي لاقتناء خاتم قبل أن يغلق المحل أبوابه ، و على غير العادة كنت متحمسا ، لا أعلم أين كنت طوال هذه السنوات و كيف لي أن أتجاهل مناسبات كهذه ، أتذكر مرة أنها قرأت رسالة أهنئ فيها صديقتي على عيد ميلادها ، فبكت قائلة : تنسى عيد ميلاد زوجتك و تتذكر ميلاد صديقتك ، لم تكن دموعها تهمني كثيرا ، و لكنها كانت تقلقني لأنها تنكد علي راحتي فقط ، فكان يتوجب علي اسكاتها بأية طريقة .
كنت أعلم أنني اليوم أتيت متأخرا ، و لا أعلم إن كانت ستبتسم أم أنها ستقابلني ببرودتها المعهودة ، التي لا أعلم أتتعمدها لإغاظتي أو انتقاما مني ، أم أنها فعلا قد أصبحت كذلك ولا عجب.
فقد كنت أعمى فيما مضى أرى جميع النساء باستثنائها هي ، و أمدح الكل باستثنائها ، كانت تتضايق تبكي تصرخ بوجهي تعاتبني ، ثم فجأة أصبحت هادئة ، لم يعد يزعجها أن تدرك أنني أكلم إحداهن ، و لم تعد تتضايق من صور صديقاتي على هاتفي ، بل أحيانا كثيرة كانت تمدح جمال تلك و شعر تلك و عيون تلك .
لم أشعر بخسارتي إلا حينما كانت تنصرف للنوم دون أن تعاتبني كعادتها على سهري الطويل ، تمشي هادئة ترافقها كتبها و هاتفها ، و إذا ما خلدت للنوم باكرا فلحاجة في نفسي أعلمها أنا و تمقتها هي ، لم أشعر بخسارتي إلا عندما كانت تمر أمامي تحمل وسادتها لتنام مع صغارها ، فلا فائدة من انتظاري كل ليلة ، أعلنت خسارتي عندما أدركت أنني أصبحت نكرة في حياتها ، فلم تعد تعاتب أو تغار أو تبكي و تصرخ و عندما عاتبتها آخر مرة قالت :
أليس هذا ما تريد ؟؟!!!!!
عندما يتصرف أحدهم ببرودة و لا مبالاة فاعلم أن خيباته فاقت طاقة تحمله ، و هذا ما حدث مع زوجتي ،و اليوم هي أفضل بكثير من السابق و أكثر خبرة و أكثر فتنة و جمالا ، إلا أنني أفتقد أطباقها التي كانت تعدها بنكهة من الحب و الشغف و الجنون ، أفتقد لصراخها و عتابها حينما كنت أهجر فراشها لليالي طويلة ، أفتقد دموعها حينما كانت تغار ، و تلك النبضات التي تتوالي سريعة على قلبها إن مازحتها بشأن الزواج مرة ثانية ، أفتقدها بشدة و أجدها أمامي ولكن لمستها لم تعد هي و لا ابتسامتها و لا روحها ، أصبحت غريبة عني ، غريبة و أنا السبب في غربتها.
لا ألومها يقدر ما ألوم نفسي حينما خدعتها و كسرت قلبها مرارا ، فلم يبق منه إلا بعض الفتات ، لا يصلح للحب و إنما يحيا على حذر و سبق ترصد لخيبات و طعنات أخرى .
لا ألومها فأنا من دفنت تلك البراءة و تلك الروح النقية و علمتها معنى الغدر و الخيانة .
في آخر مرة بكت على صدري توقفت للحظات ثم قالت : غريب أن الشخص الذي أبكي في حضنه هو نفسه الذي طعنني ، و لا أذكر بعدها أنها بكت أو اتخذت موقف ضعف أمامي ، بل كانت تتصنع أو لعلها فعلا أصبحت قوية لا تهزها حادثة و لا تذرف عبرة .
و اللحظة أتذكر المقولة الشهيرة : إنك لن تدرك ماذا يفعل الآخرون لأجلك إلا عندما يتوقفون عن فعله...
#من مذكرات الضياع
#sanaya
سارعت لمحل صديقي لاقتناء خاتم قبل أن يغلق المحل أبوابه ، و على غير العادة كنت متحمسا ، لا أعلم أين كنت طوال هذه السنوات و كيف لي أن أتجاهل مناسبات كهذه ، أتذكر مرة أنها قرأت رسالة أهنئ فيها صديقتي على عيد ميلادها ، فبكت قائلة : تنسى عيد ميلاد زوجتك و تتذكر ميلاد صديقتك ، لم تكن دموعها تهمني كثيرا ، و لكنها كانت تقلقني لأنها تنكد علي راحتي فقط ، فكان يتوجب علي اسكاتها بأية طريقة .
كنت أعلم أنني اليوم أتيت متأخرا ، و لا أعلم إن كانت ستبتسم أم أنها ستقابلني ببرودتها المعهودة ، التي لا أعلم أتتعمدها لإغاظتي أو انتقاما مني ، أم أنها فعلا قد أصبحت كذلك ولا عجب.
فقد كنت أعمى فيما مضى أرى جميع النساء باستثنائها هي ، و أمدح الكل باستثنائها ، كانت تتضايق تبكي تصرخ بوجهي تعاتبني ، ثم فجأة أصبحت هادئة ، لم يعد يزعجها أن تدرك أنني أكلم إحداهن ، و لم تعد تتضايق من صور صديقاتي على هاتفي ، بل أحيانا كثيرة كانت تمدح جمال تلك و شعر تلك و عيون تلك .
لم أشعر بخسارتي إلا حينما كانت تنصرف للنوم دون أن تعاتبني كعادتها على سهري الطويل ، تمشي هادئة ترافقها كتبها و هاتفها ، و إذا ما خلدت للنوم باكرا فلحاجة في نفسي أعلمها أنا و تمقتها هي ، لم أشعر بخسارتي إلا عندما كانت تمر أمامي تحمل وسادتها لتنام مع صغارها ، فلا فائدة من انتظاري كل ليلة ، أعلنت خسارتي عندما أدركت أنني أصبحت نكرة في حياتها ، فلم تعد تعاتب أو تغار أو تبكي و تصرخ و عندما عاتبتها آخر مرة قالت :
أليس هذا ما تريد ؟؟!!!!!
عندما يتصرف أحدهم ببرودة و لا مبالاة فاعلم أن خيباته فاقت طاقة تحمله ، و هذا ما حدث مع زوجتي ،و اليوم هي أفضل بكثير من السابق و أكثر خبرة و أكثر فتنة و جمالا ، إلا أنني أفتقد أطباقها التي كانت تعدها بنكهة من الحب و الشغف و الجنون ، أفتقد لصراخها و عتابها حينما كنت أهجر فراشها لليالي طويلة ، أفتقد دموعها حينما كانت تغار ، و تلك النبضات التي تتوالي سريعة على قلبها إن مازحتها بشأن الزواج مرة ثانية ، أفتقدها بشدة و أجدها أمامي ولكن لمستها لم تعد هي و لا ابتسامتها و لا روحها ، أصبحت غريبة عني ، غريبة و أنا السبب في غربتها.
لا ألومها يقدر ما ألوم نفسي حينما خدعتها و كسرت قلبها مرارا ، فلم يبق منه إلا بعض الفتات ، لا يصلح للحب و إنما يحيا على حذر و سبق ترصد لخيبات و طعنات أخرى .
لا ألومها فأنا من دفنت تلك البراءة و تلك الروح النقية و علمتها معنى الغدر و الخيانة .
في آخر مرة بكت على صدري توقفت للحظات ثم قالت : غريب أن الشخص الذي أبكي في حضنه هو نفسه الذي طعنني ، و لا أذكر بعدها أنها بكت أو اتخذت موقف ضعف أمامي ، بل كانت تتصنع أو لعلها فعلا أصبحت قوية لا تهزها حادثة و لا تذرف عبرة .
و اللحظة أتذكر المقولة الشهيرة : إنك لن تدرك ماذا يفعل الآخرون لأجلك إلا عندما يتوقفون عن فعله...
#من مذكرات الضياع
#sanaya