لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كنز من كنوز الجنة

ناصر dz

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جانفي 2015
المشاركات
8,423
نقاط التفاعل
11,670
النقاط
1,106
محل الإقامة
مصر
الجنس
ذكر
عبارة قليلة الكلمات، بالغة الأثر، تريح النفس، وتعين على نوائب الحق، ولو عرف كل منا معناها لحلت مشكلاتنا، ولزالت همومنا، لذا حبَّب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيها، وأهداها إلى أكثر من تسعة عشر صحابيا، أوصاهم جميعاً بالإكثار منها، إذ اعتبرها مفتاح كل خير، ووصفها بأنها "كنز من كنوز الجنة"، و"باب" من أبوابها.
إنها "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"، المعروفة بالحوقلة. وبرغم أننا نرددها كثيرا إلا أننا قد لا نعرف فضلها، ولا أهميتها، وبالتالي لا نأتي بها سوى في حال الاسترجاع والألم، أو إذا دهمنا، فقط، أمر عظيم، مع أنها تُقال، في جميع الأوقات والأحوال، للإقرار بنعم الله، ونسبة الخير إليه، والتبرؤ من حولنا وقوتنا، إلى حول الله وقدرته.

قال عنها ابن تيمية: "قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" يوجب الإعانة، ولهذا سنها النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا قال المؤذن: حي على الصلاة، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا قال: حي على الفلاح، قال المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقال المؤمن لصاحبه: "وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا". (الكهف: 39)،ولهذا يؤمر بهذا من يخاف العين على شيء".

ووصفها ابن القيم بأنها "تُحمل بها الأثقال، وتُقتحم بها الأهوال، ويُدخل بها على من تخافه".

أما في معانيها فقد وردت تعريفات كثيرة أبرزها ما جاء في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، فيما أخرجه ابن النجار: "ألا أخبرك بتفسير "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"؟ لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله.. هكذا أخبرني جبريل يا ابن أم عبد".

وقال في معناها أيضا، ابن عباس، رضي الله عنهما: "أي: لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله".

وقال ابن الأثير: "المُراد بهذا ونحوه إظهار الفقر إلى اللّه بطلب المعونة منه على ما يحاول من الأمور".

وفي اعتبارها كنزا من كنوز الجنة روى البخاري من حديث أبي موسى الأشعري قال: "كنا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا"، ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ، وَأَنَا أَقُول فِيِ نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ. قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ".

وروى أحمد في مسنده، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة".

وفي معنى أنها "كنز من كنوز الجنة"، أن ثوابها مدخر لقائلها، والعامل بها، في الجنة. وقد جاء في "فيض القدير" للإمام المناوي قوله: "أي أن ثوابها نفيس مدخر في الجنة كما يُدخر الكنز، ويُحفظ في الدنيا".

وقال النووي: "قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا رادَّ لأمره، وأن العبد لا يملك شيئًا من الأمر، ومعنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة، وهو ثواب نفيس، كما أن الكنز أنفس أموالكم".

وقال الأكمل إنما طريقه التشبيه شبه أنفس ثواب مدخر في الجنة بأنفس مال مدخر تحت الأرض في أن كل واحد منهما مُعد للانتفاع به بأبلغ انتفاع.

ومما يؤكد أن "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"، هي للاستعانة به، والتبرؤ من حولنا، إلى حول الله وقوته، ما ورد عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلّمك - أو قال - ألا أدُلُّك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنّة؟ تقول: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فيقول الله عزّ وجلّ: "أسلم عبدي، واسْتسلم". (رواه الحاكم بسند صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الجامع").

وعلق ابن القيم بالقول: "لمَّا كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر الناس، وكان هذا شأن هذه الكلمة، كانت كنزًا من كنوز الجنة، فأوتيها النبي، صلى الله عليه وسلم، من كنز تحت العرش، وكان قائلها أسلم واستسلم لمن أزمة الأمور بيديه، وفوض أمره إليه".

وفي اعتبارها "بابا من أبواب الجنة"، ورد َعَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، رضي الله عنه، أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ، صلّى الله عليه وسلّم، يَخْدُمُهُ، فَأَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ، صلّى الله عليه وسلّم، وَقَدْ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟"، قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ". (صححه الألباني).

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ، صلّى الله عليه وسلّم، قَالَ: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ؟". قَالَ: وَمَا هُوَ ؟ قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ". ("السلسلة الصّحيحة").

وقيل: "المقصود أنّها من أعظم أسباب دخول الجنّة، مثل وصف الوالد أنّه أوسط أبواب الجنّة".

كما وُصفت "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" بأنها من "غرس الجنة"، فعنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصارِيِّ، رضي الله عنه، أَنَّ رسُولَ اللهِ، صلّى الله عليه وسلّم، لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، عليه السّلام، فَقَالَ: "مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟"، قَالَ: "هَذَا مُحَمَّدٌ.فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السّلام: "يَا مُحَمَّدُ، مُرْ أُمَّتَكَ، فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ، وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ. قَالَ: وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟.قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ".(صححه الألباني في "الترغيب والترهيب").

ورواه ابن أبي الدّنيا في "الذّكر"، والطّبراني من حديث ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صلّى الله عليه وسلّم: "أَكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الجَنَّةِ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ مَاؤُهَا، طَيِّبٌ تُرَابُهَا، فَأَكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِهَا". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَمَا غِرَاسُهَا؟ قَالَ: "مَا شَاءَ اللهُ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ".(حسنه الألباني في "الترغيب والترهيب").

وفي تكفيرها الذنوب ورد عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كُفرت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر". (رواه الترمذي وحسنه والألباني).
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top