
الوصايا العشر للعوائل والأسر
في ظل انتشار فيروس كورونا
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد أشرف الأنبياء و المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين. ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :
لا شك أن لكل شيء قلب، وقلب المجتمع الأسرة. إذا صلحت صلح المجتمع كلّه، وإذا فسدت فسد المجتمع كلّه. ومن صلاح الأسرة في ظل هذه الأوضاع التي نعيشها بسبب جائحة كورونا ( covid 19). هو التقيد بالإرشادات الصادرة عن ولي الأمر و أهل الإختصاص، بل الواجب والآكد على كل مسلم مسؤول تنفيذها، لأن المحافظة على الدين والنفس مقصدان من مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة. هدفها الرفع من قيمة الإنسان وتحقيق سعادة الدارين.
ومن جملة الأسس الإسلامية والآداب التي تُبنى عليها الأسر المتوافقة الناجحة في ضوء الكتاب والسنة، هذه الوقفات والإرشادات. فمتى كثرت المناصحة بين المسلمين، وأداها بعضهم لبعض و أخلصوها. نجوا بإذن الله تعالى من الفتن والمحن.
نسألُ الله

1) التقيد بالتعليمات مسؤولية الجميع :
مواجهة الفيروس مسؤولية الجميع، والالتزام بالتعاليم الصحية النبوية مع الأخذ بالنصائح المهمة واجب شرعي. ومن المسؤولية، قال رئيس الدولة عبد المجيد تبون في خطابه للأمة: [ أدعوا المواطنين والمواطنات إلى الحد من التنقل حتى داخل أحيائهم لتجنب انتشار الوباء] إ.هـ . وهذه التدابير الوقائية هي مسؤولية الجميع نابعة من ضوء الكتاب والسنة :
1/ من الكتاب :
قال الله ﷻ: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء ٥٩]
قالت هيئة كبار العلماء بالسعودية في بيانها : " إن التقيد بهذه التعليمات واجب شرعي، ويأثم المكلف عند مخالفتها لقول الله

فطاعة ولي الأمر في التدابير والإجراءات التي فرضها على الأمة من أصول منهج أهل السنة والجماعة كما قرره الإمام الطحاوي

2/ من السنة :
عن عائشة أم المؤمنين

قال العلامة ابن عثيمين -


2) لزوم البيت والخروج منه قدر الحاجة :
دل القرآن والسنة النبوية على مشروعية العزلة عن الناس وترك الإختلاط بهم في حال خوف المسلم على نفسه من الفتن، بل تكون واجبة إذا تعلقت بحفظ النفس والدين. فالعزلة عن الناس واجتنابهم بلزوم البيوت ليس خيارا اليوم ، بل واجبا شرعيا لحماية النفس والمجتمع من هذا الوباء الذي يصيب الناس بالمخالطة.
1/ من الكتاب :
قال الله ﷻ: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ [الكهف ١٠]
قال القرطبي في تفسيره –

2/ من السنة :
عن عبد الله بن عمرو

قال الشيخ عبد المجيد جمعة -حفظه الله- : لهذا أهيب بالمواطنين من أجل الامتثال لهذه القرارات ومراعاتها والالتزام بها وعدم مخالفتها والتساهل فيها، بل إن مخالفتها أو التساهل فيها قد يكون سببًا في إلحاق الأذى بالناس وإصابتهم بالعدوى، والمتسبب كالمباشر في الضمانات والجنايات. ومما لا يخفى أنه من أهم أسباب فشو هذا المرض وانتشاره هي التجمعات والمخالطات وتساهل الناس فيها، وقد نهى النبي ﷺ إذا نزل طاعون ببلدة أن يدخلها الناس أو أن يخرجُوا منها، وهذا الحديث يدل على النَّهي عن المخالطة في الوباء وهو ما أمر به عمرو بن العاص لمَّا ولي الخلافة على الشام وأصابها طاعون خطب في الناس فقال: «إن الطاعون كجمرة من النار وأنتم حطبها ومشتعلوها فتفرقوا عنها حتى تتفرق ولا تجد ما تأكل»، فلمَّا أطاعوه واستجابوا لأمره نجوا جميعاً ورفع الله عنهم البلاء.
3)من حسن العشرة مساعدة الأهل في المنزل :
لا شك أن إعانة الزوج لأهله في أداء بعض الأعمال المنزلية من تمام حسن العشرة ، وحصول المودة والرحمة بين الزوجين، كما أن الرجل إذا ساعد زوجته طهر نفسه من الكبر والتجبر، وعودها على الرفق والتواضع. لذلك كان هذا العمل من أنفع الأخلاق التي يحبها نبي الرحمة ﷺ ، وسنة عباد الله الصالحين من بعده.
1/ من الكتاب :
قال الله ﷻ: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء ١٩]
قال العلامة أبوعبد المعز محمد علي فركوس-حفظه الله تعالى - : وللمعاشرة بالمعروف وجوه كثيرة نذكر منها. مُساعَدة الرجلِ زوجتَه في خدمة أعمال البيت وأشغالِ المنزل مِنْ تنظيفٍ وترتيبٍ وغيرِهما، خاصَّةً أيَّامَ حَمْلِها للجنين أو بعد وَضْعِها للمولود أو وَقْتَ مَرَضِها أو عند زحمةِ أعمالها، فقَدْ كان النبيُّ ﷺ يخدم مِهْنةَ أهلِه ويَقُمُّ بيتَه ويرفو ثوبَه ويخرز نعلَه ويحلب شاتَه.
2/ من السنة :
سُئِلَتْ عائشةُ

قال العلامة ابن عثيمين -


4) من محاسن الأخلاق الصبر على الزوجة :
من المعلوم أن نصف الدين صبر، و الصبر على الزوجة من عظائم الأمور، وكمال المعاملات القلبية والجسمية ، ومن كمال الأدب الإحسان إليها إن هي أساءت ، طمعا في الأجر العظيم من الله تعالى . والتجاوز عن أخطائها إلى ما هو خير منه سنة الحبيب النبي ﷺ .
1/ من الكتاب :
قال ﷻ: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت ٣٤]
قال الإمام الطبري في تفسيره : يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد ﷺ ادفع يا محمد بحلمك جهل من جهل عليك, وبعفوك عمن أساء إليك إساءة المسيء, وبصبرك عليهم مكروه ما تجد منهم, ويلقاك من قِبلهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في تأويله. قال لبن عباس

قلتُ هذا مع العدو البعيد ، فكيف لو كان مع الزوج الحميم القريب.
2/ من السنة :
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:


قال العلامة أبو عبد الله محمد سعيد رسلان - حفظه الله تعالى- : هذا أمر محرِج، الرجل لا يقبله في الجملة على نفسه ببن أصحابه ، أن تفعل امرأته كذلك بمحضر من أصحابه. يأتي طعام في صحفة من فخار فتجلد به الأرض حتى يتناثر. فماذا صنع رسول الله ﷺ . قام النبي ﷺ يجمع بيديه وهو يقول للأصحاب معتذرا عن عائشة


5) ملاطفة الصبيان وخلق جو ترفيهي :
معروف عن النفس السآمة والملل ، فلا بد لها من قدر من اللهو والمزاح المباح. شريطة أن لا يغلب الترفيه على حياة المسلم . فهي ساعة وساعة . يجعلها الرجل مع أهل بيته فيصنع لهم جوا ترفيهيا، فإن ملاطفة الصبية و ملاعبتهم يترك أثرا طيبا إجابيا في نفس الصغير و أهله. وكان هذا دأبه مع الأولاد . ومن مظاهرِ حسن خلقه ورحمته ﷺ تواضعه للأطفال الصغار وصبره عليهم، ومداعبته إياهم بما يدخل السرور والفرح عليهم.
1/ من الكتاب :
قال الله ﷻ: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء ۱٠٧]
قال فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر– حفظه الله تعالى-: الإسلام دين الرحمة، ونبينا عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾. فإذا وُجدت الرحمة في قلوب الآباء والأمهات حلَّت الخيرات وتوالت البركات وتحققت المصالح الكبيرات والمنافع العظيمات؛ برًّا ووفاءً وإحسانًا واستقامةً على طاعة الله بإذن رب الأرض والسماوات.
بينما -عباد الله- إن نُزعت الرحمة من قلب الوالد حلَّ الشقاء وتوالى العناء وتفرق الأبناء وكثرت الشدة والبلواء ، وفي الحديث أن النبي ﷺ قال :« لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِىٍّ»؛ وهذا فيه إلماحةٌ إلى أن انتزاع الرحمة موجبٌ للشقاء وسبب لحلوله. ولهذا فإن أعظم ما يكون في باب التأديب والتربية للأبناء أن يقوم ذلك على رحمتهم والرأفة بهم والتودد والتلطف والإحسان؛ فإن هذه ركيزة عظيمة وأصلٌ متين لابد منه في هذا الباب.
2/ من السنة :
عن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله ﷺ في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنا أو حسينا، فتقدم رسول الله ﷺ فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله ﷺ وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله ﷺ . قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك، قال رسول الله ﷺ :«كلُّ ذلكَ لم يكُنْ؛ ولكنَّ ابني ارتَحَلني، فكرِهتُ أنْ أُعجِّلَه حتى يَقْضيَ حاجتَه».
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين –

في ظل انتشار فيروس كورونا.
فكان هديه

يتبع بإذن الله تعالى ...
أبو عبد الرحمن محمد صالحي
عين مران ليلة الأحد ۱٢ من شعبان ١٤٤١ ه
المصدر منتديات الابانة السلفيةـ
عين مران ليلة الأحد ۱٢ من شعبان ١٤٤١ ه
المصدر منتديات الابانة السلفيةـ
آخر تعديل: