إن الله - عز وجل - اشترط علينا العلم؛ لمعرفة الخير؛ حيث قال لنا: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾، هذه حقيقة الخير الذي يُوجَد في الصيام في الدُّنيا والآخرة، فالخير موجود، ولكن الذي يريد أن يعرفه - شرط جاء من عند الله -: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾، فاشترط الله العلم لمعرفة الخيرية، وسَخَّر لنا العلم الحديث؛ حتَّى نتحَدَّث عن ذلك باستفاضة في هذه الرِّسالة الطيِّبة: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، فمِن أوجه خير الصيام في الدنيا قوله - تعالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
فالله جعل صحَّة الأبدان بسبب الصيام من الحياة الطَّيِّبة، التي وَعَد بها المؤمنين والمؤمنات بنصِّ الآية الكريمة، فالمؤمن الحقُّ يُنَزِّه دائمًا الطاعات عن المبرِّرات، فنحن نصوم دائمًا طاعةً لله - تبارك وتعالى - ورغبةً فيما عنده من الثواب.
فالصيام ليس مجرَّد عبادة، فالعبادة هي الهدف الأسْمَى، ولكنَّه شفاء من السماء لعباد الله - عزَّ وجلَّ.
وهذا وجه الا عجاز العلمي في الصيام الذي سنتحدَّث عنه:
وعلاج كثير من الأمراض تجديد خلايا الجسد لنشاط الجسم، والصيام هو الصيانة السَّنَوية الرَّاقية لمن يحرص عليه، ويصومه على مراد الله وسُنَّة رسوله، فمِن الا عجازالعلمي دائمًا نقول: إنَّ الصيام يقلِّل لنا الطَّعام بنسبة 50% بمعنى أنَّنا في الفِطْر نأكل ثلاث وجبات، وفي الصيام تُقَلَّل الوجبات إلى وجبة ونصف؛ لأنَّ من الهَدْيِ الشريف ألاَّ نُثْقِل في وجبة السحور، ونذكر من خلال الأَبْحاث العلمية المتواترة والموثَّقة نفعَ الصيام ضدَّ كثير من الأمراض والعلل الجسميَّة والنَّفْسية؛ حفاظًا وصيانة سنوية، كما سنرى - بإذن الله.
آولآ ... راحة القلب
عندما ننام تَستريح العين، وعندما نمشي كثيرًا سنَتْعب، ونجلس على كرسي؛ لكي نستريح فتستريح القدَمان من التَّعب، فكلُّ أعضاء الجسد تأخذ راحتها في وقْتٍ ما،... ولكن أمير البَدَن القلب ، فوجدوا فسيولوجيًّا أنه لا يمكن للقلب أن يستريح؛ لأنه لو ركَن إلى الرَّاحة ولو دقائق، لمات الإنسان.
إذًا، متَى وكيف تكون راحة القلب؟ هذه الراحة لا تتأتَّى إلاَّ في الصيام؛ فإنَّ متوسِّط نبضات القلب في الدقيقة الواحدة 72 نبضة، هذه النبضات وجدوها فسيولوجيًّا أنها في الصيام تقِلُّ إلى 60 نبضةً في الدقيقة الواحدة، فتَقِلُّ نبضات القلب في ثلاثين يومًا بنسبة 270 ألف نبضة، وهذا في حالة صيام الإنسان دون أيِّ أمراض، فهذه راحة كاملة للجهاز الهضمي؛ حيث إنَّ الإنسان في حالة الإفطار يعمل الجهاز الهضمي كثيرًا لهضم الطعام؛ نظرًا لأنَّ الإنسان يأكل ثلاث وجبات، فيحتاج ذلك إلى ضخِّ الدم بصورة أكبر لنشاط الجسم، أما في حالة الصيام فلا يوجد طعام، فذلك راحة للقلب.
ثانيآ ... التخلص من السموم
من ناحية أخرى، فإنَّ السموم المتراكمة في الجسم نجد أنَّ الكبد هو المِصْفَاة لهذه السموم، هناك سمُوم تتراكم في الجسم من كمِّية المياه التي يَشربها ، ووُجِد علميًّا أنَّ كميَّة المياه التي يشربها الإنسان على مدار حياته يُوجَد بها 200 كيلو جرام من المعادن الثقيلة المُذَابة في المياه، إضافة إلى السموم الموجودة في الهواء والطعام، والمولى - سبحانه وتعالى - خلَق لنا هذا الكَبِد، وجعل له وظائف عديدة:
1- عملية التَّخْزين؛ حيث إنَّ الإنسان الموظَّف - غالبًا - يبدأ يومه العاديَّ بوجبة الإفطار، ثم كوب شاي في العمل، ثم (سندوتشات) كذلك، وكل هذا فيه نشويَّات وسكَّريات، فالكبد هو بمثابة المَخْزن لهذه النشويات والسكريات.
2 - عملية تطهير الجسم من السموم، فعندما يكون الإنسان صائمًا، فإنَّ الكبد يكون في راحة تامَّة من عملِيَّة التخزين بنسبة 15 إلى 16ساعة في اليوم، فيقوم بعملية تطهير الجسم من كل السموم؛ يقول الدكتور عبدالجواد الصاوي في كتابه "الصيام معجزة علميَّة"؛ يقول: "تستمرُّ عملية التنظيف وكأنَّ الإنسان يَخرج من هذا الشهر الكريم أنظف مما كان عليه"، كذلك تحدث عملية تجديد في الخلايا؛ نتيجة راحة الجسْم، وتَظْهر هذه في البَشرة وفي صفَاء العينين وجمال الوجه.
ثالثآ ... تعزيز قوة المناعة
وكذلك يتجلَّى في الا عجاز العلمي في الآية ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184] قوة المناعة، فوجدوا علميًّا أنَّ الخلايا المقاومة تزداد فاعليتها بنسبة 10 أضعاف، فيوجد في الجهاز المناعي خلايا تسمَّى الخلايا اللِّمفاوية والتائية، والتي تحتاج إلى طاقة كبيرة؛ لِكَي تقوم بوظيفتها، وهذه الطاقة لا تتوفَّر إلاَّ في الصيام؛ لِتَوقُّف الجهاز الهضمي عن عملية الهضم، فتنشط هذه الخلايا.
هذه هي معجزات الله الطبِّية في الصيام، الذي يُعَدُّ بمثابة الوقاية السَّنوية لجسم الإنسان من كثير من الأمراض، فسبحان الله العظيم الذي أنعَم علينا بنعمة الصِّيام، ولكنَّنا لا نَشْكره على نِعَمه؛ ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ [الأنعام: 91].
نسألُ الله العظيم أن يُعِيد علينا رمضان أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة؛ إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه .
مما تصفحت وراق لي