فضل قيام الليل و الاسباب المُعينة عليه

إلياس

:: أستاذ ::
أحباب اللمة
إنضم
24 ديسمبر 2011
المشاركات
24,694
نقاط التفاعل
28,164
النقاط
976
محل الإقامة
فار إلى الله
الجنس
ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله على كرمه و فضله
و الصلاة و السلام على رسوله سيد العابدين.

قال عز وجل {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا (6)}

عن ابن كثير : يَأْمُرُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَ التَّزَمُّلَ، وَهُوَ: التَّغَطِّي فِي اللَّيْلِ، وَيَنْهَضَ إِلَى الْقِيَامِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ . (انتهى نقلا من تفسيره )

وقال الرب عز وجل في سورة السجدة : {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} الاية 16

وقال ايضا : {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} الاسراء 79

قال الامام ابن كثير : .. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمْتَثِلًا مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقَدْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى.. ( انتهى من تفسيره ) .

الا ان الله عمنا بهذا الفضل بعد نبيه صلى الله عليه وسلم كما جاء في سورة المزمل : {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ }

وقال تعالى : {إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ١٥ ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ مُحۡسِنِينَ١٦ كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ١٧ وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ١٨} الذاريات

وقال ربُ العزة : { وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمنَِٰ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا٦٣ وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا٦٤} الفرقان

وقال جل في عُلاه : { أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ٩} الزُمر .

فالحمد لله على كرمه ومنه

و اعلموا اخواني أن افضل الصلوات بعد صلاة الفريضة هي صلاة الليل لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة ،الصلاة في جوف الليل ..) رواه الامام مسلم ، كتاب الصيام ، باب فضل صوم المُحرم حديث رقم : 2645 .

ومن ثمارها ( أي الصلاة في الليل ) مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة

عن ربيعة ابن كعب الاسلمي –رضي الله عنه- قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( سلْ فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة فقال : أو غير ذلك ، قلت : هو ذاك ،قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود ) رواه الامام مسلم ، كتاب الصلاة ، باب فضل السجود و الحث عليه ، حديث رقم : 980

ومن أسباب تفضيل صلاة القيام على غيرها من النوافل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { ينزل ربنا تبارك و تعالى ،كل ليلة الى السماء الدنيا ،حين يبق ثلث الليل الاخير ، يقول: من يدعوني فأستجب له ؟، من يسألاني فأعطيه ؟، من يستغفرني فأغفر له ؟ } رواه الشيخان .

فيتفق ان يكون العبد في صلاة حين ينزل الله ويدعوا عباده ليعطيهم و يغفر لهم ويمن عليهم بفضله تعالى
وقد اختلف أهل العلم في مسألة النزول هل ينزل بذاته ؟ او يُنزل امره او يوكل ملاك ؟ و الراجح و الله أعلم انه ينزل بذاته بكيفية لا نعلمها ولا نعطلها كما تجري هذه القاعدة في الصفات و الاسماء كمسألة استواءه على العرش فالاستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة كما قال الامام مالك رحمه الله .

وقد حث عليه الصلاة و السلام على قيام الليل و صلاة التهجد

فعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عليكم بقيام الليل فانه ذأب الصالحين قبلكم وقرابة الى الله عز وجل ومكفرة للسيئات (ومبرأة من الاثم) ومنهاة من الاثم .) صححه الامام الالباني في صحيح الترغيب (256 برقم1277) .

ومن ثواب قيام الليل حب الله وضحكه لعبده

ما رواه أبي الدرداء –رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ثلاثة يُحبهم الله عز وجل ويضحك اليهم .. و الذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن، فيقوم من الليل فــ[يقول] يذر ( أي يترك) شهوته، فيذكرني ويُناجيني ، ولو شاء لرقد .)) السلسلة الصحيحة ج 7 حديث رقم 3478 ص 1397 .

فأكرم بها من جائزة هي خير لك من الدنيا وما فيها ان يضحك الله العزيز الغفار لك

ففي الاثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {..واذا ضحك ربك الى عبد في الدنيا فلا حساب عليه }
أبشر ايها القائم بالليل ترجوا فيه عفو الله ومغفرته

وفي الأثر الموقوف عن عبد الله ابن مسعود –رضي الله عنه- قال : (( يضحك الله عز وجل الى رجلين : رجل قام في جوف الليل وأهله نيام فتطهر ثم قام ليصلي فيضحك الله عز وجل اليه ورجل لقي العدو فانهزم أصحابه وتبث حتى رزقه الله الشهادة )) صحيح رجاله كلهم ثقات ، الشريعة للآجري حديث رقم 659 .

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل

عن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال :" نمت عند خالتي ميمونة و النبي صلى الله عليه وسلم عندها تلك الليلة فتوضأ ثم قام يُصلي فصلى ثلاثة عشر ركعة ثم نام حتى نفخ وكان اذا نام نفخ ثم اتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ "-رواه الامام البخاري

وعن عروة ،أن عائشة رضي الله عنها أخبرته {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أحد عشر ركعة كانت تلك صلاته يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ثم يضطجع على شقه الايمن حتى يأتيه المنادي للصلاة } -رواه البخاري

هكذا كانت صلاته وكلا الروايتين صحيحتين فكان عليه السلام مرة يصلي ثلاثة عشر ركعة ، و مرة يصلي أحد عشر ركعة ، فكان بعض الاحيان يبدأ صلاته بعد صلاة العتمة ( العشاء) وفي احيان اخرى يصلي في الثلث الاخير وكان ينوع ويعلم امته هذا حتى لا تتحول العبادة عندها الى عادة فتخرج عن قصدها .

من الاسباب المعينة على قيام الليل

اولا الدعاء فالدعاء هو العبادة و الله عز وجل قال في كتابه { أدعوني استجب لكم } وليتحرى أحدكم مواطن الاجابة وهيا كثيرة ومنها الثلث الاخير من الليل كما جاء في الحديث السابق
ثانيا جهاد النفس و الشيطان فهؤلاء الاعداء مصممين على ان تفوت كل مواطن الخير وتركن معهم في مواطن الخذلان و الخسران فجاهدهم واستعن بالله يعينك .
ان تعود نفسك على قيام الليل بطريقة ما كأن تبدأ بالصلاة ركعتين في كل ليلة ثم تزيد مع مرور الوقت فالنفس مجبولة على التعود فإذا عودتها الشيء تعودت عليه وانقادت اليه
التفكر في كل ما سبق من الاحاديث التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم أُمته حال حفاظها على قيام الليل فهي تزيد من العزيمة وتُعلي الهمة وتهزم ان شاء الله عسكر التكاسل و التثبيط

من كان دأبه القيام فانشغل عنه بمرض أو عذرٍ ما او نام عنه

لا يملك المسلم في هذا الجزء الا ان يسجد لله شكرا على كرمه الذي لا حدود له وعلى منه وتفضله عليه
فمن كرم الكريم انه لا يحرم عبدا صدق معه أجرا كان يجريه له وهو صحيح مُعافى ، بل يواصل كرمه وعطاياه له وهو في حال سقمه او نومه او ان يحول بينه وبين القيام لخدمة ربه وعبادته عذرا شرعيا منعه من مزاولة التهجد له وذكره وتعظيمه .
فعن أبي الدرداء –رضي الله عنه – يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل ،فغلبته عينه حتى يُصبح كتب له ما نوى ، وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل } و الحديث ولله الحمد حسن رواه النسائي في سننه وابن ماجة و الحاكم في المستدرك و البيهقي في السنن الكُبرى وصححه الالباني انظر الارواء ج2 ص 204 حديث رقم 454

من السنن المستحبة عند قيام الله

الدعاء بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كأذكار الاستيقاظ من النوم
ومنها على سبيل المثال : الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد عليا روحي واذن لي بذكره .

استعمال السواك وتطيب الفم قبل ان يذكر الله بلسانه فيكون طاهر القلب و البدن
عن حذيفة قال : { كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم اذا قام للتهجد يشوص فاه بالسواك } رواه البخاري في صحيحه .
.
وفي أثر موقوف الا انه منقطع عن عون ابن عبد الله قال " كان عبد الله ابن مسعود اذا قام الى الصلاة تعجبه الريح الطيبة و الثوب النظيف"و الحديث ضعيف لعلة الانقطاع
الا ان الاثار عن النبي صلى الله عليه وسلم صحت في حثه على التطيب ولبس الجميل لاجل الصلاة

أخيرا ليعلم القارئ انني تخطيت الكثير من الاحاديث التي تُخبر وتُبشر بفضل وثواب صلاة التهجد في الليل وانني اخترت احسنها وأصحها ، حتى يطمئن لها الساعي و يعزم على نيل هذا الشرف الذي لا يُضاهيه شرف وان يسابق الناس ليفوز بالعطايا الربانية و الهدايا الالهية
واعلموا انني مُجرد ناقل و الفضل بعد الله عز وجل لاهل العلم الذين جمعوا لنا هذه الاخبار وصححوها وحققوها ثم نشروها بيننا تبليغا للدين وتبشيرا للمؤمنين
فالحمد لله على كرمه الذي لا يضاهيه كرم
و الصلاة و السلام على خير خلقه سيدنا وحبيبنا محمد النبي سيد الاولين و الاخرين .
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top