ممكن اضيف البشير
تشاؤم العرب من طائر البوم:
يتشاءم العرب، إلى يومنا هذا، من طائر البوم و الذي نسميه "البومة"، "الموكة" و "الموك" جمعاً. و هذا منتشر بين قبائل العرب في أصقاع الأرض، و نتيجته مثلا أن العرب في المغرب إلى عهد قريب كانوا يخرجون خصيصا لصيد الذئب و البوم. و إذا كان صيد الذئب، و هو حيوان ذو سمعة سيئة لدى العرب إذ يقرن بالغدر، يمكن أن يفسر عمليا بخطره على قطعان الماشية، فإن قتل البوم لا يفسره إلا التشاؤم الذي لا يعرف له كثير من الناس أصلاً.
و يحاول البعض إيجاد تفسير لذلك فيرجع التشاؤم من البوم إلى شكله الذي يميزه بين الطيور، و قبحه المفترض (و الحق أنه طائر جميل الهيئة)، أو صوته المختلف عن أصوات باقي الطيور، و ربما حبه المفترض للأطلال و الخراب ... إلى آخر ذلك من محاولات التفسير التي لا تفسر شيئاً في واقع الحال.
أما لمعرفة أصل هذا التشاؤم، فيجب الرجوع إلى العصر الجاهلي و معتقدات العرب آنذاك و خرافاتهم، فقد كان منها التشاؤم بالمرئي أو المسموع من الأماكن أو الطيور، ومنه إن صاح طير البوم بالليل عند وقوعه على الدار تشاءم أهلها، وتوقعوا موت أحد منهم، و منها أيضا أن القتيل تصير روحه بوماً و صياحها إنما هو لطلب الثأر من قاتله.
و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن التطير في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة :"لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر" وزاد مسلم: "ولا نوء ولا غُول" -إن شاء الله في موضوع لاحق نتناول موضوع الكائنات الخرافية لدى العرب مثل الغول- فالطيور من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، لا أثر لها في حكم الله وقضائه. مرَّ طائر يصيح فقال رجل: خير خير، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: "لا خير ولا شر"، أنكر عليه لئلا يعتقد تأثيره.
و أخيراً يصح التذكير بأن البوم طائر مهدد بالإنقراض في المغرب، حيث تناقصت أعداده بشكل كبير مما يجعل المختصين "متشائمين" بشأن مستقبل هذا الطائر الجميل.