- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,409
- نقاط التفاعل
- 27,747
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
تعرَّضتِ المرأة في مَسيرتها الحياتية لكثيرٍ من الظلم، تارةً: باسم التقاليد والأعراف، وتارة: باسم الرجولة والذكورة الزائدة!!؟، إلا أن أعظم ظلمٍ تعرَّضت له المرأة - حسب تقديري - يبقى ظلمًا باسم الدين!!؟، والدينُ منه بريء.
والذي حدث: أن أصحاب العقلية الجامدة، والقَبلية المتعصِّبة، والذكورة الجامحة - يحاولون تغليفَ كلِّ ما سبق مِن الظلم باسم الدين؛ حتى يُكسِبوا أقوالَهم وأفعالهم: شرعيةَ الدين وقُدسيَّته، ولكي يصِلوا إلى ما يُريدون: تعسفوا في قراءة النصوص، وأوَّلوها تأويلًا سيئًا يخدم ما يرغبون!!؟.
ونظرًا لما للدين مِن طابع القداسة، فإن الناس بفطرتهم واحترامِهم له: يُسلِّمون القول لكل مَن يحدثهم باسمه، ولا يستطيعون تعقيبًا ولا استدراكًا.
وكثيرًا ما يتناول هؤلاء (الظالِمون للمرأة) قضايا يُغذُّونها بجهلِهم وحقدهم، ومِن هذه القضايا: صورةُ المرأة في الإسلام، خصوصًا إذا تمَّت مقارنتها بالرجل الذي يبدو سيدًا، وما المرأة إلا أَمَةٌ بين يديه!!؟.
ومِن أجل جلاء سوء الفهم الذي يصيب المرأة، ليس هناك أوضح وأفصح مِن كلام رب العالمين، الأصل الذي لا اختلاف فيه بين جمهور المسلمين، وهو: القرآن الكريم، وعليه ارتأيت أن أقف وقفةً قصيرة مع حضور المرأة في القرآن؛ لدفع الشُّبه، وردِّ الفهم السقيم إلى مَرَدِّ الصواب.
فأوَّل ما يُطالِعك في القرآن الكريم: وجودُ سورةٍ تحمل صفة المرأة، وهي: (سورة النساء)، وهو الأمر الذي لا نجده عند الرجل بنفس الصفة، ونطالع في سُوَر القرآن أيضًا: ما يدل على أمر تعلق بشأن المرأةسورة المجادلة)، وهي: سورةٌ نزلت في شأن امرأةٍ أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجهاخولة بنت ثعلبة)[1].
ومِن جانب آخر: يسترعي انتباهَنا في القرآن سورةٌ أخرى لامرأةٍ عظيمةِ النَّسَب جليلةِ القدر، وهي: (مريم بنت عمران) التي ضرب الله تعالى لنا بها مثالًا في العفَّة والطهر وصون الشرف.
وفي صفحة مشرقة أخرى: يروي لنا القرآنُ قصة (آسية امرأة فرعون)، كنموذج للمرأة المؤمنة القانتة الصابرة المحتسبة، التي رفَضَت أن تلطخ يدَها في وَحَل الذنوب وظلم الناس، والتنعم في حياة القصور التي يُظلِّلها ظلمُ فرعون وسَحَرتِه!، فتضرَّعت إلى الله تعالى أن يرفعَها إليه ويُنجِّيَها من عمل فرعون، وأن يُبدلها بحياتها معه قصرًا في الجنة، قال تعالى في محكم كتابه قارنًا النموذجين معًا:"مريم وآسية":
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ*وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾، فصارَتَا قدوة لكل نساء المؤمنين.
وفي جانب السياسة والحُكْم: سطَّر لنا القرآن نموذجًا للمرأة المَلِكة، وأعطى لنا بها القدوة في السياسة الرشيدة والتشاور، وهي:"ملكة سبأ "؛ حيث قالت: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾.
وجاء في السنة النبوية: تأكيدًا للقرآن، قولُه صلى الله عليه وسلم:
" كمل مِن الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء: إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضلَ عائشة على النساء كفَضْل الثَّرِيد على سائر الطعام"[2].
والأصلالعامُّ الذي ينبني عليه حضور المرأة في القرآنالكريم هو: مساواتها لشقيقِها الرجل في مجمل التكاليف والأعمال والعباداتوالآداب:
فعن تحصيل الثواب، نُطالع قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
ونُلفِي في شأن الممارسات التعبُّدية: وجود المرأة بجانب الرجل سواءً بسواء، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾.
وقد أعلن الإسلامحقوق المرأةكاملة من غير نقصان، وكان له في ذلك قصب السبق كما تقول العرب، يقول تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
وفي شأن: الترهيب وترتيب العقوبة على الفعل، يقول تعالى في آخر سورة الأحزاب: ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
وفي شأن: الأمر بالآداب والتحلي بالأخلاق الفاضلة، نقرأ قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾.
فالجامع المشترك إذًا هو: التساوي بتقاسم الأعمال وَفْقَ مبدأ:﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.
وأما ما يلحظ مِن مزيد تفضيلٍ للرجل عن المرأة - كالقوامة مثلًا -، فإن مرجع ذلك هو: الاختلاف الحاصل في أصل الخِلقة والفطرة، والذي يُؤثِّر بالتبَعِ على الجانب العملي من حياة المرأة، وهذا الاختلاف يُفهم مِن خلال تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة، لا من خلال تضاربها وتداخلها.
إن الإسلام سوَّى بين المرأة والرجل في جملة الحقوق والواجبات، وإذا كانت هناك فروق معدودة، فاحترامًا لأصل الفطرة الإنسانية، وما ينبني عليها من تفاوت الوظائف.
إن هذا الفهم السليم لشأنِ المرأة في الدين هو: ما ينقص كثيرًا من المسلمين الذين حالُوا بين المرأة وبين ممارستها لحياتها الطبيعية بجانب الرجل، المنسجمة مع فطرتِها التي خلقها الله عليها، ولئن كانت المرأة - على قول بعضهم - نصفَ المجتمع، وتتحمَّل تربية وتنشئة النصف الآخر، وهو كذلك، فإن الاهتمام بأمر صلاحها يرجع بالأحسن على الحياة الاجتماعية للناس؛ فتعليم المرأة وتفقيهُها وحملها على معرفة حقوقها وواجباتها وَفْقَ ما جاء به الإسلام - لا يمكن أن يعود منه سوى النفع على الشأن العامِّ.
وبعد هذا التوضيح، ليس من الصواب أبدًا: ظلم المرأة وحرمانها من حقوقها الإسلامية الإنسانية، ﴿إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾.
إن الإسلام يريد مِن المرأة عقلَها وعاطفتَها القوية في بِناء صرح المجتمع، الذي لا يقوم إلا على كَتِفَي الرجل والمرأة.
إننا نجد اليوم المرأة في البلاد غير الإسلامية تعمل في كل الميادين في سبيل تحقيق ذاتها أولًا، والمساهمة في تنمية بلدها ورقيِّه ثانيًا، يحدث كل هذا بمرجعية فكرية مادية تقضي بضرورة إشراك المرأة في كل شيء!!؟.
ونحن - المسلمين - لنا مرجعية تفتح هي الأخرى الأبواب كلها للاستفادة من طاقات المرأة المعطلة، بحسب ما يوافق خصوصيتها، ويحقق لها حضورها المجتمعي كفردٍ مساهم في البناء والعمارة، وقديمًا قال أمير الشعراء في زمانه:"أحمد شوقي":
وإذا النِّساءُ نشَأْنَ في أُميَّةٍ♦♦♦رضَع الرجالُ جهالةً وخمولَا
وفق الله كل مسلمة لأداء رسالتها النبيلة وفق ما يرضي ربها.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
هوامش:
[1]أسباب النزول؛ للنيسابوري: 228.
[2]متفق عليه عن أبي موسى، والمراد هنا: التناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى؛ النووي، (شرح صحيح مسلم (15 /198).
تعرَّضتِ المرأة في مَسيرتها الحياتية لكثيرٍ من الظلم، تارةً: باسم التقاليد والأعراف، وتارة: باسم الرجولة والذكورة الزائدة!!؟، إلا أن أعظم ظلمٍ تعرَّضت له المرأة - حسب تقديري - يبقى ظلمًا باسم الدين!!؟، والدينُ منه بريء.
والذي حدث: أن أصحاب العقلية الجامدة، والقَبلية المتعصِّبة، والذكورة الجامحة - يحاولون تغليفَ كلِّ ما سبق مِن الظلم باسم الدين؛ حتى يُكسِبوا أقوالَهم وأفعالهم: شرعيةَ الدين وقُدسيَّته، ولكي يصِلوا إلى ما يُريدون: تعسفوا في قراءة النصوص، وأوَّلوها تأويلًا سيئًا يخدم ما يرغبون!!؟.
ونظرًا لما للدين مِن طابع القداسة، فإن الناس بفطرتهم واحترامِهم له: يُسلِّمون القول لكل مَن يحدثهم باسمه، ولا يستطيعون تعقيبًا ولا استدراكًا.
وكثيرًا ما يتناول هؤلاء (الظالِمون للمرأة) قضايا يُغذُّونها بجهلِهم وحقدهم، ومِن هذه القضايا: صورةُ المرأة في الإسلام، خصوصًا إذا تمَّت مقارنتها بالرجل الذي يبدو سيدًا، وما المرأة إلا أَمَةٌ بين يديه!!؟.
ومِن أجل جلاء سوء الفهم الذي يصيب المرأة، ليس هناك أوضح وأفصح مِن كلام رب العالمين، الأصل الذي لا اختلاف فيه بين جمهور المسلمين، وهو: القرآن الكريم، وعليه ارتأيت أن أقف وقفةً قصيرة مع حضور المرأة في القرآن؛ لدفع الشُّبه، وردِّ الفهم السقيم إلى مَرَدِّ الصواب.
فأوَّل ما يُطالِعك في القرآن الكريم: وجودُ سورةٍ تحمل صفة المرأة، وهي: (سورة النساء)، وهو الأمر الذي لا نجده عند الرجل بنفس الصفة، ونطالع في سُوَر القرآن أيضًا: ما يدل على أمر تعلق بشأن المرأةسورة المجادلة)، وهي: سورةٌ نزلت في شأن امرأةٍ أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجهاخولة بنت ثعلبة)[1].
ومِن جانب آخر: يسترعي انتباهَنا في القرآن سورةٌ أخرى لامرأةٍ عظيمةِ النَّسَب جليلةِ القدر، وهي: (مريم بنت عمران) التي ضرب الله تعالى لنا بها مثالًا في العفَّة والطهر وصون الشرف.
وفي صفحة مشرقة أخرى: يروي لنا القرآنُ قصة (آسية امرأة فرعون)، كنموذج للمرأة المؤمنة القانتة الصابرة المحتسبة، التي رفَضَت أن تلطخ يدَها في وَحَل الذنوب وظلم الناس، والتنعم في حياة القصور التي يُظلِّلها ظلمُ فرعون وسَحَرتِه!، فتضرَّعت إلى الله تعالى أن يرفعَها إليه ويُنجِّيَها من عمل فرعون، وأن يُبدلها بحياتها معه قصرًا في الجنة، قال تعالى في محكم كتابه قارنًا النموذجين معًا:"مريم وآسية":
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ*وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾، فصارَتَا قدوة لكل نساء المؤمنين.
وفي جانب السياسة والحُكْم: سطَّر لنا القرآن نموذجًا للمرأة المَلِكة، وأعطى لنا بها القدوة في السياسة الرشيدة والتشاور، وهي:"ملكة سبأ "؛ حيث قالت: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾.
وجاء في السنة النبوية: تأكيدًا للقرآن، قولُه صلى الله عليه وسلم:
" كمل مِن الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء: إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضلَ عائشة على النساء كفَضْل الثَّرِيد على سائر الطعام"[2].
والأصلالعامُّ الذي ينبني عليه حضور المرأة في القرآنالكريم هو: مساواتها لشقيقِها الرجل في مجمل التكاليف والأعمال والعباداتوالآداب:
فعن تحصيل الثواب، نُطالع قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
ونُلفِي في شأن الممارسات التعبُّدية: وجود المرأة بجانب الرجل سواءً بسواء، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾.
وقد أعلن الإسلامحقوق المرأةكاملة من غير نقصان، وكان له في ذلك قصب السبق كما تقول العرب، يقول تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
وفي شأن: الترهيب وترتيب العقوبة على الفعل، يقول تعالى في آخر سورة الأحزاب: ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
وفي شأن: الأمر بالآداب والتحلي بالأخلاق الفاضلة، نقرأ قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾.
فالجامع المشترك إذًا هو: التساوي بتقاسم الأعمال وَفْقَ مبدأ:﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.
وأما ما يلحظ مِن مزيد تفضيلٍ للرجل عن المرأة - كالقوامة مثلًا -، فإن مرجع ذلك هو: الاختلاف الحاصل في أصل الخِلقة والفطرة، والذي يُؤثِّر بالتبَعِ على الجانب العملي من حياة المرأة، وهذا الاختلاف يُفهم مِن خلال تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة، لا من خلال تضاربها وتداخلها.
إن الإسلام سوَّى بين المرأة والرجل في جملة الحقوق والواجبات، وإذا كانت هناك فروق معدودة، فاحترامًا لأصل الفطرة الإنسانية، وما ينبني عليها من تفاوت الوظائف.
إن هذا الفهم السليم لشأنِ المرأة في الدين هو: ما ينقص كثيرًا من المسلمين الذين حالُوا بين المرأة وبين ممارستها لحياتها الطبيعية بجانب الرجل، المنسجمة مع فطرتِها التي خلقها الله عليها، ولئن كانت المرأة - على قول بعضهم - نصفَ المجتمع، وتتحمَّل تربية وتنشئة النصف الآخر، وهو كذلك، فإن الاهتمام بأمر صلاحها يرجع بالأحسن على الحياة الاجتماعية للناس؛ فتعليم المرأة وتفقيهُها وحملها على معرفة حقوقها وواجباتها وَفْقَ ما جاء به الإسلام - لا يمكن أن يعود منه سوى النفع على الشأن العامِّ.
وبعد هذا التوضيح، ليس من الصواب أبدًا: ظلم المرأة وحرمانها من حقوقها الإسلامية الإنسانية، ﴿إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾.
إن الإسلام يريد مِن المرأة عقلَها وعاطفتَها القوية في بِناء صرح المجتمع، الذي لا يقوم إلا على كَتِفَي الرجل والمرأة.
إننا نجد اليوم المرأة في البلاد غير الإسلامية تعمل في كل الميادين في سبيل تحقيق ذاتها أولًا، والمساهمة في تنمية بلدها ورقيِّه ثانيًا، يحدث كل هذا بمرجعية فكرية مادية تقضي بضرورة إشراك المرأة في كل شيء!!؟.
ونحن - المسلمين - لنا مرجعية تفتح هي الأخرى الأبواب كلها للاستفادة من طاقات المرأة المعطلة، بحسب ما يوافق خصوصيتها، ويحقق لها حضورها المجتمعي كفردٍ مساهم في البناء والعمارة، وقديمًا قال أمير الشعراء في زمانه:"أحمد شوقي":
وإذا النِّساءُ نشَأْنَ في أُميَّةٍ♦♦♦رضَع الرجالُ جهالةً وخمولَا
وفق الله كل مسلمة لأداء رسالتها النبيلة وفق ما يرضي ربها.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
هوامش:
[1]أسباب النزول؛ للنيسابوري: 228.
[2]متفق عليه عن أبي موسى، والمراد هنا: التناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى؛ النووي، (شرح صحيح مسلم (15 /198).