الكُسَعِيُّ وقوْسُه
الكُسَعِيُّ رجلٌ منسوبٌ إلى كسع، قبيلةٍ باليمن، واسمه محارب بن قيسٍ، وبندامته يُضرَب المثل، يُقال: أندم من الكسعي.
ومن حديثه أنه كان يرعى إبِلًا بوادٍ كثير العشب والخمْط، فبينما هو يرعاها بَصُرَ بِنَبْعَةٍ على صخرةٍ، فقال: «ينبغي أن تكون هذه قوسًا»، فجعل يتعهَّدها ويُقوِّمها حتى أدركت، فقطعها، فلمَّا جفَّت اتَّخذ منها قوسًا، وأنشأ يقول:
ثمَّ دهنها وخطمها بوترٍ، واتَّخذ مِنْ بُرايتها خمسةَ أسهمٍ، وجعل يقلِّبها في كفِّه ويُنشد:
ثمَّ أتى قُتَرَةً على مواردِ حُمُرٍ، فكَمَنَ فيها، فمرَّ به قطيعٌ، فرمى عَيْرًا منها بسهمٍ، فأنفذه وجازه وأصاب الجبل، فأَوْرَى (أشعل) نارًا، فظنَّ أنه أخطأه، فأنشد يقول:
ثمَّ مرَّ به قطيعٌ آخر، فرمى عَيْرا فأنفذه السهم فصنع صنيعَه الأوَّل، فأنشأ يقول:
ثمَّ مرَّ به قطيعٌ آخر فرمى عيرًا، فأمخطه السهم، فصنع صنيعَه الأوَّل فأنشأ يقول:
ثمَّ مرَّ به قطيعٌ آخر فرمى عيرًا بسهم فأمخطه السهم وصنع ما صنع أوَّلًا فأنشأ يقول:
ثمَّ مرَّ قطيعٌ آخر فرمى عيرًا بسهم فأمخطه السهم وصنع كما صنع أوَّلًا فأنشأ يقول:
ثمَّ أخذ القوس فكسرها على حجرٍ وبات، فلمَّا أصبح أبصر الأعيار الخمسة مطروحةً حوله، فأسِفَ وندم على كسر القوس، وعضَّ على إبهامه فقطعها تلهُّفًا، وأنشأ يقول:
وبالكسعي يتمثَّل الفرزدق حين يقول:
[«شرح مقامات الحريري» للشريشي (١/ ٢٥٨)]
المصدر موقع الشيخ فركوس حفظه الله
الكُسَعِيُّ رجلٌ منسوبٌ إلى كسع، قبيلةٍ باليمن، واسمه محارب بن قيسٍ، وبندامته يُضرَب المثل، يُقال: أندم من الكسعي.
ومن حديثه أنه كان يرعى إبِلًا بوادٍ كثير العشب والخمْط، فبينما هو يرعاها بَصُرَ بِنَبْعَةٍ على صخرةٍ، فقال: «ينبغي أن تكون هذه قوسًا»، فجعل يتعهَّدها ويُقوِّمها حتى أدركت، فقطعها، فلمَّا جفَّت اتَّخذ منها قوسًا، وأنشأ يقول:
يَا رَبِّ وَفِّقْنِي لِنَحْتِ قَوْسِي * فَإِنَّهَا مِنْ لَذَّتِي لِنَفْسِي
وَانْفَعْ بِقَوْسِي وَلَدِي وَعِرْسِي * أَنْحِتُهَا صَفْرَاءَ مِثْلَ الوَرْسِ
صَلْدَاءَ لَيْسَتْ كَقِسِيِّ النُّكْسِ
ثمَّ دهنها وخطمها بوترٍ، واتَّخذ مِنْ بُرايتها خمسةَ أسهمٍ، وجعل يقلِّبها في كفِّه ويُنشد:
هُنَّ وَرَبِّي أَسْهُمٌ حِسَانُ * يَلَذُّ لِلرَّامِي بِهَا البَنَانُ
كَأَنَّمَا قَوَّمَهَا مِيزَانُ * فَأَبْشِرُوا بِالخصْبِ يَا صِبْيَانُ
إِنْ لَمْ يَعُقْنِي الشُّؤْمُ وَالحِرْمَانُ *
ثمَّ أتى قُتَرَةً على مواردِ حُمُرٍ، فكَمَنَ فيها، فمرَّ به قطيعٌ، فرمى عَيْرًا منها بسهمٍ، فأنفذه وجازه وأصاب الجبل، فأَوْرَى (أشعل) نارًا، فظنَّ أنه أخطأه، فأنشد يقول:
أَعُوذُ بِاللهِ العَزِيزِ الرَّحْمَنْ * مِنْ نَكَدِ الجَدِّ مَعًا وَالحِرْمَانْ
مَا لِي رَأَيْتُ السَّهْمَ بَيْنَ الصَّوَّانْ * يُورِي شَرَارًا مِثْلَ لَوْنِ العِقْيَانْ
فَأَخْلَفَ اليَوْمَ رَجَاءَ الصِّبْيَانْ
ثمَّ مرَّ به قطيعٌ آخر، فرمى عَيْرا فأنفذه السهم فصنع صنيعَه الأوَّل، فأنشأ يقول:
لَا بَارَكَ الرَّحْمَنُ فِي رَمْيِ القَتَرْ * أَعُوذُ بِالخَالِقِ مِنْ شَرِّ القَدَرْ
أَأَمخطُ السَّهْم لِإِرْهَاقِ الضَّرَرْ * أَمْ ذَاكَ مِنْ سُوءِ احْتِيَالٍ وَنَظَرْ
أَمْ لَيْسَ يُغْنِي حَذَرٌ عَنْهُ قَدَرْ
ثمَّ مرَّ به قطيعٌ آخر فرمى عيرًا، فأمخطه السهم، فصنع صنيعَه الأوَّل فأنشأ يقول:
مَا بَالُ سَهْمِي يُوقِدُ الحُبَاحِبَا * قَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَائِبَا
فَأَخْطَأَ العَيْرَ وَوَلَّى جَانِبَا * فَصَارَ رَأْيِي فِيهِ رَأْيًا خَائِبَا
ثمَّ مرَّ به قطيعٌ آخر فرمى عيرًا بسهم فأمخطه السهم وصنع ما صنع أوَّلًا فأنشأ يقول:
يَا أَسَفَا وَالجَد النَّكِدْ * فِي قَوْسِ صِدْقٍ لَمْ تُزَيَّنْ بِأَوَدْ
أَخْلَفَ مَا أَرْجُو لِأَهْلٍ وَوَلَدْ * فِيهَا وَلَمْ يُغْنِ الحِذَارُ وَالجَلَدْ
فَخَابَ ظَنُّ الأَهْلِ جَمْعًا وَالوَلَدْ
ثمَّ مرَّ قطيعٌ آخر فرمى عيرًا بسهم فأمخطه السهم وصنع كما صنع أوَّلًا فأنشأ يقول:
أَبَعْدَ خَمْسٍ قَدْ حَفِظْتُ عَدَّهَا * أَحْمِلُ قَوْسِي وَأُرِيدُ رَدَّهَا
أَخْزَى الإِلَهُ لينَهَا وَشَدَّها * وَاللهِ لَا تَسْلَمُ مِنِّي بَعْدَهَا
وَلَا أُرَجِّي ـ مَا حَيِيتُ ـ رِفْدَهَا
ثمَّ أخذ القوس فكسرها على حجرٍ وبات، فلمَّا أصبح أبصر الأعيار الخمسة مطروحةً حوله، فأسِفَ وندم على كسر القوس، وعضَّ على إبهامه فقطعها تلهُّفًا، وأنشأ يقول:
ندمت ندامةً لو أنَّ نفسي * تطاوعني إذًا لقطعت خمسي
تبيَّن لي سفاهُ الرأي مني * لعمرُ أبيك حين كسرت قوسي
وبالكسعي يتمثَّل الفرزدق حين يقول:
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا * غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ
وَكَانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ مِنْهَا * كَآدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُ الضِّرَارُ
وَلَوْ أَنِّي مَلَكْتُ يَدِي وَنَفْسِي * لَأَصْبَحَ لِي عَلَى القَدَرِ اخْتِيَارُ
وَكُنْتُ كَفَاقِئٍ عَيْنَيْهِ عَمْدًا * فَأَصْبَحَ مَا يُضِيءُ لَهُ نَهَارُ
[«شرح مقامات الحريري» للشريشي (١/ ٢٥٨)]
المصدر موقع الشيخ فركوس حفظه الله