تفسير الايات الاولى من سورة البقرة

عيون الارض

:: عضو منتسِب ::
إنضم
19 أوت 2019
المشاركات
39
نقاط التفاعل
71
النقاط
8
العمر
25
محل الإقامة
تلمسان
الجنس
أنثى
قدم الكلام على (بسم الله الرحمن الرحيم) بما يشفي ويكفي - إن شاء الله - ولنا زيادة كلام على الاسمين العظيمين: الرحمن الرحيم عند الوصول إلى الآية (163) ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾.

أما قوله تعالى: ﴿ الم ﴾ [1] فهي من إعجاز القرآن المجيد،
قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ [2].
أي: ذلك الكتاب الذي أنزلناه على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، كما وعدناه به، إذ قلنا له: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ﴾ [المزّمِّل: 5] ذلك الكتاب العربي المبين، المكون من تلك الحروف المبدوءة بها بعض السور، هو كتاب ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ لا يعتريه الشك أبداً من كل منصف سلم قلبه من الضغائن والشبهات.
كل قلب واع لهذا الكتاب المبارك، متابع له، متدبر ما فيه، ملاحظ معانية - من تقديس الخلاق العظيم، وتقرير أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وإنعامه الشامل على خلقه، وتقرير ألوهيته في السماء والأرض بالمنطق العقلي القاطع لكل جدال بما يذكره من الآيات الكونية والنفسية والآفاقية، وما يضربه من الأمثال، وما يخبر به عن الأمم السابقة البائدة، وما جرى منها، وما أصابها من صنوف النقمة والعذاب، وما يقصه من أخبار الأنبياء، وما يكشفه من دفائن النفس الإسرائيلية الخبيثة خاصة ونفوس البشرية عامة، وما يشرعه من الأحكام التي يشهد لها ألد الأعداء أنها عدل ورحمة، وفي تطبيقها يحصل الأمن والخير والبركة، إلى غير ذلك مما يزيد يقيناً على يقين لا يبقى معه مجال للريب أبداً.



فهو كتاب مبارك ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ فمن الضروري انحصار الهداية العامة فيه، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ حاذفاً المتعلق، لأن حذف المتعلق يشعر التعميم، كما قرره علماء البيان و الأصوليون.

فالله العليم الحكيم قرر هدى القرآن دون أن يقصر هدايته على ناحية من نواحي الحياة، بل جعل تلك الهداية شاملة لجميع شئون الحياة: السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والحربية والسلمية، وقد تركزت أصول جميع ذلك وضوابطه فيه.

ولكنه سبحانه قيد تلك الهداية الشاملة بالتقوى التي تحصل بها عمارة الضمير وسلامته ونزاهته وحريته على الوجه الصحيح، ولذا قال سبحانه: ﴿ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [2].



وأصل التقوى - في اللغة - مشتق من التوقي: وهو طلب الوقاية مما يضر أو يؤلم، وبما أن كل مخلوق مفطور على التوقي من كل ما يؤلمه أو يضره - حتى إنه يتوقى من حر الشمس ومن ألم البرد باللجوء إلى ظل سقف أو حائط أو شجرة أو مغارة وإلى مواقع الكن والدفء، ولبس ما يقيه - فاقتضت رحمة الله بخلائقه في الأرض- وهم بنو آدم - أن يرشدهم لما يقيهم وقاية حسية ومعنوية مما يضرهم في الدنيا والآخرة نتيجة عصيانهم له، وتجاوزهم حدوده، بتقريره المصير المترتب على ذلك في الدنيا والآخرة، ليأخذوا لأنفسهم وأهليهم وقاية من العذاب، ويبوئوا أنفسهم المنازل العالية في الجنان الباقية، باجتناب ما حرمه الله، والمسارعة فيما يرضيه، فيكونوا من المتقين المنتفعين بهداية القرآن.

وقد حصر الله عناصر التقوى بالإيمان بالغيب وما يتفرع عنه من جلائل الأعمال، فقال جل شأنه: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾.

ذلك لأن الإيمان بالغيب يجعل من ضمير الإنسان رقيباً باطنياً، يراقبه في كل عمل، ويخوفه من عقوبات الله.



فالمؤمن بالغيب - على الحقيقة - هو الذي يستشعر دائماً مشاهد يوم القيامة، وكل ما يرى في الدنيا من صنوف اللذات والنعيم يذكر به نعيم الجنة، الذي هو خير منه وأبقى فيبادر إلى الأعمال الصالحة، ويكون إنساناً صالحاً، وكل ما يرى في الدنيا من أصناف الشرور وحر النار، يذكر به عذاب جهنم، وشدة حرها، فيرتدع عن الشهوات، ويكبح نفسه عن جماحها، ولا يطلق لها أنانيتها، من أنواع الطمع والشره في مال أو عرض، أو أي نوع من أنواع التسلط والاغتصاب.

وكلما رأى جسراً أو عبره ذكر الجسر الممدود على متن جهنم - والذي ليس له طريق إلى الجنة إلا بعبوره، وهو جسر أحد من السيف وأدق من الشعرة، لا يعبر بالأحذية والأرجل ولا بوسائط النقل المتطورة، وإنما يعبر بصالح الأعمال وحسن المقاصد.



فبتذكره ذلك يكف عن كل ما تحدثه به نفسه مما يخالف حكم الله، ولهذا كان المسلمون المؤمنون الذي تخرجوا في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم في مسجد الطين والعريش، منطبعين بالإيمان الصادق بالغيب، المنتفعين انتفاعاً كاملاً بهداية القرآن، فكانوا أصلح الخلق، وأنفع الخلق للخلق، وأرحم الخلق بالخلق، ممتثلين قوله تعالى: ﴿ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، و﴿ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [المائدة: 87]، ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الشعراء: 183]، ﴿ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾ [النساء: 135] إلى غير ذلك من الآيات.



بخلاف من تأثروا بحب الدنيا فاختلط معينهم، بل على خلاف الماديين الذين شقي أهل الأرض من جراء أنانياتهم، وجروا على الإنسانية ويلات الحروب الفتاكة، والذين بسببهم تجري عدة حروب طاحنة في قرن واحد، كالحربين الماضيتين وغيرهما، وكالحرب المقبلة التي يصنع لها كل سلاح فتاك ستتجرع الإنسانية ويلاته.

كل هذا سببه عبادة المادة، والولوع بالأنانية والشهوات، فإن الإنسان خلق ظلوماً لا يرفعه من جهله، ولا يردعه عن ظلمه إلا التقوى الصحيحة الناشئة عن الإيمان بالغيب، وسيأتي بيان الله لأصناف الناس الثلاثة: المؤمنين، والكافرين، والمنافقين.

وإن الذين يستحقون الأمن في الدنيا والآخرة، ويحصل بسببهم الآمن في الدنيا، والعدل والرحمة؛ هم المؤمنون.

أما عبادة المادة من الكفار الذين لا يؤمنون إلا بالمحسوس، ولا هدف لهم سوى المادة والأنانية المسعورة، فإنهم هم الذين تشقى بهم الأرض ويفقد أهلها الأمن والراحة والكرامة والعيشة الراضية.

وبعكس ما يزعمه بعض العلمانيين ممن أبرزته الثقافة الماسونية في ميدان الصحافة في هذا الزمان، حيث زعم - بكل إفك ووقاحة -: أن الدين الذي هو سبيل تأمين ما بعد الحياة قد ذهب بأمن الحياة ذاتها!

وزعمه هذا أقبح المغالطات، وأفحش أنواع الكذب المفضوح، لأن الذي يترسم خطا الدين - طامعاً بتأمين ما بعد الحياة - هو الذي يسعى للحصول على الأمن الصحيح في الدنيا، كي يناله في الآخرة.



فالمتقون لله، الواقفون عند حدوده في كل شأن من شئونهم السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والحربية، هم الذين يعملون لتحصيل الأمن في الحياة الدنيا، وعلى العكس من يرفض تعاليم الدين ويسلم وجهه لغير الله في كل ما يهواه، فهذا هو الذي يسعى لشقائه وشقاء البشرية بما ينتهجه من ضروب الأنانية وقصر النظر على المادة النفعية كما هي الحال المشاهدة في هذه العصور وما قبلها، فإن جميع الخلافات التي أدت إلى الحروب وفساد القلوب سببها الميل عن الدين إلى الأغراض النفسية المتنوعة التي جنى بعض أهلها على الدين بالتأويل والتحريف لتسويغ خطئه ومقاصده، حيث ضعفت الركيزة الدينية التي هي: الإيمان بالغيب، أو انعدمت.



والعجب أن الذين رموا دين لله بما هو منه براء، قد عموا وصموا عن المجازر والحرب الهائلة التي سببها مجرمو الحرب من الشرق والغرب، فهل يعتبرون حروب التتار ومقدماتها الخبيثة والحرب العالمية وحرب القرم قبلها، والمجازر الوحشية في روسيا، والحرب العالمية الثانية التي سببتها النازية، والمخططات الماسونية اليهودية لإقامة الثورات، وبث الإرهاب في الشرق الأوسط.. هل يعتبرون جميع هذا من وبال الدين؟!

أم من وبال الافتيات على الدين وانتهاج الأنانية والنفعية والانتهازية؟ ما أظلمهم! وما أشد جنايتهم على العقول وجراءتهم على الله بهذا الإفك الصريح المفضوح!

ولكن الله غالب على أمره، جعلهم ينادون على أنفسهم بالحماقة والكذب، نداء يقرؤه ويسمعه كل مؤمن.



ثم إنه - سبحانه وتعالى - فصل بعض الصفات الرئيسية للمؤمنين بالغيب المنتفعين بالقرآن، الذين لا يجري منهم شر على الأرض، فقال: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ﴾.

لم يقل: يصلون، بل قال: ﴿ وَيُقِيمُونَ ﴾ تمييزاً منه - سبحانه - للصلاة الحقيقية عن الصلاة الصورية.

فالصلاة الحقيقية: صلاة القلب والروح، الصلاة الخاشعة، صلاة القانتين الخاشعين.

والصلاة من آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، لأنها من أعظم روافد العقيدة ودعائم الإيمان، ولهذا تكررت في اليوم خمس مرات، ولم يعذر المسلم بالتخلف عن إقامتها حتى حال المرض والخوف.

والسر العظيم في تكرارها أنها كحمام روحي لغسل الذنوب وتطهير القلوب، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أرأيتم لو أن نهرًا غمرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا. قال: (فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا).



ثم إن في الصلاة تجملاً ونظافة، كما قال تعالى: ﴿ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31] ففيها يشرع الستر ويشرع الوضوء، وقد جعل الله في الوضوء كفارة للأعضاء المخصوص غسلها في الضوء، مما تجترحه من الخطايا، لأنها أسرع ما يتحرك في البدن لمخالفة رب العالمين.

ثم إن في الصلاة قوة روحية حيث يتصل صاحبها بالقوة الخفية مراراً عديدة في اليوم والليلة، فتمده هذه القوة الروحية بقوة معنوية يجابه بها المتاعب والصعاب، فيكون شجاعاً مقداماً صبوراً ذا رباطة جأش وصدق عزيمة لا يعرف الانهزامية أبداً، ومع ذلك تورثه قوة خلقية تدفعه إلى فعل الخير، وتصرفه عن فعل الشر.

ومع ما قلناه فإن في إقامتها جماعة مزايا أخرى كبيرة، فإن في المسجد رسالة الجهاد الصحيحة، والتربية العسكرية، فالمسجد خير مؤسسة عسكرية وخير جامعة علمية شعبية، وخير مجتمع ديني ومعهد للتربية الروحية، وفي المسجد يتحقق الإخاء والمساواة والحرية الحقيقية - حرية الضمير العميقة -.



فأعظم روافد العقيدة هي الصلاة، ولذا ثنى الله بها في وصف المتقين، ثم ثلث بالزكاة وما يتبعها من حقوق الأموال فقال: ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [3].

فيجودون ببذل الزكاة الواجبة، والصدقات المندوبة ونحوها من حقوق المال الذي يعتبر إعطاؤه - مع حبه - من أكبر علامات الإيمان والتقوى، والزكاة هي الركن الثالث في الإسلام، وهي حق لأربابها المذكورين في القرآن، وليست تفضلاً من ذوي الأموال، ولذا كانت المنة فيها من كبائر الذنوب وماحية للثواب.

وفيها طهارة حسية ومعنوية، فهي طهارة لنفس الغنى من الشح البغيض، وطهارة لنفس الفقير من الحسد والضغينة على الأغنياء الكانزين البخلاء.



والشح آفة نفسية خطيرة تحدو بصاحبها إلى سفك الدم، أو بذل العرض أو بيع العقيدة وإرخاص الوطن، فلن يفلح من كان الشح سجيته. ومن أوصاف المتقين المؤمنين بالغيب وسماتهم العظيمة أنهم لا يتحيزون لنبي دون نبي من أنبياء الله، لأن هذا كفر من جهة، ومجلبة للطائفية والشقاق من جهة أخرى.



لذا قال الله في شأنهم: ﴿ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ﴾.

فإن هذا الإيمان بالأنبياء السابقين هو:

أولاً: من ضرورات الإيمان بالغيب.

وثانياً: إنهم في منزلة واحدة من وجوب الإيمان.



فالإيمان بالقرآن يستلزم الإيمان بجميع الكتب السماوية المنزلة من الله على رسله، كما أن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يستلزم الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين، وقد أعلن الله كفر من آمن ببعض رسله وكفر ببعضهم فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً ﴾ [النساء: 150- 151].



فالعليم الحكيم - سبحانه وتعالى - يعلم أنه لا يحصل الوفاق والاتفاق مع أي أمة بعض شعوبها يؤمن بنبي ويكفر بما سواه، وبعضهم يؤمن بنبي آخر ويكفر بغيره، بل ينقلب الوفاق والاتحاد إلى فرقة وشقاق بعيد، هذا في حال أمة واحدة، فكيف بحال أمم شتى؟

بل حصر الله الشقاق فيمن لم يسلك مسلكنا حصراً إجمالياً حيث قال: ﴿ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ﴾ [البقرة: 137].

ومما ذكرناه يتضح أن وصمة بعض العصريين للدين بأنه مدعاة للطائفية المفرقة بين شعوب الأمة، هي وصمة فاجرة معاكسة للحق والحقيقة من واقع دين الإسلام وتاريخ أهله، ذلك أن دين الله الحق - الإسلام - دين الأنبياء والمرسلين جميعهم، دين لا يعرف الطائفية أبداً، لأنه يوجب الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين وما أنزل إليهم بدون تفريق.



وإنما تتكون الطائفية ويحصل الشقاق ممن لا يؤمن إلا بنبيه فقط ويطعن فيمن عداه - كاليهود الذين لا يؤمنون إلا بموسى والتوراة. والنصارى الذين لا يؤمنون إلا بعيسى والإنجيل بل يرفعون عيسى فوق منزلته، وغيرهم من أمم الكفر كالمجوس والبوذيين، فمنهم نشأت الطائفية وتفاقم أمر الشقاق، ولكن المتتلمذين على ملاحدة النصارى اغتروا بإفكهم وصدقوهم في رمي الدين الحق بدائهم. وما أسفه من تنكب عن وحي الله وطلب الرشد من غير صراطه المستقيم!!

ثم وصف اللهُ المتقين المنتفعين حقيقة بهداية القرآن بكمال إيمانهم بالغيب فقال: ﴿ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [4].

ومن توضيح شأن المؤمنين بالغيب أنهم دائماً يستشعرون مشاهد يوم القيامة على الدوام.

والإنسان لا ينتفع بسمعه وبصره وقلبه إذا هو فاقد الحاسة الدينية التي هي: الإيمان بالغيب والإيقان بالآخرة

والغيب هو ما غاب وحجب علمه عن النفوس وخالف المحسوس، فلذا كان للمؤمنين به ميزة عمن سواهم، بحصول التقوى والمنفعة بالقرآن والانتفاع بأحاسيسهم الباقية باقتران الحاسة الدينية إليها، ومن عداهم فإنهم أضل من الأنعام بل هم شر الدواب - كما وصفهم الله بقوله: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ [الأنفال: 55]، وقال: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].



وقد وصف الله المتقين بخمس صفات جامعة لخصال الخير كلها، وكفيلة بتحصيل السعادة في الدارين، ولهذا حصر الله الفلاح والهداية فيهم حيث قال: ﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [5].
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top