فتح المنان بقبول الحق من الصبيان

الطيب الجزائري84

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جوان 2011
المشاركات
4,113
نقاط التفاعل
4,663
النقاط
191
العمر
39
الجنس
ذكر
فتح المنان بقبول الحق من الصبيان

بسم الله الرحمن الرحيم

فتح المنان بقبول الحق من الصبيان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فمما استحدث لرد الحق واحتقار أهله الصادقين من أبناءه، قول: فلان صبي أو ولد أو ما زال أمردا أو نحو هذا، ومأل هذا الطعن اضعاف الحق.
والصغير من صغرته البدعة والمخالفة للسنة وعداوة أهلها ولو شاب شعر رأسه ولحيته، وفي المقابل من قال الحق وعمل به وسار عليه فهو على خير عظيم.
قال نعيم كما في ((جامع بيان العلم وفضله)) في بيان حديث: ((من أشراطها ثلاث: إحداهن التماس العلم عند الأصاغر)): قيل لابن المبارك: من الأصاغر؟
قال: (الذين يقولون برأيهم، فأما صغير يروي عن كبير فليس بصغير).
وذكر أبو عبيد في تأويل هذا الخبر عن ابن المبارك أنه كان يذهب بالأصاغر إلى أهل البدع ولا يذهب إلى السن، قال أبو عبيد: وهذا وجه.
قال العلامة السخاوي رحمه الله في ((الأجوبة المرضية)) بعدما نقل كلام ابن المبارك في الأصاغر: ((ويستأنس له بقول بعض أهل العلم: الجاهل صغير وإن كان شيخًا، والعالم كبير وإن كان حدثًا. وما أحسن قول القائل:
تعلم فليس المرء يولد عالمًا... وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده... صغير إذا التفت عليه المحافل)) اهـ.
وقال الشيخ العالم عبد السلام البرجس رحمه الله في ((عوائق الطلب)): ((وهذا الحكم ليس علي إطلاقه في صغير السن فقد أفتي ودرس جمعة من الصحابة والتابعين في صغرهم بحضرة الأكابر. إلا أن هؤلاء يندر وجود مثلهم فيمن بعدهم، فإن وجدوا وعلم صلاحهم، وسبر علمهم فظهرت رصانته، ولم يوجد من الكبار أحد يؤخذ عنه العلوم التي معهم، وأمنت الفتنة، فليؤخذ عنهم.
قال الحجاج بن أرطاة رحمه الله : كان يكرهون أن يحدث الرجل حتى يرى الشيب في لحيته.
وليس المراد أن يهجر علم الحدث مع وجود الأكابر كلا، وإنما المراد أنزال الناس منازلهم، فحق الحدث النابغ أن ينتفع به في المدارسة والمذاكرة، والمباحثة... أما أن يصدر للفتوى، ويكتب إليه بالأسئلة، فلا وألف لا، لأن ذلك قتل له، وفتنة، وتغرير)) اهـ.

وهذا ابن عباس رضي الله عنهما مع صغر سنه، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين يقربه ويدخله في مجلسه مع الكبار.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر.
فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟
فقال: إنه ممن قد علمتم.
قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم.
قال: وما رئيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني.
فقال: ما تقولون في {إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ...} حتى ختم السورة.
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا.
وقال بعضهم: لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئا.
فقال لي: يا ابن عباس، أكذاك تقول؟
قلت: لا.
قال: فما تقول؟
قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له: {إذا جاء نصر الله والفتح} فتح مكة، فذاك علامة أجلك: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}.
قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
أخرجه البخاري.
وقال ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)): ((عبد الله بن عباس رضي الله عنه كان يستفتى وهو صغير، وأن معاذ بن جبل وعتاب بن أسيد كانا يفتيان وهما صغيرا السن، وولاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم الولايات مع صغر أسنانهما، ومثل هذا في العلماء كثير)) اهـ.

وعن مطرف بن عبد الله الشخير، قال: كنا نأتي زيد بن صوحان وكان يقول: يا عباد الله أكرموا وأجملوا فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين الخوف والطمع.
فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا فنسقوا كلاما من هذا النحو: إن الله ربنا ومحمدا نبينا والقرآن إمامنا ومن كان معنا كنا وكنا له ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا.
قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا فيقولون: أقررت يا فلان؟
حتى انتهوا إلي فقالوا: أقررت يا غلام.
قلت: لا.
قال: (لا تعجلوا على الغلام، ما تقول يا غلام؟
قال: قلت: إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه الله عز وجل علي.
قال: فرجع القوم عند آخرهم ما أقر به أحد منهم.
قال: قلت لمطرف: كم كنتم؟
قال: زهاء ثلاثين رجلا.
أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)).

أما من أخطأ ورد الحق وكابر وعاند فلا بأس بوصفه بالصبي ونحوه.
عن الحميدي، قال: سمعت ابن عيينة، يقول: الإيمان يزيد وينقص.
فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد لا تقولن: يزيد وينقص.
فغضب، وقال: اسكت يا صبي، بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
أخرجه الآجري في ((الإبانة الكبرى)) ومن طريقه ابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) أخرجه اللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)).
فالعبرة بالحجة والدليل فعليها المدار في الأقوال، أما هذه القواعد المحدثة لرد الحق وإضعاف أهلها، فلا عبرة لها.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

✍️ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأثنين 22 ذي القعدة سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 13 يوليو سنة 2020 ف

المصدر منتديات الابانة السلفية
 
جزاك الله خيرا على الموضوع القيم والمميز اخي الكريم جعله الله في ميزان حسناتك يارب العالمين اجمعين
 
جزاك الله خيرا على الموضوع القيم والمميز اخي الكريم جعله الله في ميزان حسناتك يارب العالمين اجمعين
[/QUOTE

واياك اخي إلياس بارك الله فيك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top