- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,689
- نقاط التفاعل
- 28,150
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
علامات حسن الخاتمة
التي تظهر للناس (1)
وأما علامات حسن الخاتمة والتي تظهر للناس، فمنها:
ما ذكرها الشيخ الألباني - رحمه الله - في كتابه "أحكام الجنائز" حيث قال:
"إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بيِّنات يُستدل بها على حسن الخاتمة،
كتبها الله تعالى لنا بفضله ومنِّه، فأيما امرئ مات بإحداها، كانت له بشارة،
ويا لها من بشارة!".
1- نطقُه بالشهادة عند الموت:
فقد أخرج أبو داود من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجَنَّة))؛
(حسنه الألباني في الإرواء: 686).
وأخرج الإمام أحمد بسنده:
"أن عمر رأى طلحةَ بن عُبيدالله ثقيلاً، فقال: ما لك يا أبا فلان؟
لعلك ساءتك امرأة عمِّك يا أبا فلان؟ قال: لا، (وأثنى على أبي بكر)
إلا أني سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا
ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول:
((إني لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ عند موته إلا أشرق لها لونُه، ونفَّس الله عنه كُربتَه))،
فقال عمر - رضي الله عنه -:
إني لأعلم ما هي، قال: وما هي؟ قال:
تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمَّه عند الموت:
لا إله إلا الله؟! قال طلحة: صدقتَ، هي والله هي"؛
(صححه الشيخ أحمد شاكر).
تنبيه:
يستحب لمَن حضر المحتَضَر أن يلقنه:
"لا إله إلا الله"؛ وذلك للحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري
- رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله)).
والمراد: ذكِّروا مَن حضره الموت:
"لا إله إلا الله"
فتكون آخر كلامه.
وقد أخرج ابن حبان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله، فمَن كان آخر كلامه:
لا إله إلا الله عند الموت، دخل الجَنَّة)).
يقول أنس بن سيرين: "شهدت أنس بن مالك - رضي الله عنه -
وقد حضره الموت، فجعل يقول:
"لقِّنُونِي: لا إله إلا الله، فلم يزل يقولها حتى قُبِض رحمه الله"؛
(الثبات عند الممات: 133).
2- الموت برَشْح الجَبين:
أخرج الإمام أحمد وحسَّنه الحاكم ووافقه الذهبي من حديث بُريدة بن الحُصيب
- رضي الله عنه -:
"أنه كان بخُراسان، فعاد أخًا له وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو يَعرق جبينه،
فقال:
الله أكبر، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
((موتُ المؤمنِ بعَرقِ الجبين))".
وفي كتاب "الثبات حتى الممات" لابن الجوزي: لما احتضر أبو بكر بن حبيب
- وكان يدرس ويعظ وكان نِعْمَ المؤدِّب - قال له أصحابه لما احتضر:
أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث:
بتقوى الله - عز وجل - ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا،
فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيتُ الدنيا، ثم قال لبعض إخوانه:
انظر هل ترى جَبيني يعرَقُ؟ فقال: نعم، فقال: الحمدُ لله، هذه علامة المؤمن
- يُريد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم -:
((الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ))،
ثم بسط يده عند الموت،
وقال:
3- الموت ليلة الجمعة أو نهارها:
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما
- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ما مِن مُسلم يَموت يومَ الجُمُعة أو ليلةَ الجمعة، إلا وقَاه اللهُ فِتنةَ القَبر))؛
(صحيح الجامع: 5773).
4- الاستشهاد في ساحة القتال:
قال -تعالى-:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا
بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ
لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[آل عمران: 169 - 171].
وأخرج الإمام أحمد والترمذي عن المِقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((للشَّهيد عند الله سبعُ خِصال:
يُغفَر له في أوَّل دفعَةٍ مِن دَمِه، ويَرى مَقعدَه من الجَنَّة، ويُحَلَّى حُلَّةَ الإيمان،
ويُزَوَّجَ اثنين وسبعين زوجةً من الحُور العين، ويُجار من عذاب القَبر،
ويأمنُ من الفزَع الأكبر، ويُوضع على رأسه تاجُ الوقار؛ الياقوتةُ منه خيرٌ من الدنيا
وما فيها، ويُشفَّعُ في سبعين إنسانًا من أهل بيته))؛
(صحيح الجامع: 5182).
وعند الطبراني في "الكبير":
"أن رجلاً قال:
يا رسول الله، ما بالُ المؤمنين يُفْتَنُون في قبورهم إلا الشَّهيد؟ قال:
((كفى ببارِقَة السُّيوف على رأسه فِتنَة))"؛
(صحيح الجامع: 4483).
تنبيه:
تُرجَى هذه الشَّهادة لمَن سألها مُخلصًا من قلبه،
ولم يتيسر له الاستشهاد في المعركة، ودليل ذلك:
ما جاء في "صحيح مسلم" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن سأل اللهَ الشَّهادةَ بصِدق، بلَّغه اللهُ منازِلَ الشُّهداء وإنْ مات على فِراشه)).
وأخرج الترمذي من حديث معاذ - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن سأل اللهَ القتلَ في سبيل الله صادقًا من قلبِه، أعطاه الله أجرَ شهيدٍ
وإن مات على فراشه))؛
(صحيح الجامع: 6277).
وفي "صحيح مسلم" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-:
((مَن طلب الشَّهادةَ صادقًا أُعطِيَها ولو لم تُصِبه)).
5- الموت غازيًا في سبيل الله:
فقد أخرج الإمام مُسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ما تعدُّون الشَّهيدَ فيكم؟))
قالوا: يا رسول الله، مَن قُتِل في سبيل الله فهو شهيد، قال:
((إن شُهداء أُمتي إذًا لقليلٌ))، قالوا: فمَن هم يا رسول الله؟ قال:
((مَن قُتِل في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومَن مات في سبيل الله فهو شهيد،
ومَن مات في الطاعون فهو شَهيد، ومَن مات بالبَطْن فهو شهيد، والغَريق شَهيد)).
وفي رواية لأبي داود من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه -
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن فَصل - أي خرج - في سبيل الله، فمات أو قُتِل، فهو شهيد، أو وَقَصه فرسه
أو بعيرُه، أو لدغته هامةٌ، أو مات على فراشه، أو بأي حَتف شاء الله، فإنه شهيدٌ،
وإن له الجَنَّة))؛
(صحيح الجامع: 6413).
6- مَن صُرِع عن دابته في سبيل الله،
أو وقصه بعيره، أو لدغته هامة:
كما مرَّ بنا في الحديث السابق، ويدل على هذا أيضًا ما أخرجه الطبراني في "الكبير"
عن عُقبة بن عامر - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن صُرِع عن دابته، فهو شهيد))؛
(صحيح الجامع: 6336).
قال المناوي - رحمه الله - في "فتح القدير" (6/163):
"ومَن صُرع عن دابَّته في سبيل الله، فمات، فهو شهيد"؛ أي:
من شهداء المعركة إن كان سقوطه بسبب القتال.
والصرع معروف:
وهو الطَّرح على الأرض، والمراد بالحديث: السُّقوط عن الدابَّة حال قتال الكفَّار؛
بسبب أي وجه كان، إما بطرح الدابَّة له، أو بعُروض تلك العلَّة في تلك الحالة
عُروضًا ناشئًا عن القتال، كأنْ أورثه شدة الانفعال؛ اهـ باختصار.
علامات حسن الخاتمة
التي تظهر للناس (2)
7- المرابط في سبيل الله:
أخرج "الإمام مسلم" من حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال:
((لَرباطُ يوم وليلةٍ خيرٌ من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله
الذي كان يَعمله، وأُجْري عليه رُزقه[1]وأمِن الفتَّان)).
وفي "سنن أبي داود" و"الترمذي" من حديث فضالة بن عُبيد - رضي الله عنه
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((كلُّ ميِّت يُختم على عَمله إلا الذي مات مُرابطًا في سبيل الله،
فإنه يُنمَّى له عملُه إلى يوم القيامة، ويأمن فِتنة القبر))؛
(صحيح الجامع: 4562).
وأخرج ابن حبَّان عن سلمان - رضي الله عنه - أنه سمع النبي
- صلى الله عليه وسلم - يقول:
((مَن مات مرابطًا في سبيل الله أُومِنَ عذابَ القَبر، ونما له أجره إلى يوم القيامة)).
وفي رواية عند ابن حبَّان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((مَن مات مُرابطًا مات شهيدًا)).
8- مَن قام إلى إمام جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، فقتله:
ودليلُ ذلك ما أخرجه الحاكم والضياء عن جابر - رضي الله عنه -
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((سيِّدُ الشُّهداءِ حمزةُ بنُ عبدالمطلب، ورجلٌ قامَ إلى إمامٍ جائر، فأمره ونهاه، فقتله))؛
(صحيح الجامع: 3675).
9- الدعوة إلى السُّنة في وقت الفتن، والموت على ذلك:
فقد أخرج الطبراني في "الكبير" من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((إنَّ مِن ورائِكم زمانَ صبرٍ، للمُتمسِّك فيه أَجرُ خمسين شهيدًا منكم))؛
(صحيح الجامع: 2234).
وفى رواية أخرى عن عُتبة بن غزوان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
((إن من ورائكم أيامَ الصَّبر، للمُتمسِّك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم))،
قالوا: يا نبي الله، أو منهم؟ قال: ((بل منكم))؛
(السلسلة الصحيحة: 1/268، رقم 494).
10- المائدُ في البحر والغريق:
والمائدُ: هو الذي يموت بسبب دوَّار البحر، فله أجر شهيد.
فقد أخرج الطبراني في "الكبير" عن أم حَرام - رضي الله عنها - قالت:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((للمائد[2]أجرُ شهيد[3]، وللغريق أجر شهيدين))؛
(صحيح الجامع: 5187).
وفى رواية عن أبي داود:
ن أم حرام - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((المائدُ في البحر الذي يُصيبه القَيء له أجرُ شهيد، والغريق له أجر شهيدين))؛
(صحيح الجامع: 6642).
وأخرج ابن عساكر في "تاريخه" عن عليِّ بنِ أبي طالب - رضي الله عنه - أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال:
((الغريق شهيد، والحريق شهيدٌ، والمبطون شهيد، ومَن يَقع عليه البيتُ فهو شهيد،
ومَن قُتِلَ دون ماله فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دون نفسه فهو شهيد))؛
(صحيح الجامع: 4172).
وأخرج البخاري في "التاريخ" عن عُقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال:
((الغريق في سبيل الله شهيد))؛
(صحيح الجامع: 4173).
11- الشَّريق:
قال ابن الأثير في "النهاية": "والشريق: هو الذي يَشرق بالماء فيموت".
قال ابن حجر في "الفتح" (6/52): وللطبراني من حديث ابن عباس مرفوعًا:
((المرءُ يموت على فِراشه في سبيل الله شهيدٌ))،
وقال ذلك أيضًا في: "المبطون، واللديغ، والغريق، والشَّريق، والذي يَفترسه السَّبُع،
والخارّ عن دابَّته، وصاحب الهَدم، وذات الجنب".
12- مَن افترسه السَّبعُ:
روى ابن قانع عن ربيع الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((الطَّعن والطاعون، والهدمُ، وأكل السَّبعِ، والغرقُ، والحرقُ، والبطن، وذاتُ الجنب شهادةٌ))
[4]؛ (صحيح الجامع: 3953).
علامات حسن الخاتمة
التي تظهر للناس (3)
13- الهدم:
أخرج البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((الشهداء خمسة: المطعونُ، والمبطونُ، والغَرِق، وصاحب الهدم،
والشهيدُ في سبيل الله)).
14- مَن تَردَّى من رُؤوس الجبال:
أخرج عبدالرزاق عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:
"إن مَن يتردَّى من رؤوس الجبال، وتأكله السباع، ويغرق في البحر، لشهيد عند الله"؛
(قال الحافظ في "الفتح" (6/52): إسناده صحيح).
15- الموت بالطاعون:
أخرج البخاري عن حَفصة بنت سيرين - رحمها الله - قالت:
قال لي أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
"بم مات يحيى بن أبي عمرة؟ قالت: بالطاعون، فقال:
إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((الطاعون شهادة لكل مسلم))".
وعند البخاري أيضًا من حديث عائشة - رضي الله عنها -:
"أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الطاعون؟
فأخبرها نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أنه كان عذابًا يبعثه الله على مَن يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين،
فليس من عبدٍ يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرًا، يعلم أنه لن يُصيبَه
إلا ما كتب الله له،
إلا كان له مثل أجر الشهيد))".
أخرج الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((الطاعون غُدَّة كغدَّة البَعير، المقيمُ بها كالشهيد، والفاُرُّ منها كالفارِّ من الزَّحف))؛
(صحيح الجامع: 3948).
وأسند الإمام أحمد عن صفوان بن أميَّة - رضي الله عنه - عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((الطاعون، والغرق، والبطن، والحرق، والنُّفساء؛ شهادةٌ لأُمَّتي))؛
(صحيح الجامع: 3950).
وفي "مستدرك الحاكم" عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((الطاعون وخزُ أعدائكم من الجنِّ، وهو لكم شهادةٌ))؛
(صحيح الجامع: 3951).
وفي "مسند الإمام أحمد" عن جابر - رضي الله عنه - قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-:
((الفارُّ من الطاعون كالفارِّ من الزحف، ومَن صبر فيه كان له أجر شهيد)).
وأخرج الإمام أحمد والطبراني في "الكبير" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((يأتي الشُّهداء والمتوفَّون بالطاعون، فيقول أصحاب الطَّاعون: نَحن شُهداء،
فيقالُ:
انظروا؛ فإن كانت جراحهم كجرح الشُّهداء تسيل دمًا كريح المِسك، فهم شهداء،
فيجدونهم كذلك))؛
(حسنه الحافظ في الفتح: 10/205).
16- الموت بداء البطن:
والمبطون: هو صاحب داء البطن وهو "الإسهال"، وقال القاضي عِياض:
هو الذي به الاستسقاء، وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي يموت بِداء بطن مُطلق،
فهذا شهيد ويُرجَى له الجَنَّة.
ففي "صحيح مسلم" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ومن مات في البطن فهو شهيد...)) الحديث.
وعند النَّسائي بسند صحيح عن عبدالله بن يسار قال:
"كنت جالسًا وسُليمان بن صُرد وخالد بن عُرفطة؛ فذكروا أن رجلاً تُوفِّي،
مات ببطنه، فإذا هما يَشتهيان أن يكونا شهداء جنازته، فقال أحدهم للآخر:
ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((ومَن يقتله بطنُه، فلن يُعذب في قبره))؟
فقال الآخر: بلى، وفي رواية: صدقت".
17- الموت بِداء السُّل:
ودليل ذلك ما أخرجه الطبراني في "الكبير" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((القتلُ في سبيل الله شهادةٌ، والنُّفساء شهادَة، والحَرق شهادة، والغَرق شهادة،
والسُّل شهادة، والبطن شهادة)).
18- المرأة تموت في نفاسها بسبب وَلدها:
فقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن عُبادة بن الصامت - رضي الله عنه -:
((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاد عبدَالله بنَ رواحة، قال:
فما تحوَّز له[1]عن فراشه، فقال: أتدري مَن شهداء أُمَّتي؟ قالوا: قتل المسلم شهادة، قال:
إن شهداء أُمَّتي إذًا لقليل، قَتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة،
والمرأة يَقتلها وَلدُها جَمْعاءَ[2]شَهادةٌ، يجرُّها ولدُها بسُرَرِه[3]إلى الجَنَّة)).
وفي "مسند الإمام أحمد" عن راشد بن حبيش - رضي الله عنه - عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
"القتلُ في سبيل الله شهادةٌ، والطاعون شَهادة، والغَرْق شهادة، والبطن شهادة،
والحَرْق شهادة، والسُّلُّ، والنُّفساء يجرها ولدها بسُرَرِها إلى الجَنَّة)).
علامات حسن الخاتمة
التي تظهر للناس (4)
19- الموت بالحَرق وذات الجنب:
فقد أخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي من حديث جابر بن عتيك
- رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((الشهداء سبعةٌ سِوى القَتل في سبيل الله: المَطعون شَهيد، والغَرق شهيد،
وصاحب ذات الجَنْب[1]شهيد، والمبطون شهيد، والحَرق شهيد،
والذي يموت تحت الهَدم شهيد، والمرأة تموت بجُمْع [2]شهيدة)).
20- مَن دعا بدعاء يُونس - عليه السلام -
أربعين مرَّة في مرضه:
فقد أخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن سعد بن مالك - رضي الله عنه -
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((هل أدلُّكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى،
الدَّعوة التي دعا بها يُونس حيث ناداه في الظُّلمات الثَّلاث:
﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
[الأنبياء: 87]))،
فقال رجل:
يا رسولَ الله، هل كانت ليونُس أَمْ للمؤمنين عامَّة؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((ألا تسمع قول الله - عز وجل -:
﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]؟))،
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أيما مُسلمٍ دعا بها في مَرضِه أربعين مرَّةً فمات في مَرضه ذلك، أُعْطي أجرَ شهيد،
وإن بَرأ، برَأ وقد غُفِر له جميعُ ذُنوبه)).
21- الموت في سبيل الدِّفاع عن الدِّين أو النَّفس أو الأهل:
فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي بسند صحيح أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن قُتِل دون ماله فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون أهلِه فهو شَهيد،
ومَن قُتِل دون دِينه فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون دَمِه فهو شهيد)).
وفي رواية عند النسائي وأحمد:
((من قُتِل دون مَظلمته فهو شهيد))؛
(صححه أحمد شاكر رحمه الله).
22- الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غَصْبُه:
أخرج البخاري بسنده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن قُتِل دون ماله - وفى رواية: مَن أُريد مالُه بغير حقٍّ - فقاتل فقُتِل، فهو شَهيد)).
وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:
أرأيتَ إن جاء رجل يُريد أخذَ مالي؟ قال: ((فلا تُعطه مالَك))، ق
ال: أرأيتَ إن قاتلني، قال: ((قاتله))، قال: أرأيتَ إن قتلني، قال: ((فأنت شَهيدٌ))،
قال: أرأيتَ إن قتلتُهُ؟ قال: ((فهو في النَّار)).
وعند الإمام أحمد والنَّسائي بسند صَحيح عن مُخارق - رضي الله عنه - قال:
"جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: الرَّجل يأتيني يُريد مالي؟ قال:
((ذكِّره بالله))، قال: فإن لم يَذَّكَّرْ؟ قال:
((فاسْتعِن عليه مَن حَولك من المسلمين))،
قال: فإن لم يكن حولي أحدٌ من المسلمين؟ قال:
((فاستعن عليه السُّلطان))، قال:
فإن نأى السلطان وعَجل عليَّ؟ قال:
قاتل دون مالِك حتى تكون من شهداء الآخرة، أو تَمنعَ مالَك))؛
أي: تحميَ مالك"؛
(قال الألباني: سنده صحيح).
23- مَن قَتل الخوارجَ أو قتلَتْهُ الخوارجُ:
أخرج الطبراني في "الأوسط" بسند جيِّد عن الفَرزدق الشاعر:
"أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد وسألهما، فقال: إني رجل من أهل المشرق،
وإن قومًا يَخرجون علينا يقتلون مَن قال:
لا إله إلا الله، ويُؤمِّنون مَن سواهم، فقالا لي:
سمعنا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:
((مَن قتلهم فله أجر شهيد، ومَن قتلوه فله أجر شهيد))".
تنبيه:
على حال مَن مات بأحد المَوتات السَّابقة:
قال ابن التِّين - رحمه الله -:
"هذه كلها مِيتات فيها شِدَّة، تَفضَّل الله على أُمَّة محمَّد -صلى الله عليه وسلم-
بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم، وزيادةً في أجورهم يُبلِّغهم مراتبَ الشُّهداء،
والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواءً، ويدل عليه:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئل: أي الجهاد أفضل؟ قال:
((مَنْ عُقِرَ جَوادُه وأُهْرِيقَ دَمُه)).
ويتحصل ممَّا ذُكر في هذه الأحاديث أن الشُّهداء قسمان:
1-شهيد الدنيا.
2-شهيد الآخرة:
وهو مَن يُقْتَل في حرب الكُفار مُقبلاً غيرَ مُدْبر، مخلصًا.
24- الموت على عمل صالح:
فقد أخرج الإمام أحمد بسنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
مَن قال: لا إله إلا الله، ابتغاء وجه الله، خُتِمَ له بها، دَخل الجَنَّة،
ومَن صام يومًا ابتغاء وجه الله خُتِمَ له بها دخل الجَنَّة،
ومَن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله خُتِمَ له بها دخل الجَنَّة))؛
(قال الألباني: إسناده صحيح).
أخرج الإمام أحمد والبزَّار بسند صَحيح من حديث حُذيفة - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن خُتِمَ له بصيام يومٍ دخل الجَنَّة))؛
(صحيح الجامع: 6422).
أي: مات بعد صومه، أو عند إفطاره عقب صومه.
وفي "مسند الإمام أحمد" والترمذي بسند صحيح أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمله، قيل: كيف يَستعمِلُه؟ قال:
يُوفِّقُه لعمل صالح قبل الموت، ثم يَقبضه عليه))؛
(صحيح الجامع: 305).
وفي لفظ آخر عند أحمد والحاكم عند عمرو بن الحَمِق:
((إذا أراد اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمله))، قيل: كيف يستعمله؟ قال:
((يَفتح له عملاً صالحًا بين يَدي موته؛ حتى يَرضى عنه مَن حوله))؛
(صحيح الجامع: 304).
وفي رواية عند الطبراني في "الكبير" عن أبي أُمامة - رضي الله عنه - قال:
((إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا طهَّره قبل موته))، قالوا: ما طهور العبد؟ قال:
((عمل صالح يُلهمه إياه حتى يقبضَه عليه)).
وفي رواية عند أحمد والطَّبراني عن أبي عِنبة - رضي الله عنه -:
((إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عَسَلَهُ))، قيل: وما عَسَلهُ؟ قال:
((يفتح له عملاً صالحًا قبل موته، ثم يقبضه عليه))؛
(السلسلة الصحيحة: 1114)،
(صحيح الجامع: 307).
وأخرج البزار بسنده: "أن رجلاً جاء النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال:
يا رسول الله، أرأيت إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسولُ الله،
وصلَّيتَ الصلوات الخمسَ، وأديتُ الزَّكاةَ، وصُمتُ رمضانَ وقُمتُه، ممَّن أنا؟
قال: ((من الصِّدِّيقين والشُّهداء))".
وفي رواية ابن خُزيمة: "جاء رسولَ الله رجلٌ من قُضاعة، فقال له:
إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسولُ الله، وصلَّيتُ الصلواتِ الخمسَ،
وصمتُ الشهرَ، وقمتُ رمضانَ، وآتيتُ الزَّكاة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
((مَن مات على هذا، كان من الصِّدِّيقِين والشُّهداءِ))".
قال ابنُ خزيمة - رحمه الله -: "استِحقاق قائمَة اسم الصِّديقين والشهداء
إذا جَمَعَ مع قيامه رمضانَ صيام نهاره، وكان مقيمًا للصَّلوات الخمس، مؤَديًا للزكاة،
شاهدًا لله بالوحدانيَّة، مُقرًّا للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرِّسالة، ومات على ذلك".
حُسْن خاتمة أبي حكيم الخبري - رحمه الله -:
"حدَّث أبو الفضل بن ناصر، عن جدِّه أبي حكيم الخبري، أنه كان قاعدًا يَنسخ،
فوقع القَلم من يَده، وقال:
"إن كان هذا موتًا، فوالله إنه موت طيِّبٌ، فمات"؛
(الثبات عند الممات: ص 176).
25- الموت بالمدينة المنوَّرة:
ففي "مسند الإمام أحمد" والترمذي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((مَن استَطاع أن يموتَ بالمدينة، فليمُتْ بها؛ فإني أَشفعُ لمَن يَموت بها))؛
(صحيح الجامع: 6015).
فاللهم ارزقنا شهادة في سبيلك، وأن نُدفن في بلد حبيبك.
وهكذا كان عُمر يدعو، في "صحيح البخاري" عن حَفصة بنت عمر
- رضي الله عنها - قالت: قال عمر - رضي الله عنه -:
"اللهم ارزقني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولِك، فقلتُ:
وأنى يكون هذا؟! قال:
يأتي الله به إذا شاء" وقد كان، فمات شهيدًا ودُفن في المدينة - رضوان الله عليه.
وأخيرًا..
فهذه جملةٌ من علامات حُسن الخاتمة، التي يُستبشرُ بها للمَيِّت،
إلا أنه هناك أمرٌ ينبغي أن يُتَنبَّه له، وهو: أن ظهورَ شيء من هذه العلامات
أو وقوعها للميت، لا يَلزم منه الجَزم بأن صاحبها من أهل الجَنَّة،
ولكن يُستبشر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيءٍ منها للميِّت
لا يَلزم منه الحُكم بأنه غير صالح...
أو نحو ذلك، فهذا كله من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.
التي تظهر للناس (1)
وأما علامات حسن الخاتمة والتي تظهر للناس، فمنها:
ما ذكرها الشيخ الألباني - رحمه الله - في كتابه "أحكام الجنائز" حيث قال:
"إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بيِّنات يُستدل بها على حسن الخاتمة،
كتبها الله تعالى لنا بفضله ومنِّه، فأيما امرئ مات بإحداها، كانت له بشارة،
ويا لها من بشارة!".
1- نطقُه بالشهادة عند الموت:
فقد أخرج أبو داود من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجَنَّة))؛
(حسنه الألباني في الإرواء: 686).
وأخرج الإمام أحمد بسنده:
"أن عمر رأى طلحةَ بن عُبيدالله ثقيلاً، فقال: ما لك يا أبا فلان؟
لعلك ساءتك امرأة عمِّك يا أبا فلان؟ قال: لا، (وأثنى على أبي بكر)
إلا أني سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا
ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول:
((إني لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ عند موته إلا أشرق لها لونُه، ونفَّس الله عنه كُربتَه))،
فقال عمر - رضي الله عنه -:
إني لأعلم ما هي، قال: وما هي؟ قال:
تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمَّه عند الموت:
لا إله إلا الله؟! قال طلحة: صدقتَ، هي والله هي"؛
(صححه الشيخ أحمد شاكر).
تنبيه:
يستحب لمَن حضر المحتَضَر أن يلقنه:
"لا إله إلا الله"؛ وذلك للحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري
- رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله)).
والمراد: ذكِّروا مَن حضره الموت:
"لا إله إلا الله"
فتكون آخر كلامه.
وقد أخرج ابن حبان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله، فمَن كان آخر كلامه:
لا إله إلا الله عند الموت، دخل الجَنَّة)).
يقول أنس بن سيرين: "شهدت أنس بن مالك - رضي الله عنه -
وقد حضره الموت، فجعل يقول:
"لقِّنُونِي: لا إله إلا الله، فلم يزل يقولها حتى قُبِض رحمه الله"؛
(الثبات عند الممات: 133).
2- الموت برَشْح الجَبين:
أخرج الإمام أحمد وحسَّنه الحاكم ووافقه الذهبي من حديث بُريدة بن الحُصيب
- رضي الله عنه -:
"أنه كان بخُراسان، فعاد أخًا له وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو يَعرق جبينه،
فقال:
الله أكبر، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
((موتُ المؤمنِ بعَرقِ الجبين))".
وفي كتاب "الثبات حتى الممات" لابن الجوزي: لما احتضر أبو بكر بن حبيب
- وكان يدرس ويعظ وكان نِعْمَ المؤدِّب - قال له أصحابه لما احتضر:
أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث:
بتقوى الله - عز وجل - ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا،
فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيتُ الدنيا، ثم قال لبعض إخوانه:
انظر هل ترى جَبيني يعرَقُ؟ فقال: نعم، فقال: الحمدُ لله، هذه علامة المؤمن
- يُريد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم -:
((الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ))،
ثم بسط يده عند الموت،
وقال:
هَا قدْ مَدَدْتُ يَدِي إلَيْكَ فَرُدَّهَا.....بِالْفَضْلِ لاَ بِشَمَاتةِ الأَعْدَاءِ
(رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد).3- الموت ليلة الجمعة أو نهارها:
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما
- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ما مِن مُسلم يَموت يومَ الجُمُعة أو ليلةَ الجمعة، إلا وقَاه اللهُ فِتنةَ القَبر))؛
(صحيح الجامع: 5773).
4- الاستشهاد في ساحة القتال:
قال -تعالى-:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا
بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ
لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[آل عمران: 169 - 171].
وأخرج الإمام أحمد والترمذي عن المِقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((للشَّهيد عند الله سبعُ خِصال:
يُغفَر له في أوَّل دفعَةٍ مِن دَمِه، ويَرى مَقعدَه من الجَنَّة، ويُحَلَّى حُلَّةَ الإيمان،
ويُزَوَّجَ اثنين وسبعين زوجةً من الحُور العين، ويُجار من عذاب القَبر،
ويأمنُ من الفزَع الأكبر، ويُوضع على رأسه تاجُ الوقار؛ الياقوتةُ منه خيرٌ من الدنيا
وما فيها، ويُشفَّعُ في سبعين إنسانًا من أهل بيته))؛
(صحيح الجامع: 5182).
وعند الطبراني في "الكبير":
"أن رجلاً قال:
يا رسول الله، ما بالُ المؤمنين يُفْتَنُون في قبورهم إلا الشَّهيد؟ قال:
((كفى ببارِقَة السُّيوف على رأسه فِتنَة))"؛
(صحيح الجامع: 4483).
تنبيه:
تُرجَى هذه الشَّهادة لمَن سألها مُخلصًا من قلبه،
ولم يتيسر له الاستشهاد في المعركة، ودليل ذلك:
ما جاء في "صحيح مسلم" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن سأل اللهَ الشَّهادةَ بصِدق، بلَّغه اللهُ منازِلَ الشُّهداء وإنْ مات على فِراشه)).
وأخرج الترمذي من حديث معاذ - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن سأل اللهَ القتلَ في سبيل الله صادقًا من قلبِه، أعطاه الله أجرَ شهيدٍ
وإن مات على فراشه))؛
(صحيح الجامع: 6277).
وفي "صحيح مسلم" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-:
((مَن طلب الشَّهادةَ صادقًا أُعطِيَها ولو لم تُصِبه)).
5- الموت غازيًا في سبيل الله:
فقد أخرج الإمام مُسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ما تعدُّون الشَّهيدَ فيكم؟))
قالوا: يا رسول الله، مَن قُتِل في سبيل الله فهو شهيد، قال:
((إن شُهداء أُمتي إذًا لقليلٌ))، قالوا: فمَن هم يا رسول الله؟ قال:
((مَن قُتِل في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومَن مات في سبيل الله فهو شهيد،
ومَن مات في الطاعون فهو شَهيد، ومَن مات بالبَطْن فهو شهيد، والغَريق شَهيد)).
وفي رواية لأبي داود من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه -
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن فَصل - أي خرج - في سبيل الله، فمات أو قُتِل، فهو شهيد، أو وَقَصه فرسه
أو بعيرُه، أو لدغته هامةٌ، أو مات على فراشه، أو بأي حَتف شاء الله، فإنه شهيدٌ،
وإن له الجَنَّة))؛
(صحيح الجامع: 6413).
6- مَن صُرِع عن دابته في سبيل الله،
أو وقصه بعيره، أو لدغته هامة:
كما مرَّ بنا في الحديث السابق، ويدل على هذا أيضًا ما أخرجه الطبراني في "الكبير"
عن عُقبة بن عامر - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن صُرِع عن دابته، فهو شهيد))؛
(صحيح الجامع: 6336).
قال المناوي - رحمه الله - في "فتح القدير" (6/163):
"ومَن صُرع عن دابَّته في سبيل الله، فمات، فهو شهيد"؛ أي:
من شهداء المعركة إن كان سقوطه بسبب القتال.
والصرع معروف:
وهو الطَّرح على الأرض، والمراد بالحديث: السُّقوط عن الدابَّة حال قتال الكفَّار؛
بسبب أي وجه كان، إما بطرح الدابَّة له، أو بعُروض تلك العلَّة في تلك الحالة
عُروضًا ناشئًا عن القتال، كأنْ أورثه شدة الانفعال؛ اهـ باختصار.
علامات حسن الخاتمة
التي تظهر للناس (2)
7- المرابط في سبيل الله:
أخرج "الإمام مسلم" من حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال:
((لَرباطُ يوم وليلةٍ خيرٌ من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله
الذي كان يَعمله، وأُجْري عليه رُزقه[1]وأمِن الفتَّان)).
وفي "سنن أبي داود" و"الترمذي" من حديث فضالة بن عُبيد - رضي الله عنه
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((كلُّ ميِّت يُختم على عَمله إلا الذي مات مُرابطًا في سبيل الله،
فإنه يُنمَّى له عملُه إلى يوم القيامة، ويأمن فِتنة القبر))؛
(صحيح الجامع: 4562).
وأخرج ابن حبَّان عن سلمان - رضي الله عنه - أنه سمع النبي
- صلى الله عليه وسلم - يقول:
((مَن مات مرابطًا في سبيل الله أُومِنَ عذابَ القَبر، ونما له أجره إلى يوم القيامة)).
وفي رواية عند ابن حبَّان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((مَن مات مُرابطًا مات شهيدًا)).
8- مَن قام إلى إمام جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، فقتله:
ودليلُ ذلك ما أخرجه الحاكم والضياء عن جابر - رضي الله عنه -
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((سيِّدُ الشُّهداءِ حمزةُ بنُ عبدالمطلب، ورجلٌ قامَ إلى إمامٍ جائر، فأمره ونهاه، فقتله))؛
(صحيح الجامع: 3675).
9- الدعوة إلى السُّنة في وقت الفتن، والموت على ذلك:
فقد أخرج الطبراني في "الكبير" من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((إنَّ مِن ورائِكم زمانَ صبرٍ، للمُتمسِّك فيه أَجرُ خمسين شهيدًا منكم))؛
(صحيح الجامع: 2234).
وفى رواية أخرى عن عُتبة بن غزوان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
((إن من ورائكم أيامَ الصَّبر، للمُتمسِّك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم))،
قالوا: يا نبي الله، أو منهم؟ قال: ((بل منكم))؛
(السلسلة الصحيحة: 1/268، رقم 494).
10- المائدُ في البحر والغريق:
والمائدُ: هو الذي يموت بسبب دوَّار البحر، فله أجر شهيد.
فقد أخرج الطبراني في "الكبير" عن أم حَرام - رضي الله عنها - قالت:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((للمائد[2]أجرُ شهيد[3]، وللغريق أجر شهيدين))؛
(صحيح الجامع: 5187).
وفى رواية عن أبي داود:
ن أم حرام - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((المائدُ في البحر الذي يُصيبه القَيء له أجرُ شهيد، والغريق له أجر شهيدين))؛
(صحيح الجامع: 6642).
وأخرج ابن عساكر في "تاريخه" عن عليِّ بنِ أبي طالب - رضي الله عنه - أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال:
((الغريق شهيد، والحريق شهيدٌ، والمبطون شهيد، ومَن يَقع عليه البيتُ فهو شهيد،
ومَن قُتِلَ دون ماله فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دون نفسه فهو شهيد))؛
(صحيح الجامع: 4172).
وأخرج البخاري في "التاريخ" عن عُقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال:
((الغريق في سبيل الله شهيد))؛
(صحيح الجامع: 4173).
11- الشَّريق:
قال ابن الأثير في "النهاية": "والشريق: هو الذي يَشرق بالماء فيموت".
قال ابن حجر في "الفتح" (6/52): وللطبراني من حديث ابن عباس مرفوعًا:
((المرءُ يموت على فِراشه في سبيل الله شهيدٌ))،
وقال ذلك أيضًا في: "المبطون، واللديغ، والغريق، والشَّريق، والذي يَفترسه السَّبُع،
والخارّ عن دابَّته، وصاحب الهَدم، وذات الجنب".
12- مَن افترسه السَّبعُ:
روى ابن قانع عن ربيع الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((الطَّعن والطاعون، والهدمُ، وأكل السَّبعِ، والغرقُ، والحرقُ، والبطن، وذاتُ الجنب شهادةٌ))
[4]؛ (صحيح الجامع: 3953).
علامات حسن الخاتمة
التي تظهر للناس (3)
13- الهدم:
أخرج البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((الشهداء خمسة: المطعونُ، والمبطونُ، والغَرِق، وصاحب الهدم،
والشهيدُ في سبيل الله)).
14- مَن تَردَّى من رُؤوس الجبال:
أخرج عبدالرزاق عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:
"إن مَن يتردَّى من رؤوس الجبال، وتأكله السباع، ويغرق في البحر، لشهيد عند الله"؛
(قال الحافظ في "الفتح" (6/52): إسناده صحيح).
15- الموت بالطاعون:
أخرج البخاري عن حَفصة بنت سيرين - رحمها الله - قالت:
قال لي أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
"بم مات يحيى بن أبي عمرة؟ قالت: بالطاعون، فقال:
إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((الطاعون شهادة لكل مسلم))".
وعند البخاري أيضًا من حديث عائشة - رضي الله عنها -:
"أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الطاعون؟
فأخبرها نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أنه كان عذابًا يبعثه الله على مَن يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين،
فليس من عبدٍ يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرًا، يعلم أنه لن يُصيبَه
إلا ما كتب الله له،
إلا كان له مثل أجر الشهيد))".
أخرج الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((الطاعون غُدَّة كغدَّة البَعير، المقيمُ بها كالشهيد، والفاُرُّ منها كالفارِّ من الزَّحف))؛
(صحيح الجامع: 3948).
وأسند الإمام أحمد عن صفوان بن أميَّة - رضي الله عنه - عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((الطاعون، والغرق، والبطن، والحرق، والنُّفساء؛ شهادةٌ لأُمَّتي))؛
(صحيح الجامع: 3950).
وفي "مستدرك الحاكم" عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((الطاعون وخزُ أعدائكم من الجنِّ، وهو لكم شهادةٌ))؛
(صحيح الجامع: 3951).
وفي "مسند الإمام أحمد" عن جابر - رضي الله عنه - قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-:
((الفارُّ من الطاعون كالفارِّ من الزحف، ومَن صبر فيه كان له أجر شهيد)).
وأخرج الإمام أحمد والطبراني في "الكبير" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((يأتي الشُّهداء والمتوفَّون بالطاعون، فيقول أصحاب الطَّاعون: نَحن شُهداء،
فيقالُ:
انظروا؛ فإن كانت جراحهم كجرح الشُّهداء تسيل دمًا كريح المِسك، فهم شهداء،
فيجدونهم كذلك))؛
(حسنه الحافظ في الفتح: 10/205).
16- الموت بداء البطن:
والمبطون: هو صاحب داء البطن وهو "الإسهال"، وقال القاضي عِياض:
هو الذي به الاستسقاء، وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي يموت بِداء بطن مُطلق،
فهذا شهيد ويُرجَى له الجَنَّة.
ففي "صحيح مسلم" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ومن مات في البطن فهو شهيد...)) الحديث.
وعند النَّسائي بسند صحيح عن عبدالله بن يسار قال:
"كنت جالسًا وسُليمان بن صُرد وخالد بن عُرفطة؛ فذكروا أن رجلاً تُوفِّي،
مات ببطنه، فإذا هما يَشتهيان أن يكونا شهداء جنازته، فقال أحدهم للآخر:
ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((ومَن يقتله بطنُه، فلن يُعذب في قبره))؟
فقال الآخر: بلى، وفي رواية: صدقت".
17- الموت بِداء السُّل:
ودليل ذلك ما أخرجه الطبراني في "الكبير" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((القتلُ في سبيل الله شهادةٌ، والنُّفساء شهادَة، والحَرق شهادة، والغَرق شهادة،
والسُّل شهادة، والبطن شهادة)).
18- المرأة تموت في نفاسها بسبب وَلدها:
فقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن عُبادة بن الصامت - رضي الله عنه -:
((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاد عبدَالله بنَ رواحة، قال:
فما تحوَّز له[1]عن فراشه، فقال: أتدري مَن شهداء أُمَّتي؟ قالوا: قتل المسلم شهادة، قال:
إن شهداء أُمَّتي إذًا لقليل، قَتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة،
والمرأة يَقتلها وَلدُها جَمْعاءَ[2]شَهادةٌ، يجرُّها ولدُها بسُرَرِه[3]إلى الجَنَّة)).
وفي "مسند الإمام أحمد" عن راشد بن حبيش - رضي الله عنه - عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
"القتلُ في سبيل الله شهادةٌ، والطاعون شَهادة، والغَرْق شهادة، والبطن شهادة،
والحَرْق شهادة، والسُّلُّ، والنُّفساء يجرها ولدها بسُرَرِها إلى الجَنَّة)).
علامات حسن الخاتمة
التي تظهر للناس (4)
19- الموت بالحَرق وذات الجنب:
فقد أخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي من حديث جابر بن عتيك
- رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((الشهداء سبعةٌ سِوى القَتل في سبيل الله: المَطعون شَهيد، والغَرق شهيد،
وصاحب ذات الجَنْب[1]شهيد، والمبطون شهيد، والحَرق شهيد،
والذي يموت تحت الهَدم شهيد، والمرأة تموت بجُمْع [2]شهيدة)).
20- مَن دعا بدعاء يُونس - عليه السلام -
أربعين مرَّة في مرضه:
فقد أخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن سعد بن مالك - رضي الله عنه -
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((هل أدلُّكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى،
الدَّعوة التي دعا بها يُونس حيث ناداه في الظُّلمات الثَّلاث:
﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
[الأنبياء: 87]))،
فقال رجل:
يا رسولَ الله، هل كانت ليونُس أَمْ للمؤمنين عامَّة؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((ألا تسمع قول الله - عز وجل -:
﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]؟))،
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أيما مُسلمٍ دعا بها في مَرضِه أربعين مرَّةً فمات في مَرضه ذلك، أُعْطي أجرَ شهيد،
وإن بَرأ، برَأ وقد غُفِر له جميعُ ذُنوبه)).
21- الموت في سبيل الدِّفاع عن الدِّين أو النَّفس أو الأهل:
فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي بسند صحيح أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن قُتِل دون ماله فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون أهلِه فهو شَهيد،
ومَن قُتِل دون دِينه فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون دَمِه فهو شهيد)).
وفي رواية عند النسائي وأحمد:
((من قُتِل دون مَظلمته فهو شهيد))؛
(صححه أحمد شاكر رحمه الله).
22- الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غَصْبُه:
أخرج البخاري بسنده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن قُتِل دون ماله - وفى رواية: مَن أُريد مالُه بغير حقٍّ - فقاتل فقُتِل، فهو شَهيد)).
وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:
أرأيتَ إن جاء رجل يُريد أخذَ مالي؟ قال: ((فلا تُعطه مالَك))، ق
ال: أرأيتَ إن قاتلني، قال: ((قاتله))، قال: أرأيتَ إن قتلني، قال: ((فأنت شَهيدٌ))،
قال: أرأيتَ إن قتلتُهُ؟ قال: ((فهو في النَّار)).
وعند الإمام أحمد والنَّسائي بسند صَحيح عن مُخارق - رضي الله عنه - قال:
"جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: الرَّجل يأتيني يُريد مالي؟ قال:
((ذكِّره بالله))، قال: فإن لم يَذَّكَّرْ؟ قال:
((فاسْتعِن عليه مَن حَولك من المسلمين))،
قال: فإن لم يكن حولي أحدٌ من المسلمين؟ قال:
((فاستعن عليه السُّلطان))، قال:
فإن نأى السلطان وعَجل عليَّ؟ قال:
قاتل دون مالِك حتى تكون من شهداء الآخرة، أو تَمنعَ مالَك))؛
أي: تحميَ مالك"؛
(قال الألباني: سنده صحيح).
23- مَن قَتل الخوارجَ أو قتلَتْهُ الخوارجُ:
أخرج الطبراني في "الأوسط" بسند جيِّد عن الفَرزدق الشاعر:
"أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد وسألهما، فقال: إني رجل من أهل المشرق،
وإن قومًا يَخرجون علينا يقتلون مَن قال:
لا إله إلا الله، ويُؤمِّنون مَن سواهم، فقالا لي:
سمعنا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:
((مَن قتلهم فله أجر شهيد، ومَن قتلوه فله أجر شهيد))".
تنبيه:
على حال مَن مات بأحد المَوتات السَّابقة:
قال ابن التِّين - رحمه الله -:
"هذه كلها مِيتات فيها شِدَّة، تَفضَّل الله على أُمَّة محمَّد -صلى الله عليه وسلم-
بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم، وزيادةً في أجورهم يُبلِّغهم مراتبَ الشُّهداء،
والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواءً، ويدل عليه:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئل: أي الجهاد أفضل؟ قال:
((مَنْ عُقِرَ جَوادُه وأُهْرِيقَ دَمُه)).
ويتحصل ممَّا ذُكر في هذه الأحاديث أن الشُّهداء قسمان:
1-شهيد الدنيا.
وهو مَن ذُكِر، ويُعطى من جِنس أجر الشهداء،
ولا تجري عليهم أحكامهم في الدنيا؛ اهـ بتصرف.
ولا تجري عليهم أحكامهم في الدنيا؛ اهـ بتصرف.
وهو مَن يُقْتَل في حرب الكُفار مُقبلاً غيرَ مُدْبر، مخلصًا.
24- الموت على عمل صالح:
فقد أخرج الإمام أحمد بسنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
مَن قال: لا إله إلا الله، ابتغاء وجه الله، خُتِمَ له بها، دَخل الجَنَّة،
ومَن صام يومًا ابتغاء وجه الله خُتِمَ له بها دخل الجَنَّة،
ومَن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله خُتِمَ له بها دخل الجَنَّة))؛
(قال الألباني: إسناده صحيح).
أخرج الإمام أحمد والبزَّار بسند صَحيح من حديث حُذيفة - رضي الله عنه -
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((مَن خُتِمَ له بصيام يومٍ دخل الجَنَّة))؛
(صحيح الجامع: 6422).
أي: مات بعد صومه، أو عند إفطاره عقب صومه.
وفي "مسند الإمام أحمد" والترمذي بسند صحيح أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال:
((إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمله، قيل: كيف يَستعمِلُه؟ قال:
يُوفِّقُه لعمل صالح قبل الموت، ثم يَقبضه عليه))؛
(صحيح الجامع: 305).
وفي لفظ آخر عند أحمد والحاكم عند عمرو بن الحَمِق:
((إذا أراد اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمله))، قيل: كيف يستعمله؟ قال:
((يَفتح له عملاً صالحًا بين يَدي موته؛ حتى يَرضى عنه مَن حوله))؛
(صحيح الجامع: 304).
وفي رواية عند الطبراني في "الكبير" عن أبي أُمامة - رضي الله عنه - قال:
((إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا طهَّره قبل موته))، قالوا: ما طهور العبد؟ قال:
((عمل صالح يُلهمه إياه حتى يقبضَه عليه)).
وفي رواية عند أحمد والطَّبراني عن أبي عِنبة - رضي الله عنه -:
((إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عَسَلَهُ))، قيل: وما عَسَلهُ؟ قال:
((يفتح له عملاً صالحًا قبل موته، ثم يقبضه عليه))؛
(السلسلة الصحيحة: 1114)،
(صحيح الجامع: 307).
وأخرج البزار بسنده: "أن رجلاً جاء النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال:
يا رسول الله، أرأيت إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسولُ الله،
وصلَّيتَ الصلوات الخمسَ، وأديتُ الزَّكاةَ، وصُمتُ رمضانَ وقُمتُه، ممَّن أنا؟
قال: ((من الصِّدِّيقين والشُّهداء))".
وفي رواية ابن خُزيمة: "جاء رسولَ الله رجلٌ من قُضاعة، فقال له:
إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسولُ الله، وصلَّيتُ الصلواتِ الخمسَ،
وصمتُ الشهرَ، وقمتُ رمضانَ، وآتيتُ الزَّكاة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
((مَن مات على هذا، كان من الصِّدِّيقِين والشُّهداءِ))".
قال ابنُ خزيمة - رحمه الله -: "استِحقاق قائمَة اسم الصِّديقين والشهداء
إذا جَمَعَ مع قيامه رمضانَ صيام نهاره، وكان مقيمًا للصَّلوات الخمس، مؤَديًا للزكاة،
شاهدًا لله بالوحدانيَّة، مُقرًّا للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرِّسالة، ومات على ذلك".
حُسْن خاتمة أبي حكيم الخبري - رحمه الله -:
"حدَّث أبو الفضل بن ناصر، عن جدِّه أبي حكيم الخبري، أنه كان قاعدًا يَنسخ،
فوقع القَلم من يَده، وقال:
"إن كان هذا موتًا، فوالله إنه موت طيِّبٌ، فمات"؛
(الثبات عند الممات: ص 176).
25- الموت بالمدينة المنوَّرة:
ففي "مسند الإمام أحمد" والترمذي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((مَن استَطاع أن يموتَ بالمدينة، فليمُتْ بها؛ فإني أَشفعُ لمَن يَموت بها))؛
(صحيح الجامع: 6015).
فاللهم ارزقنا شهادة في سبيلك، وأن نُدفن في بلد حبيبك.
وهكذا كان عُمر يدعو، في "صحيح البخاري" عن حَفصة بنت عمر
- رضي الله عنها - قالت: قال عمر - رضي الله عنه -:
"اللهم ارزقني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولِك، فقلتُ:
وأنى يكون هذا؟! قال:
يأتي الله به إذا شاء" وقد كان، فمات شهيدًا ودُفن في المدينة - رضوان الله عليه.
وأخيرًا..
فهذه جملةٌ من علامات حُسن الخاتمة، التي يُستبشرُ بها للمَيِّت،
إلا أنه هناك أمرٌ ينبغي أن يُتَنبَّه له، وهو: أن ظهورَ شيء من هذه العلامات
أو وقوعها للميت، لا يَلزم منه الجَزم بأن صاحبها من أهل الجَنَّة،
ولكن يُستبشر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيءٍ منها للميِّت
لا يَلزم منه الحُكم بأنه غير صالح...
أو نحو ذلك، فهذا كله من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.