سجينة الأقدار...
عندما تنتحر الأمال الحالمة،وتتبدّد زرقة الأحلام
وتتبخر أخر قطرة من قطرات الأمل في زمن الغطرسة
والتعجرف،عندئذ تكبر مساحات الحزن والأسى المتأصلين
على ضفاف بحيرات البسمات المغتالة....

شيماء فتاة في مقتبل العمرهادئة الطباع ،متزنة ورصينة،صفعتها دروب الدهروعانت الامرين في حياتها بسبب الفقر.وبما أنها طالبة في الجامعة كان يتطلّب منها مصاريف كثيرة،لكن رغم هذا تخطت كل الصعاب وقهرت فقرها،استطاعت ان تنهي دراستها الجامعية بتفوق.تقدم رجل ذو مال وجاه لطلب يدها رفضت الزواج به لأنه رجل بعيد كل البعد عن مستواها العلمي ؛وبما أنه رجل غني جعل والدها يتدخل ويفرض عليها هذه الزيجة التي اعتبرها كنز لايمكن التفريط به،حاولت شيماء اقناع والدها والعدول عن رأيه لكن دون جدوى حيث كانت الظروف اقوى منها و تحت تأثير الحاجة والفقر وضغط والدها استسلمت وداست على قلبها وقبلت ان تتزوج هذا الرجل أملا في ايجاد الراحة والمستوى المعيشي العالي الذي كانت تفتقده لم تكن تدرك ان الألم أمامها والحزن وراءها وان قابض السعادة ينتظرها في الظلام ليكسر أحلامها وامالها.
انتقلت للعيش في بيت الزوجية،وسرعان ما ادركت انه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فحماتها لم تهضم فكرة ان يتزوج ابنها بشيماء لانها كانت تخطط ان تزوجه بنت احدى صديقاتها؛وبدأت المشاجرات والمشاحنات بين شيماء وحماتها، مرّت سنوات وانجبت شيماء ثلاث اولاد،لكن طوال تلك الفترة وهي غارقة في المشاكل مع حماتها وهذه الاخيرة سعت بكل الوسائل لتخرب هذا الزواج وتفرقهما عن بعض لغاية ما نجحت وجعلت ابنها يتزوج من الفتاة التي اختارتها له ولم تكتفي بهذا فحسب بل اصبحت تختلق الأكاذيب مما زاد الطين بلة وتفاقمت المشاكل بين شيماء و زوجها حتى أضحى يضربها كلّما يحلو له ذلك؛لم تتحمل شيماء الذل والاهانة والضرب في كل أن و أوان وأدركت ان الوجع في تزايد وبراكين الجراح ثارت و الصبر لم يعد يجد نفعا؛وحياتها الزوجية وصلت الى طريق مسدود همّت لحزم حقائبها لمغادرة البيت،أثناء ذلك لم تفوّت حماتها فرصة استفزازها كالمعتاد، لم تتحملها شيماءالكلام الذي اسمعتها اياه حماتها،فارالدم بعروقها؛جالت هنا وهناك وكأنها تبحث عن شيء التقطت سكينا كان يلمع امامها لم تشعر بنفسها الاّ وهي تغمده في صدري حماتها وبكل قوة لديها سحبت السكين لتغمده مرة اخرى وفي لمح البصرحدث ما لم يكن في حسبانها،لقد اصطدم السكين بابنها الذي كان يحاول نزع السكين من يد والدته فخلعت عينه ،سقطت شيماءعلى الارض منهارة تماما لهول المنظر وهي لا تكاد تعي الذي حدث لابنها وحماتها اصيبت بصدمة عصبية قوية أثّرت على قواها العقلية،نقلت لمصح للأمراض العصبية والعقلية بعد أن جنّت وفقدت عقلها وغابت عن واقعها المريرلتبقى سجينة اربعة جدران تاركة تاريخ النهاية وظفائر حلمها اليتيم مودعة للأبد زمنها الباكي، طعنة سكين جعلتها تنتهي الى عالم أخر، عالم هندسته بيدها،وشكّله لها اخرون لتبقى سجينة الأقدار