- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,443
- نقاط التفاعل
- 27,808
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(( القـــــــصة وسيـــــــــــــلة دعـــــــــــــوية ))
** إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له
والحمد لله كما ينبغى لجلال وجهه الكريم ولعظيم سلطانه
والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة
والحمد لله ملؤ السماوات وملؤ الأرض وملؤ ما بينهما الذى هدانا لنعمة الإسلام وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً رسول الله النبى المختار والنعمة المهداه الذى بلغ الرسالة وأدى الأمانه عليه أفضل صلاة وأزكى سلام وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار وعلى كل من والاه إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ,
** إن من يقرأ كتاب الله تبارك وتعالى يجد أن القصة تتكرر فيه في مواطن عدة ويتجاوز الأمر إيراد القصة وتكرار ذلك إلى :
الامتنان على النبي صل الله عليه وسلم بأن أنزل إليه أحسن القصص :
قال تعالى : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن
كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } يوسف : 3
أى : نحن نقصُّ عليك - أيها الرسول - أحسن القصص بوحينا إليك هذا القرآن, وإن كنت قبل إنزاله عليك لمن الغافلين عن هذه الأخبار, لا تدري عنها شيئًا.
الإخبار بأن القصص سبب لتثبيت فؤاد النبي صل الله عليه وسلم :
قال تعالى : { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } هود : 120
أى : ونقصُّ عليك - أيها النبي - من أخبار الرسل الذين كانوا قبلك, كل
ما تحتاج إليه مما يقوِّي قلبك للقيام بأعباء الرسالة, وقد جاءك في هذه
السورة وما اشتملت عليه من أخبار, بيان الحق الذي أنت عليه, وجاءك
فيها موعظة يرتدع بها الكافرون, وذكرى يتذكر بها المؤمنون بالله ورسله.
الأمر بقص القصص :
قال تعالى : { ... فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } الأعراف : 176
أى : فاقصص - أيها الرسول - أخبار الأمم الماضية , ففي إخبارك بذلك أعظم
معجزة لعل قومك يتدبرون فيما جئتهم به فيؤمنوا لك .
الأمر بالاعتبار بما قص الله في كتابه :
قال تعالى : { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }
يوسف : 111
أى : لقد كان في نبأ المرسلين الذي قصصناه عليك وما حلَّ بالمكذبين عظة لأهل العقول السليمة .
ما كان هذا القرآن حديثًا مكذوبًا مختلَقًا , ولكن أنزلناه مصدقًا لما سبقه من الكتب السماوية , وبيانًا لكل ما يحتاج إليه العباد من تحليل وتحريم, ومحبوب ومكروه
وغير ذلك, وإرشادًا من الضلال , ورحمة لأهل الإيمان تهتدي به قلوبهم
فيعملون بما فيه من الأوامر والنواهي .
** ولقد اعتنى صل الله عليه وسلم بشأن القصص, فحفظت لنا دواوين السنة طائفة من قصه صلى الله عليه وسلم عليهم من قصص الأمم الماضية وأخبارهم .
ولم تكن قصص القرآن والسنة قاصرة على أنباء الصالحين وأخبارهم , بل شملت مع ذلك قصص المعرضين والفجار للاعتبار بما أصابهم .
** كل ذلك يؤكد أهمية القصة ودورها التربوي الدعوي مما يجدر بالدعاة أن يعتنوا بها ويستخدموها في دعوتهم وخطابهم للناس .
إنها تحمل عنصر التشويق والإثارة , ويُقبل عليها المستمع والقارئ بعناية وإنصات , وهي كذلك تقدم البرهان على تأهل المعاني المجردة إلى التطبيق على أرض الواقع , وتبرز النموذج والقدوة الصالحة, وتزيد المرء إيماناً بقدرة الله تبارك وتعالى وسائر صفاته .
وتبدو أهمية ذلك بشكل أكبر في تربية الناشئة وخطابهم ; إذ يعاني شباب المسلمين اليوم وفتياتهم من غياب القدوة الصالحة , ومن بروز النماذج والقدوات السيئة والإعلاء من شأنها وتبجيلها لدى الناس .
ومع أهمية القصة وعلو شأنها إلا أنه ينبغي أن يراعى في ذلك أمور عدة, منها :
* أن تُعرَض وتُستخدَم في الخطاب بالقدر المعقول ; فلا تكون هي اللغة الوحيدة في الخطاب , وتكون على حساب غيرها .
* الحذر من القصص الواهية والأخبار التي لا زمام لها ولا خطام ; إذ إن النفوس كثيراً ما تتعلق بالغرائب وتجنح إليها , والقليل منها هو الذي يثبت عند التحقيق والنقد العلمي .
* أن تأخذ أخبار النبي صل الله عليه وسلم وقصصه , وأخبار الرعيل الأول من سلف الأمة مكانها الطبيعي , وألا تطغى أخبار من بعدهم من المتأخرين ممن تعرف منهم وتنكر .
* أن البشر مهما علا شأنهم وارتفع قدرهم , ومهما بلغوا المنازل العالية من الصلاح والتقى فلن تكون أعمالهم حجة مطلقة , بل لا بد من عرضها على هدي النبي صلى الله عليه وسلم .
كما يروي بعضهم في مقام الصبر :
أن شيخاً قام يرقص على قبر ابنه حين توفي رضًى بقدر الله على حد زعمه , وخير من ذلك هدي النبي صل الله عليه وسلم الذي تدمع عينه ويحزن قلبه ، ولا يقول إلا ما يرضي ربه .
وهديه صلى الله عليه وسلم القولي والعملي في النوم والقيام خير مما يروى عن بعضهم أنه صلى الفجر بوضوء العشاء كذا وكذا من السنوات .
وهديه في تلاوة القرآن خير مما يروى عن بعضهم أنه يختم القرآن كل ليلة , مع التماسنا العذر لمن كان له اجتهاد من سلف الأمة في ذلك .