نور محمد نور مح
:: عضو منتسِب ::
ارواح الموتى هل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لا
الحمد لله الذي أيقظ من شاء من سِنة الغفلة. ورفع من أحب لقاءه إلى عليين. ووضع عنه أوزاره وثقله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عليها من رداء الإخلاص حلّة. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، المبعوث بأشرف ملّة. المخصوص بأكرم خلّة.
1-وهي أيضا مسألة شريفة كبيرة القدر وجوابها أن الأرواح قسمان أرواح معذبة وأرواح منعمة فالمعذبة في شغل بما هى فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي
2- والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقي وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا محمد في الرفيق الأعلى قال الله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .......وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي الدار البرزخ وفي دار الجزاء والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاثة
3-عن مسروق قال قال أصحاب محمد ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإذا مت رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
4-وقال الشعبي جاء رجل من الأنصار وهو يبكي إلى النبي فقال ما يبكيك يا فلان فقال يا نبي الله والله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلى من أهلى ومالى والله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلى من نفسى وأنا أذكرك أنا وأهلى فيأخذني كذا حتى أراك فذكرت موتك وموتى فعرفت أني ان أجامعك إلا في الدنيا وإنك ترفع بين النبيين وعرفت اني إن دخلت الجنة كنت في منزل أدني من منزلك فلم يرد النبي شيئا فأنزل الله تعالى ومن يطع الله ورسول فألئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين ........ وكفى بالله عليما وقال تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلى في عبادى وادخلى جنتى....... اى أدخلى جملتهم وكونى معهم وهذا يقال للروح عند الموت
5-وفي قصة الاسراء من حديث عبد الله بن مسعود قال لما اسرى النبي لقي إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فتذكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم ثم بموسى فلم يكن عنده منها علم حتى أجمعوا الحديث الى عيسى فقال عيسى عهد الله الى فيمادون وجبتها فذكر خروج الدجال قال فأهبط فأقتله ويرجع الناس إلى بلادهم فتستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا يمرون بشيء الا أفسدوه فيجأرون إلى فأدعو الله فيميتهم فتجأر الأرض الى الله من ريحهم ويجأرون الى فادعو ويرسل الله السماء بالماء فيحمل أجسامهم فيقذفها في البحر ثم ينسف الجبال ويمد الأرض مد الأديم فعهد الله الى اذا كان كذلك فإن الساعة من الناس كالحامل المتم لا يدرى أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نهارا ............... وهذا نص في تذاكر الأرواح العلم
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون وأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم وإنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل
وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه أحدها أنهم عند ربهم يرزقون وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون الثاني أنهم إنما استبشروا باخوانهم لقدومهم ولقائهم لهم الثالث ان لفظ يستبشرون يفيد في اللغة أنهم يبشر بعضهم بعضا مثل يتباشرون
وقد جاءت سنة صريحة بتلاقي الأرواح وتعارفها .. لما مات بشر بن البراء بن معرور وجدت عليه أم بشر وجدا شديدا فقالت يا رسول الله إنه لا يزال الهالك يهلك من بني سلمة فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر بالسلام
فقال رسول الله نعم والذي نفسى بيده يا أم بشر انهم ليتعافون كما تتعارف الطير في رءوس ! الشجر وكان لا يهلك من بنى سلمة إلا جاءته أم بشر فقالت يا فلان عليك السلام فيقول وعليك فتقول اقرأ على بشر السلام !
وذكر ابن أبي الدنيا من حديث سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال أهل القبور يتوكفون الأخبار فإذا أتاهم الميت قالوا ما فعل فلان فيقول صالح ما فعل فلان يقول صالح ما فعل فلان فيقول ألم يأتكم أو ما قدم عليكم فيقولون لا فيقول أنا لله وإنا إليه راجعون سلك به غير سبيلنا
وقال صالح المرى بلغنى أن الأرواح تتلاقي عند الموت فنقول لأرواح الموتى للروح التى تخرج إليهم كيف كان مأواك وفي أى الجسدين كنت في طيب أم خبيث ثم بكى حتى غلبه البكاء
وقال عبيد بن عمير إذا مات الميت تلقته الأرواح يستخبرونه كما يستخبر الركب ما فعل فلان ما فعل فلان فإذا قال توفي ولم يأتهم قالوا ذهب به إلى أمه الهاوية وقال سعيد بن المسيب إذا مات الرجل استقبله والده كما يستقبل الغائب
وقال عبيد بن عمير أيضا لو أنى آيس من القاء من مات من أهلى لألفانى قد مت كمدا
وذكر معاوية بن يحيى عن عبد الله بن سلمة أن أبارهم المسمعى حدثه أن أبا أيوب الأنصارى حدثه أن رسول الله قال إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عند الله كما يتلقى البشير في الدنيا فيقولون انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب شديد فيسألونه ماذا فعل فلان وماذا فعلت فلانة وهل تزوجت فلانة فإذا سألوه عن رجل مات قبله قال إنه قد مات فبلى قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست المربية
وقدم تقدم حديث يحيى بن بسطام حدثني مسمع بن عاصم قال رأيت عاصما الجحدرى في منامى بعد موته بسنتين فقلت أليس قد مت قال بلى قلت وأين أنت قال أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابى نجتمع كل ليلة جمعه وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فتتلقي أخباركم قلت أجسامكم أم أرواحكم قال هيهات بليت الأجسام وإنما تتلاقي الأرواح
و هل تتلاقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات أم لا
شواهد هذه المسألة وأدلتها كثر من أن يحصيها إلا الله تعالى والحس والواقع من أعدل الشهود بها فتلقي أرواح الأحياء و الأموات كما تلاقي أرواح الأحياء
وقد قال تعالى ((الله يتوفي الأنفس حين موتها والتى لم تمت في منامها فيمسك التى قضي عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ))
1- هذه الآية قال ابن عباس بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتسألون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها
2- قوله تعالى(( والتى لم تمت في منامها)) قالوا يتوفاها في منامها فيلتقي روح الحى وروح الميت فيتذاكران ويتعارفان قال فترجع روح الحى إلى جسده في الدنيا إلى بقية أجلها وتريد روح الميت أن ترجع إلى جسده فتحبس وهذا أحد القولين في الآية وهو أن الممسكة من توفيت وفاة الموت أولا والمرسلة من توفيت وفاة النوم
3-والمعنى على هذا القول أنه يتوفي نفس الميت فيمسكها ولا يرسلها إلى جسدها قبل يوم القيامة ويتوفي نفس النائم ثم يرسلها إلى جسده إلى بقية أجلها فيتوفاها الوفاة الأخرى
4-لأنه سبحانه أخبر بوفاتين وفاة كبرى وهى وفاة الموت ووفاة صغرى وهى وفاة النوم وقسم الأرواح قسمين قضي عليها بالموت فأمسكها عنده وهى التى توفاها وفاة الموت وقسما لها بقية أجل فردها إلى جسدها إلى استكمال أجلها وجعل سبحانه الامساك والارسال حكمين للوفاتين المذكورتين أولا فهذه ممسكة وهذه مرسلة وأخبر أن التى لم تمت هى التى توفاها في منامها
5-والتحقيق أن الآية تتناول النوعين فإنه سبحانه ذكر وفاتين وفاة نوم ووفاة موت وذكر إمساك المتوفاة وإرسال الأخرى ومعلوم أنه سبحانه يمسك كل نفس ميت سواء مات في النوم أو في اليقظة ويرسل نفس من لم يمت فقوله يتوفي الأنفس حين موتها يتناول من مات في اليقظة ومن مات في المنام
وقد دل التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحى يرى الميت في منامه فيستخبره ويخبره الميت بما لا يعلم الحى فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل وربما أخبره بمال دفنه الميت في مكان لم يعلم به سواه وربما أخبره بدين عليه وذكر له شواهده وأدلته
6-وقال سعيد بن المسيب التقي عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي فقال أحدهما للآخر أن مت قبلى فالقني فاخبرني ما لقيت من ربك وإن أنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك فقال الآخر وهل تلتقي الأموات والأحياء قال نعم أرواحهم في الجنة تذهب حيث تشاء قال فمات فلان فلقيه في المنام فقال توكل وأبشر فلم أر مثل التوكل قط
7- فقال لها يا بنية أخبرينى عن الآخرة قالت يا أبت قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل وتعملون ولا تعلمون والله لتسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في صحيفة عملي أحب إلى من الدنيا وما فيها
8-رؤيا عمر ابن عبدالعزيز
وقال مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز عن فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز قالت انتبه عمر بن عبد العزيز ليلة فقال لقد رأيت رؤيا معجبة قالت فقلت جعلت فداءك فأخبرنى بها فقال ما كنت لأخبرك بها حتى أصبح فلما طلع الفجر خرج فصلى ثم عاد إلى مجلسه قالت فاغتنمت خلوته فقلت أخبرنى بالرؤيا التي رأيت قال رأيت كأنى رفعت إلى أرض خضراء واسعة كأنها بساط أخضر وإذا فيها قصر أبيض كأنه الفضة وإذا خارج قد خرج من ذلك القصر فهتف بأعلى صوته يقول أين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أين رسول الله إذ أقبل رسول الله حتى دخل ذلك القصر قال ثم إن آخر خرج من ذلك القصر فنادى أين أبو بكر الصديق
أين ابن أبى قحافة إذ أقبل أبو بكر حتى دخل ذلك القصر ثم خرج آخر فنادى أين عمر بن الخطاب فأقبل عمر حتى دخل ذلك القصر ثم خرج آخر فنادى أين عثمان ابن عفان فأقبل حتى دخل ذلك القصر ثم خرج آخر فنادى أين علي بن أبى طالب
فأقبل حتى دخل ذلك القصر ثم ان آخر خرج فنادى أين عمر بن عبد العزيز قال عمر فقمت حتى دخلت ذلك القصر قال فدفعت إلى رسول الله والقوم حوله فقلت بينى وبين نفسى أين أجلس فجلست إلى جنب أبى عمر بن الخطاب فنظرت فإذا أبو بكر عن يمين النبي وإذا عمر عن يساره فتأملت فإذا بين رسول الله وبين أبى بكر رجل
فقلت من هذا الرجل الذى بين رسول وبين أبى بكر فقال هذا عيسى بن مريم فسمعت هاتفا يهتف وبينى وبينه ستر نور يا عمر بن عبد العزيز تمسك بما أنت عليه وانبت على ما أنت عليه ثم كأنه أذن لى في الخروج فخرجت من ذلك القصر فالتفت خلفي فإذا أنا بعثمان بن عفان وهو خارج من ذلك القصر يقول الحمد لله الذي نصرنى وإذا علي بن أبى طالب في أثره خارج من ذلك القصر وهو يقول الحمد لله الذي غفر لى
-رؤيا عمر ابن عبدالعزيز
وقال .. عمر بن عبد العزيز رأيت رسول الله وأبو بكر وعمر جالسان عنده فسلمت فبينا أنا جالس إذ أتى بعلي ومعاوية فأدخلا بيتا وأجيف عليها الباب وأنا أنظر فما كان بأسرع من أن خرج على وهو يقول قضى لى ورب الكعبة وما كان بأسرع من أن خرج معاوية على أثره وهو يقول غفر لي ورب الكعبة
جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز فقال رأيت رسول الله في المنام وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله وأقبل رجلان يختصمان وانت بين يديه جالس فقال لك يا عمر إذا عملت فاعمل بعمل هذين لأبى بكر وعمر فاستحلفه عمر بالله أرأيت هذه الرؤيا فحلف ! فبكى عمر
وقال عبد الرحمن بن غنم رأيت معاذ بن جبل بعد وفاته بثلاث على فرس أبلق وخلفه رجال بيض عليهم ثياب خضر على خيل بلق وهو قدامهم وهو يقول يا ليت قومى يعلمون بما غفر لي ربى وجعلني من المكرمين ثم التفت عن يمينه وشماله يقول يا ابن رواحة يا ابن مظعون الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين ثم صافحنى وسلم على
رؤيا سفيان الثورى
وقال قبيصة بن عقبة رأيت سفيان الثورى في المنام بعد موته فقلت ما فعل الله بك فقال
نظرت إلى ربي عيانا فقال لي ... هنيئا رضايا عنك يا ابن سعيد
فقد كنت قواما إذا الليل قد دجا ... بعبرة محزون وقلب عميد
فدونك فاخترأى قصر تريده ... وزرنى فإنى منك غير بعيد
وقال سفيان بن عيينة رأيت سفيان الثورى بعد موته يطير في الجنة من نخلة إلى شجرة ومن شجرة إلى نخلة وهو يقول لمثل هذا فليعمل العاملون فقيل له بما أدخلت الجنة قال بالورع بالورع قيل له فما فعل على بن عاصم قال ما نراه إلا مثل الكوكب
رأيت أحمد بن حنبل
1- قال أحمد بن محمد اللبدى رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقلت يا أبا عبد الله ما فعل الله بك قال غفر لى ثم قال يا أحمد ضربت في ستين سوطا قلت نعم يارب قال هذا وجهى قدأبحتك فأنظر إليه
2-وقال رجل من أهل طوسوس قال دعوت الله عز و جل أن يرينى أهل القبور حتى أسألهم عن أحمد بن حنبل ما فعل الله به فرأيت بعد عشر سنين في المنام كأن أهل القبور قد قاموا على قبورهم فبادرونى بالكلام فقالوا يا هذا كم تدعو الله عز و جل أن يريك ايانا تسألنا عن رجل لم يزل منذ فارقكم تحليه الملائكة تحت شجرة طوبى
والتنعم فى الجنة بالنصف
لأن نعيمها نصفان نصف روحانى ونصف جسمانى فيتنعمون أولا بالروحانى فإذا ردت الأرواح إلى الأجساد أضيف لهم النعيم الجسمانى إلى الروحانى و نعيم الجنة مرتب على العلم والعمل
فقة الرؤيا
فإن الرؤيا على ثلاثة أنواع رؤيا من الله ورؤيا من الشيطان ورؤيا من حديث النفس
والرؤيا الصحيحة أقسام منها إلهام يلقيه الله سبحانه في قلب العبد وهو كلام يكلم به الرب عبده في المنام كما قال عبادة بن الصامت وغيره
ومنها مثل يضربه له ملك الرؤيا الموكل بها
ومنها التقاء روح النائم بأرواح الموتى من أهله وأقاربه وأصحابه وغيرهم
ومنها عروج روحه إلى الله سبحانه وخطا بها له
ومنها دخول روحه إلى الجنة ومشاهدتها وغير ذلك فالتقاء ! أرواح الأحياء والموتى نوع من أنواع الرؤيا الصحيحة التي هي عند الناس من جنس المحسوسات
وهذا موضع اضطرب فيه الناس
1-فمن قائل إن العلوم كلها كامنة في النفس وإنما اشتغالها بعالم الحس يحجب عنها مطالعتها فإذا تجردت بالنوم رأت منها بحسب استعدادها ولما كان تجردها بالموت أكمل كانت علومها ومعارفها هناك أكمل
وهذا فيه حق وباطل..... فلا يرد كله ولا يقبل كله
فإن تجرد النفس يطلعها على علوم ومعارف لا تحصل بدون التجرد لكن لو تجردت كل التجرد لم تطلع على علم الله الذي بعث به رسوله وعلى تفاصيل ما أخبر به عن الرسل الماضية والأمم الخالية وتفاصيل المعاد وأشراط الساعة وتفاصيل الأمر والنهى والأسماء والصفات والأفعال وغير ذلك مما لا يعلم إلا بالوحى
ولكن تجرد النفس عون لها على معرفة ذلك وتلقيه من معدنه أسهل وأقرب وأكثر مما يحصل للنفس المنغمسة في الشواغل البدنية
2-ومن قائل إن هذه المرائى علوم علقها الله في النفس ابتداء بلا سبب وهذا قول منكرى الأسباب والحكم القوى وهو قول مخالف للشرع والعقل والفطرة
3-ومن قائل أن الرؤيا أمثال مضروبة يضربها الله للعبد بحسب استعداده الفه على يد ملك الرؤيا فمرة يكون مثلا مضروبا ومرة يكون نفس ما رآه الرائى فيطابق الواقع مطابقة العلم لمعلومه
وهذا أقرب من القولين قبله
4-ولكن الرؤيا ليست مقصورة عليه بل لها أسباب أخر كما تقدم من ملاقاة ! الأرواح وأخبار بعضها بعضا ومن إلقاء الملك الذي في القلب والروع ومن رؤية الروح للأشياء مكافحة بلا واسطة
5-وقد ذكر أبو عبد الله بن منده قال لقى عمر بن الخطاب على بن أبى طالب فقال له يا أبا الحسن ربما شهدت وغبنا وشهدنا وغبت ثلاث أسألك عنهن عندك منهن علم فقال على ابن أبى طالب وما هن فقال الرجل يحب الرجل ولم ير منه خيرا والرجل يبغض الرجل ولم ير منه شرا فقال على نعم سمعت رسول الله يقول إن الأرواح جنود مجندة تلتقى في الهواء فتشأم فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فقال عمر واحدة
قال عمر والرجل يحدث الحديث إذ نسيه فبينا هو وما نسيه إذ ذكره فقال نعم سمعت رسول الله يقول ما في القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينا القمر مضيء إذا تجللته سحابة الظلم إذا تجلت فأضاء وبينا القلب يتحدث إذ تجللته سحابة فنسى إذ تجلت عنه فيذكر قال عمر اثنتان قال والرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب
فقال نعم سمعت رسول الله يقول ما من عبد ينام يتملىء نوما إلا عرج بروحه إلى العرش فالذى لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق والذي يستيقظ دون العرش فهي التي تكذب فقال عمر ثلاث كنت في طلبهن فالحمد لله الذي أصبتهن قبل الموت صحيح لغيرة
6-وقال بغية بن الوليد حدثنا صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر الحضرمى قال قال عمر بن الخطاب عجبت لرؤيا الرجل يرى الشيء لم يخطر له على بال فيكون كآخذ بيد ويرى الشيء فلا يكون شيئا فقال على بن أبى طالب يا أمير المؤمنين يقول الله عز و جل الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى قال والأرواح يعرج بها في منامها فما رأت وهي في السماء فهو الحق فإذا ردت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها فما رأت من ذلك فهو الباطل قال فجعل عمر يتعجب من قول علي
7-وذكر الطبرانى من حديث على بن أبى طلحة أن عبد الله بن عباس قال لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين أشياء أسألك عنها قال سل عما شئت قال يا أمير المؤمنين مم يذكر الرجل ومم ينسى ومم تصدق الرؤيا ومم تكذب فقال له عمر إن على القلب طخاوة كطخاوة القمر فإذا تغشت القلب نسى ابن آدم فإذا انجلت ذكر ما كان نسى وأما مم تصدق الرؤيا ومم تكذب فإن الله عز و جل يقول الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فمن دخل منها في ملكوت السماء فهى التي تصدق وما كان منها دون ملكوت السماء فهي التي تكذب
8-عن أبى الدرداء قال إذا نام الإنسان عرج بروحه حتى يؤتى بها العرش فإن كان طاهرا أذن لها بالسجود وإن كان جنبا لم يؤذن لها بالسجود
ولم يزل الناس قديما وحديثا تعرف هذا وتشاهده قال جميل بن معمر العذرى
أظل نهاري مستهاما وتلتقى ... مع الليل روحى في المنام وروحها
.... فإن قيل فالنائم يرى غيره من الأحياء يحدثه ويخاطبه وربما كان بينهما مسافة بعيدة ويكون المرئى ! يقظان روحه لم تفارق جسده فكيف التقت روحاهما قيل هذا إما أن يكون مثلا مضروبا ضربه ملك الرؤيا للنائم أو يكون حديث نفس من الرائى تجرد له في منامه
1-قاعدة والمقصود أن أرواح الأحياء تتلاقى في النوم كما تتلاقى أرواح الأحياء والأموات
2-قال بعض السلف أن الأرواح تتلاقى في الهواء فتتعارف أو تتذاكر فيأتيها ملك الرؤيا بما هو لاقيها من خير أو شر
وهذا عبد المطلب دل في النوم على زمزم وأصاب الكنز الذى كان هناك
هذا الباب كثيرة جدا
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)) ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
الحمد لله الذي أيقظ من شاء من سِنة الغفلة. ورفع من أحب لقاءه إلى عليين. ووضع عنه أوزاره وثقله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عليها من رداء الإخلاص حلّة. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، المبعوث بأشرف ملّة. المخصوص بأكرم خلّة.
1-وهي أيضا مسألة شريفة كبيرة القدر وجوابها أن الأرواح قسمان أرواح معذبة وأرواح منعمة فالمعذبة في شغل بما هى فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي
2- والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقي وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا محمد في الرفيق الأعلى قال الله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .......وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي الدار البرزخ وفي دار الجزاء والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاثة
3-عن مسروق قال قال أصحاب محمد ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإذا مت رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
4-وقال الشعبي جاء رجل من الأنصار وهو يبكي إلى النبي فقال ما يبكيك يا فلان فقال يا نبي الله والله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلى من أهلى ومالى والله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلى من نفسى وأنا أذكرك أنا وأهلى فيأخذني كذا حتى أراك فذكرت موتك وموتى فعرفت أني ان أجامعك إلا في الدنيا وإنك ترفع بين النبيين وعرفت اني إن دخلت الجنة كنت في منزل أدني من منزلك فلم يرد النبي شيئا فأنزل الله تعالى ومن يطع الله ورسول فألئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين ........ وكفى بالله عليما وقال تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلى في عبادى وادخلى جنتى....... اى أدخلى جملتهم وكونى معهم وهذا يقال للروح عند الموت
5-وفي قصة الاسراء من حديث عبد الله بن مسعود قال لما اسرى النبي لقي إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فتذكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم ثم بموسى فلم يكن عنده منها علم حتى أجمعوا الحديث الى عيسى فقال عيسى عهد الله الى فيمادون وجبتها فذكر خروج الدجال قال فأهبط فأقتله ويرجع الناس إلى بلادهم فتستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا يمرون بشيء الا أفسدوه فيجأرون إلى فأدعو الله فيميتهم فتجأر الأرض الى الله من ريحهم ويجأرون الى فادعو ويرسل الله السماء بالماء فيحمل أجسامهم فيقذفها في البحر ثم ينسف الجبال ويمد الأرض مد الأديم فعهد الله الى اذا كان كذلك فإن الساعة من الناس كالحامل المتم لا يدرى أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نهارا ............... وهذا نص في تذاكر الأرواح العلم
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون وأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم وإنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل
وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه أحدها أنهم عند ربهم يرزقون وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون الثاني أنهم إنما استبشروا باخوانهم لقدومهم ولقائهم لهم الثالث ان لفظ يستبشرون يفيد في اللغة أنهم يبشر بعضهم بعضا مثل يتباشرون
وقد جاءت سنة صريحة بتلاقي الأرواح وتعارفها .. لما مات بشر بن البراء بن معرور وجدت عليه أم بشر وجدا شديدا فقالت يا رسول الله إنه لا يزال الهالك يهلك من بني سلمة فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر بالسلام
فقال رسول الله نعم والذي نفسى بيده يا أم بشر انهم ليتعافون كما تتعارف الطير في رءوس ! الشجر وكان لا يهلك من بنى سلمة إلا جاءته أم بشر فقالت يا فلان عليك السلام فيقول وعليك فتقول اقرأ على بشر السلام !
وذكر ابن أبي الدنيا من حديث سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال أهل القبور يتوكفون الأخبار فإذا أتاهم الميت قالوا ما فعل فلان فيقول صالح ما فعل فلان يقول صالح ما فعل فلان فيقول ألم يأتكم أو ما قدم عليكم فيقولون لا فيقول أنا لله وإنا إليه راجعون سلك به غير سبيلنا
وقال صالح المرى بلغنى أن الأرواح تتلاقي عند الموت فنقول لأرواح الموتى للروح التى تخرج إليهم كيف كان مأواك وفي أى الجسدين كنت في طيب أم خبيث ثم بكى حتى غلبه البكاء
وقال عبيد بن عمير إذا مات الميت تلقته الأرواح يستخبرونه كما يستخبر الركب ما فعل فلان ما فعل فلان فإذا قال توفي ولم يأتهم قالوا ذهب به إلى أمه الهاوية وقال سعيد بن المسيب إذا مات الرجل استقبله والده كما يستقبل الغائب
وقال عبيد بن عمير أيضا لو أنى آيس من القاء من مات من أهلى لألفانى قد مت كمدا
وذكر معاوية بن يحيى عن عبد الله بن سلمة أن أبارهم المسمعى حدثه أن أبا أيوب الأنصارى حدثه أن رسول الله قال إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عند الله كما يتلقى البشير في الدنيا فيقولون انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب شديد فيسألونه ماذا فعل فلان وماذا فعلت فلانة وهل تزوجت فلانة فإذا سألوه عن رجل مات قبله قال إنه قد مات فبلى قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست المربية
وقدم تقدم حديث يحيى بن بسطام حدثني مسمع بن عاصم قال رأيت عاصما الجحدرى في منامى بعد موته بسنتين فقلت أليس قد مت قال بلى قلت وأين أنت قال أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابى نجتمع كل ليلة جمعه وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فتتلقي أخباركم قلت أجسامكم أم أرواحكم قال هيهات بليت الأجسام وإنما تتلاقي الأرواح
و هل تتلاقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات أم لا
شواهد هذه المسألة وأدلتها كثر من أن يحصيها إلا الله تعالى والحس والواقع من أعدل الشهود بها فتلقي أرواح الأحياء و الأموات كما تلاقي أرواح الأحياء
وقد قال تعالى ((الله يتوفي الأنفس حين موتها والتى لم تمت في منامها فيمسك التى قضي عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ))
1- هذه الآية قال ابن عباس بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتسألون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها
2- قوله تعالى(( والتى لم تمت في منامها)) قالوا يتوفاها في منامها فيلتقي روح الحى وروح الميت فيتذاكران ويتعارفان قال فترجع روح الحى إلى جسده في الدنيا إلى بقية أجلها وتريد روح الميت أن ترجع إلى جسده فتحبس وهذا أحد القولين في الآية وهو أن الممسكة من توفيت وفاة الموت أولا والمرسلة من توفيت وفاة النوم
3-والمعنى على هذا القول أنه يتوفي نفس الميت فيمسكها ولا يرسلها إلى جسدها قبل يوم القيامة ويتوفي نفس النائم ثم يرسلها إلى جسده إلى بقية أجلها فيتوفاها الوفاة الأخرى
4-لأنه سبحانه أخبر بوفاتين وفاة كبرى وهى وفاة الموت ووفاة صغرى وهى وفاة النوم وقسم الأرواح قسمين قضي عليها بالموت فأمسكها عنده وهى التى توفاها وفاة الموت وقسما لها بقية أجل فردها إلى جسدها إلى استكمال أجلها وجعل سبحانه الامساك والارسال حكمين للوفاتين المذكورتين أولا فهذه ممسكة وهذه مرسلة وأخبر أن التى لم تمت هى التى توفاها في منامها
5-والتحقيق أن الآية تتناول النوعين فإنه سبحانه ذكر وفاتين وفاة نوم ووفاة موت وذكر إمساك المتوفاة وإرسال الأخرى ومعلوم أنه سبحانه يمسك كل نفس ميت سواء مات في النوم أو في اليقظة ويرسل نفس من لم يمت فقوله يتوفي الأنفس حين موتها يتناول من مات في اليقظة ومن مات في المنام
وقد دل التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحى يرى الميت في منامه فيستخبره ويخبره الميت بما لا يعلم الحى فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل وربما أخبره بمال دفنه الميت في مكان لم يعلم به سواه وربما أخبره بدين عليه وذكر له شواهده وأدلته
6-وقال سعيد بن المسيب التقي عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي فقال أحدهما للآخر أن مت قبلى فالقني فاخبرني ما لقيت من ربك وإن أنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك فقال الآخر وهل تلتقي الأموات والأحياء قال نعم أرواحهم في الجنة تذهب حيث تشاء قال فمات فلان فلقيه في المنام فقال توكل وأبشر فلم أر مثل التوكل قط
7- فقال لها يا بنية أخبرينى عن الآخرة قالت يا أبت قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل وتعملون ولا تعلمون والله لتسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في صحيفة عملي أحب إلى من الدنيا وما فيها
8-رؤيا عمر ابن عبدالعزيز
وقال مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز عن فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز قالت انتبه عمر بن عبد العزيز ليلة فقال لقد رأيت رؤيا معجبة قالت فقلت جعلت فداءك فأخبرنى بها فقال ما كنت لأخبرك بها حتى أصبح فلما طلع الفجر خرج فصلى ثم عاد إلى مجلسه قالت فاغتنمت خلوته فقلت أخبرنى بالرؤيا التي رأيت قال رأيت كأنى رفعت إلى أرض خضراء واسعة كأنها بساط أخضر وإذا فيها قصر أبيض كأنه الفضة وإذا خارج قد خرج من ذلك القصر فهتف بأعلى صوته يقول أين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أين رسول الله إذ أقبل رسول الله حتى دخل ذلك القصر قال ثم إن آخر خرج من ذلك القصر فنادى أين أبو بكر الصديق
أين ابن أبى قحافة إذ أقبل أبو بكر حتى دخل ذلك القصر ثم خرج آخر فنادى أين عمر بن الخطاب فأقبل عمر حتى دخل ذلك القصر ثم خرج آخر فنادى أين عثمان ابن عفان فأقبل حتى دخل ذلك القصر ثم خرج آخر فنادى أين علي بن أبى طالب
فأقبل حتى دخل ذلك القصر ثم ان آخر خرج فنادى أين عمر بن عبد العزيز قال عمر فقمت حتى دخلت ذلك القصر قال فدفعت إلى رسول الله والقوم حوله فقلت بينى وبين نفسى أين أجلس فجلست إلى جنب أبى عمر بن الخطاب فنظرت فإذا أبو بكر عن يمين النبي وإذا عمر عن يساره فتأملت فإذا بين رسول الله وبين أبى بكر رجل
فقلت من هذا الرجل الذى بين رسول وبين أبى بكر فقال هذا عيسى بن مريم فسمعت هاتفا يهتف وبينى وبينه ستر نور يا عمر بن عبد العزيز تمسك بما أنت عليه وانبت على ما أنت عليه ثم كأنه أذن لى في الخروج فخرجت من ذلك القصر فالتفت خلفي فإذا أنا بعثمان بن عفان وهو خارج من ذلك القصر يقول الحمد لله الذي نصرنى وإذا علي بن أبى طالب في أثره خارج من ذلك القصر وهو يقول الحمد لله الذي غفر لى
-رؤيا عمر ابن عبدالعزيز
وقال .. عمر بن عبد العزيز رأيت رسول الله وأبو بكر وعمر جالسان عنده فسلمت فبينا أنا جالس إذ أتى بعلي ومعاوية فأدخلا بيتا وأجيف عليها الباب وأنا أنظر فما كان بأسرع من أن خرج على وهو يقول قضى لى ورب الكعبة وما كان بأسرع من أن خرج معاوية على أثره وهو يقول غفر لي ورب الكعبة
جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز فقال رأيت رسول الله في المنام وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله وأقبل رجلان يختصمان وانت بين يديه جالس فقال لك يا عمر إذا عملت فاعمل بعمل هذين لأبى بكر وعمر فاستحلفه عمر بالله أرأيت هذه الرؤيا فحلف ! فبكى عمر
وقال عبد الرحمن بن غنم رأيت معاذ بن جبل بعد وفاته بثلاث على فرس أبلق وخلفه رجال بيض عليهم ثياب خضر على خيل بلق وهو قدامهم وهو يقول يا ليت قومى يعلمون بما غفر لي ربى وجعلني من المكرمين ثم التفت عن يمينه وشماله يقول يا ابن رواحة يا ابن مظعون الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين ثم صافحنى وسلم على
رؤيا سفيان الثورى
وقال قبيصة بن عقبة رأيت سفيان الثورى في المنام بعد موته فقلت ما فعل الله بك فقال
نظرت إلى ربي عيانا فقال لي ... هنيئا رضايا عنك يا ابن سعيد
فقد كنت قواما إذا الليل قد دجا ... بعبرة محزون وقلب عميد
فدونك فاخترأى قصر تريده ... وزرنى فإنى منك غير بعيد
وقال سفيان بن عيينة رأيت سفيان الثورى بعد موته يطير في الجنة من نخلة إلى شجرة ومن شجرة إلى نخلة وهو يقول لمثل هذا فليعمل العاملون فقيل له بما أدخلت الجنة قال بالورع بالورع قيل له فما فعل على بن عاصم قال ما نراه إلا مثل الكوكب
رأيت أحمد بن حنبل
1- قال أحمد بن محمد اللبدى رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقلت يا أبا عبد الله ما فعل الله بك قال غفر لى ثم قال يا أحمد ضربت في ستين سوطا قلت نعم يارب قال هذا وجهى قدأبحتك فأنظر إليه
2-وقال رجل من أهل طوسوس قال دعوت الله عز و جل أن يرينى أهل القبور حتى أسألهم عن أحمد بن حنبل ما فعل الله به فرأيت بعد عشر سنين في المنام كأن أهل القبور قد قاموا على قبورهم فبادرونى بالكلام فقالوا يا هذا كم تدعو الله عز و جل أن يريك ايانا تسألنا عن رجل لم يزل منذ فارقكم تحليه الملائكة تحت شجرة طوبى
والتنعم فى الجنة بالنصف
لأن نعيمها نصفان نصف روحانى ونصف جسمانى فيتنعمون أولا بالروحانى فإذا ردت الأرواح إلى الأجساد أضيف لهم النعيم الجسمانى إلى الروحانى و نعيم الجنة مرتب على العلم والعمل
فقة الرؤيا
فإن الرؤيا على ثلاثة أنواع رؤيا من الله ورؤيا من الشيطان ورؤيا من حديث النفس
والرؤيا الصحيحة أقسام منها إلهام يلقيه الله سبحانه في قلب العبد وهو كلام يكلم به الرب عبده في المنام كما قال عبادة بن الصامت وغيره
ومنها مثل يضربه له ملك الرؤيا الموكل بها
ومنها التقاء روح النائم بأرواح الموتى من أهله وأقاربه وأصحابه وغيرهم
ومنها عروج روحه إلى الله سبحانه وخطا بها له
ومنها دخول روحه إلى الجنة ومشاهدتها وغير ذلك فالتقاء ! أرواح الأحياء والموتى نوع من أنواع الرؤيا الصحيحة التي هي عند الناس من جنس المحسوسات
وهذا موضع اضطرب فيه الناس
1-فمن قائل إن العلوم كلها كامنة في النفس وإنما اشتغالها بعالم الحس يحجب عنها مطالعتها فإذا تجردت بالنوم رأت منها بحسب استعدادها ولما كان تجردها بالموت أكمل كانت علومها ومعارفها هناك أكمل
وهذا فيه حق وباطل..... فلا يرد كله ولا يقبل كله
فإن تجرد النفس يطلعها على علوم ومعارف لا تحصل بدون التجرد لكن لو تجردت كل التجرد لم تطلع على علم الله الذي بعث به رسوله وعلى تفاصيل ما أخبر به عن الرسل الماضية والأمم الخالية وتفاصيل المعاد وأشراط الساعة وتفاصيل الأمر والنهى والأسماء والصفات والأفعال وغير ذلك مما لا يعلم إلا بالوحى
ولكن تجرد النفس عون لها على معرفة ذلك وتلقيه من معدنه أسهل وأقرب وأكثر مما يحصل للنفس المنغمسة في الشواغل البدنية
2-ومن قائل إن هذه المرائى علوم علقها الله في النفس ابتداء بلا سبب وهذا قول منكرى الأسباب والحكم القوى وهو قول مخالف للشرع والعقل والفطرة
3-ومن قائل أن الرؤيا أمثال مضروبة يضربها الله للعبد بحسب استعداده الفه على يد ملك الرؤيا فمرة يكون مثلا مضروبا ومرة يكون نفس ما رآه الرائى فيطابق الواقع مطابقة العلم لمعلومه
وهذا أقرب من القولين قبله
4-ولكن الرؤيا ليست مقصورة عليه بل لها أسباب أخر كما تقدم من ملاقاة ! الأرواح وأخبار بعضها بعضا ومن إلقاء الملك الذي في القلب والروع ومن رؤية الروح للأشياء مكافحة بلا واسطة
5-وقد ذكر أبو عبد الله بن منده قال لقى عمر بن الخطاب على بن أبى طالب فقال له يا أبا الحسن ربما شهدت وغبنا وشهدنا وغبت ثلاث أسألك عنهن عندك منهن علم فقال على ابن أبى طالب وما هن فقال الرجل يحب الرجل ولم ير منه خيرا والرجل يبغض الرجل ولم ير منه شرا فقال على نعم سمعت رسول الله يقول إن الأرواح جنود مجندة تلتقى في الهواء فتشأم فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فقال عمر واحدة
قال عمر والرجل يحدث الحديث إذ نسيه فبينا هو وما نسيه إذ ذكره فقال نعم سمعت رسول الله يقول ما في القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينا القمر مضيء إذا تجللته سحابة الظلم إذا تجلت فأضاء وبينا القلب يتحدث إذ تجللته سحابة فنسى إذ تجلت عنه فيذكر قال عمر اثنتان قال والرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب
فقال نعم سمعت رسول الله يقول ما من عبد ينام يتملىء نوما إلا عرج بروحه إلى العرش فالذى لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق والذي يستيقظ دون العرش فهي التي تكذب فقال عمر ثلاث كنت في طلبهن فالحمد لله الذي أصبتهن قبل الموت صحيح لغيرة
6-وقال بغية بن الوليد حدثنا صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر الحضرمى قال قال عمر بن الخطاب عجبت لرؤيا الرجل يرى الشيء لم يخطر له على بال فيكون كآخذ بيد ويرى الشيء فلا يكون شيئا فقال على بن أبى طالب يا أمير المؤمنين يقول الله عز و جل الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى قال والأرواح يعرج بها في منامها فما رأت وهي في السماء فهو الحق فإذا ردت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها فما رأت من ذلك فهو الباطل قال فجعل عمر يتعجب من قول علي
7-وذكر الطبرانى من حديث على بن أبى طلحة أن عبد الله بن عباس قال لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين أشياء أسألك عنها قال سل عما شئت قال يا أمير المؤمنين مم يذكر الرجل ومم ينسى ومم تصدق الرؤيا ومم تكذب فقال له عمر إن على القلب طخاوة كطخاوة القمر فإذا تغشت القلب نسى ابن آدم فإذا انجلت ذكر ما كان نسى وأما مم تصدق الرؤيا ومم تكذب فإن الله عز و جل يقول الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فمن دخل منها في ملكوت السماء فهى التي تصدق وما كان منها دون ملكوت السماء فهي التي تكذب
8-عن أبى الدرداء قال إذا نام الإنسان عرج بروحه حتى يؤتى بها العرش فإن كان طاهرا أذن لها بالسجود وإن كان جنبا لم يؤذن لها بالسجود
ولم يزل الناس قديما وحديثا تعرف هذا وتشاهده قال جميل بن معمر العذرى
أظل نهاري مستهاما وتلتقى ... مع الليل روحى في المنام وروحها
.... فإن قيل فالنائم يرى غيره من الأحياء يحدثه ويخاطبه وربما كان بينهما مسافة بعيدة ويكون المرئى ! يقظان روحه لم تفارق جسده فكيف التقت روحاهما قيل هذا إما أن يكون مثلا مضروبا ضربه ملك الرؤيا للنائم أو يكون حديث نفس من الرائى تجرد له في منامه
1-قاعدة والمقصود أن أرواح الأحياء تتلاقى في النوم كما تتلاقى أرواح الأحياء والأموات
2-قال بعض السلف أن الأرواح تتلاقى في الهواء فتتعارف أو تتذاكر فيأتيها ملك الرؤيا بما هو لاقيها من خير أو شر
وهذا عبد المطلب دل في النوم على زمزم وأصاب الكنز الذى كان هناك
هذا الباب كثيرة جدا
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)) ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ