بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
ذكر اللّه عزّ وجل في كتابه ما يكون في الأرض من زلزالها وتبديلها وهو تغيير هيئتها ومدّها، وما يكون في الجبال وتسييرها ونسفها، وما يكون في البحار وتفجيرها وتسجيرها، وما يكون في السماء وتشقيقها وطيّها، وما يكون في الشمس من تكويرها، وفي القمر من خسفه، وما يكون في النجوم من انكدارها وانتشارها، وما يكون من شغل الوالدة عن ولدها ووضع الحامل ما في بطونها.
واختلف أهل العلم في وقت هذه الكوائن،
فذهب بعض أهل التفسير إلى ان ذلك يكون بعد النفخة الأولى وقبل الثانية.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أن ذلك إنما يكون
بعد النفخة الثانية وخروج الناس من قبورهم، ووقوفهم يوم القيامة قبلها ينظرون ليكون ذلك أرعب لعرضهم وأشدّ لحالهم، وعلى هذا يدل سياق أكثر الآيات التي وردت في هذه الكوائن، وعلى هذا يدل أكثر الأحاديث.
: وقد أخبر اللّه عزّ وجل على لسان نبيّه صلى اللّه عليه وسلم أنه مفني ما على الأرض ومبدّل الأرض غير الأرض، وأن الشمس والقمر تكوّر، والبحار تسجر، والكواكب تنتثر، والسماء تنفطر وتصير كالمهل، فتطوى كما يطوى الكتاب، وأن الجبال تصير كالعهن المنفوش وينسفها اللّه نسفا فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً وكل ذلك كائن كما جاء به الخبر، ووعد اللّه صدق وقوله حق.
: والساعة التي ذكرها في القرآن على وجهين:
أحدها: الساعة الآخرة من ساعات الدنيا، قال اللّه عزّ وجل: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها.
فهذا على الساعة الآخرة لقوله: لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً، وكذلك قوله:وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً.
والآخر: الساعة الأولى من ساعات الآخرة قال اللّه عزّ وجل: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يعني حين يبعث من في القبور لقوله: يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ، وكذلك قوله: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ.
: وقد نطق القرآن بأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان لا يعلم متى تقوم الساعة، ولا يعلم أحد من خلق اللّه.
وقول النبي صلى اللّه عليه وسلم: «بعثت والساعة كهاتين». معناه- واللّه تعالى أعلم- إني أنا النبي الآخر لا يليني نبي آخر، وإنما يليني القيامة، وهي مع ذلك دانية لأن أشراطها متتابعة بيني وبينها غير أن ما بين أوّل أشراطها إلى آخرها غير معلوم،
[59]- ، عن عبد اللّه بن عمرو أن أعرابيا سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الصور فقال: «قرن ينفخ فيه»
[60]- ، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله عزّ وجل: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ « » قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «كيف أنعم، وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى بسمعه متى يؤمر»؟ قالوا: كيف نقول يا رسول اللّه؟ قال: «قولوا: حسبنا اللّه ونعم الوكيل على اللّه توكلنا»
[61]- ، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقمه، وأصغى بسمعه وحنى جبينه ينتظر متى يؤمر فينفخ»، قالوا: يا رسول اللّه كيف نقول؟ قال: «قولوا:
حسبنا اللّه ونعم الوكيل، على اللّه توكلنا».
[63]- عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «إسرافيل صاحب الصور، وجبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وهو بينهما» «
[64]- قال: أبا هريرة قال: استبّ رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدا على العالمين في قسم يقسم به، وقال اليهودي:
والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده فلطم اليهودي، فذهب اليهودي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره بالذي كان من أمره وأمر المسلم. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «لا تخيّروني على موسى، فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أ كان فيمن صعق فأفاق قبلي، أم كان ممّن استثنى اللّه عزّ وجل». البخاري
[ الأنبياء بعد ما قبضوا ردّ اللّه إليهم أرواحهم، فهم أحياء عند ربهم يرزقون كالشهداء، فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا فيمن صعق، ثم لا يكون ذلك موتا في جميع معانيه، إلّا في ذهاب الاستشعار، وقد جوّز النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يكون موسى ممّن استثنى اللّه، فإذا كان موسى ممّن استثنى اللّه، فإنه لا يذهب استشعاره في تلك الحالة ويحاسب بصعقة الصور.
[66]- ، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ، قال: هم الشهداء هم ثنية اللّه عزّ وجل متقلدو السيوف حول العرش «
[67]- ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ « «من الذين لم يشأ اللّه أن يصعقهم»؟ قال: هم الشهداء ثنية اللّه، متقلدون أسيافهم حول عرشه «
[68]- ، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ «
قال: فكان ممّن استثنى اللّه تعالى ثلاثة: جبريل وميكائيل وملك الموت، فيقول اللّه- وهو أعلم- يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل، وميكائيل، وملك الموت، فيقول: توفّ نفس ميكائيل، ثم يقول:- وهو أعلم- يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الكريم، وعبدك جبريل وملك الموت، فيقول: توفّ نفس جبريل، ثم يقول- وهو أعلم- يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الباقي الكريم وعبدك ملك الموت وهو ميت، فيقول: مت ثم ينادي أنا بدأت الخلق، وأنا أعيده فأين الجبّارون المتكبرون؟ فلا يجيبه أحد، ثم ينادي: لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، فيقول:
هو للّه الواحد القهّار ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ «
[69]- ، قال زيد بن أسلم،: الذين استثنى اللّه عزّ وجل اثنا عشر: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، وحملة العرش ثمانية.
[70]- عن مقاتل بن حيّان في قوله تعالى: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ قال: هو القرن، وذلك أن إسرافيل واضع فاه على القرن كهيئة البوق، ودائرة رأس القرن كعرض السماوات والأرض، وهو شاخص ببصره نحو العرش ينتظر متى يؤمر فينفخ في القرن النفخة الأولى فَصَعِقَ يعني فمات مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ من الحيوان من شدة الصوت والفزع إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ فاستثنى جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت، ثم يأمر ملك الموت أن يقبض روح ميكائيل، ثم روح جبريل، ثم روح إسرافيل، ثم يأمر ملك الموت فيموت، ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى في البرزخ أربعين سنة، ثم تكون النفخة الأخرى، فيحيي اللّه إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية فذلك قوله: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ على أرجلهم ينظرون إلى البعث.
: استضعف بعض أهل النظر أكثر هذه الأقوال، لأن الاستثناء وقع من سكان السماوات والأرض، وهؤلاء ليسوا من سكانها، لأن العرش فوق السماوات فحملته ليسوا من سكانها، وجبريل وميكائيل من الصافّين حول العرش ولأن الجنة فوق السماوات والجنة والنار عالمان بانفرادهما خلقتا للبقاء
وذهب ابن عباس .. إلى اختيار : إن الاستثناء لأجل الشهداء،
[72]- ، عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول اللّه أراك شبت، قال: «شيبتني هود والواقعة، والمرسلات، وعمّ يتساءلون، وإذا الشمس كوّرت»
[73]- قال: أبو هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«الشمس والقمر ثوران مكوّران في النار يوم القيامة». فقال الحسن: وما ذنبهما؟ فقال: أحدّثك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: فسكت الحسن « ثوران مكوّران ». أي يلفّان ويجمعان ويلقيان فيها، كأنهما يمسخان
قال الطحاوي: فكان ما كان من الحسن في هذا الباب إنكارا ... إنما كان واللّه أعلم لما وقع في قلبه أنهما يلقيان في النار ليعذبا بذلك، فلم ينكر من ابو هريرة .. أن الشمس والقمر إنما يكوّران في النار كسائر ملائكة اللّه (أي لزيادة عذاب أهل النار مع تعذيب الملائكة لهم) الذين يعذّبون أهلها، ألا ترى قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ [ أي من تعذيب أهل النار وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ وكذلك الشمس والقمر مما فيهما بهذه المنزلة معذّبان لأهل النار بذنوبهم، لا معذّبان فيها إذ لا ذنوب لهما.
وقد قيل : ليس المراد بكونهما في النار تعذيبهما بذلك، ولكنه تبكيت لمن كان يعبدهما في الدنيا ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلة، وقيل إنهما خلقا من النار فأعيدا إليها.ف لا يلزم من جعلهما في النار تعذيبهما فإن للّه في النار ملائكة وحجارة وغيرها لتكون لأهل النار عذابا وآلة من آلات العذاب وما شاء اللّه من ذلك، فلا تكون هي معذّبة.و: لمّا وصفا بأنهما يسبحان في قوله تعالى: كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ-
[74]- عن ابن عباس في قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال: أظلمت. وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ قال: تغيرت. وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ قال: سألت «: وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ «» قال: بعضها على بعض. وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قال:بحثت «ما الْجَوارِ الْكُنَّسِ ؟ قال: هي الكواكب: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ » قال: تسجر حتى تصير نارا
[78]- عن مجاهد في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ « قال: ترجف الأرض والجبال وهي الزلزلة تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ « قال: دكّتا دكّة واحدة «
[79]- عن ابن مسعود في قوله تعالى لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قال: هي السماء تكون ألوانا كالمهل، وتكون وردة كالدهان، وتكون واهية، وتشقق، وتكون حالا بعد حال: يعني السماء تنفطر ثم تنشق، ثم تحمّر.و في قوله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ «تبدّل الأرض أرضا بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة
[83]- قال عكرمة في قوله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ قال: تبدّل الأرض بيضاء مثل الخبزة يأكل منها أهل الإسلام حتى يفرغوا من الحساب.ثم قرأ: وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ «
[85]- ، عن عائشة قالت: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قوله عزّ وجل: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ فأين يكون الناس يومئذ يا رسول اللّه؟ فقال: «على الصراط» « مسلم ».
[86]- قال ثوبان: كنت قائما عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليكم يا محمد، فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال: لم تدفعني؟ قلت: لا تقول: يا رسول اللّه؟ قال: إنما سمّيته باسمه الذي سمّاه به أهله. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «إن اسمي الذي سمّاني به أهلي محمد»، فقال اليهودي: جئت أسألك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «ينفعك شيء إن حدّثتك»؟ قال: أسمع بأذني، فنكت « فنكت بعود معه: أي ضرب الأرض بطرفه، فعل المفكر » بعود معه فقال له: «سل»، فقال اليهودي: أين الناس يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «في الظلمة دون الجسر» « مسلم ».
: قوله: «على الصراط» مجاز، لكونهم يجاوزونه، فوافق قوله في حديث ثوبان: «دون الجسر» لأنها زيادة يتعيّن المصير إليها لثبوتها، ولأن ذلك عند الزجرة التي تقع عند نقلتهم من أرض الدنيا إلى أرض الموقف.
[88]- و، عن أبيّ بن كعب، في قوله عزّ وجل: وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً « »، قال: يصيران غبرة على وجوه الكفّار لا على وجوه المؤمنين، وذلك قوله: وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ «
[89]- و عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ قال: يزاد فيها وينقص منها، وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وما فيها، وتمدّ مدّ الأديم العكاظي « وأديم كل شيء ظاهر جلده، وأدمة الأرض وجهها »: أرض بيضاء مثل الفضة لم يسفك فيها دم ولم يعمل فيها خطيئة، والسماوات تذهب شمسها وقمرها ونجومها.
: وحقيقة: بدّلت، إذا غيّرت الصورة إلى صورة غيرها
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
الحشر بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
و في حشر الناس بعد ما يبعثون من قبورهم إلى الموقف الذي بيّن لهم من الأرض، فيقومون ما شاء اللّه تعالى، فإذا جاء الوقت الذي يريد اللّه محاسبتهم فيه، أمر بالكتب التي كتبتها الكرام الكاتبون بذكر أعمال الناس فأوتوها، منهم من يؤتى كتابه بيمينه فأولئك هم السعداء، ومنهم من يؤتى كتابه بشماله أو وراء ظهره وهؤلاء هم الأشقياء، قال اللّه تعالى في المطففين: أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.
وأخبر أن الناس يكونون يوم القيامة واقفين على أقدامهم وأبان أنه لا حال لهم يومئذ سوى القيام.
وإذا أحيا اللّه تبارك وتعالى الناس كلهم قاموا عجلين ينظرون ما يراد بهم لقوله تعالى: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ، وقد أخبر اللّه عزّ وجل عن الكفّار أنهم يقولون: يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا وأنهم يقولون:هذا يَوْمُ الدِّينِ فتقول لهم الملائكة: هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ.
ثم يؤمر بحشر الناس إلى موقف العرض والحساب وهو الساهرة فقال اللّه عزّ وجل: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ.
وأما صفة الحشر :فقد قال اللّه عزّ وجل: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً.
وأما قول اللّه عزّ وجل في صفة الكفّار يوم القيامة: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ وقوله: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ، فإن المراد بذلك واللّه أعلم حال مضيّهم إلى الموقف. وقوله: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ إنما هو إذا طال القيام عليهم في الموقف. فيصيرون من الحيرة كأنهم لا قلوب لهم، ويرفعون رءوسهم فينظرون النظر الطويل الدائم، ولا يرتدّ إليهم طرفهم كأنهم قد نسوا الغمض أو جهلوه، والناس في القيامة لهم أحوال ومواقف، واختلفت الأخبار عنهم لاختلاف مواقفهم وأحوالهم.
والأخبار تدلّ على أن العطش يعمّ الناس في ذلك اليوم، إلا أن المجرمين لا يسكن عطشهم، ولكنه يزداد حتى يوردوا النار فيشربون شرب الهيم نعوذ باللّه من عذاب النار.
وأما المتّقون ومن شاء اللّه من المخلّطين المؤمنين فإنهم يسقون من حوض نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم.
ويشبه أن يكون عطش المتقين لكي إذا سقوا من حوض المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم وجدوا لذة ذلك الماء، إذ الرّيّان لا يستلذ الماء كما يستلذه العطشان.
[91]- عن مجاهد في قوله: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ، يعني صيحة واحدة، وقوله: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ، قال: المكان المستوي
[92]- ، عن ابن عباس في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ، يقول: النفخة الأولى تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ «، يقول: النفخة الثانية قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ «3»، يقول: خائفة : الْحافِرَةِ ، يقول: الحياة
[94]- : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تحشرون هاهنا- وأومأ بيده إلى الشام- مشاة وركبانا وعلى وجوهكم، وتعرضون على اللّه وعلى أفواهكم الفدام « ، »، وإن أول من يعرب عن أحدكم فخذه، وتلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ
« الفدام يعني إنهم منعوا الكلام حتى تتكلم أفخاذهم فشبّه ذلك بالفدام الذي يجعل على الإبريق. : وفدامهم أن يؤخذ على ألسنتهم »»
[95]- ، عن ابن عباس قال: من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ «»، قال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومئذ: «اخرجوا»، قالوا: إلى أين؟ قال: «إلى أرض المحشر»
[96]- ، قرأ وهب بن منبّه : فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ وهو يومئذ ببيت المقدس، فقال: هاهنا الساهرة. يعني بيت المقدس
[97]- :احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ « قال: نظراءهم وأمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا، وأصحاب الزنا مع أصحاب الزنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار
[99]- : وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ « : هما الرجلان يعملان العمل يدخلان به الجنة والنار، الفاجر مع الفاجر والصالح مع الصالح
[100]- قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «يبعث الناس حفاة عراة غرلا « هو الذي لم يختن » قد ألجمهم العرق فبلغ شحوم الآذان»، فقلت: يا رسول اللّه وا سوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض؟ قال: «يشغل الناس عن ذلك لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ «
[101]- عن عائشة رضي اللّه عنها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا»، فقالت عائشة:يا رسول اللّه فكيف بالعورات؟ فقال: «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ»
[103]- ، عن أبي سعيد الخدري، أنه لما حضره الموت دعا بثياب جديدة فلبسها. ثم قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «إن المسلم يبعث في ثيابه التي يموت فيها» «2».
يجمع بين حديث عائشة رضى الله عنها والحديث الذى قبلة بأن بعضهم يحشر عاريا وبعضهم كاسيا، أو يحشرون كلهم عراة ثم يكسى الأنبياء ، فأول من يكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو يخرجون من قبورهم بالثياب التي ماتوا فيها، ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر، فيحشرون عراة، ثم يكون أول من يكسى إبراهيم.
ويؤكد ذلك حديث جابر « رفعه: «يبعث كلّ عبد على ما مات عليه».
[105]- ، عن علي رضي اللّه عنه في هذه الآية يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً «»، قال: أما واللّه ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقا، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة لم ير الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب، وأزمّتها الزبرجد، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة» «
[106]- و عن ابن عباس في قوله: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً قال:ركبانا، وفي قوله: وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً قال: عطاشا
[107]- ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: «يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين، واثنان على بعير ثلاثة على بعير أربعة على بعير عشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، تقيل «2» معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا» « البخاري ».
قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: «يحشر الناس على ثلاث طرائق» أشار إلى الأبرار والمخلّطين والكفّار.
فالأبرار: الراغبون إلى اللّه جلّ ثناؤه فيما أعدّ لهم من ثواب.
والراهبون: الذين هم بين الخوف والرجاء.
فأما الأبرار فإنهم يؤتون بالنجائب كما روي في حديث عليّ، وأما المخلّطون فهم الذين أريدوا في هذا الحديث أنهم يحملون على الأربعة، والأشبه أنها لا تكون من نجائب الجنة، وإن من هؤلاء من لا يغفر له ذنوبه حتى يعاقب بها بعض العقوبة، ومن أكرم بشيء من نعيم الجنة لم يهن بعده بالنار.
: وروى أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث أصناف: ركبانا ومشاة وعلى وجوههم». فقال رجل:يا رسول اللّه، ويمشون على وجوههم؟ قال: «الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم».
وهذا الأصحّ، فكأن بعض المخلّطين من المؤمنين يكون راكبا كما جاء في الحديث الأول، وبعضهم يكون ماشيا كما جاء في الحديث، أو يركب في بعض الطريق ويمشي في بعض.
وقوله: «راهبين». إشارة إلى المخلّطين الذين هم بين الخوف والرجاء.
والذين تحشرهم النار هم الكفّار.
ويحتمل أن يكون ذلك وقت حشرهم إلى الجنة بعد الفراغ.
[109]- تلا أبا ذر الغفاري هذه الآية وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا «1»، يقول: حدّثني الصادق المصدوق صلى اللّه عليه وسلم: «إن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج: فوج طاعمين كاسين راكبين، وفوج يمشون ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم». قلنا: قد عرفنا هذين فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال: «يلقي اللّه الآفة على الظهر « بالظهر الإبل » حتى لا تبقى ذات ظهر حتى إن الرجل ليعطي الحديقة المعجبة بالشارف « الشارف: الناقة المسنّة » ذات القتب « القتب: للجمل كالإكاف لغيره »»
- وأما المشاة على وجوههم فهم الكفّار، ويحتمل أن يكون بعضهم أعتى من بعض، فهؤلاء يحشرون على وجوههم، والذين هم أتباع يمشون على أقدامهم، فإذا سيقوا من موقف الحساب إلى جهنم سحبوا على وجوههم قال اللّه عزّ وجل: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ وقال: الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ سَبِيلًا
ويكونون على تلك الحالة عميا وصمّا وبكما قال اللّه تعالى: وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ
وقبل ذلك يكونوا كاملي الحواس والجوارح لقوله تعالى: يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ وقوله: يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً.
وسائر ما أخبر اللّه عزّ وجل عنهم وأقوالهم ونظرهم وسمعهم، فإذا دخلوا النار ردّت إليهم حواسّهم ليشاهدوا النار وما أعدّ لهم فيها من العذاب قال اللّه تعالى: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا
وسائر ما أخبر اللّه عنهم من أقوالهم وسمعهم ونظرهم، فإذا نودوا بالخلود سلبوا أسماعهم قال اللّه عزّ وجل: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ هُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ وقد قيل: إنهم يسلبون أيضا الكلام لقوله تعالى: اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ.
[111]- عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أثلاث: ثلث على الدوابّ، وثلث ينسلون على أقدامهم، وثلث على وجوههم»
[112]-: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ «» قال: سائق يسوقها إلى أمر اللّه تعالى، وشاهد يشهد عليها بما عملت ف السائق الملك، والشهيد العمل « .
قوله: لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ « » : من كل أمة، أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا قال: يعني كفرا
[115]- قوله تعالى : وَ تَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً «يحشر الأول على الآخر حتى إذا تكاملت العدّة آثارهم جميعا، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرما، ثم قرأ: فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ « ، إلى قوله: عِتِيًّا «
[116]- : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «كأني أراكم بالكوم جثى من دون جهنم» : وَ تَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً.
الكوم المكان العالي الذي تكون عليه أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم
[117]- قال تعالى : إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ « : تشخص فيه فلا ترتدّ إليهم، مُهْطِعِينَ يعني مديمي النظر إلى الدّاعي عامدين إليه، مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ رافعي رءوسهم لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ « : متخرقة لا تعي شيئا انتزعت قلوبهم حتى صارت في حناجرهم، لا تخرج من أفواههم ولا ترجع إلى أماكنها «
[120]- قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:«يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه». يقول: «تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم قدر ميل».
قال سليم بن عامر، فو اللّه ما أدري ما عنى بالميل، أ مسافة الأرض أم الميل الذي يكتحل به العين.
قال: «فيكون الناس على قدر اعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاما». قال: وأومأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى فيه. مسلم
[122]- وقال: النبي صلى اللّه عليه وسلم : «من كانت له إبل لا يعطي حقها في نجدها ورسلها- يعني في عسرها ويسرها- فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ « أي أسرع وأنشط » ما كانت وأكثره، وأسمنه وأسرّه، حتى يبطح لها بقاع قرقر « هو المكان المستوي »، فتطأه بأخفافها فإذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وإن كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت وأكبره وأسمنه وأسرّه، ثم يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت وأسمنه وأسرّه، حتى يبطح لها بقاع قرقر، فتطأه كلّ ذات ظلف بظلفها فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله» «5».
وهذا لا يحتمل إلا قدر ذلك اليوم بخمسين ألف سنة مما تعدّون واللّه أعلم، ثم لا يكون ذلك كذلك إلا على الذي لا يغفر له، فأما من غفر ذنبه من المؤمنين.
[124]- ، عن أبي هريرة قال: يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر إلى العصر
[125]- : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر إلى العصر» «
[126]- ، عن أبي سعيد الخدري
قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ما طول هذا اليوم؟ فقال: «و الذي نفسي بيده إنه ليخفّف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا».
[127]- قال ابن عباس رضي اللّه عنهما : فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ قال: هذا في الدنيا، يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ، وفي قوله: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فهذا يوم القيامة جعله اللّه على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة « قال: لو قدّرتموه لكان خمسين ألف سنة من أيامكم، : يعني يوم القيامة «
[129]- ، قال عكرمة فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: الدنيا من أولها إلى آخرها خمسون ألف سنة، لا يدري أحدكم مضى ولا كم بقي، إلا اللّه عزّ وجل «
: والملك يقطع هذه المسافة في بعض يوم : ويمكن أن يقال: إن الملائكة كانت تستطيع قبل يوم القيامة أن تنزل إلى الأرض من أعلى مقام لهم في السموات وفوقها، ثم تعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة، فأما يوم القيامة فلا تستطيع ذلك، إما لأن السموات إذا طويت لم يكن لهم يومئذ مصعد يقرون فيه، وإما لما يشاهدون من عظمة اللّه وشدّة عظمة ذلك اليوم على أهل العناد من عباده، فيفتر قواهم فيحتاجون إلى العروج إلى مدة أطول مما كانوا يحتاجون إليه من قبله، فقدّر اللّه ذلك بخمسين ألف سنة على معنى أن غيرهم لو قطعها لم يقطعها إلا في خمسين ألف سنة، وهكذا كما جاءت به الأخبار من أن العرش على كواهل أربعة من الملائكة، ثم أخبر اللّه عزّ وجل أنهم يكونون يوم القيامة ثمانية. ويشبه أن يكون ذلك لما يفتر قواهم يومئذ إلى ما ذكرنا فيؤيدون بغيرهم، واللّه أعلم بجميع ذلك نسأل اللّه خير ذلك اليوم ونعوذ به من شرّ ذلك اليوم.
[131]- عبد الرحمن بن ميسرة، عن أبي هانئ الخولاني، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللّه بن عمرو قال تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الآية يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ « ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «كيف بكم إذا جمعكم اللّه كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة، لا ينظر اللّه إليكم»
[132]- عن أبي سعيد الخدري أنه أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: أخبرني من يقوى على القيام يوم القيامة الذي قال اللّه:يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ فقال صلى اللّه عليه وسلم: «يخفّف على المؤمن حتى يكون كالصلاة المكتوبة».
[133]- قال قتادة في قوله: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ: بلغنا أن كعبا كان يقول: يقومون مقدار ثلاثمائة عام «
[134]- عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «تمكثون ألف عام في الظلمة يوم القيامة لا تكلمون».
[135]-: قال الحسن: ما ظنك بيوم قاموا فيه على أقدامهم خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى تقطعت أعناقهم عطشا واحترقت أجوافهم جوعا، ثم انصرف بهم بعد ذلك إلى النار فسقوا من عين آنية قد أنى حرّها واشتد نضجها؟
[136]- قال عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: إذا حشر الناس قاموا أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلّمهم، والشمس على رءوسهم، حتى يلجم العرق كل برّ منهم وفاجر «2».
(2) قلت: ، قول اللّه تعالى في القرآن الكريم:لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وما مرّ من الأحاديث الصحاح من أن يوم القيامة يكون على الأتقياء كقدر-- الصلاة المكتوبة وما سيأتي أن الأتقياء يكونون كاسين طاعمين راكبين.
قال القرطبي:: أن الشمس لا يضرّ حرّها مؤمن ولا مؤمنة. العموم في المؤمنين وليس كذلك، وإنما المراد لا يضرّ حرّها مؤمنا كامل الإيمان، أو من استظلّ بظل عرش الرحمن.
[137]- قال عبد اللّه بن مسعود: الأرض يوم القيامة نار كلها، والجنة من ورائها يرى كواعبها وأكوابها، فيعرق الراجل حتى يسيل عرقه في الأرض قدر قامته، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسّه الحساب «و: إن الكافر ليلجم بعرقه يوم القيامة من طول ذلك اليوم، حتى يقول: يا رب أرحني ولو إلى النار «و:الشمس فوق رءوس الناس يوم القيامة، وأعمالهم تظلّهم
[140]- عن عبد اللّه بن عمرو أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يشتد كرب ذلك اليوم حتى يلجم الكافر العرق»، قيل له: فأين المؤمنون؟ قال: «على كراسي من ذهب، ويظلّ عليهم الغمام».
[141]- سمع عقبة ابن عامر يقول: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «تدنو الشمس من الأرض يوم القيامة فيعرق الناس، فمن الناس من يبلغ عرقه عقبيه، ومنهم من يبلغ نصف ساقيه، ومنهم من يبلغ خاصرته، ومنهم من يبلغ منكبيه، ومنهم من يبلغ عنقه، ومنهم من يبلغ وسط فيه، ومنهم من يغطيه عرقه»
[142]- قال أبي هريرة: يحشر الناس حفاة عراة غرلا قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء، قال فيلجمهم العرق من شدة الكرب «2»، ثم يقال: اكسوا « إبراهيم، فيعطى قبطيتين من قباطي الجنة «، قال: ثم ينادى لمحمد فيفجر له الحوض، وهو ما بين أيلة إلى مكة، قال: فيشرب ويغتسل وقد تقطعت أعناق الخلائق يومئذ من العطش، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «فأكسى من حلل الجنة فأقوم عن- أو- على يمين الكرسي ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام يومئذ غيري، فيقال: سل تعط، واشفع تشفع».
فقام رجل فقال: أ ترجو لوالديك شيئا؟ فقال: «إني شافع لهما أعطيت أو منعت، ولا أرجو لهما شيئا
(فيلجمهم العرق من شدة الكرب) قلت:] أن الأتقياء لا يصيبهم الكرب ويكونون كاسين طاعمين راكبين لقول اللّه تعالى: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ: كماإن الشمس لا يضرّ حرّها مؤمنا كامل الإيمان أو من- استظلّ بظل عرش الرحمن.
فعلى هذا يكون الحشر على ثلاثة أحوال:
1 - قسم طاعمون كاسون راكبون وهم الأتقياء.
2 - وقسم حفاة عراة وهم المسلمون من أهل الكبائر.
3 - وقسم يحشرون يجرّون على وجوههم وهم الكفّار.
(ثم يقال: اكسوا) قلت ليس المراد من قوله اكسوا أنه كان عاريا، بل هو أن النبي يخرج من قبره في ثيابه التي مات فيها، والحلّة التي يكساها حينئذ من حلل الجنّة خلعة الكرامة
(3) ، وقد تكلم العلماء في حكمة تقديم إبراهيم عليه السلام بالكسوة، فروي أنه لم يكن في الأوّلين والآخرين للّه عزّ وجل عبد أخوف من إبراهيم عليه السلام، فتعجّل له كسوته أمانا ليطمئنّ قلبه. ويحتمل أن يكون لما جاء به الحديث من أنه أول من أمر بلبس السراويل إذا صلى مبالغة في الستر وحفظا لفرجه من أن يماسّ مصلّاه، ففعل ما أمر به فيجزى بذلك أن يكون أول من يستر يوم القيامة. ويحتمل أن يكون الذين ألقوه في النار جرّدوه ونزعوا عنه ثيابه على أعين الناس كما يفعل بمن يراد قتله، وكان ما أصابه من ذلك في ذات اللّه عزّ وجل، فلما صبر واحتسب وتوكل على اللّه تعالى دفع اللّه عنه شرّ النار في الدنيا والآخرة وجزاه بذلك العرى أن جعله أول من يدفع عنه العرى يوم القيامة على رءوس الأشهاد وهذا أحسنها.
واللّه أعلم. وإذا بدئ في الكسوة بإبراهيم وثنّى بمحمد صلى اللّه عليه وسلم أوتي محمد بحلّة لا يقوم لها البشر لينجبر بنفاسة الكسوة، فيكون كأنه كسي مع إبراهيم عليهما السلام.
[143]- عن أنس بن مالك، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم» «1».
تطش عليهم _ أحدهما: أن يكون ذلك من المطر،.والثاني: أن يكون ذلك من شدّة الحرّ واللّه أعلم.
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
وإذا وقف الناس على أعمالهم من الصحف التي يؤتونها حوسبوا بها، ولعل ذلك- واللّه أعلم- لأن الناس إذا بعثوا لا يكونون ذاكرين لأعمالهم فإن اللّه عزّ وجل قال: ((يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ.))
فإذا ذكروها ووقفوا عليها حوسبوا عليها. وقد جاء في كيفية المحاسبة أخباروقد أخبر اللّه عزّ وجل ثناؤه أن المحاسبة تكون بشهادة النبيين والشهداء
قال تعالى: وَ جِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ، قال:
فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً.
والشهيد في هذه الآية النبي صلى اللّه عليه وسلم، وشهيد كل أمة نبيّها عليهم السلام، وأما الشهداء في الآية قبلها فالأظهر أنهم كتبة الأعمال، تحضر الأمة ورسولها فيقال للقوم: ما ذا أجبتم المرسلين؟ ويقال للرسل: ما ذا أجبتم؟ فيقول الرسل للّه: لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وكأنهم نسوا ما أجيبوا به، وتأخذ الهيبة بمجامع قلوبهم فيذهلون في تلك الساعة عن الجواب، ثم يثبّتهم اللّه ويحدث لهم ذكرى فيشهدون بما أجابتهم أمتهم.
: ودلّت الأخبار عن سيدنا المصطفى صلى اللّه عليه وسلم على أن كثيرا من المؤمنين يدخلون الجنة بغير حساب، وكثيرا منهم يحاسبون حسابا يسيرا، وكثيرا منهم يحاسبون حسابا شديدا.
[1]- عن عدي بن حاتم قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى شيئا إلا شيئا قدّمه، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئا قدّمه، وينظر أمامه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشقّ تمرة».
[2]- و عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «يجيء النبي يوم القيامة، ومعه الثلاثة والأربعة والرجلان، حتى يجيء النبي وليس معه أحد، قال: فيقال لهم: هل بلغتم؟ فيقولون: نعم، قال: فيدعى قومهم فيقال لهم: هل بلغكم؟
فيقولون لا، قال: فيقال للنبيّين: من يشهد لكم أنكم قد بلغتم؟ قال: فيقولون:
أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم قال: فتدعى أمة محمد فيشهدون أنهم قد بلغوا، قال: فيقولون:
جاءنا رسولنا بكتاب أخبرنا أنهم قد بلغوا فصدقناه، قال: فيقال: صدقتم، قال:
وذلك قول اللّه عزّ وجل في كتابه: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
[146]- قال أنس بن مالك: كنّا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فضحك وقال: «هل تدرون ممّ أضحك»؟ قال: قلنا: اللّه ورسوله أعلم، قال: «من مخاطبة العبد ربه يوم القيامة، يقول: يا رب أ لم تجرني من الظلم؟ قال: فيقول:
بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني، قال: فيقول اللّه:
كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، وبالكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم اللّه على فيه ويقول لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه وبين الكلام، قال:
فيقول: بعدا وسحقا فعنكنّ أناضل» « مسلم ».
[147]- قال صلى اللّه عليه وسلم: «تجيئون يوم القيامة على أفواهكم الفدام «»، فأول ما يتكلم من ابن آدم فخذه وكفّه» «2».
و في الرؤية قال: «فيلقى العبد فيقول: أي فل، أ لم أكرمك وأسوّدك وأزوّجك وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ قال:
فيقول: بلى أي ربّ، قال: فيقول أ ظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول اليوم أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثاني فيقول: أي فل:
فذكر في السؤال والجواب مثل الأول [ وقوله:اليوم أنساك كما نسيتني أي اليوم أتركك في العذاب كما تركت عبادتي ومعرفتي]، ثم يلقى الثالث فيقول: مثل ذلك، فيقول: آمنت بك وبكتابك وصلّيت وصمت وتصدّقت، فيقال: الآن نبعث شاهدنا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه، فيختم على فيه ويقال لفخذه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظمه بعمله ما كان، ذلك ليعذر نفسه، وذلك المنافق وذلك الذي يسخط اللّه عليه.
وفيه دلالة على أن بعضهم تشهد عليهم ألسنتهم، وبعضهم ينكر فيختم على أفواههم وتشهد عليهم أفواههم وتشهد عليهم سائر جوارحهم، ويشبه أن يكون هذا الإنكار من المنافقين كما في خبر أبي هريرة، ويشبه أن يكون منهم وممّن شاء اللّه من سائر الكافرين حين رأوا يوم القيامة يغفر اللّه لأهل الإخلاص ذنوبهم، لا يتعاظم عليه ذنب أن يغفر، ولا يغفر الشرك قالوا: إن ربّنا يغفر الذنوب ولا يغفر الشرك، فتعالوا حتى نقول إنّا كنّا أهل ذنوب ولم نكن مشركين، فقال اللّه عزّ وجل: أما إذ كتموا الشرك فاختموا على أفواههم، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم، وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون، فعند ذلك عرف المشركون أن اللّه لا يكتم حديثا فذلك قوله: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً،
[148]- عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها «1» قال:
«أ تدرون ما أخبارها»؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما كان على ظهرها تقول: عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فذلك أخبارها»
[149]- ، عن عبد اللّه بن مسعود قال: يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما العرضة الثالثة فتطاير الصحف بالأيمان والشمائل «».
[150]- عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ «»
قال: «يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمدّ له في جسمه ستون ذراعا، ويبيضّ وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ، قال: فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون: اللّهمّ ائتنا به وبارك لنا في هذا، حتى يأتيهم فيقول:
أبشروا فإن لكل رجل منكم مثل هذا.
وأما الكافر فيعطى كتابه بشماله مسودّا وجهه، ويمدّ له في جسمه ستون ذراعا على صورة آدم، ويلبس تاجا من نار، فيراه أصحابه فيقولون: اللّهمّ لا تأتنا به، قال: فيأتيهم، فيقولون اللّهمّ اخزه، قال:فيقول: أبعدكم اللّه فإن لكل واحد منكم مثل هذا» « ».
[152]- و قال: «إن الرجل لترفع له يوم القيامة صحيفته حتى يرى أنه ناج، فما تزال مظالم بني آدم تتبعه حتى ما يبقى له حسنة، ويحمل عليه من سيئاتهم».
سيئات المؤمن على أصول أهل السنّة متناهية الجزاء، وحسناته غير متناهية الجزاء، لأن من ثوابها الخلود في الجنة، فوجه الحديث عندي واللّه أعلم أنه يعطى خصماء المؤمن المسيء من أجر حسناته ما يوازي عقوبة سيئاته فإن فنيت حسناته أخذ من خطايا خصومه فطرحت عليه، ثم يعذّب إن لم يعف عنه، فإذا انتهت عقوبة تلك الخطايا أدخل الجنة بما كتب له من الخلود فيها بإيمانه، ولا يعطى خصماؤه ما زاد من أجر حسناته على ما قابل عقوبة سيئاته- يعني من المضاعفة- لأن ذلك من فضل اللّه يختص به من وافى يوم القيامة مؤمنا واللّه أعلم.
[154]- عن أبي ذر قال: رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شاتين تنتطحان قال: «يا أبا ذر أ تدري فيم تنتطحان»؟ قلت: لا، قال: «ربك يدري، وسيقضي بينهما يوم القيامة»
[155]- ، عن أبي هريرة في قوله: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً « » قال: يحشر الخلائق كلهم يوم القيامة: البهائم والدوابّ والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل اللّه أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابا، فذلك حين يقول الكافر: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً « و قال: لما نزلت إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ «3» قلت:
يا رسول اللّه أ يكرر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواصّ الذنوب؟ قال: «نعم ليكررنّ عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حقّ حقه»، قال الزبير: واللّه إن الأمر لشديد
[158]- عن ابن عباس(( فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ))قال: نسأل الناس عمّا أجابوا المرسلين، ونسأل المرسلين عمّا بلغوا فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ « » قال: يوضع يوم القيامة فيتكلم بما كانوا يعملون « ».
و في قوله: وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ يقول: لا يسأل كافر عن ذنبه، كلّ كافر معروف بسيماه. وفي قوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ.... يعني يوم تشقّق السماء وتكوّر، لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان، وذلك عند الفراغ من الحساب، وكلّ معروف: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ وأما الكافر فبسواد وجهه وزرقة عينيه، وأما المؤمن فأغرّ محجّل من أثر الوضوء.
[159]- عن عديّ بن حاتم قال: كنت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة، والآخر يشكو قطع السبيل قال: فقال: «لا عليك إلا قليل حتى تخرج المرأة من الحيرة إلى مكة بغير خفير، ولا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته فلا يجد من يقبلها، ثم ليفيض المال، ثم ليقفنّ أحدكم بين يدي اللّه ليس بينه وبينه حجاب يحجبه ولا ترجمان يترجم له فيقول: أ لم أوتك مالا؟ فيقول: بلى، فيقول: أ لم أرسل إليك رسولا؟ فيقول: بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، وينظر يساره فلا يرى إلا النار، فليتّق أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة».
[160]- عبد اللّه بن عكيم قال: سمعت عبد اللّه بن مسعود بدأ باليمين قبل الحديث فقال: ما منكم من أحد إلا سيخلو اللّه به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر، فيقول: يا عبدي ما غرّك بي، ما ذا عملت فيما علمت، ما ذا أجبت المرسلين
[161]- : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة، أمر اللّه مناديا ينادي: ألا إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم، فأبيتم إلا أن تقولوا: فلان بن فلان خير من فلان بن فلان، فاليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم، أين المتّقون»
[162]- و قال : «يدخل الجنّة من أمّتي سبعون ألفا لا حساب عليهم» فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول اللّه ادع اللّه أن يجعلني منهم قال: فدعا له، فقام رجل آخر فقال: يا رسول اللّه ادع اللّه أن يجعلني منهم، قال: «سبقك بها عكاشة»
[163]- عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «سألت ربي عزّ وجل فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا على صورة القمر ليلة البدر، فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا، فقلت: أي رب أ رأيت إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي؟ قال: إذا أكملهم من الأعراب» «
[164]- ، عن عمرو بن حزم الأنصاري قال: تغيّب عنّا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثا لا يخرج إلا لصلاة مكتوبة ثم يرجع فلما كان اليوم الرابع خرج إلينا فقلنا:
يا رسول اللّه احتبست عنّا حتى ظننا أنه قد حدث حدث، فقال: «إنه لم يحدث إلا خير، إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم، وإني سألت ربي في هذه الأيام الثلاثة المزيد فوجدت ربي واجدا ماجدا كريما أعطاني مع كل واحد من السبعين سبعين ألفا قال: قلت: يا رب وتبلغ أمتي هذا؟ قال:أكمل لك العدد من الأعراب» «2».
(2) ومن رواىه الطبراني في الكبير عن عامر بن عمير قال:
لبث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثا لا يخرج إلى صلاة مكتوبة فقيل له في ذلك فقال: «إني وجدت ربي ماجدا كريما أعطاني مع كل واحد من السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب سبعين ألفا، فقلت إن أمتي لا تبلغ هذا، أو تكمل هذا، فقال: أكملهم لك من الأعراب».
[165]- ، عن الحسن في قوله: وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ «1 قال: هي واللّه لكل واصف كذب إلى يوم القيامة « ».
و قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم باب من الجنة فيقال: هلمّ، هلمّ. فيجيء بكربه وغمّه، فإذا جاء أغلق دونه ثم يفتح له باب آخر، فيقال له: هلمّ، هلمّ. فيجيء بكربه وغمّه، فإذا جاء أغلق دونه فما يزال كذلك حتى إن الرجل ليفتح له الباب فيقال له: هلمّ، هلمّ. فما يأتيه» «
[168]- : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «من أعان على دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة: آيس من رحمة اللّه» «
[169]- عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «من قطع ميراثا فرضه اللّه ورسوله قطع اللّه به ميراثه من الجنة» «
[171]- عن كلثوم بن عياض قال: إنه لا يأتي على صاحب الجنة ساعة إلا وهو يزاد صنفا من النعيم لا يكون يعرفه، ولا يأتي على صاحب النار ساعة إلا وهو مستنكر لشيء من العذاب لم يكن يعرفه.
[172]- ، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول اللّه بأبي أنت وأمي؟ قال: «رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزّة فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي، فقال اللّه تبارك وتعالى للطالب: فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب فليحمل من أوزاري» قال: وفاضت عينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالبكاء ثم قال: «إن ذاك اليوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال اللّه تعالى للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يا رب أرى مدائن من ذهب وقصورا من ذهب مكلّلة باللؤلؤ لأي نبي هذا، أو لأي صدّيق هذا، أو لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال:
يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بما ذا؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب فإني قد عفوت عنه، قال اللّه عزّ وجل: فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ «فإن اللّه تعالى يصلح بين المسلمين» «1».
[174]- ، عن جدّه عباس بن مرداس، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمّته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء، فأوحى اللّه إليه: إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا، وأما ذنوبهم فيما بينهم وبيني قد غفرتها، فقال: «يا رب إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم». فلم يجبه في تلك العشيّة، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء، فأجابه: إني قد غفرت لهم .. قال:
فتبسّم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال له بعض أصحابه: يا رسول اللّه تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها؟ فقال: «تبسمت من عدو اللّه إبليس، إنه لما علم أن اللّه استجاب لي في أمتي، أهوى يدعو بالويل والثبور، ويحثو التراب على رأسه» «1».
: وهذا الغفران يحتمل أن يكون بعد عذاب يمسّهم، ويحتمل أن يكون خاصّا ببعض الناس، ويحتمل أن يكون عامّا في كل أحد.
صحّ بشواهده ففيه الحجة، وإن لم يصحّ فقد قال اللّه عزّ وجل:وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وظلم بعضهم بعضا دون الشرك.
عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: «من حوسب عذّب»، قالت عائشة: يا رسول اللّه فأين قوله: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً قال: «ذلكم العرض، ولكنه من نوقش الحساب عذّب».
ورواه مسلم عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذا بيد عبد اللّه بن عمر فأتاه رجل فقال: كيف سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في النجوى؟ قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «إن اللّه يدني المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه يستره من الناس، فيقول: أي عبدي! تعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: نعم أي رب! حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: إني قد سترتها عليك في الدنيا، وقد غفرتها لك اليوم، قال: ثم أعطي كتاب حسابه، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة اللّه على الظالمين».
وقوله: «يضع عليه كنفه». يريد- واللّه أعلم- عطفه ورأفته ورعايته.
- عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: «يقول اللّه تعالى لعبده يوم القيامة: يا ابن آدم أ لم أحملك على الخيل والإبل وأزوّجك النساء وأجعلك تربع وترأس؟ :أ لم تدعني لمرض كذا وكذا فعافيتك؟ أ لم تدعني أن أزوّجك كريمة قومها فزوّجتك؟ألم، ألم». فيقول: بلى أي رب، فيقول: أين شكر ذلك؟
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
- وإذا انقضى الحساب كان بعده، وزن الأعمال، لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقرير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها.
قال اللّه عزّ وجل: ((وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً،)) وقال: ((وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ،،)) وقال( فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ، ،)) إلى قوله:
وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ،،)) ،)) وقال (( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ،)) ،)) إلى آخر السورة.
- : في الآية التي كتبناها دلالة على أن أعمال الكفّار توزن لأنه قال في آية أخرى: (( بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ،)) والظلم بآيات اللّه الاستهزاء بها وترك الإذعان لها. وقال في آية: ((، فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ ،)) إلى أن قال: (( أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ ،)) ، وقال في آية أخرى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ. ،))
وهذا الوعيد بالإطلاق لا يكون إلا للكفّار، فإذا جمع بينه بين قوله:وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها
ثبت أن الكفار يسألون عن كل ما خالفوا به الحق من أصل الدين وفروعه، إذ لو لم يسألوا عمّا وافقوا فيه أصل تدينهم من ضروب تعاطيهم ولم يحاسبوا بها لم يعتدّ بها في الوزن أيضا، وإذا كانت موزونة في وقت الوزن دلّ ذلك على أنهم محاسبون بها في موقف الحساب واللّه أعلم.
وهذا على قول من قال في الكفّار انهم مخاطبون بالشرائع وهو الصحيح لأن اللّه عزّ وجل يقول: ((، وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ،))
فتوعدهم على منع الزكاة وأخبر عن المجرمين أنهم يقال لهم: ((، ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ،))
فبان بهذا أن المشركين مخاطبون بالإيمان وبالبعث وبإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأنهم مسئولون عنها مخاطبون بها مجزون على ما أخلّوا به منها واللّه أعلم.
واختلفوا في كيفية الوزن،
1-فذهب ذاهبون إلى أن الكافر قد تكون منه صلة الأرحام، ومواساة الناس، ورحمة الضعيف، وإغاثة اللهفان، والدفع عن المظلوم، وعتق المملوك ونحوها مما لو كانت من المسلم لكانت برّا وطاعة، فمن كان له أمثال هذه الخيرات من الكفّار فإنها تجمع وتوضع في ميزانه لأن اللّه تعالى قال: فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً.
فتأخذ من ميزانه شيئا غير أن الكفر إذا قابلها رجح بها، وقد حرّم اللّه الجنة على الكفّار، فجزاء خيراته أن يخفّف عنه العذاب فيعذّب عذابا دون عذاب، كأنه لم يصنع شيئا من الخيرات.
2-وذهب ذاهبون إلى أن خيرات الكافر لا توزن ليجزى بها بتخفيف العذاب عنه إنما توزن قطعا لحجته، حتى إذا قابلها الكفر رجح بها وأحبطها، أو لا توزن أصلا ولكن يوضع كفره أو كفره وسائر سيئاته في إحدى كفّتيه، ثم يقال له: هل لك من طاعة نضعها في الكفّة الأخرى؟ فلا يجدها،
فيتثاقل الميزان فترتفع الكفّة الفارغة وتبقى الكفّة المشغولة فذلك خفّة ميزانه، فأما خيراته فإنها لا تحسب بشيء منها مع الكفر.
قال اللّه عزّ وجل: ((وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً.))
3-- وأما المؤمنون الذين يحاسبون، فإن أعمالهم توزن وهم فريقان:
أحدهما المؤمنون المتّقون لكبائر الذنوب، فهؤلاء توضع حسناتهم في الكفة النّيرة، وصغائرهم- إن كانت لهم- في الكفّة الأخرى، فلا يجعل اللّه لتلك الصغائر وزنا، وتثقل الكفّة النّيرة وترتفع الكفّة الأخرى ارتفاع الفارغ الخالي، فيؤمر بهم إلى الجنة، ويثاب كل واحد منهم على قدر حسناته وطاعاته كما تلونا من الآيات التي ذكرناها في الموازين.
والآخر المؤمنون المخطئون، وهم الذين يوافون القيامة بالكبائر والفواحش، غير أنهم لم يشركوا باللّه شيئا، فحسناتهم توضع في الكفّة النّيرة، وآثامهم وسيئاتهم في الكفّة المظلمة، فيكون يومئذ لكبائرهم التي جاءوا بها ثقل ولحسناتهم ثقل، إلا أن الحسنات تكون بكل حال أثقل، لأن معها الإيمان وليس مع السيئات كفر، ويستحيل وجود الإيمان والكفر معا لشخص واحد، ولأن الحسنات لم يرد بها إلا وجه اللّه تعالى، والسيئات لم يقصد بها مخالفة اللّه وعناده، بل كان تعاطيها لداعية الهوى وعلى خوف من اللّه عزّ وجل وإشفاق من غضبه، فاستحال أن تواري السيئات- وإن كثرت- حسنات المؤمن، ولكنها عند الوزن لا تخلو من تثقيل يقع بها الميزان حتى يكون ثقلها كبعض ثقل الحسنات،
فيجري أمر هؤلاء على ما ورد به الكتاب جملة ودلّت سنّة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم على تفصيلها
وهو قوله عزّ وجل)) إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً))، وقوله: ((وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ )) فيغفر لمن يشاء بفضله، ويشفّع فيمن شاء منهم بإذنه، ويعذب من شاء منهم بمقدار ذنبه ثم يخرجه من النار إلى الجنة برحمته كما ورد به خبر الصادق. وقد دلّ الكتاب على وزن أعمال المخلطين من المؤمنين وهو قوله عزّ وجل:
((وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ)) وإنما أراد- واللّه أعلم- أنه لا يترك له حسنة إلا توزن، وهذا بالمؤمن المخلّط أليق، لأنه لو تركت له حسنة لم توزن لزاد ذلك في ثقل سيئاته فأوجب ذلك زيادة في عذابه.
4- فأما أن الوزن كيف يكون ففيه وجهان:
أحدهما، أن صحف الحسنات توضع في الكفّة النّيرة وصحف السيئات في الكفّة المظلمة، لأن الأعمال لا تنسخ في صحيفة واحدة ولا كاتبها يكون واحدا، لكن الملك الذي يكون عن اليمين يكتب الحسنات، والملك الذي يكون عن الشمال يكتب السيئات، فيتفرد كل واحد منهما بما ينسخ، فإذا جاء وقت الوزن وضعت الصحف في الموازين فيثقّل اللّه عزّ وجل ما يحقّ تثقيله، ويخفّف مما يحقّ تخفيفه.
والوجه الثاني، يجوز أن يحدث اللّه تبارك وتعالى أجساما مقدّرة بعدد الحسنات والسيئات، ويميز إحداهما عن الأخرى بصفات تعرف بها، فتوزن كما توزن الأجسام بعضها ببعض في الدنيا- واللّه أعلم- ويعتبر في وزن الأعمال مواقعها من رضى اللّه عزّ وجل وسخطه.
[177]- عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب قال: بينا نحن جلوس عند النبي صلى اللّه عليه وسلم في أناس إذ جاء رجل ليس عليه سحناء سفر، وليس من أهل البلد يتخطى، حتى ورك بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة ثم وضع يده على ركبتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا محمد ما الإسلام؟ قال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة،وتتم الوضوء، وتصوم رمضان»، قال: فإن فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال: «نعم»، قال: صدقت يا محمد، قال: ما الإيمان؟ قال: «الإيمان أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالجنة والنار والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه»، قال: فإذا فعلت هذا فأنا مؤمن؟ قال: «نعم»، قال:صدقت « مسلم ».
[178]- عن أنس بن مالك، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يؤتى بابن آدم يوم القيامة فيوقف بين كتفي الميزان ويوكل به ملك فإن ثقل ميزانه نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وإن خفّت موازينه نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا» «
[179]- عن عبد اللّه بن مسعود قال: للناس عند الميزان تجادل وزحام «
[180]- ، قال أنس بن مالك: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال: «أنا فاعل إن شاء اللّه تعالى». قلت: فأين أطلبك؟ قال: «أول ما تطلبني على الصراط»، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: «فاطلبني عند الميزان»، قلت:فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبني عند الحوض فإني لا أخطئ هذه الثلاثة مواطن» «
[181]- وعن الحسن، أن عائشة بكت، فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «ما يبكيك يا عائشة»؟ قالت: ذكرت أهل النار فبكيت هل يذكرون أهليهم يوم القيامة؟ قال: «أما في ثلاثة مواضع فلا يذكر أحد أحدا:
حيث يوضع الميزان حتى يعلم أ يثقل ميزانه أم يخفّ، وحيث يقول: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ حيث تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وحيث يوضع الصراط على الجسر».
[183]- : سمع عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «سيصاح يوم القيامة برجل من أمتي على رءوس الخلائق، ينشر عليه تسعة وتسعون سجلا، كل سجل مدّ البصر، ثم يقول:
أ تنكر من هذا شيئا؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أ لك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنات، وإنه لا ظلم عليك، فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فيقول: إنك لا تظلم، قال:فتوضع السجلات في كفّة والبطاقة في كفّة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة»
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
ما جاء في الصراط
بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
: وفي ورود الأخبار بذكر الصراط وهو جسر جهنم، بيان أن الجنة في علو، كما أن جهنم في السفل، إذا لو لم يكن كذلك لم يحتج الصائر إليها إلى الجسر.
قال سعيد أنه: بلغنا أن الصراط يوم القيامة وهو الجسر يكون على بعض الناس أدقّ من الشعرة، وعلى بعضهم مثل الدار الواسع. قال بعض العلماء ان الكفّار لا يجاوزن على الصراط لأنهم في معدن النار،
قال غيرهم: إنهم يركبون الصراط، ثم قد يكون أبواب جهنم فروجا في الجسر كأبواب السطوح، فهم يقذفون منها في جهنم ليكون غمّهم أشدّ وأفظع، وإلقاؤهم من الجسر أخوف وأهول، وفرح المؤمنين بالخلاص أكثر وأعظم،
وما في القرآن من قول اللّه عزّ وجل: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ، وقوله: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ... كالدليل على هذا، لأن الإلقاء في الشيء أكثر ما يستعمل في الطّرح من علوّ إلى أسفل، واللّه أعلم بكيفية ذلك.
وأما المنافقون.. فالأشبه أنهم يركبون الجسر مع المؤمنين ليمشوا في نورهم، فيظلم اللّه عزّ وجل على المنافقين فيقولون للمؤمنين: ((انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً.))
فيرجعون إلى المكان الذي قسّم فيه النور على قدر إيمانهم وأعمالهم فلا يجدون شيئا، فينصرفون وقد ((ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ)) نصلي بصلاتكم ونغزوا مغازيكم قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ.
فيحتمل- واللّه أعلم- أن هذا السور إنما يضرب عند انتهاء الصراط، ويترك له باب يخلص منه المؤمنون إلى طريق الجنة، فذلك هو الرحمة التي في باطنه، وأما ظاهره، فإنه يلي النار، وإن كانت النار سافلة عنه لا محاذية إياه، فإذا لم يجد المنافقون إلى باطن السور سبيلا، فليس إلا أن يقذفوا من أعلى الصراط، فيهوون منه إلى الدرك الأسفل من النار، هذا باستهزائهم بالمؤمنين في دار الدنيا
وقد يكون هذا الورود من وراء الصراط كما قال عبد اللّه بن مسعود، وسمّاه باسم النار لأنه جسر جهنم ومنه يلقى فيها من يلقى، ومنه تخطف الكلاليب من تخطف، وعليه الحسك وألوان العذاب ما عليه، إلا أن اللّه تعالى ينجي الذين اتقوا يعني بالجواز عنه ويذر الظالمين فيها جثيّا أي في جهنم على الرّكب بعد ما يلقى فيها من الصراط واللّه أعلم.
وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في حديث الرؤية قال: «فينصب الجسر على جهنم ويقولون: اللّهمّ سلم سلم»، قيل:
يا رسول اللّه وما الجسر؟ قال: «دحض مزلّة عليه خطاطيف وكلاليب وحسك، يكون بنجد فيه شوك يقال له السعدان، فيمرّ المؤمن كطرف العين، والبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل، فناج مسلّم. ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار ...
وفي رواية عبد اللّه بن مسعود: فيمرّون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه تخرّ يد، وتعلق يد، وتخرّ رجل، وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فيخلصون فإذا خلصوا قالوا: الحمد للّه الذي نجّانا منك بعد الذي أراناك.
وذلك يبيّن ما قلناه في الورود أنه يحتمل أن يكون المراد به المرور على الصراط.
وذهب عبد اللّه بن عباس ... أن المراد به الدخول.
فيكون ذلك ولوجا من غير مسّ نار وإصابة أذى كما روينا عن خالد بن معدان وهو من أكابر التابعين أنه قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا: يا رب أ لم تعدنا أن نرد النار؟ قال: بلى، مررتم وهي خامدة،
قال مقاتل بن سليمان : يجعل اللّه النار على المؤمنين يومئذ بردا وسلاما كما جعلها على إبراهيم عليه السلام.
وروى البيهقي عن جابر أنه قال: صمت إن لم أكن سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «الورود الدخول: لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه السلام، حتى إن للنار- أو قال- لجهنم ضجيجا من بردهم، ثم ينجي اللّه الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيّا.
وهذا تأويل قوله: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها فيقول:وردوها، ولم يصبهم من حرّها شيء إلا ليبرّ اللّه قسمه.
وروى البيهقي حديث حفصة أنها سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: «لا يدخل النار إن شاء اللّه من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها». قالت: بلى يا رسول اللّه، فانتهرها، فقالت حفصة: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: «فقد قال اللّه عزّ وجل: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا».
وهذا يحتمل أن يكون النبي صلى اللّه عليه وسلم إنما نفى عن أصحاب الشجرة دخول النار البقاء فيها، أو دخولا يمسّهم منها أذى، لا أصل الدخول، ألا تراه احتج بقوله:ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا.
[184]- عن مسروق عن عبد اللّه قال: يجمع اللّه الناس يوم القيامة فينادي مناد: يا أيها الناس ألا ترضون من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوّركم أن يولي كل إنسان منكم إلى من كان يتولى في الدنيا: قال: فيتمثّل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويتمثّل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير، حتى تتمثّل الشجرة والعود والحجر، ويبقى أهل الإسلام جثوما، فيقال لهم: ما لكم لم تنطلقوا كما ينطلق الناس؟ فيقولون: ان لنا رب لم يات بعد بيننا وبينه علامة إن رأيناه عرفناه، قالوا: وما هي؟ قالوا: يكشف عن ساق، قال:
فيكشف عند ذلك عن ساق قال: فيخرّ- أظنه قال- من كان يعبده ساجدا، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود قال: فلا يستطيعون، ثم يؤمرون، فيرفعون رءوسهم، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، قال: فمنهم من يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة وينطفئ مرة، فإذا أضاء قدّم قدمه، وإذا انطفأ قام، قال: فيمرّون على الصراط كحد السيف دحض مزلّة، فيقال لهم:
امضوا على قدر نوركم، فمنهم من يمرّ كانقضاض الكواكب، ومنهم من يمرّ كالريح، ومنهم من يمرّ كالطرف، ومنهم من يمرّ كشدّ الرّحل، ويرمل رملا، فيمرّون على قدر أعمالهم، حتى يمرّ الذي نوره على إبهام قدمه، تخرّ يد، وتعلّق يد، وتخرّ رجل، وتعلّق رجل، وتصيب جوانبه النار، قال: فيخلصون، فإذا خلصوا قالوا: الحمد للّه الذي نجّانا منك بعد أن أراناك، لقد أعطانا اللّه ما لم يعط أحدا.
قال مسروق: فما بلغ عبد اللّه هذا المكان من الحديث إلا ضحك، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لقد حدّثت هذا الحديث مرارا فكلما بلغت هذا المكان من الحديث ضحكت، فقال عبد اللّه: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحدّثه مرارا فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك حتى تبدو لهاته، ويبدو آخر ضرس من أضراسه لقول الإنسان: أ تهزأ بي وأنت ربّ العالمين، فيقول: لا ولكني على ذلك قادر «1».
[185]- ، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: بينما الناس في ظلمة إذ بعث اللّه نورا، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلا لهم من اللّه إلى الجنة، فلما رأى المنافقون المؤمنين انطلقوا إلى النور تبعوهم، فأظلم اللّه على المنافقين، فقالوا حينئذ: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ فإنّا كنّا معكم في الدنيا، قال المؤمنون: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فالتمسوا من هنالك النور « : يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى «قال: ليس أحد من الموحّدين إلا يعطى نورا يوم القيامة فأما المنافق فيطفأ نوره والمؤمن مشفق مما رأى من إطفاء نور المنافق فهو يقول: رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا «
[187]- قال عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: يوضع الصراط على سواء جهنم مثل حدّ السيف المرهف، مدحضة مزلّة، عليه كلاليب يخطف بها، فممسك يهوي فيها ويستبقون عليه بأعمالهم، فمنهم من شدّه كالبرق فذاك الذي لا ينشب أن ينجو، ومنهم من شدّه كالريح، ومنهم من شدّه كالفرس الجواد، ومنهم من شدّه كهرولة الرجل، ثم كرمل الرجل، ثم كمشي الرجل، والملائكة يقولون: اللهمّ سلم سلم وآخر من يدخل الجنة رجل لوّحته النار فيقول اللّه: سل وتمن، فيقول: يا رب أ تسخر مني وأنت ربّ العالمين؟ فيقول:
إني لا أسخر منك، ولكني على ما أشاء قادر فسل وتمن، فإذا فرغ قال: لك ما سألت ومثله معه «
[191] عن ابن عباس في قوله: يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا «» قال:يدفعون « قال «الصراط على جهنم مثل حرف السيف، بجنبتيه الكلاليب والحسك، فيركبه الناس فيختطفون، والذي نفسي بيده إنه ليؤخذ بالكلوب الواحد أكثر من ربيعة ومضر»
[193]- قال مجاهد: إن الصراط مثل حدّ السيف، دحض مزلّة يتكفأ، والملائكة والأنبياء قياما يقولون، ربّ سلم سلم، والملائكة يخطفون بالكلاليب.
[194]- عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سميّة قال: اختلفنا هاهنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم: يدخلونها جميعا وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا «» فلقيت جابر بن عبد اللّه فقلت له: إنّا اختلفنا فيها بالبصرة فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا: يدخلونها جميعا، فأهوى بإصبعيه إلى أذنيه فقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول اللّه يقول: «الورود الدخول، لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار أو قال لجهنم ضجيجا من بردهم ثم ينجي اللّه الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيّا «
[195]- ، عن مجاهد قال: كنت عند ابن عبّاس فأتاه رجل يقال له أبو راشد وهو نافع بن الأزرق فقال له: يا ابن عباس أ رأيت قول اللّه: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا قال: أما أنا وأنت يا أبا راشد فسنردها، فانظر هل نصدر عنها أم لا «
[196]- قال ابن عباس في قوله: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها: يعني البرّ والفاجر، أ لم تسمع إلى قول اللّه تعالى لفرعون: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَ بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ «»، وقال: وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً «» فسمّى الورود في النار دخولا، وليس بصادر «».
[197]- و قال ابن مسعود وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها قال: يدخلونها، أو: يلجونها ثم يصدرون منها بأعمالهم «
[199]- بكى عبد اللّه بن رواحة في مرضه، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال ابن رواحة: إني أعلم أني وارد النار، ولا أدري أ ناج منها أم لا «
[200]- عن عكرمة في قوله عزّ وجل: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها قال:
الدخول.
[206]- ، عن بشر بن شغاف قال: كنّا جلوسا مع عبد اللّه بن سلام فذكر الحديث إلى أن قال: وإن أكرم الخلائق على اللّه تعالى أبو القاسم صلى اللّه عليه وسلم، وإن الجنة في السماء، وإن النار في الأرض، فإذا كان يوم القيامة بعث اللّه الخلائق أمة أمة ونبيّا نبيا، ثم يوضع الجسر على جهنم، ثم ينادي مناد:
أين أحمد وأمته؟ فيقوم وتتبعه أمته برّها وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس اللّه أبصار أعدائه فيتهافتون فيها من يمين وشمال، وينجو النبي صلى اللّه عليه وسلم والصالحون معه،وتتلاقاهم الملائكة وثبا، يرونهم منازلهم من الجنة: على يمينك، على يسارك على يمينك، على يسارك، ثم ذكر مرور كل نبي وأمته.
وقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلّة القسم». ثم قرأ سفيان: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها.
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً
[207]- ، عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: «المقام المحمود الشفاعة»
[208]- عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: «الشفاعة».
[209]- سمع ابن عمر يقول: يصير الأمم يوم القيامة جثى كل أمة تلجأ إلى نبيّها، فيأتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مع أمته، فيوافي بهم على كوم على الأمم كلها، فيقال: يا فلان اشفع، فيردّها بعضهم إلى بعض، حتى ينتهون إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذلك قوله عزّ وجل: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً « البخاري ».
[210]- عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي من الأنبياء: جعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، ولم يكن نبي من الأنبياء يصلي حتى يبلغ محرابه، وأعطيت الرعب مسيرة شهر يكون بيني وبين المشركين مسيرة شهر فيقذف اللّه الرعب في قلوبهم، وكان النبي يبعث إلى خاصة قومه، وبعثت أنا إلى الجن والإنس، وكانت الأنبياء يعزلون الخمس فتجيء النار فتأكله، وأمرت أنا أن أقسمها في فقراء أمتي، ولم يبق نبي إلا أعطي سؤله وأخّرت شفاعتي لأمتي» «
[211]- ، عن حذيفة بن اليمان سمعته يقول في قول اللّه عزّ وجل: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «» قال: يجمع اللّه الناس في صعيد واحد ويسمعهم الدّاعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا سكوتا لا تكلّم نفس إلا بإذنه،: فينادى يا محمد، فيقول: لبّيك وسعديك والخير في يديك والشرّ ليس إليك، المهدي من هديت وعبدك بين يديك، وبك وإليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك تباركت وتعاليت سبحانك ربّ البيت،فذلك المقام المحمود «
[213]- وقال: «تمدّ الأرض يوم القيامة لعظمة الرحمن جلّ ثناؤه، ولا يكون فيها لأحد إلا موضع قدمه، فأكون أول من يدعى، فأجد جبريل عليه السلام قائما عن يمين الرحمن، لا والذي نفسي بيده ما رأى اللّه قبلها،
قال: فأقول: يا رب إن هذا جاءني فزعم أنك أرسلته إليّ. قال: وجبريل ساكت.: فيقول عزّ وجل: صدق أنا أرسلته إليك، حاجتك؟ فأقول: يا رب إني تركت عبادا من عبادك قد عبدوك في أطراف البلاد، وذكروك في شعب الآكام، ينتظرون جواب ما أجيء به من عندك، فيقول: أما إني لا أخزيك فيهم. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فهذا المقام المحمود الذي قال اللّه عزّ وجل: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً « .
[215]- عن أنس رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «إن لكل نبي دعوة قد دعا بها في أمته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة». « مسلم »
.
[216]- عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:«إن لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجّل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعتي لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة من مات منهم إن شاء اللّه تعالى لا يشرك باللّه شيئا».« مسلم »
[220]- ، عن أبي ذر قال: طلبت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة من الليالي فقيل لي: خرج إلى بعض النواحي، فوجدته قائما يصلّي، فأطال الصلاة، ثم سلّم، فقال: «إني أوتيت هذه الليلة خمسا لم يؤتها أحد قبلي: إني أرسلت إلى الأسود والأحمر» - قال مجاهد: يعني الجنّ والإنس- «و نصرت بالرعب يرعب العدو منّي وهو مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلّت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وقيل لي: سل تعط، فاختبأتها شفاعة لأمتي لمن لا يشرك باللّه شيئا» «2».
[221]- ، عن معاذ بن جبل، وعن أبي موسى قالا: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا نزل منزلا كان الذي يليه المهاجرون، قال: فنزلنا منزلا فنام النبي صلى اللّه عليه وسلم ونحن حوله، قال: فتعاررت من الليل أنا ومعاذ، فنظرنا فلم نره، قال: فخرجنا نطلبه إذ سمعنا هزيزا كهزيز الأرجاء إذ أقبل، فلما أقبل نظر قال: «ما شأنكم»؟ قالوا:
انتبهنا فلم نرك حيث كنت خشينا أن يكون أصابك شيء فجئنا نطلبك، قال:
فقال: «هل تدرون أين كنت وفيم كنت؟ أتاني آت من ربّي عزّ وجل فخيّرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة». فقالا: يا رسول اللّه ادع اللّه عزّ وجل أن يجعلنا في شفاعتك. فقال: «أنتم ومن مات لا يشرك باللّه شيئا في شفاعتي».
[222]- أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، حدثنا بشر بن بكر، حدّثني ابن جابر قال:
سمعت سليم بن عامر يقول: سمعت عوف بن مالك الأشجعي يقول: نزلنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منزلا، فاستيقظت من الليل، فإذا لا أرى شيئا أطول من مؤخرة رحلي قد لصق كل إنسان وبعيره بالأرض، فقمت أتخلل الناس، حتى وقعت إلى مضجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإذا هو ليس فيه، فوضعت يدي على الفراش بارد، فخرجت أتخلّل الناس وأقول: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ذهب برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، حتى خرجت من العسكر كله، فنظرت سوادا فمضيت فرميت بحجر، فمضيت إلى السواد، فإذا معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجراح، وإذا بين أيدينا صوت كدويّ الرحى، أو كصوت الهضباء حين يصيبها الريح، فقال بعضنا لبعض:
يا قوم اثبتوا حتى تصبحوا أو يأتيكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلبثنا ما شاء اللّه ثم نادى:
«ثم معاذ بن جبل وأبو عبيدة وعوف بن مالك»؟ فقلنا: نعم، فأقبل إلينا فخرجنا لا نسأله عن شيء ولا يخبرنا، حتى قعد على فراشه فقال: «أ تدرون ما خيّرني ربّي الليلة»، فقلنا: اللّه ورسوله أعلم، قال: «فإنه خيّرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة». فقلنا: يا رسول اللّه ادع اللّه أن يجعلنا من أهلها. قال: «هي لكل مسلم» «
[223]- عن عبد اللّه بن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «خيّرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعمّ وأكفى، أ ترونها للمؤمنين المتقين؟ لا، ولكنها للمذنبين المتلوّثين الخطّائين» «.
[225]- عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أنه قيل له: إن قوما يكذبون بالشفاعة، قال: فلا تجالسوا أولئك. وقال: يخرج قوم من النار، ولا نكذب بها كما يكذب بها أهل حروراء.
[227]- عن بن أبي فضالة قال:ذكروا عند عمران بن حصين الشفاعة، فقال رجل: يا أبا نجيد إنكم لتحدّثونا أحاديثا لا نجد لها أصلا في القرآن، قال: فغضب عمران فقال للرجل: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: وجدت فيه صلاة المغرب ثلاثا، وصلاة العشاء أربعا، وصلاة الغداة ركعتين، والأولى أربعا، والعصر أربعا؟ قال: لا، قال: فعمّن أخذتم هذا الشأن؟ أ لستم أخذتموه عنّا وأخذناه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، أو جدتم في كل أربعين درهما درهم وفي كل كذا وكذا شاة، وفي كل كذا وكذا بعير، كذا؟
أوجدتم هذا في القرآن؟ قال؟ لا، قال: فعمّن أخذتم هذا، أخذناه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأخذتموه عنّا، قال: فهل وجدتم في القرآن وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ «» وجدتم هذا طوفوا سبعا واركعوا ركعتين خلف المقام؟ أو جدتم هذا في القرآن عمّن أخذتموه؟ أ لستم أخذتموه عنّا وأخذناه عن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟. أوجدتم في القرآن: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام. قال: لا، قال: إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام». أسمعتم اللّه يقول لأقوام في كتابه: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ حتى بلغ: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ «».
[230]- عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يخرج قوم من النار بعد ما محشتهم يقال لهم الجهنميّون». فذكر لي أنهم استعفوا اللّه من ذلك الاسم فأعفاهم « الإمام أحمد ».
[232]- ، عن جابر، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «إذا ميّز أهل الجنة قامت الرسل فشفعوا، فيقول: انطلقوا أو اذهبوا فمن عرفتم فأخرجوه، فيخرجونهم قد امتحشوا، فيلقونهم في نهر يقال له الحياة، فيسقط دخن محاشهم على حافتي النهر، ويخرجون بيضا مثل الثعارير، ثم يشفعون فيقول: اذهبوا أو انطلقوا فمن وجدتم في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون بشرا كثيرا، فيقول اللّه: أنا الآن أخرج بنعمتي ورحمتي أضعاف ما أخرجوا وأضعافه، فيكتب في رقابهم عتقاء اللّه، ثم يدخلون الجنة فيسمون فيها الجهنميين» «
[233]- ، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى اللّه عليه وسلم فيدخلون الجنة، يسمّون:الجهنميين» « البخاري ».
[234]- عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «يخرج قوم من النار قد احترقوا، فيدخلون الجنة، فينطلقون إلى نهر يقال له: الحياة، فيغتسلون فيه فينضرون كما ينضر العود، فيمكثون في الجنة حينا، فيقال لهم: تشتهون شيئا؟ فيقولون: أن يرفع عنّا هذا الاسم، قال: فيرفع عنهم» «
[235]- ، حدّثنا يزيد الفقير قال: كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج « رأى الخوارج أنهم يرون أن أصحاب الكبائر يخلدون في النار، ولا يخرج منها من دخلها »، وكنت رجلا شابا، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد الحج ثم نخرج على الناس، فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد اللّه يحدّث القوم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالسا إلى سارية، وإذا هو قد ذكر الجهنميين، فقلت له:
يا صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما هذا الذي تحدّثون؟ واللّه تعالى يقول: إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ « ، و: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها « » فما هذا الذي تقولون؟ فقال: أي بني تقرأ القرآن؟ فقلت: نعم، فقال: هل سمعت بمقام محمد صلى اللّه عليه وسلم المحمود الذي يبعثه اللّه فيه؟ فقلت: نعم، قال: فإنه مقام محمد المحمود الذي يخرج اللّه به من يخرج من النار. قال: ثم نعت وضع الصراط ومرّ الناس عليه- فأخاف أن لا أكون حفظت ذلك- غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: فيخرجون كأنهم عيدان السماسم « أن السماسم وعيدانه تراها إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبّها دقاقا سودا كأنها محترقة، فشبّه بها هؤلاء.
»، فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه، قال: فيخرجون كأنهم القراطيس « شبّههم بالقراطيس لشدّة بياضهم بعد اغتسالهم » البيض. قال: فرجعنا فقلنا: ويحكم ترون الشيخ يكذب على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: فرجعنا، فو اللّه ما خرج منّا غير رجل واحد « معناه: كففنا عنه وتبنا منه، إلا رجلا منّا، فإنه لم يوافقنا في الانكفاف عنه ».« مسلم »
[236]- أبي سعيد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يقول اللّه عزّ وجل: من كان في قلبه مثقال حبة خردل من خير فأخرجوه، فيخرجون قد امتحشوا وعادوا حمما « امتحشوا معناه احترقوا، وأما الحمم وهو الفحم »، قال: فيلقون في نهر يقال له الحياة، قال فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل» « وهو ما يجيء به السيل من طين أو غثاء وغيره ». فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «ألا ترونها تنبت صفراء ملتوية».
« البخاري »
[237]- ، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يقول اللّه عزّ وجل: أخرجوا من النار من ذكرني يوما، أو خافني في مقام» «
[241]- ، قال عبد الرحمن بن أبي عقيل: انطلقت إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم في وفد، فأتيناه فأنخنا بالباب وما في الناس أبغض إلينا من رجل نلج عليه، فلما خرجنا خرجنا وما في الناس أحبّ إلينا من رجل دخلنا عليه، فقال قائل منهم: يا رسول اللّه ألا سألت ربّك ملكا كملك سليمان؟ فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال: «فلعلّ لصاحبكم عند اللّه أفضل من ملك سليمان، إن اللّه لم يبعث نبيّا إلّا أعطاه دعوة فمنهم من اتخذها دنيا فأعطيها، ومنهم من دعا بها على قومه إذ عصوه فأهلكوا بها، وإن اللّه أعطاني دعوة فاختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي يوم القيامة» «
[242]- ، عن أبيّ بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه. فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه. فأمرهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرآ. فحسّن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم شأنهما. فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية. فلما رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا. وكأنما أنظر إلى اللّه عزّ وجلّ فرقا. فقال لي: «يا أبيّ أرسل إليّ: أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه: أن هوّن على أمتي، فردّ إليّ الثانية: اقرأه على حرفين. فرددت إليه: أن هوّن على أمتي. فردّ إليّ الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف فلك بكل ردّة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللّهمّ اغفر لأمتي، وأخّرت الثالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلهم حتى إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم» « مسلم ».
[248]- عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «يجمع المؤمنون يوم القيامة فيهتمون لذلك، فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: يا آدم أنت أبو الناس خلقك اللّه بيده وأسجد لك ملائكته وعلّمك أسماء كل شيء، اشفع لنا إلى ربّنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول:
إني لست هناكم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب
ولكن ائتوا نوحا عليه السلام أول رسول
» بعثه اللّه عزّ وجل فيأتون نوحا عليه السلام فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب، ولكن ائتوا إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم عليه السلام فيقول: لست هناكم ويذكر لهم خطاياه، ولكن ائتوا موسى عليه السلام عبدا آتاه اللّه التوراة وكلّمه تكليما، فيأتون موسى عليه السلام فيقول: إني لست هناكم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب، ولكن ائتوا عيسى عليه السلام عبد اللّه ورسوله وكلمة اللّه وروحه فيأتون عيسى عليه السلام فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا عليه السلام عبدا غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فيأتوني فأنطلق فأستأذن على ربي عزّ وجل فيؤذن لي عليه «3»،
فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني ثم يقال:
ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد يعلّمنيه، ثم أشفع فيحدّ لي حدّا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي تبارك وتعالى وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني ثم يقال: ارفع محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفّع، فأحمد ربي بمحامد يعلمنيه ثم اشفع فيحدّ لي حدّا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني ثم يقال:ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفّع، فأحمد ربي بمحامد يعلّمنيه، ثم أشفع فيحدّ لي حدّا فأدخلهم الجنة حتى أرجع فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن» - أي وجب عليه الخلود-. «متفق علية»
ولكن ائتوا نوحا عليه السلام أول رسول
قال الحافظ في الفتح وفي رواية : «فإنه أول رسول بعثه اللّه إلى أهل الأرض». فإن آدم سبق إلى وصفه بأنه أول رسول، فخاطبه أهل الموقف بذلك، وقد استشكلت هذه الأولية بأن آدم نبي مرسل وكذا شيث وإدريس، وهم قبل نوح. وقال ولا يعترض بأن نوحا عليه السلام كان مبعوثا إلى أهل الأرض بعد الطوفان لأنه لم يبق إلا من كان مؤمنا معه وقد كان مرسلا إليهم. وقال القاضي عياض فإن آدم إنما أرسل لبنيه، ولم يكونوا كفّارا، بل أمر بتعليمهم الإيمان وطاعة اللّه تعالى، وكذلك خلفه شيث بعده فيهم.
(3) قال الحافظ في الفتح وقوله: «فاستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه». قال الخطابي:هذا يوهم المكان، واللّه منزّه عن ذلك، وإنما معناه في داره الذي اتخذها لأوليائه وهي الجنة وهي دار السلام، وأضيفت إليه إضافة تشريف، مثل: بيت اللّه، وحرم اللّه.
، عن أبي هريرة قال: أتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة فقال: «أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون بم ذاك؟
يجمع اللّه يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون، ألا ترون ما بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟
فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم، فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر وخلقك اللّه بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا «1» لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته. نفسي نفسي، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون:
يا نوح أنت أول الرّسل إلى الأرض وسمّاك اللّه عبدا شكورا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون:
أنت نبي اللّه وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، وذكر كذباته «3». نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول اللّه فضّلك اللّه برسالته وبتكليمه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفسا لم أؤمر بقتلها. نفسي نفسي، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول اللّه، وكلّمت الناس فى المهد، وكلمة منه ألقاها إلى مريم، وروح اللّه وكلمته اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول لهم عيسى: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبا. نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم.
فيأتوني فيقولون: يا محمد أنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وخاتم النبيين، وغفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي باب العرش فأقع ساجدا لربي عزّ وجل، ثم يفتح اللّه عزّ وجل لي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي ثم يقال:
يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى».
« مسلم »
(3) قال النووي في شرح مسلم: الكذبات المذكورة إنما هي بالنسبة إلى فهم المخاطب والسامع، وأما في نفس الأمر فليست كذبا مذموما لوجهين: أحدهما أنه ورّى بها فقال في سارة أختي في الإسلام وهو صحيح في باطن الأمر، والوجه الثاني أنه لو كان كذبا لا تورية فيه لكان جائزا في دفع الظالمين، وقد اتفق الفقهاء على- - أنه لو جاء ظالم يطلب إنسانا مختفيا ليقتله، أو يطلب وديعة للإنسان ليأخذها غصبا وسأل عن ذلك وجب على من علم ذلك إخفاؤه وإنكار العلم به، وهذا كذب جائز، بل واجب لكونه في دفع الظالم.
وقال القاضي عياض فيما نقله عنه النووي : وانظر هذه الخطايا التي ذكرت للأنبياء من أكل آدم عليه الصلاة والسلام من الشجرة ناسيا، ومن دعوة نوح عليه السلام على قوم كفّار، وقتل موسى صلى اللّه عليه وسلم لكافر لم يؤمر بقتله، ومدافعة إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم الكفّار بقول عرّض به هو فيه من وجه صادق. وهذه كلها في حق غيرهم ليست بذنوب، لكنهم أشفقوا منها إذ لم تكن عن أمر اللّه تعالى، وعتب على بعضهم فيها لقدر منزلتهم من معرفة اللّه تعالى.
[250]- عن حماد بن زيد، قال: انطلقنا إلى أنس بن مالك وتشفعنا بثابت، فانتهينا إليه وهو يصلي الضحى، فاستأذن لنا ثابت فدخلنا عليه، وأجلس ثابتا معه على سريره، فقال له: يا أبا حمزة إن إخوانك من أهل البصرة يسألونك أن تحدّثهم حديث الشفاعة قال: حدّثنا محمد صلى اللّه عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض. فيأتون آدم فيقولون له: اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام، فإنه خليل اللّه. فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى عليه السلام فإنه كليم اللّه. فيؤتى موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى عليه السلام فإنه روح اللّه وكلمته، فيؤتى عيسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم.
فأوتى فأقول: أنا لها. فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي « ، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه اللّه. ثم أخرّ له ساجدا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفّع. فأقول: رب أمّتي، أمّتي.
فيقال: انطلق، فمن كان في قلبه مثقال حبة من برّة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي « يعني إلى مساءلة ربي. أو إلى المقام نفسه الذي يسمع فيه خطابه »
فأحمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدا. فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفّع. فأقول: أمّتي، أمّتي. فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه ادنى أدنى أدنى من مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل.
«ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فاحمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفّع. فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال:
لا إله إلّا اللّه. قال: ليس ذاك لك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجنّ من قال: لا إله إلّا اللّه».
[252]- ، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يا رسول اللّه هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل تضارّون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب»؟ قال: قلنا: لا يا رسول اللّه، قال: «فهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيه سحاب»؟ قالوا: لا يا رسول اللّه، قال: «ما تضارّون في رؤيته يوم القيامة إلا كما تضارّون في رؤية أحدهما إذا كان يوم القيامة نادى مناد:
ألا يلحق كل أمة بما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار، ويبقى من كان يعبد اللّه وحده من برّ وفاجر وغبرات أهل الكتاب، قال: ثم تعرض جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، قال: ثم تدعى اليهود فيقال: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: عزيرا ابن اللّه، فيقول: كذبتم، ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد فما ذا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا، فيقول: أ فلا تردون؟ فيذهبون حتى يتساقطوا في النار. ثم تدعى النصارى فيقول: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون:
المسيح ابن اللّه، فيقول: كذبتم، ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد فما ذا تريدون؟
فيقولون: أي ربنا ظمئنا فاسقنا. فيقول: ألا تردون؟ فيذهبوا حتى يتساقطوا في النار، ويبقى من كان يعبد اللّه من برّ وفاجر. قال: ثم يتبدّى اللّه عزّ وجل لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أوّل مرة «3»، فيقول: يا أيها الناس لحقت كل أمّة بما كانت تعبد وبقيتم، فلا يكلمه يومئذ إلا نبيّا فيقول: فارقنا الناس في الدنيا، ونحن كنا إلى صحبتهم أحوج، لحقت كل أمة بما كانت تعبد، ونحن ننتظر ربنا الذي كنّا نعبد، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ باللّه منك، فيقول: هل بينكم وبين اللّه عزّ وجل من آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم،
فيكشف عن ساق «3» فيخرّون سجّدا أجمعين، ولا يبقى أحد كان يسجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقا إلا عاد ظهره طبقا واحدا، كلما أراد أن يسجد خرّ على قفاه، ثم يرفع برّنا ومسيئنا
وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة «4»
فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعم أنت ربنا ثلاث مرات. ثم يضرب الجسر على جهنم». قلنا: وما الجسر يا رسول اللّه؟ بأبينا أنت وأمّنا؟ قال: «دحض مزلّة، له كلاليب وخطاطيف وحسك، يكون بنجد عفيفاء « أي ملويّة كالصنّارة » يقال له: السعدان، فيمر المؤمنون كلمح البرق وكالطير، وكالطرف، وكأجاويد الخيل، وكالراكب، فمرسل، ومخدوش، ومكدوس». قال أبو أحمد: إنما هو:- مكردس في نار جهنم-. والذي نفس محمد بيده ما أحدكم بأشد مناشدة في الحق يراه مضيئا له من المؤمنين في إخوانهم إذا هم رأوا وقد خلصوا من النار
يقولون: أي ربنا إخواننا كانوا يصلّون معنا، ويصومون معنا، ويحجّون معنا، ويجاهدون معنا قد أخذتهم النار، فيقول: اذهبوا فمن عرفتم صورته فأخرجوه، ويحرّم صورتهم على النار، فيجدون الرجل قد أخذته النار إلى قدميه، وإلى انصاف ساقيه، وإلى ركبتيه، وإلى حقويه. فيخرجون منها بشرا كثيرا، ثم يعودون فيتكلمون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط خير فاخرجوه، فيخرجون منها بشرا كثيرا، ثم يعودون فيتكلّمون، فلا يزال يقول ذلك حتى يقول: اذهبوا فأخرجوا من وجدتم في قلبه مثقال ذرّة فأخرجوه».
وكان أبو سعيد إذا حدّث بهذا الحديث يقول: فإن لم تصدقوا فاقرءوا:
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَ يُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً
«فيقولون: أي ربنا لم نذر فيها خيرا، فيقول: هل بقي إلا أرحم الراحمين قال: فيقول: قد شفعت الملائكة، وشفع النبيّون، وشفع المؤمنون، فهل بقي إلا أرحم الراحمين؟ فيأخذ قبضة من النار، قال: فيخرج قوما قد عادوا حممة لم يعملوا للّه عمل خير قطّ، فيطرحون في نهر في الجنة يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه، والذي نفسي بيده كما تنبت الحبة في حميل السيل، أ لم تروها وما يليها في الظل أصيفر، وما يليها من الشمس أخيضر»؟ قلنا: يا رسول اللّه كأنك كنت في الماشية؟ قال: «فينبتون كذلك فيخرجون أمثال اللؤلؤ،
فيجعل في رقابهم الخواتيم، ثم يرسلون في الجنة، هؤلاء الجهنميون، هؤلاء الذين أخرجهم اللّه من النار بغير عمل ولا خير قدّموه، فيقول اللّه عزّ وجل: خذوا فلكم ما أخذتم، فيأخذون حتى ينتهوا قال: ثم يقولون: لو يعطينا اللّه ما أخذنا، فيقول اللّه عزّ وجل: فإني لأعطيكم أفضل مما أخذتم، ثم قال: فيقولون أي ربنا وما أفضل مما أخذنا؟ فيقول: رضواني فلا أسخط». « مسلم »
(3) في هذه اللفظة ( غير صورته التي رأيناه فيها أوّل مرة ) : فإن الذي يجب علينا- - وعلى كل مسلم أن يعلمه أن ربنا ليس مثلة شئ لا صورة ولا هيئة، فإن الصورة تقتضي الكيفية وهي عن اللّه وعن صفاته منفية.
: فإن هذا الموضع يحتاج الكلام فيه إلى تأويل وتخريج، وليس ذلك من أجل أننا ننكر رؤية اللّه سبحانه، بل نثبتها، ولا من أجل أنا نرفع ما جاء في الكتاب وفي أخبار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من ذلك المجيء والإتيان، غير أنّا لا نكيّف ذلك ولا نجعله حركة وانتقالا كمجيء الأشخاص وإتيانها، فإن ذلك من نعوت الحدث، وتعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
واعلم أن لأهل العلم في أحاديث الصفات وآيات الصفات قولين:
أحدهما: وهو مذهب معظم السلف أو كلهم، أنه لا يتكلم في معناها بل يقولون: يجب علينا أن نؤمن بها ونعتقد لها معنى يليق بجلال اللّه تعالى وعظمته، مع اعتقادنا الجازم أن اللّه تعالى ليس كمثله شيء وأنه منزّه عن التجسّم، والانتقال والتحيّز في جهة وعن سائر صفات المخلوق، وهذا القول هو مذهب جماعة من المتكلمين واختاره جماعة من محقّقيهم وهو أسلم. وهو الراجح ان شاء الله تعالى
(3) (فيكشف عن ساق ) وفسّر ابن عباس وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث الساق هنا بالشدّة، أي يكشف عن شدّة وأمر مهول، وهذا مثل تضربه العرب لشدة الأمر، ولهذا يقولون: قامت الحرب على ساق، وأصله أن الإنسان إذا وقع في أمر شديد شمّر ساعده، وكشف عن ساقه للاهتمام به. وقيل: معناه: كشف الخوف وإزالة الرعب عنهم، وما كان غلب على قلوبهم من الأهوال فتطمئن حينئذ نفوسهم عند ذلك.
(4) ( في صورته التي رأيناه فيها أول مرة) المراد بالصورة هنا الصفة، ومعناه؛ فيتجلى اللّه سبحانه وتعالى لهم على الصفة التي-- يعلمونها ويعرفونه بها، وإنما عرفوه بصفته، وإن لم تكن تقدّمت لهم رؤيته له سبحانه وتعالى لأنهم يرونه لا يشبه شيئا من مخلوقاته، وقد علموا أنه لا يشبه شيئا من مخلوقاته، فيعلمون أنه ربهم، فيقولون: أنت ربنا، وإنما عبّر بالصورة عن الصفة لمشابهتها إياها ولمجانسة الكلام.
[253]- قال الناس للنبي صلى اللّه عليه وسلم: هل نرى ربنا يوم القيامة؟
فقال: «هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه حجاب»؟ قالوا: لا يا رسول اللّه. قال: «فهل تمارون في الشمس ليس دونها حجاب»؟ قالوا: لا يا رسول اللّه. قال: «فإنكم ترونه كذلك، يحشر اللّه الناس يوم القيامة فيقال: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، قال: فيأتيهم اللّه عزّ وجل في غير صورته التي يعرفون «
، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعود باللّه منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عزّ وجل، فإذا جاء ربنا عزّ وجل عرفناه، فيأتيهم اللّه عزّ وجل في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، ويدعوهم ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أول من يجيز بأمتي من الرسل، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهمّ سلم سلم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان»؟ قالوا: نعم يا رسول اللّه، قال:
«فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا اللّه عزّ وجل، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى إذا أراد اللّه رحمة من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن أخرجوا من كان يعبد اللّه، فيخرجونهم ويعرفونهم بأثر السجود، وحرّم اللّه على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصبّ عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ اللّه من القضاء بين العباد « قال القرطبيقوله: «إذا فرغ اللّه». مشكل فمعنى فرغ اللّه من القضاء بين العباد، أي تمّم عليهم حسابهم وفصل بينهم لأنه لا يشغله شأن عن شأن سبحانه وتعالى »،
ويبقى رجل بين الجنة وبين النار هو آخر أهل الجنة دخولا الجنة مقبل بوجهه على النار، يقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها، فيقول اللّه عزّ وجل: فهل عسيت إن فعلت ذلك أن تسأل غير ذلك؟
فيقول: لا وعزّتك، فيعطي ربه ما شاء اللّه من عهد وميثاق، فيصرف اللّه وجهه عن النار، فإذا أقبل بوجهه على الجنة فرأى بهجتها، فيسكت ما شاء اللّه أن يسكت ثم قال: يا رب قدّمني عند باب الجنة، فيقول اللّه عزّ وجل له: أ لست قد أعطيت العهود والمواثيق ألّا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك، فيقول: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزّتك لا أسألك غير ذلك، فيعطي ربه عزّ وجل ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها انفهقت له فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور،
فيسكت ما شاء اللّه أن يسكت ثم يقول: يا رب أدخلني الجنة، فيقول اللّه عزّ وجل: يا ابن آدم ما أغدرك أ ليس قد أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي أعطيت؟
فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك اللّه عزّ وجل منه « ، ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول له: تمنّ، فيتمنى، حتى إذا انقطع به قال اللّه عزّ وجل: من كذا وكذا فسل- يذكّره ربه- حتى إذا انتهت به الأماني قال اللّه عزّ وجل: لك ذلك ومثله معه».
قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: «لك ذلك وعشرة أمثاله». قال أبو هريرة: لم أحفظ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا قوله: «لك ذلك ومثله معه». قال أبو سعيد: أشهد أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «لك ذلك وعشرة أمثاله». أخرجاه في الصحيح «4» من حديث أبي اليمان.
[254]- عن حذيفة بن اليمان أنه سمع رجلا يقول: اللهمّ اجعلني فيمن تصيبه شفاعة محمد صلى اللّه عليه وسلم، قال: إن اللّه يغني المؤمنين عن شفاعة محمد صلى اللّه عليه وسلم، ولكن الشفاعة للمذنبين المؤمنين والمسلمين
[256]- ، عن أبي بكرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:
«يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار « أي تسقطهم فيها بعضهم فوق بعض أي تسقطهم فيها بعضهم فوق بعض »، فينجي اللّه برحمته من يشاء، ثم إنه يؤذن في الشفاعة للملائكة والنبيين والشهداء والصدّيقين، فيشفعون ويخرجون، فيشفعون ويخرجون من كان في قلبه مثقال ذرّة من إيمان» « .
[257]- : قال عبد اللّه بن مسعود: يشفع نبيّكم رابع أربعة « »: جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى أو عيسى، ثم نبيّكم، لا يشفع أحد في أكثر مما يشفع نبيّكم، وهو المقام المحمود الذي قال اللّه عزّ وجل: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ثم الملائكة، ثم النبيّون، ثم الصدّيقون، ثم الشهداء ويبقى قوم في جهنم فيقال لهم: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ إلى قوله: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ قال عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: فهؤلاء الذين يبقون في جهنم «
[259]- ، عن جابر بن عبد اللّه، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: «يجاء بالعالم والعابد، فيقال للعابد: ادخل الجنة، ويقال للعالم: قف حتى تشفع للناس بما أحسنت أدبهم» «
[260]- ، عن أنس، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: «إن الرجل يشفع في الرجل والرجلين والثلاثة يوم القيامة» «
[261]- عن عبد اللّه بن شقيق العقيلي قال: جلست إلى نفر من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فيهم عبد اللّه بن أبي الجدعاء فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «ليدخلنّ الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم»، قالوا: سواك يا رسول اللّه؟ قال: «سواي» «
[262]- عن الحسن عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: «يدخل الجنة بشفاعة رجل من؟؟؟أكثر من ربيعة ومضر، وإن من أمتى من سيعظم للنار حتى يكون أحد زواياها» « ».قال الحسن: هو أويس القرني.
[267]- ، عن أبي هريرة أنه سمعه يقول: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما ذا ردّ إليك ربك في الشفاعة، فقال: «و الذي نفسي بيده لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك لما رأيت من حرصك على العلم، والذي نفسي بيده لما يهمّني من انقصافهم على باب الجنة أهم عندي من تمام شفاعتي وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلّا اللّه مخلصا يصدق قلبه لسانه، ولسانه قلبه» «
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
إن في الجنة سوقا ما فيها بيع ولا شراء إلّا الصور من الرجال والنساء.
إن في الجنة سوقا يأتونها كل جمعة فيها كثبان المسك.
إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها
إن في الجنة طيرا أمثال البخاتي.
إن في الجنة غرفا من أصناف الجوهر كلّه يرى ظاهرها من باطنها.
إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها.
إن في الجنة لغرفا فإذا كان ساكنها فيها لم يخف عليه خلفها.
إن في الجنّة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض.
إن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ مجوفة. [
إن له مرضعا في الجنّة. [
إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنّة مسيرة أربعين سنة.
إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب.
إن نسمة المؤمن تسرح في الجنّة حيث شاءت
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم تلا قول اللّه عزّ وجلّ: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ فقال: إن عليهم التيجان. .
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال في هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الآية:
قال: كلّهم في الجنّة، أو قال: كلّهم بمنزلة واحدة. [ إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا. [ابن مسعود] ص/ 206.
إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه اللّه عزّ وجل.
أهل الجنة جرد مرد بيض جعاد مكحلين. [ أهل الجنّة يأكلون فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يبولون ولا يتمخطون ولا يبزقون.
أول زمرة تدخل الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ولا يبصقون فيها ولا يتمخطون. .
أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة.
بلى والذي نفس محمد بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل.
بين كل مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة سبع سنين.
بينما أنا أسير في الجنّة إذ عرض لي نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوّف.
بينما أهل الجنة في مجلس لهم إذ سطع لهم نور. .
تتشقّق عنها ثمر الجنة مرتين- سئل عن ثياب أهل الجنة أخلق يخلق أم نسج ينسج-.
تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة نزلا لأهل الجنة. [ .
تنظر في وجهها وهي في خدرها أصفى من المرآة- في قوله عزّ وجلّ: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَ الْمَرْجانُ-. جنان الفردوس أربع: جنتان من ذهب حليتها وآنيتها وما فيها.
جنة المأوى فيها طير خضر ترتقي منها أرواح الشهداء تسرح في الجنّة.
جنة واحدة، إنها جنان كثيرة. .
جنتان من ذهب للسابقين وجنتان من فضّة للتابعين- في قوله تعالى: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ-.
جنتان من فضة آنيتها وما فيها، وجنتان من ذهب آنيتها وما فيها.
الجنة في السماء السابعة العليا والنار في الأرض السابعة السفلى. [ الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ترابها الزعفران وطينها المسك. [ .
الحور العين خلقن من الزعفران. [ .
الخيمة درّة مجوفة طولها في السماء ستّون ميلا. .
دحاما دحاما لا مني ولا منية. [ .
در مكة بيضاء، مسك خالص- سئل عن تربة الجنّة-. [ .
رأيتني كأنّي دخلت الجنّة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة. [
سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن هذه الآية وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ قال: قصر من لؤلؤة في ذلك القصر سبعون دارا.
سألت ربّي عزّ وجلّ فوعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا على صورة القمر.
سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له- في قوله عزّ وجلّ: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ-.
سبقوا الناس بأربعين خريفا- يعني المهاجرين-. [ .
سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لا يدخل أحدا عمله الجنّة. [ .
سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دويا فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا حجر ألقي من شفير جهنم. [ .
سيحان وجيحان والفرات والنيل كلّ من أنهار الجنّة. [ السابق والمقتصد يدخلان الجنّة بغير حساب والظالم لنفسه يحاسب حسابا يسيرا ثم يدخل الجنّة. [ .
غدوة في سبيل اللّه أو روحة خير من الدّنيا وما فيها. [
في الجنة بحر للماء وبحر للبن وبحر للعسل. [ .
في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمّى الريّان. .
في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة سنة لا يقطعها. .
في قوله: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً قال: يعني البنات الأبكار اللاتي كنّ في الدنيا.
في قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً قال: جبل من نار في النار يكلف أن يصعده.
في قوله: فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قال: ما بين الفرشتين كما بين السماء والأرض.
في قوله: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كلهم من هذه الأمة.
في قوله: وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ قال: يقرب إليه فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه. [ في قوله عزّ وجلّ: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ قال:
السابق والمقتصد يدخلان الجنّة بغير حساب. [ .
في قوله: مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلّوه من الأرض. [ فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. [ .
قال اللّه عزّ وجلّ: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. [ قصر من لؤلؤة في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء- سئل عن هذه الآية وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ-.
قمت على باب الجنّة فإذا أكثر من يدخلها الفقراء. [ .
قوم قتلوا في سبيل اللّه في معصية آبائهم- سئل عن أصحاب الأعراف-.
القتلى ثلاثة رجال: رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل اللّه حتى لقي العدو.
لا يدخل الجنّة أحد إلّا بجواز بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا كتاب من اللّه لفلان.
لا يدخل الجنّة عجوز فبكت عجوز- أخبروها أنها ليست يومئذ عجوز انها يومئذ شابة.
لا يموت رجل مسلم إلّا أدخل مكانه يهوديا أو نصرانيا. [ .
لقد رأيت رجلا يتقلّب في الجنّة في شجرة قطعها من ظهر الطريق.
لقيد سوط أحدكم في الجنة خير مما بين السماء والأرض. [ .
لما أسري بى دخلت الجنّة موضعا اسمه البيدج. [
لما أصيب إخوانكم بأحد جعل اللّه أرواحهم في أجواف طير خضر.
[ابن عبّاس] ص/ 152.
لما خلق اللّه عزّ وجلّ الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها فذهب فنظر إليها.
[أبو هريرة] ص/ 135.
لمّا خلق اللّه تعالى الجنّة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال: اذهب فانظر إليها.
[أبو هريرة] ص/ 134.
لما عرج بي إلى السماء أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوّف. [
لو أن أدنى أهل الجنّة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدّنيا جميعا لكان لما يحليه اللّه في الآخرة أفضل. [ ليدخلن أهل الجنّة الجنّة جردا مردا بيضا مكحلين. [ .
ليردن على الحوض رجال ممن صاحبني فإذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني. [ .
ليس على أهل لا إله إلّا اللّه وحشة في الموت. [ .
ليس على أهل لا إله إلّا اللّه وحشة في قبورهم. [ .
ليس في الجنّة شيء مما في الدنيا إلّا الأسماء. [ .
ليستبشر الفقراء والمهاجرين بما يسر وجوههم فإنهم يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بأربعين عاما. [
ما أحسن محسن من مسلم ولا كافر إلّا أثابه اللّه عزّ وجلّ. [ .
ما الدّنيا في الآخرة إلّا كما يدخل أحدكم يده في البحر فلينظر بما ترجع إليه.
ما الدنيا في الآخرة إلّا كما يدخل أحدكم يده في اليم فلينظر بما يرجع.
ما أنتم بجزء من مائة ألف أو سبعين ألف جزء ممن يرد عليّ الحوض.
ما بال رجال يزعمون أن قرابتي لا تنفع وإني لترجو شفاعتي صدى وسلهب.
ما بين الفرشتين كما بين السماء والأرض- في قوله عزّ وجلّ: فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ-.
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة ومنبري على حوضي.
ما بين لابتي حوضي مثل ما بين صنعاء والمدينة. [
ما بين مصراعين في الجنّة أربعين سنة. [
ما بين ناحيتي حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء. [ .
ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء والمدينة. [ .
ما من أحد يدخله اللّه الجنّة إلّا زوّجه ثنتين وسبعين زوجة، ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل الجنّة. [ ما من أحد يموت سقطا ولا هرما وإنما الناس فيما بين ذلك إلّا بعث ابن ثلاثين سنة.
ما من عبد قال لا إله إلّا اللّه ثم مات على ذلك إلّا دخل الجنّة. [ 70.
ما من عبد يدخل الجنّة إلّا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين يغنيان.
ما من عبد يشهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمدا عبده ورسوله صادقا من قلبه إلّا حرمه اللّه على النار. [ .
ما من عبد يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلّا تلقّوه من أبواب الجنّة الثمانية.
ما من يوم إلّا والجنة والنار يسألان تقول الجنّة: يا ربّ قد طابت ثمرتي.
ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء فيقول أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله إلّا فتحت له أبواب الجنّة. [عمر .
ما منكم من رجل إلّا وله منزلان منزل في الجنّة ومنزل في النار. [ .
من آتاه اللّه مالا فلم يؤدّ زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أفرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة. [ .
من آمن باللّه ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان فإن حقا على اللّه أن يدخله الجنّة.
من أنفق زوجين في سبيل اللّه دعاه خزنة الجنة من كل باب. [ .
من أنفق زوجين في سبيل اللّه نودي في الجنّة يا عبد اللّه هذا خير.
من أنفق زوجين من ماله في سبيل اللّه دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب.
من سرّه أن يسقيه اللّه عزّ وجلّ الخمر في الآخرة ليتركها في الدّنيا.
من غشّ العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي. [ .
من شهد أن لا إله إلّا اللّه وأني رسول اللّه يرجع ذاكم إلى قلب مؤمن دخل الجنة.
من كذّب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. [
من لقي اللّه وهو لا يشرك به شيئا دخل الجنّة. [
من مات لا يشرك باللّه شيئا دخل الجنّة- وإن رغم أنف أبي الدرداء.
من مات وهو يعلم أن لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة. [ .
من مات يشرك باللّه شيئا دخل النار. [ .
من وعده اللّه على عمل ثوابا فهو منجزه. [ .
من يدخل الجنة ينعم ولا يبؤس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه. [
موضع سوط أحدكم في الجنّة خير من الدنيا وما فيها. [
موعدكم حوضي وعرضه مثل طوله وهو أبعد مما بين أيلة إلى مكّة.
نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم. [ .
النار لا يطفئ جمرها ولا يضيء لهبها ثم قرأ: وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ. [ .
النوم أخ الموت ولا يموت أهل الجنّة- سئل أ ينام أهل الجنّة-. [ .
النيل نهر من العسل في الجنّة، والدجلة نهر اللبن في الجنّة. [ .
هل تدرون أول من يدخل الجنّة من خلق اللّه عزّ وجلّ- أوّل من يدخل الجنّة من خلق اللّه فقراء المهاجرين.
هل تدرون ما الكوثر- فإنه نهر وعدنيه ربّي عزّ وجلّ في الجنّة. [ .
هل تدرون ما هذا- هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين عاما فالآن انتهى إلى قعر النار. [ .
هم تسعة عشر- يعني الملائكة خزنة جهنم-. [ .
هم قوم قتلوا في سبيل اللّه وهم لآبائهم عاصون- سئل عن أصحاب الأعراف-.
هو كما بين البيضاء إلى بصرى، ثم يمدني اللّه فيه بكراع لا يدري بشر ممّ خلق.
هو نهر أعطانيه ربّي أشد بياضا من اللبن- قاله في الكوثر-. [ .
هو نهر أعطانيه اللّه في الجنّة ترابه مسك، شرابه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل- سئل عن الكوثر-. [ .
هو نهر في الجنة حافتاه من ذهب شرابه أشد بياضا من اللبن. [ .
هو نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على الدرّ والياقوت. [ .
والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء.
والذي نفس محمّد بيده إن مناديل سعد بن معاذ في الجنّة أحسن من هذا.
والذي نفس محمّد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء. 120.
والذي نفسي بيده لا يقولها أحد صادقا- يعني الشهادتان- إلّا حرمت عليه النار
والذي نفسي بيده ليدخلن الجنّة منتنا قد محشته النار بذنبه. [
واللّه ما الدنيا في الآخرة إلّا مثل ما يضع أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما ترجع.
وقفت على باب الجنة فرأيت أكثر أهلها المساكين. [ .
الويل: واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره.
الويل: واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يفرغ من حساب الناس- في قوله عزّ وجلّ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ-. [
يا أم الربيع إنها ليست بجنة واحدة ولكنها جنان كثيرة. [ .
يا عبد الرّحمن إن أدخلك اللّه الجنّة فكان لك فيها فرس من ياقوت له جناحان يطير بك حيث شئت. [ .
يا معشر المسلمين ارغبوا فيما رغبكم اللّه فيه واحذروا مما حذركم اللّه منه وخافوا مما خوفكم اللّه به من عذابه وعقابه ومن جهنم. [ .
يأكل أهل الجنّة ويشربون فيها ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يبولون.
يؤتى بأنضر الناس كان في الدنيا فيقال: اغمسوه في النار غمسة. [ .
يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها.
يؤتى بالرجل من أهل الجنّة فيقال له: يا ابن آدم كيف وجدت منزلك؟ فيقول: يا ربّ خير المنزل. [
يؤمر يوم القيامة بناس من الناس إلى الجنّة حتى إذا دنوا منها واستنشقوا رائحتها ونظر وإلى قصورها وإلى ما أعدّ اللّه لأهلها فيها نودوا أن اصرفوهم عنها.
يبعث المؤمنون يوم القيامة جردا مردا مكحلين. [ .
يبعث أهل الجنّة على صورة آدم عليه السلام في ميلاد ثلاث وثلاثين.
يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به؟.
يجاء بالموت يوم القيامة كأنّه كبش أملح قال فيوقف بين الجنّة والنار قال: فيقال: يا أهل الجنّة هل تعرفون هذا؟. .
يجمع اللّه الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم. .
يجمع اللّه الناس للحساب فيقولون واللّه ما عندنا من حساب ولا تركنا من شيء.
يجمع اللّه الناس يوم القيامة فيؤمر بأهل الجنّة إلى الجنّة وبأهل النار إلى النار، ثم يقال لأصحاب الأعراف ما تنتظرون. يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال. [ .
يحشر ما بين السقط إلى الشيخ الفاني يوم القيامة أبناء ثلاث وثلاثين.
يخرج عنق من النار أشد سوادا من القار فيقول: إني وكلت بكل جبار عنيد.
يخرج عنق من النار فيقول: إني وكلت بكل جبّار عنيد ومن جعل مع اللّه إلها آخر.
يخرج من النار- أربعة- رجلان فيعرضون على ربّهم فيؤمر بهم إلى النار.
يخضد اللّه شوكه فيجعل مكان شوكه ثمر؟؟؟ في قوله عزّ وجلّ: سِدْرٍ مَخْضُودٍ-.
يدخل الجنّة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير. [ .
يدخل الفقراء الجنّة قبل الأغنياء بنصف يوم خمس مائة عام. [ .
يدخل اللّه أهل الجنّة الجنّة ويدخل أهل النار النار. [ .
يدخل فقراء المؤمنين الجنّة قبل أغنيائهم بنصف يوم مقداره خمس مائة عام.
يدخل فقراء المسلمين الجنّة قبل الأغنياء بأربعين خريفا. [.
يدخل من أمّتي سبعون ألفا بغير حساب مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات.
يرى فيه أباريق الذهب والفضّة كعدد نجوم السماء. [.
يرسل على أهل النار البكاء فيبكون حتى تنقطع الدموع حتى يبكون الدم.
يعطى الرجل منهم من القوة في اليوم الواحد أفضل من سبعين منكم.
يعطى المؤمن في الجنّة قوة كذا وكذا من النساء. [.
يعني البنات الأبكار اللاتي كن في الدنيا- في قوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً-. [.
بقرب إليه فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقّع فروة رأسه فإذا شربه قطع امعاءه حتى يخرج من دبره- في قوله عزّ وجلّ: وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ-. [.
يقول اللّه عزّ وجلّ: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. يقول اللّه عزّ وجلّ: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ يخضد اللّه شوكه فيجعل مكان شوكه ثمر.
يكون قوم في النار ما شاء اللّه أن يكونوا. [
يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة. [
يلقى البكاء على أهل النار فيبكون حتى ينفذ الدموع ثم يبكون الدم.
يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع. [
بنادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا.
فى النار إن في النار حيّات أمثال أعناق البخت يلسعن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفا.
إن في جهنم سبعين ألف واد في كل واد سبعين ألف شعب في كل شعب سبعين ألف بيت.
إن في جهنم سبعين ألف واد في كل واد سبعين ألف شعب في كل شعب سبعون ألف ثعبان.
إن في جهنم واد وفي الوادي بئر يقال له هبهب.
إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته.
إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ضربت بماء البحر مرتين ولو لا ذلك ما جعل اللّه فيها منفعة لأحد.
أن امرأة عذّبت في هرّة لها ربطتها لم تطعمها ولم تسقها. .
أهون أهل النار عذابا أبو طالب. .
أوقد عليها ألف عام حتى أحمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى أسودت فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها- في قوله عزّ وجلّ: وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ-.
بِماءٍ كَالْمُهْلِ قال: كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه.
تشويه النار فتفلق شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى- في قوله عزّ وجلّ: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ
فِيها كالِحُونَ-. .
جبل من نار في النار يكلف أن يصعده فإذا وضع يده عليه ذابت- في قوله عزّ وجلّ:سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً-. .
حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنّة بالمكاره. [ .
أوقد عليها ألف عام حتى أحمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى أسودت فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها- في
بِماءٍ كَالْمُهْلِ قال: كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه.
تحسبون أن نار جهنم مثل ناركم هذه، هي أشد سوادا من القار. .
تعوّذوا باللّه من جبّ الحزن أو وادي الحزن، قيل: يا رسول اللّه وما جبّ الحزن أو وادي الحزن؟ قال: واد في جهنم تتعوّذ منه جهنم. .
تشويه النار فتفلق شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى- في قوله عزّ وجلّ: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ-. .
تخرج عنق من النار لها عينان تبصر بهما وأذنان تسمع بهما. .
جبل من نار في النار يكلف أن يصعده فإذا وضع يده عليه ذابت- في قوله عزّ وجلّ:
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً-. .
أهون أهل النار عذابا أبو طالب. .
الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء. [ .
سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دويا فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا حجر ألقي من شفير جهنم. [ .
رأيت عمرو بن عامر يجر قصبه في النار. [ .
حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنّة بالمكاره. [ .
ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث وعرض جلده سبعون وفخذه مثل البيضاء [
كل أهل النار يرى مقعده من الجنّة فيقول لو أن اللّه هداني فتكون عليه حسرة.
لو أن دلوا من غساق ألقي في الدّنيا لأنتن على أهل الأرض. [ .
لو أن رصاصة من هذه مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت
قبل الليل وتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ-
لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون فتنفّس رجل من أهل النار لاحرقهم.
ليردن على الحوض رجال ممن صاحبني فإذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني. [ .
لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلّوه من الأرض- في قوله عزّ وجلّ: مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ-.
لو أن حجرا ألقي في جهنم لما يبلغ أسفلها سبعون خريفا. [أبو موسى الأشعري] ص/ 279.
لو أن حجرا يبلغ خلفات ألقي من شفير جهنم هوى فيها سبعين عاما حتى يبلغ قعرها.
يؤتى بأنضر الناس كان في الدنيا فيقال: اغمسوه في النار غمسة. [ .
يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها.
يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به؟.
يجاء بالموت يوم القيامة كأنّه كبش أملح قال فيوقف بين الجنّة والنار قال: فيقال: يا أهل الجنّة هل تعرفون
هذا؟. .
يحشر ما بين السقط إلى الشيخ الفاني يوم القيامة أبناء ثلاث وثلاثين.
يخرج عنق من النار أشد سوادا من القار فيقول: إني وكلت بكل جبار عنيد.
يخرج عنق من النار فيقول: إني وكلت بكل جبّار عنيد ومن جعل مع اللّه إلها آخر.
يخرج من النار- أربعة- رجلان فيعرضون على ربّهم فيؤمر بهم إلى النار.
يرسل على أهل النار البكاء فيبكون حتى تنقطع الدموع حتى يبكون الدم.
بقرب إليه فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقّع فروة رأسه فإذا شربه قطع امعاءه حتى يخرج من دبره- في
بِماءٍ كَالْمُهْلِ قال: كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه.
تحسبون أن نار جهنم مثل ناركم هذه، هي أشد سوادا من القار. .
تخرج عنق من النار لها عينان تبصر بهما وأذنان تسمع بهما. .
تشويه النار فتفلق شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى- في قوله عزّ وجلّ: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ-. .
تعوّذوا باللّه من جبّ الحزن أو وادي الحزن، قيل: يا رسول اللّه وما جبّ الحزن أو وادي الحزن؟ قال: واد في جهنم تتعوّذ منه جهنم. .
جبل من نار في النار يكلف أن يصعده فإذا وضع يده عليه ذابت- في قوله عزّ وجلّ:
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً-. .
الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء. [ .
حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنّة بالمكاره. [ .
رأيت عمرو بن عامر يجر قصبه في النار. [ .
ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث وعرض جلده سبعون وفخذه مثل البيضاء [
كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه- في قوله عزّ وجلّ: بِماءٍ كَالْمُهْلِ-. [ .
كل أهل النار يرى مقعده من الجنّة فيقول لو أن اللّه هداني فتكون عليه حسرة.
لو أن حجرا ألقي في جهنم لما يبلغ أسفلها سبعون خريفا. [أبو موسى الأشعري] ص/ 279.
لو أن حجرا يبلغ خلفات ألقي من شفير جهنم هوى فيها سبعين عاما حتى يبلغ قعرها.
لو أن دلوا من غساق ألقي في الدّنيا لأنتن على أهل الأرض. [ .
لو أن رصاصة من هذه مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت
قبل الليل وتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ-
لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون فتنفّس رجل من أهل النار لاحرقهم.
لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلّوه من الأرض- في قوله عزّ وجلّ: مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ-.
ما من أحد لا يؤدّي زكاة ماله إلّا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع حتى يطوق به في عنقه. [ .
ما بين منكبي الكافر مسيرة خمس مائة عام للراكب المسرع. [ .
ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيّام للراكب المسرع. [ .
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين