«رمتني بدائها وانسلت»، أي عيرتني بعيب هو فيها وذهبت، أو ألصقت بي تهمة هي صاحبتها وغادرت، فهو مثل عربي له قصة، وقصته طريفة وقعت ولها معنى. فيقال ان رجلا من العرب يدعى سعد بن مناة، قد تزوج على نسائه امرأة فائقة الجمال، تدعى رهم بنت الخزرج، فكنّ يغرن منها، ويحاولن إيذاءها، فيساببنها، بكلمة ليست فيها، فكانت تتألم من هذا الافتراء، وحصل أن أنجبت رهم لزوجها ولدا سمي مالك، مما زاد من غيرة ضرائرها، فزدن كيلهن لها من الشتائم والسباب، حتى انهن كن ينادينها بـ«يا عفلاء»، والعفل هو عيب يصيب المرأة بعد الولادة فتعاب به، فكانت رهم تبكي من وقع الوصف عليها وتشتكي لأمها من أمر ضرائرها ومسبتهن لها. فعلمتها أمها بأن تبادرهن هي بتلك الكلمة، أي يا «عفلاء»، وتسبهن بها متى ما اشتبكن معها، فارتقبتهن رهم حتى اشتبكت معها إحداهن، فعفرت فيها رهم وبادرتها منادية إياها بكلمة: يا «عفلاء»، وبدلا من ان تبكي تلك الضرة لقولها هذا، ضحكت وهي تقول: «رمتني بدائها وانسلت»، أي سبتني بما فيها وليس في، فذهب ذلك القول مثلا. فهو مثل يقال لمن يحاول نسب عيوبه الى غيره، وهو معروف عند بعض الناس من ضعاف النفوس، أو عند من لا يثق بنفسه، وهكذا فهناك من يلصق عيوبه بغيره، لأنه لا يراها ولا يشعر بها، كما لو رمى الغبي المعروف الأذكياء بالغباء، أو اتهم السارق الأبرياء، أو اتهم الفارون من المواجهة غيرهم بالجبناء، أو ألصق الخاسر جرمه بالشركاء