بين فيروس كرونا وفيروس الثورات والنصيحة الغالية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد قابل الكثير فيروس كرونا بالخوف الشديد واستبشر الكثير بالثورات.
فلما جاء النصيحة الثمينة كونوا أحلاس البيوت الزم بيتك داس هذه النصيحة الدهماء ورفعها فوق الرؤوس الفضلاء من الناس.
وهذه نصيحة رسول الله عليه الصلاة والسلام وصحبه.
عن عبد الله بن عمرو، قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكروا الفتنة - أو ذكرت عنده -، فقال: ((إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا))، وشبك بين أصابعه.
قال: فقمت إليه، فقلت له: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟
قال: ((الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وأبو داود في ((السنن)) وصححه الألباني.
عن أبي كبشة السدوسي، عن أبي موسى، قال: خطبنا فقال: (ألا وإن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم , يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا , ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا , القاعد فيها خير من القائم , والقائم خير من الماشي , والماشي خير من الراكب , قالوا: فما تأمرنا؟ قال: (كونوا أحلاس البيوت).
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) ونعيم بن حماد في ((الفتن)) بإسناد حسن.
الزم بيتك جاءت اليوم والأمس من المتخصصين، والعلماء شاركوا في النصيحة، عرفوا خطورة الأميرين، غير أنه قابل قولهم أمس كثير ممن رق دينة بالتنقص والازدراء، ولما توافق قولهم مع قول الأطباء كان الرضا.
فيروس كرونا أول ما ظهر في دولة كافرة وفيروس الثورات أول ما ظهر في دولة مسلمة.
فيروس كرونا انتقل إلى دول مسلم وفيروس الثورات لم يتعدَّ الدول المسلمة التي اجتاحها.
فيروس كرونا يعمل على إفساد الجهاز التنفسي للإنسان وربما أدى إلى الوفاة وفيروس الثورات حصد الكثير من الناس وأجهز عليها.
فيروس كرونا لم يتعرض للأعراض وفيروس الثورات فتك ببعض الأعراض.
فيروس كرونا لم يتعرض لأمن البلاد وفيروس الثورات ضرب الأمن وأخل به وعاش الكثير أيام خوف.
فيروس كرونا لم يتعرض للبنى التحتية والمباني والمنشآت وفيروس الثورات دمر الكثير منها.
فيروس كرونا قصير وفيروس الثورات طويل والمشاهد بعض الدول التي ضربها لم تستقر منذ سنوات.
فيروس كرونا وفيروس الثورات استغلته النفوس المريضة والتجار والفجار وبعض الدول لزيادة رصيدها البنكي.
فيروس كرونا تنبه لخطره المتخصصون وغيرهم الكثير وفيروس الثورات تنبه له الخلص من العلماء والدعاة والفضلاء.
فيروس كرونا عرف الكثير خطورته عند اقباله وفيروس الثورات عُرفت خطورته بعد إدباره.
الزم بيتك نصيحة واحدة في الأمس واليوم لتحقيق فوائد عظيمة منها المحافظة على النفس، فلما قالها العلماء قبلت بالاستهزاء ورمي من تمسك به بأنهم جماعة الزم بيتك.
فهل يصح أن نرمي بهي اليوم من أخذ بها بأنهم جماعة الزم بيتك؟
وهل يعلم هؤلاء المستهزئون أن الزم بيتك نصيحة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام عند الفتن؟
فلنعرف لأهل العلم قدرهم ومكانتهم ونصحهم ولنأخذ بتوجهاتهم.
ولنعرف أهل الشر والفساد ومن يعمل على زعزعة الأمن كي نحذرهم ونحذر منهم، وأن خطورة الثورات أشد من خطورة هذه الأمراض.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأثنين 28 رجب سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 23 مارس سنة 2020 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأثنين 28 رجب سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 23 مارس سنة 2020 ف
المصدر موقع التصفية والتربية تحت اشراف الشيخ أزهر سنيقرة حفظه الله