ONjINE
:: عضو مُشارك ::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بمناسبة شهر الاستقلال وددت اضافة مشاركتي في هذا القسم تحت عنوان دور الدين و العلماء في الثورة
هو الموضوع متفرع فعلا وانا ساحاول استجماع التفاصيل في بحث مطول محاولة ارضاء فضولي
متابعة طيبة
سيكون هناك شطران : دور الدين ----- دور العلماء
اول ماساتطرق اليه : الأبعاد الروحية في ثورة التحرير المباركة { يعني دور الدين الاسلامي }
العنوان الرئيسي باللون والفرعي باللون
إن فضل الإسلام كبعد روحي على الثورة التحريرية، حقيقة ثابتة، يشهد بها القاصي والداني، والعدو قبل الصديق، إذ يكفي أنها طبقت أحكام الشريعة الإسلامية في مختلف المجالات. والثورة التحريرية في جوهرها قامت على مبدأ الجهاد في سبيل الله، وبروحه انتصرت، والشعب الجزائري الذي نهض بأعباء المقاومة "مسلم وإلى العروبة ينتسب"، وكاد المجاهدون أن يرتقوا إلى مصاف الملائكة المنزهين في صورة بشر أو صحابة مقربين، بسمو أخلاقهم وعلو همتهم. ولو كان هذا الزمان زمان النبوات والمعجزات، لكان الشعب الجزائري نبي شعوب هذا الزمان، ومعجزته ثورته التحريرية الخالدة.
وهذا لأن ثورة نوفمبر، ثورة ربانية، وهي عودة حقيقية إلى الله، وهي ثورة جزائرية محضة وخالصة، لا شرقية ولا غربية، ثورة جزائرية في التفكير وفي التخطيط، وفي القرار وفي التنفيذ. إنها ثورة اندلعت باسم كافة الشعب الجزائري، ولم تنسب لزعيم، فاحتضنها الشعب والتف حولها وظل يناصرها ويمدها بالرجال والمال والسلاح والأخبار (المعلومات). ولم يتخل عنها لحظة حتى انتصرت حضارة باديس العربية الإسلامية على مدينة باريس ونزعتها الصليبية. إن موضوع الأبعاد الروحية للثورة المباركة، سر انتصارها وظفرها بالاستقلال، يوقظ ذاكرة الأمة ويستقرئ ماضيها الحضاري العريق الحافل بالأمجاد والبطولات وينتشلها من واقعها المنكود الذي آلت إليه، ويستشرف مستقبل نهضتها المنشود.
الثورة التحريرية الكبرى المباركة ثورة إسلامية الروح، فجرها وحماها المخلصون للدين والوطن، وحب الوطن من الإيمان، وكان أغلب قادتها ومسؤوليها قد تربوا في مدرسة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي كان شعارها الأول والأخير: ( الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا)، ومن هؤلاء المجاهدين الذين تكونوا في الكشافة الجزائرءة نذكر : باجي مختار-ديدوش مراد- سويداني بوجمعة-احمد زهانة-زيغود يوسف-كيلاني الارقط-علي بن مستور-العربي بن مهيدي-عواطي مصطفى-حسيبة بن بوعلي-مريم باج-محمد بوقرة-عبد الحق قويسم وغيرهم كثير.وإن معظم هؤلاء نالوا الشهادة في معارك الشرف.
يمكن القول بأن البعد الروحي في ثورة نوفمبر المجيدة، كان أصيلا في سجل التاريخ الجهادي للأمة ومتنوعا بشموليته لأحداث الثورة ونشاطاتها وفاعلا ببعده الإيماني العميق، الذي جسده المجاهدون في واقعهم النضالي بشجاعتهم واستبسالهم في القتال وثباتهم في صفوف المعارك وثقتهم بربهم في النصر المؤزر.
ونعني بالبعد الروحي للثورة؛ إلتزام المجاهدين والثوار بالقيم الإسلامية، عبادات ومعاملات وتحليهم بقوة الإيمان في جهادهم ضد العدو الفرنسي.
وإن استعمال الثورة للدين الإسلامي، لم يكن تعصبا أو عنصرية، وإنما هو استلهام للقيم الحضارية الإسلامية، عكس الاستعمار الفرنسي الذي وظف الدين المسيحي منذ احتلاله للجزائر لأغراض صليبية حاقدة على الإسلام والمسلمين الجزائريين.
ومن الشواهد على البعد الديني الإسلامي للثورة ما يأتي:
- اختيار الثورة تسمية المجاهد لكل ثائر بدلا من المناضل والرفيق الشائعة في القاموس العالمي للثورات آنذاك.
ـ في تقسيم المجاهدين حسب وظائفهم الميدانية اختاروا الأسماء الآتية : الفدائي والمسبّل والجندي، وهي تسميات مقتبسة من المعجم العربي الإسلامي، المسبّل هو جندي احتياطي يرتدي لباسا مدنيا.
ـ اختار المجاهدون يوم الإثنين على الساعة صفر من أول نوفمبر 1954م، لتفجير الثورة للرمزية الإسلامية التي يحملها هذا اليوم وهو مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان التيمن به.
ـ جاء في بيان أول نوفمبر ما يلي : ولكي نبيّن بوضوح هدفنا فإنّنا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي: الهدف: الاستقلال الوطني بواسطة إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
ـ كانت كلمة " الله أكبر" مرافقة لكل العمليات العسكرية، بل إن كلمة السرّ في عمليات ليلة أول نوفمبر في جميع أنحاء الوطن تضمنت الله أكبر، خالد عقبة، وفي هذا إشارة ودلالة على الروح الإسلامية للثورة.
ـ جاء في المحور الثالث من تصريح الوفد الجزائرء المفاوض في مفاوضات إيفيان بفرنسا يوم 19 مارس 1962م، لوكالة الأنباء الجزائرية(aps ) بعنوان الوصاياه الخالدة للمستقبل وللأجيال القادمة ما يلي : (الواجبات الوطنية المستقبلية من الأجيال هي: إجلال الشعب الجزائري البطل على الدوام، تقديس الشهداء الميامين، الوفاء للمبادئ والتضحيات، تخليد "الإثنين" في الذاكرة الجماعية كيوم معلمي، كانت فيه بداية اندلاع الثورة في الأول من نوفمبر 1954م، وكانت فيه بداية الانتصار والاستقلال في 19 مارس، وكان فيه ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يوم خالد بمنطق الدين والوطن).
ـ جاء في خطاب رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة عشية 19 مارس 1962م بمناسبة اتفاق وقف إطلاق النار بين المجاهدين وقوات الاحتلال الفرنسي التأديد على: ( وحدة الشعب الجزائري ، وإن الوحدة الوطنية للشعب الجزائري تدعم حضارته العربية الإسلامية التي انصهرت في المعركة من أجل الاستقلال).
ـ كانت محاكم الثورة الجزائرية تصدر الأحكام وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.
ـ الصحيفة الناطقة باسم الثورة الجزائرية سميت " المجاهد"
ـ كان المتطوعون للمشاركة في الثورة الجزائرية بوازع ديني، وبحثا عن الشهادة في سبيل الله.
ـقامت الثورة الجزائرية على مبدأ الأخوة والتضامن، ومن أبرز أمثلة التضامن معارك 20أوت1955م التي انطلقت من مناطق عسكرية بهدف فك الحصار عن مجاهدي المنطقة الأولى.
ـ كان من أهداف معارك 20 أوت 1955م التضامن الإسلامي الأخوي وبالدم مع الشعب المغربي الشقيق في ذكرى نفي الملك محمد الخامس في 1953م إلى مدغشقر. ورد الجميل للملك على تعاطفه وتضامنه مع الثورة الجزائرية، وهو دليل قاطع على تلاحم الثورة مع محيطها ومع الشعوب الإسلامية الشقيقة ومبادئ حسن الجوار.
ـ التزام الثورة بمبادئ الشورى والقيادة الجماعية
ـ الأخلاق الإسلامية مبدأ من مبادئ الثورة يبنها الأمر الصادر في بداية الثورة الآتي
يجب العمل منذ اليوم الأول للثورة على احترام الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين، يجب أن لا يكون عملنا ضربا من اليأس أو تعبيرا عنه بل يجب أن يكون عملا واعيا وعقلانيا ومنظما، فقد تؤدي أقل خطوة خاطئة إلى تدمير البناء الثوري الذي تم إنجازه بعد صبر طويل وبجهود جبارة وتضحيات كبيرة).
المصدر: د.الشارف لطروش { Latroch Charef لطروش الشارف professeur de langue et littérature arabe de univ-mosta.dz } وجدت الشواهد في صفحة الدكتور الخاصة فقط من الشواهد هذوك لي قبلهم -
البعد الديني في المجال السياسي:
إن البعد الديني كان متجليا في الثورة التحريرية من حيث التنظيم والتسيير على الصعيد السياسي، فمن يمعن النظر في المجال السياسي، يجد الثورة قد اعتمدت نظام المجالس محليا ومركزيا، وفضلت نظام الحكم والقرار الجماعيين، تكريسا لمبدأ الشورى، "وأمرهم شورى بينهم"، و"شاورهم في الأمر"، وهو ما جسده مؤتمر الصومام على الميدان بفضل إعادة هيكلته للثورة من الناحية السياسية والإدارية على نحو من التنسيق والانسجام بين المؤسسات المستحدثة (المجلس الوطني للثورة - لجنة التنسيق والتنفيذ التي تحولت إلى الحكومة المؤقتة منذ سنة ١٩٥٨.
- إحياء مفهوم الأمة من جديد كموروث حضاري بعد ضموره عقب الاحتلال بإيعاز من فرنسا وحلول مصطلحات جديدة تهدف إلى تفتيت البنية الاجتماعية للشعب الجزائري، فربطت الثورة نفسها بالعالمين الإسلامي والعربي، إضافة إلى البعد المغاربي.
- تكريس النظرة الشمولية لوحدة الوطن أرضا وشعبا ولغة ودينا ومصيرا.
اعتمدت الثورة على اقتصاد المجتمع والتزمت بترشيد النفقات ونبذ الإسراف والتبذير وضبط التسيير المالي والاقتصادي بإحكام، مع الثقة والأمانة في التصرف في أموال الثورة جمعا ونقلا وإنفاقا. ومن المعروف أن الأفالان قد كون مصلحة الأوقاف الاسلامية لحماية أموالها ومداخيلها وللإنفاق منها على الأئمة وطلاب العلم ومعلمي القرآن الذين جندتهم للعمل في هذا الميدان.
البعد الديني وبعض صفات الشهداء:
إن حياة الشهداء وموتهم قدوة، ومثل أعلى، وقد عرف شهداء نوفمبر بجملة من الصفات التي تميزوا بها، من بينها الشجاعة النادرة وحب الوطن والأمة والإخلاص والصدق في القول والعمل والتضحية بالممتلكات والأزواج والأولاد... وتفضيل الموت على الحياة، وآثاروا الشهادة على الاستسلام للعدو... مع نبذهم للزعامة والأنانية والكبرياء والتسلط وتحملهم المسؤولية مهما كان ينوء بحملها لجسامتها، ونكرانه لذاته على الإسلام وشريعته وعلى المحارم وحدود الله والدفاع عنها.
كما يتميز الشهداء بروح الطاعة والإنقياد وتحدي العدو وآلياته العسكرية، رغم عدم التكافؤ بين الطرفين في القوى، وكيف لا يرقى الشهيد إلى هذا المستوى الرفيع من الخلق والإيمان، وهو يسمع دوما من قادته قوله الله تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" (التوبة ١١٢).
وكيف لا يكونون كذلك والخطيب فيهم يذكرهم دائما بمقام الشهداء عند ربهم..
"ولا تقول لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون" - البقرة ١٥٤-
وقوله تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (آل عمران ١٦٩- ١٧٠).
تزامن البعد الروحي والديني مع الاحتلال الفرنسي للجزائر
والحقيقة التي لاشك فيها، أن فكرة الدين الإسلامي كانت تمثل بالنسبة للجزائريين القلب النابض والمحرك الرئيسي للثورة على الإستعمار الفرنسي، حتى قبل الثورة التحريرية نفسها، وذلك منذ الوهلة الأولى التي وطئت فيها أقدام الجيش الفرنسي أرض الجزائر منذ سنة ١٨٣٠، والأمثلة على جهاد الجزائريين في القرن ١٩ كثيرة، امتدت لفترة زمنية تجاوزت ٧٠ سنة.
إذ أن المقاومات الشعبية التي خاضها الشعب الجزائري ضد الإحتلال الفرنسي، كانت تحت قيادة الزعامات الدينية بالدرجة الأولى، ابتداء من الأمير عبد القادر إلى الشيخ بوعمامة.
فالبعد الديني في الجزائر بعد احتلالها من طرف العدو الفرنسي، قد مثلته الزوايا.
ومن هنا، يمكن أن نعتبر الزاوية عصبا للمجتمع الإسلامي في الجزائر، وهي التي حافظت على البنية الاجتماعية، وعلى تماسك الأسرة والمجتمع، ولولاها لذابت القيم الأصيلة للجزائر في عهد الاحتلال.
وليس أدل على دور الزاوية من أنه لما سقط الكيان السياسي للجزائر عام ١٨٣٠، بقي الكيان الثقافي قائما بفضل هذه المؤسسة الدينية التي حافظت على الإسلام في رجوعها، رغم أن العدو الفرنسي قضى على أغلب المساجد.
فهي التي مارست أركان الإسلام في دورها، وتمسكت بالتعليم العربي والقرآني، وحافظت على القضاء الإسلامي، فلم تترك الشعب يلوذ إلى المحاكم الفرنسية، فضلا عن اهتمامها بالتضامن الاجتماعي.
وأعظم مسؤولية اضطلعت بها، أنها حملت ورفعت لواء الجهاد باسم الدين الإسلامي، وبفضلها تواصلت الثورات الشعبية التي قاربت ٣٠ ثورة على مدى قرن من الزمن (١٨٣٠- ١٩٣٠)، كما لاننسى دورها في مقاومة التنصير المسيحي، وعلى ذكر التنصير، فإن مهاجمته الشرسة قائمة منذ سقوط نابليون الثالث سنة ١٨٧٠ والحاكم العام في الجزائر "دورقيدوفن" الحاقد على الإسلام مصدر الثورات.
ومن العلماء وحفظة القرآن الكريم الذين بالموازاة مع ذلك، مارسوا النضال السياسي:
❊ عمر بن قدور ونضاله السياسي من تركيا.
❊ عبد الحميد ابن باديس والمؤتمر الإسلامي ومناداته بالاستقلال الوطني ودعوته إلى الثورة أثناء حملات التنصير.
إلى جانب ورود المصطلحات والرموز الإسلامية في أبجديات ونصوص الحركة الوطنية.
❊ الدعوة إلى حماية الشخصية الوطنية والدين الإسلامي.
❊ دعوة جمعية العلماء إلى فصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية، كما فصل عن الديانتين اليهودية والمسيحية بموجب قرار ١٩٠٥، ومن هنا لا يمكننا تجاهل الدور الذي لعبته الطبقة السياسية في الجزائر من أجل التحرر من قيود الاحتلال، وهو نشاط لا يجوز غمطه، إذ يندرج ضمن ما يعرف بالجهاد السياسي.
❊ استعمال مصطلح الأمة الذي غيبته فرنسا.
❊ جمعية العلماء واختيارها لمصطلح الأمة الإسلامية
المصدر : الأستاذ: الطيب بوسعد/ قسم التاريخ بجامعة "البليدة 2" كذلك من صفحته الشخصية
ساواصل الشطر الثاني في الردود اسفله
@الامين محمد
بمناسبة شهر الاستقلال وددت اضافة مشاركتي في هذا القسم تحت عنوان دور الدين و العلماء في الثورة
هو الموضوع متفرع فعلا وانا ساحاول استجماع التفاصيل في بحث مطول محاولة ارضاء فضولي
متابعة طيبة
سيكون هناك شطران : دور الدين ----- دور العلماء
اول ماساتطرق اليه : الأبعاد الروحية في ثورة التحرير المباركة { يعني دور الدين الاسلامي }
العنوان الرئيسي باللون والفرعي باللون
إن فضل الإسلام كبعد روحي على الثورة التحريرية، حقيقة ثابتة، يشهد بها القاصي والداني، والعدو قبل الصديق، إذ يكفي أنها طبقت أحكام الشريعة الإسلامية في مختلف المجالات. والثورة التحريرية في جوهرها قامت على مبدأ الجهاد في سبيل الله، وبروحه انتصرت، والشعب الجزائري الذي نهض بأعباء المقاومة "مسلم وإلى العروبة ينتسب"، وكاد المجاهدون أن يرتقوا إلى مصاف الملائكة المنزهين في صورة بشر أو صحابة مقربين، بسمو أخلاقهم وعلو همتهم. ولو كان هذا الزمان زمان النبوات والمعجزات، لكان الشعب الجزائري نبي شعوب هذا الزمان، ومعجزته ثورته التحريرية الخالدة.
وهذا لأن ثورة نوفمبر، ثورة ربانية، وهي عودة حقيقية إلى الله، وهي ثورة جزائرية محضة وخالصة، لا شرقية ولا غربية، ثورة جزائرية في التفكير وفي التخطيط، وفي القرار وفي التنفيذ. إنها ثورة اندلعت باسم كافة الشعب الجزائري، ولم تنسب لزعيم، فاحتضنها الشعب والتف حولها وظل يناصرها ويمدها بالرجال والمال والسلاح والأخبار (المعلومات). ولم يتخل عنها لحظة حتى انتصرت حضارة باديس العربية الإسلامية على مدينة باريس ونزعتها الصليبية. إن موضوع الأبعاد الروحية للثورة المباركة، سر انتصارها وظفرها بالاستقلال، يوقظ ذاكرة الأمة ويستقرئ ماضيها الحضاري العريق الحافل بالأمجاد والبطولات وينتشلها من واقعها المنكود الذي آلت إليه، ويستشرف مستقبل نهضتها المنشود.
الثورة التحريرية الكبرى المباركة ثورة إسلامية الروح، فجرها وحماها المخلصون للدين والوطن، وحب الوطن من الإيمان، وكان أغلب قادتها ومسؤوليها قد تربوا في مدرسة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي كان شعارها الأول والأخير: ( الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا)، ومن هؤلاء المجاهدين الذين تكونوا في الكشافة الجزائرءة نذكر : باجي مختار-ديدوش مراد- سويداني بوجمعة-احمد زهانة-زيغود يوسف-كيلاني الارقط-علي بن مستور-العربي بن مهيدي-عواطي مصطفى-حسيبة بن بوعلي-مريم باج-محمد بوقرة-عبد الحق قويسم وغيرهم كثير.وإن معظم هؤلاء نالوا الشهادة في معارك الشرف.
يمكن القول بأن البعد الروحي في ثورة نوفمبر المجيدة، كان أصيلا في سجل التاريخ الجهادي للأمة ومتنوعا بشموليته لأحداث الثورة ونشاطاتها وفاعلا ببعده الإيماني العميق، الذي جسده المجاهدون في واقعهم النضالي بشجاعتهم واستبسالهم في القتال وثباتهم في صفوف المعارك وثقتهم بربهم في النصر المؤزر.
ونعني بالبعد الروحي للثورة؛ إلتزام المجاهدين والثوار بالقيم الإسلامية، عبادات ومعاملات وتحليهم بقوة الإيمان في جهادهم ضد العدو الفرنسي.
وإن استعمال الثورة للدين الإسلامي، لم يكن تعصبا أو عنصرية، وإنما هو استلهام للقيم الحضارية الإسلامية، عكس الاستعمار الفرنسي الذي وظف الدين المسيحي منذ احتلاله للجزائر لأغراض صليبية حاقدة على الإسلام والمسلمين الجزائريين.
ومن الشواهد على البعد الديني الإسلامي للثورة ما يأتي:
- اختيار الثورة تسمية المجاهد لكل ثائر بدلا من المناضل والرفيق الشائعة في القاموس العالمي للثورات آنذاك.
ـ في تقسيم المجاهدين حسب وظائفهم الميدانية اختاروا الأسماء الآتية : الفدائي والمسبّل والجندي، وهي تسميات مقتبسة من المعجم العربي الإسلامي، المسبّل هو جندي احتياطي يرتدي لباسا مدنيا.
ـ اختار المجاهدون يوم الإثنين على الساعة صفر من أول نوفمبر 1954م، لتفجير الثورة للرمزية الإسلامية التي يحملها هذا اليوم وهو مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان التيمن به.
ـ جاء في بيان أول نوفمبر ما يلي : ولكي نبيّن بوضوح هدفنا فإنّنا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي: الهدف: الاستقلال الوطني بواسطة إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
ـ كانت كلمة " الله أكبر" مرافقة لكل العمليات العسكرية، بل إن كلمة السرّ في عمليات ليلة أول نوفمبر في جميع أنحاء الوطن تضمنت الله أكبر، خالد عقبة، وفي هذا إشارة ودلالة على الروح الإسلامية للثورة.
ـ جاء في المحور الثالث من تصريح الوفد الجزائرء المفاوض في مفاوضات إيفيان بفرنسا يوم 19 مارس 1962م، لوكالة الأنباء الجزائرية(aps ) بعنوان الوصاياه الخالدة للمستقبل وللأجيال القادمة ما يلي : (الواجبات الوطنية المستقبلية من الأجيال هي: إجلال الشعب الجزائري البطل على الدوام، تقديس الشهداء الميامين، الوفاء للمبادئ والتضحيات، تخليد "الإثنين" في الذاكرة الجماعية كيوم معلمي، كانت فيه بداية اندلاع الثورة في الأول من نوفمبر 1954م، وكانت فيه بداية الانتصار والاستقلال في 19 مارس، وكان فيه ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يوم خالد بمنطق الدين والوطن).
ـ جاء في خطاب رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة عشية 19 مارس 1962م بمناسبة اتفاق وقف إطلاق النار بين المجاهدين وقوات الاحتلال الفرنسي التأديد على: ( وحدة الشعب الجزائري ، وإن الوحدة الوطنية للشعب الجزائري تدعم حضارته العربية الإسلامية التي انصهرت في المعركة من أجل الاستقلال).
ـ كانت محاكم الثورة الجزائرية تصدر الأحكام وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.
ـ الصحيفة الناطقة باسم الثورة الجزائرية سميت " المجاهد"
ـ كان المتطوعون للمشاركة في الثورة الجزائرية بوازع ديني، وبحثا عن الشهادة في سبيل الله.
ـقامت الثورة الجزائرية على مبدأ الأخوة والتضامن، ومن أبرز أمثلة التضامن معارك 20أوت1955م التي انطلقت من مناطق عسكرية بهدف فك الحصار عن مجاهدي المنطقة الأولى.
ـ كان من أهداف معارك 20 أوت 1955م التضامن الإسلامي الأخوي وبالدم مع الشعب المغربي الشقيق في ذكرى نفي الملك محمد الخامس في 1953م إلى مدغشقر. ورد الجميل للملك على تعاطفه وتضامنه مع الثورة الجزائرية، وهو دليل قاطع على تلاحم الثورة مع محيطها ومع الشعوب الإسلامية الشقيقة ومبادئ حسن الجوار.
ـ التزام الثورة بمبادئ الشورى والقيادة الجماعية
ـ الأخلاق الإسلامية مبدأ من مبادئ الثورة يبنها الأمر الصادر في بداية الثورة الآتي
المصدر: د.الشارف لطروش { Latroch Charef لطروش الشارف professeur de langue et littérature arabe de univ-mosta.dz } وجدت الشواهد في صفحة الدكتور الخاصة فقط من الشواهد هذوك لي قبلهم -
البعد الديني في المجال السياسي:
إن البعد الديني كان متجليا في الثورة التحريرية من حيث التنظيم والتسيير على الصعيد السياسي، فمن يمعن النظر في المجال السياسي، يجد الثورة قد اعتمدت نظام المجالس محليا ومركزيا، وفضلت نظام الحكم والقرار الجماعيين، تكريسا لمبدأ الشورى، "وأمرهم شورى بينهم"، و"شاورهم في الأمر"، وهو ما جسده مؤتمر الصومام على الميدان بفضل إعادة هيكلته للثورة من الناحية السياسية والإدارية على نحو من التنسيق والانسجام بين المؤسسات المستحدثة (المجلس الوطني للثورة - لجنة التنسيق والتنفيذ التي تحولت إلى الحكومة المؤقتة منذ سنة ١٩٥٨.
- إحياء مفهوم الأمة من جديد كموروث حضاري بعد ضموره عقب الاحتلال بإيعاز من فرنسا وحلول مصطلحات جديدة تهدف إلى تفتيت البنية الاجتماعية للشعب الجزائري، فربطت الثورة نفسها بالعالمين الإسلامي والعربي، إضافة إلى البعد المغاربي.
- تكريس النظرة الشمولية لوحدة الوطن أرضا وشعبا ولغة ودينا ومصيرا.
اعتمدت الثورة على اقتصاد المجتمع والتزمت بترشيد النفقات ونبذ الإسراف والتبذير وضبط التسيير المالي والاقتصادي بإحكام، مع الثقة والأمانة في التصرف في أموال الثورة جمعا ونقلا وإنفاقا. ومن المعروف أن الأفالان قد كون مصلحة الأوقاف الاسلامية لحماية أموالها ومداخيلها وللإنفاق منها على الأئمة وطلاب العلم ومعلمي القرآن الذين جندتهم للعمل في هذا الميدان.
البعد الديني وبعض صفات الشهداء:
إن حياة الشهداء وموتهم قدوة، ومثل أعلى، وقد عرف شهداء نوفمبر بجملة من الصفات التي تميزوا بها، من بينها الشجاعة النادرة وحب الوطن والأمة والإخلاص والصدق في القول والعمل والتضحية بالممتلكات والأزواج والأولاد... وتفضيل الموت على الحياة، وآثاروا الشهادة على الاستسلام للعدو... مع نبذهم للزعامة والأنانية والكبرياء والتسلط وتحملهم المسؤولية مهما كان ينوء بحملها لجسامتها، ونكرانه لذاته على الإسلام وشريعته وعلى المحارم وحدود الله والدفاع عنها.
كما يتميز الشهداء بروح الطاعة والإنقياد وتحدي العدو وآلياته العسكرية، رغم عدم التكافؤ بين الطرفين في القوى، وكيف لا يرقى الشهيد إلى هذا المستوى الرفيع من الخلق والإيمان، وهو يسمع دوما من قادته قوله الله تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" (التوبة ١١٢).
وكيف لا يكونون كذلك والخطيب فيهم يذكرهم دائما بمقام الشهداء عند ربهم..
"ولا تقول لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون" - البقرة ١٥٤-
وقوله تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (آل عمران ١٦٩- ١٧٠).
تزامن البعد الروحي والديني مع الاحتلال الفرنسي للجزائر
والحقيقة التي لاشك فيها، أن فكرة الدين الإسلامي كانت تمثل بالنسبة للجزائريين القلب النابض والمحرك الرئيسي للثورة على الإستعمار الفرنسي، حتى قبل الثورة التحريرية نفسها، وذلك منذ الوهلة الأولى التي وطئت فيها أقدام الجيش الفرنسي أرض الجزائر منذ سنة ١٨٣٠، والأمثلة على جهاد الجزائريين في القرن ١٩ كثيرة، امتدت لفترة زمنية تجاوزت ٧٠ سنة.
إذ أن المقاومات الشعبية التي خاضها الشعب الجزائري ضد الإحتلال الفرنسي، كانت تحت قيادة الزعامات الدينية بالدرجة الأولى، ابتداء من الأمير عبد القادر إلى الشيخ بوعمامة.
فالبعد الديني في الجزائر بعد احتلالها من طرف العدو الفرنسي، قد مثلته الزوايا.
ومن هنا، يمكن أن نعتبر الزاوية عصبا للمجتمع الإسلامي في الجزائر، وهي التي حافظت على البنية الاجتماعية، وعلى تماسك الأسرة والمجتمع، ولولاها لذابت القيم الأصيلة للجزائر في عهد الاحتلال.
وليس أدل على دور الزاوية من أنه لما سقط الكيان السياسي للجزائر عام ١٨٣٠، بقي الكيان الثقافي قائما بفضل هذه المؤسسة الدينية التي حافظت على الإسلام في رجوعها، رغم أن العدو الفرنسي قضى على أغلب المساجد.
فهي التي مارست أركان الإسلام في دورها، وتمسكت بالتعليم العربي والقرآني، وحافظت على القضاء الإسلامي، فلم تترك الشعب يلوذ إلى المحاكم الفرنسية، فضلا عن اهتمامها بالتضامن الاجتماعي.
وأعظم مسؤولية اضطلعت بها، أنها حملت ورفعت لواء الجهاد باسم الدين الإسلامي، وبفضلها تواصلت الثورات الشعبية التي قاربت ٣٠ ثورة على مدى قرن من الزمن (١٨٣٠- ١٩٣٠)، كما لاننسى دورها في مقاومة التنصير المسيحي، وعلى ذكر التنصير، فإن مهاجمته الشرسة قائمة منذ سقوط نابليون الثالث سنة ١٨٧٠ والحاكم العام في الجزائر "دورقيدوفن" الحاقد على الإسلام مصدر الثورات.
ومن العلماء وحفظة القرآن الكريم الذين بالموازاة مع ذلك، مارسوا النضال السياسي:
❊ عمر بن قدور ونضاله السياسي من تركيا.
❊ عبد الحميد ابن باديس والمؤتمر الإسلامي ومناداته بالاستقلال الوطني ودعوته إلى الثورة أثناء حملات التنصير.
إلى جانب ورود المصطلحات والرموز الإسلامية في أبجديات ونصوص الحركة الوطنية.
❊ الدعوة إلى حماية الشخصية الوطنية والدين الإسلامي.
❊ دعوة جمعية العلماء إلى فصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية، كما فصل عن الديانتين اليهودية والمسيحية بموجب قرار ١٩٠٥، ومن هنا لا يمكننا تجاهل الدور الذي لعبته الطبقة السياسية في الجزائر من أجل التحرر من قيود الاحتلال، وهو نشاط لا يجوز غمطه، إذ يندرج ضمن ما يعرف بالجهاد السياسي.
❊ استعمال مصطلح الأمة الذي غيبته فرنسا.
❊ جمعية العلماء واختيارها لمصطلح الأمة الإسلامية
المصدر : الأستاذ: الطيب بوسعد/ قسم التاريخ بجامعة "البليدة 2" كذلك من صفحته الشخصية
ساواصل الشطر الثاني في الردود اسفله
@الامين محمد