الكونـفــوشيــوســـية
التعــريــف:
الكونفوشيوسية ديانة أهل الصين، وهي ترجع إلى الفيلسوف الحكيم كونفوشيوس الذي ظهر في القرن السادس قبل الميلاد داعياً إلى إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم مضيفاً إليها من فلسفته وآرائه في الأخلاق والمعاملات والسلوك القويم. إنها تقوم على عبادة إله السماء أو الإِله الأعظم، وتقديس الملائكة، وعبادة أرواح الآباء والأجداد.
التأسيــس وأبــرز الشخصيــات:
أولاً: كونفوشيوس:
- يعتبر كونفوشيوس المؤسس الحقيقي لهذه العقيدة الصينية.
- ولد سنة 551 ق.م. في مدينة تسو وهي إحدى مدن مقاطعة لو .
- اسمه كونج وهو اسم القبيلة التي ينتمي إليها، وفوتس معناه الرئيس أو الفيلسوف، فهو بذلك رئيس كونج أو فيلسوفها.
- ينتسب إلى أسرة عريقة، فجدّه كان والياً على تلك الولاية، ووالده كان ضابطاً حربياً ممتازاً، وكان هو ثمرة لزواج غير شرعي، توفي والده وله من العمر ثلاث سنوات.
- عاش يتيماً، فعمل في الرعي، وتزوج في مقتبل عمره قبل العشرين، ورزق بولد وبنت، لكنه فارق زوجته بعد سنتين من الزواج لعدم استطاعتها تحمل دقته الشديدة في المأكل والملبس والمشرب.
- تلقى علومه الفلسفية على يدي أستاذه الفيلسوف لوتس صاحب النحلة الطاوية، حيث إنه يدعو إلى القناعة والتسامح المطلق ولكن كونفوشيوس خالفه فيما بعد داعياً إلى مقابلة السيئة بمثلها وذلك إحقاقاً للعدل.
- عندما بلغ الثانية والعشرين من عمره أنشأ مدرسة لدراسة أصول الفلسفة، تكاثر تلاميذه حتى بلغوا ثلاثة آلاف تلميذ، بينهم حوالي ثمانين شخصاً عليهم أمارات النجابة والذكاء.
- تنقل في عدد من الوظائف فقد عمل مستشاراً للأمراء والولاة، وعيّن قاضياً وحاكماً، ووزيراً للعمل، ووزيراً للعدل، ورئيساً للوزراء في سنة 496 ق. م حيث أقدم حينها على إعدام بعض الوزراء السابقين وعدداً من رجال السياسة وأصحاب الشغب حتى صارت مقاطعة "لو" نموذجية في تطبيق الآراء والمبادئ الفلسفية المثالية التي ينادي بها.
- رحل بعد ذلك وتنقل بين كثير من البلدان ينصح الحكام ويرشدهم ويتصل بالناس يبث بينهم تعاليمه حاثاً لهم على الأخلاق القومية.
- أخيراً عاد إلى مقاطعة "لو" فتفرغ لتدريس أصدقائه ومحبيه منكباً على كتب الأقدمين يلخّصها، ويرتبها، ويضمنها بعض أفكاره. وحدث أن مات ولده الوحيد عن خمسين عاماً، ومات تلميذه المحبب إليه هووي فحزن لذلك أشد الحزن. وحيده الذي بلغ الخمسين من عمره، وفقد كذلك تلميذه المحبّب إليه (هووي) فبكى عليه بكاء مرّاً.
- مات في سنة 479 ق.م بعد أن ترك مذهباً رسمياً وشعبياً استمرّ حتى منتصف القرن العشرين الحالي.
ثانياً: صفاته الشخصية:
- دمث، مرح، مؤدّب، يحبّ النكتة، يتأثر لبكاء الآخرين، يبدو قاسياً وغليظاً في بعض الأحيان، طويل، دقيق في المأكل والملبس والمشرب، مولع بالقراءة والبحث والتعلم والتعليم والمعرفة والآداب.
- مغرم بالبحث عن منصب سياسي بغية تطبيق مبادئه السياسية والأخلاقية لتحقيق المدينة الفاضلة التي يدعو إليها.
- خطيب بارع، ومتكلمّ مفوّه، لا يميل إلى الثرثرة، وعباراته موجزة تجري مجرى الأمثال القصيرة والحكم البليغة.
- لديه شعور ديني، يحترم الآلهة التي كانت معبودة في زمانه، ويداوم على تأدية الشعائر الدينية، يتوجه في عباداته إلى الإِله الأعظم أو إله السماء، يصلي صامتاً، ويكره أن يرجو الإِله النعمة أو الغفران إذ إن الصلاة لديه ليست إلا وسيلة لتنظيم سلوك الأفراد، والدّين - في نظره - أداة لتحقيق التآلف بين الناس.
- كان يغني، وينشد، ويعزف الموسيقى، وقد ترك كتاب الأغاني كما أنه كان مغرماً بالحفلات والطقوس، إلى جانب اهتمامه بالرماية وقيادة العربات والقراءة والرياضة (الحساب) ودراسة التاريخ.
ثالثاً: أبــرز الشخصــيات:
- انقسمت الكونفوشيوسية بعده إلى اتجاهين:
1- مذهب متشدد حرفي ويمثله "منسيوس" إذ يدعو إلى الاحتفاظ بحرفية آراء كونفوشيوس وتطبيقها بكل دقة، ومنسيوس هذا تلميذ روحي لكونفوشيوس إذ إنه لم يتلق علومه مباشرة عنه بل إنه أخذها عن حفيده وهو الذي قام بتأليف كتاب الانسجام المركزي .
2-المذهب التحليلي، ويمثله هزنتسي ويانجتسي، إذ يقوممذهبهما على أساس تحليل وتفسير آراء المعلم واستنباط الأفكار باستلهام روح النص الكونفوشيوسي.
- تشو هزيوان عاش في عصر أسرة هان (127-200) ميلادية.
- تسي كنج ولد سنة 520م وأصبح من أعظم رجال السلك السياسي الصيني.
- تسي هسيا ولد سنة 507م وأصبح من كبار المتفقهين في الدين الكونفوشيوسي.
- تسينكتز كان أستاذاً لحفيد كونفوشيوس، ويأتي ترتيبه الثاني بعد منسيوس من حيث الأهمية.
- تشو هزي (1200-1130) ميلادية قام بنشر الكتب الأربعة التي كانت تدرس في المدارس الأولية والابتدائية في الصين، يعد الحجة الوحيدة في الآراء الكونفوشيوسية إذ كان يسند إليه تصحيح الامتحانات الدينية التي تؤهل المتقدمين لمباشرة الوظائف الحكومية.
رابعاً: التطور التاريخي للفكر الكنفوشي:
1- قام كونفوشيوس بنقل أفكار الأقدمين وآرائهم ومعتقداتهم وكتب ذلك بلغة عصره وعمل على تلقينها لثلاثة آلاف تلميذ.
2- العبادة في عصره كانت لإِله السماء أو الإِله الأعظم، ثم إله الأرض وتقديس الملائكة وعبادة أرواح الأجداد.
3- عندما مات كونفوشيوس دفن على مقربة من نهر استس في شمال المدينة حيث تكاثر الناس حول قبره شيئاً فشيئاً مشكلين قرية كونج.
4- ثم أخذوا يعقدون حول قبره الندوات العلمية.
5- بنوا معبداً قرب قبره، ثم أخبره باستلهام أفكاره، ثم وصلوا إلى تقديسه.
6-الفيلسوف موتزي (470-381) ق.م. أضاف فكرة جديدة وهي تشخيص إله السماء بشخص عظيم يشبه الآدميين.
7- استمروا في هذا التقديس حتى صار يعبد عبادة في عهد الأمبراطور الأول لأسرة هان 206ق.م. إذ أخذوا يقدمون القرابين عنده، وأصبح لزاماً على الوزراء وكبار الموظفين ورجال الدولة أن يزوروا قبره ومعبده قبل استلامهم لمهام وظائفهم الجديدة.
8- لاقت الكنفوشية اضطهاداً في عهد الأمبراطور "تشي إن شهّوانج" صاحب سور الصين العظيم، وقد استمر الاضطهاد من سنة 212 ق.م. إلى 207 ق.م. فقد أقدم على إحراق كتبهم وإعدام ودفن علمائهم وهم أحياء، وبلغ عدد المدفونين أحياء 460 فيلسوفاً.
9- في سنة 207 ق.م. قام الناس بثورة مما أعاد التقدير إلى أتباع الكونفوشية ودفع الأباطرة لإعادة صياغة كتبها.
10- عندما جاء الأمبراطور دوتي (140 - 87) ق.م. اتخذ من الكونفوشية ديناً رسمياً للدولة الصينية، واستمرت الكونفوشية محتلة لهذا المنصب الرفيع حتى سنة 1912م.
11- في سنة 422م أقيم معبد لكونفوشيوس يضم قبره.
12- في سنة 505م أقيم معبد آخر في العاصمة، وأصبحت كتبه تدرس في المدارس على أنها كتب مقدسة.
13- في سنة 630م أمر أحد الأباطرة ببناء معابد مزودة بتماثيل لكونفوشيوس في جميع أنحاء الأمبراطورية، كما أمر بإِنشاء كليات لتعليم آراء كونفوشيوس الذي أصبح رمزاً للوحدتين السياسية والدينية.
14- في سنة 735م منح كونفوشيوس لقب (ملك).
15- في سنة 1013م منح لقب القديس الأعظم.
16- في سنة 1330م منح الأفراد المنحدرون من سلالته رتبة الشرف وصاروا يعدّون من طبقة النبلاء.
17- في سنة 1530م بدّلت التماثيل الموجودة في المعابد بصور ولوحات حتى لا تختلط الكونفوشية بالوثنية.
18- في سنة 1905م بدأ نجم الكونفوشية بالأفوال، حيث أُلغي الامتحان الديني الذي كان يعتبر ضرورياً للتعيين في الوظائف.
19- في سنة 1910م ظهر شهاب هالي في الأجواء الصينية فاعتبر ذلك استياء من الآلهة على أسرة مانتشو التي بلغ الفساد في عهدها قمته مما أدى إلى ثورة شعبية انتهت بتنازل الأمبراطور عن العرش سنة 1912م وتحول الصين إلى النظام الجمهوري مما أدى إلى اختفاء الكونفوشية من الحياة الدينية والسياسية، لكنها بقيت ماثلة في الأخلاق والتقاليد الصينية.
20- في سنة 1928م صدر قرار بتحريم تقديم القرابين لكونفوشيوس ومنع إقامة الطقوس الدينية له.
21- عندما استولى اليابانيون على منشوريا عادت الصين إلى استنهاض الهمم بالعودة إلى الكونفوشية وعاد الناس في عام (1930 - 1934م) إلى تقديم القرابين مرة ثانية، كما أعيد تدريس الكونفوشية في كل مكان لاعتقادهم بأن نكبتهم ترجع إلى إهمالهم تعاليم المعلم الأكبر، وسادت حركة إحياء جديدة بزعامة تشانج كاي شيك، وقد استمرت هذه الحركة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
22- في عام 1949م سيطرت الشيوعية على الصين، ولكن شيئاً فشيئاً بدأت الخلافات بين الصين والاتحاد السوفيتي بالظهور مما أوجد تبايناً بين كل منهما، وبعد موت الزعيم الصيني الشيوعي الشهير (ماو تسي تونج) بدأ التراجع عن الشيوعية في الصين، وبدأت رياح الغرب تهب عليها.
23- يعتقد الباحثون بأن الروح الكونفوشية ستعمل على تغيير معالم الشيوعية مما يجعلها أبعد ما تكون عن الشيوعية الروسية لما للكونفوشية من سيطرة روحية على الشعب الصيني.
24- ما تزال الكونفوشية تمثل الأساس الرئيسي للنظم الاجتماعية في فرموزا (الصين الوطنية).
الأفـــكار والمعتقـــدات:
أولاً: الكتــب:
- هناك مجموعتان أساسيتان تمثلان الفكر الكونفوشي فضلاً عن كثير من الشروح والتعليقات والتلخيصات، المجموعة الأولى تسمى الكتب الخمسة، والثانية تسمى الكتب الأربعة.
- الكتب الخمسة: وهي الكتب التي قام كونفوشيوس ذاته بنقلها عن كتب الأقدمين وهي:
1-كتاب الأغاني أو الشعر: فيه 350 أغنية إلى جانب ستة تواشيح دينية تغني بمصاحبة الموسيقى.
2-كتاب التاريخ: فيه وثائق تاريخية تعود إلى التاريخ الصيني السحيق.
3-كتاب التغييرات: فيه فلسفة تطور الحوادث الإِنسانية، وقد حوّله كونفوشيوس إلى كتاب علمي لدراسة السلوك الإِنساني.
4-كتاب الربيع والخريف: كتاب تاريخ يؤرخ للفترة الواقعة بين 722 - 481 ق.م. .
5-كتاب الطقوس: فيه وصف للطقوس الدينية الصينية القديمة مع معالجة النظام الأساسي لأسرة "تشو" تلك الأسرة التي لعبت دوراً هاماً في التاريخ الصيني البعيد.
- الكتب الأربعة: وهي الكتب التي ألّفها كونفوشيوس وأتباعه مدوِّنين فيها أقوال أستاذهم مع بعض التفسيرات أو التعليقات وهي تمثل فلسفة كونفوشيوس نفسه وهي:
1-كتاب الأخلاق والسياسة.
2-كتاب الانسجام المركزي.
3-كتاب المنتخبات ويطلق عليه اسم إنجيل كونفوشيوس.
4-كتاب منسيوس: وهو يتألف من سبعة كتب، ومن المحتمل أن يكون مؤلفها منسيوس نفسه.
ثانياً: المعتقـدات الأســاسية:
تتمثل المعتقدات الأساسية لديهم في الإِله أو إله السماء، والملائكة، وأرواح الأجداد.
1- الإِلـــه:
- يعتقدون بالإِله الأعظم أو إله السماء ويتوجهون إليه بالعبادة، كما أن عبادته وتقديم القرابين إليه مخصوصة بالملك، أو بأمراء المقاطعات.
- للأرض إله، وهو إله الأرض، ويعبده عامة الصينيين.
- للشمس والقمر، والكواكب، والسحاب، والجبال ... لكل منها إله. وعبادتها وتقديم القرابين إليها مخصوصة بالأمراء.
2- الملائكــة: يقدسون الملائكة ويقدمون إليها القرابين.
3- أرواح الأجداد: يقدس الصينيون أرواح أجدادهم الأقدمين، ويعتقدون ببقاء الأرواح، والقرابين عبارة عن موائد يدخلون بها السرور على تلك الأرواح بأنواع الموسيقى، ويوجد في كل بيت معبد لأرواح الأموات ولآلهة المنزل.
ثالثاً: معتقدات وأفكار أخرى:
- لم يكن كونفوشيوس نبياً، ولم يدّع هو ذلك، بل يعتقدون بأنه من الذين فوَّضتهم السماء ليقوموا بإرشاد الناس وهدايتهم، فقد كان مداوماً على إقامة الشعائر والطقوس الدينية، وقد كان يعبد الإِله الأعظم والآلهة الأخرى على غير معرفة بهم ودون تثبت من حقيقة الآراء الدينية تلك.
- كان كونفوشيوس مغرماً بالسعي لتحقيق المدينة الفاضلة التي يدعو إليها وهي مدينة مثالية، لكنها تختلف عن مدينة أرسطو الفاضلة، إذ إنّ مدينة كونفوشيوس مثالية في حدود الواقع الممكن التحقيق والتطبيق فيما مدينة أرسطو تجنح إلى مثالية خيالية بعيدة عن مستوى التطبيق البشري القاصر. وكلا الفيلسوفين متعاصران.
- الجنة والنار: لا يعتقدون بهما، ولا يعتقدون بالبعث أصلاً، إذ إنّ همَّهم منصبّ على إصلاح الحياة الدنيا، ولا يسألون عن مصير الأرواح بعد خروجها من الأجساد. وقد سأل كونفوشيوس أحد تلاميذه عن الموت، فقال: "إننا لم ندرس الحياة بعد، فكيف نستطيع أن ندرس الموت".
- الجزاء والثواب: إنما يكونان في الدنيا، إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشر.
- القضاء والقدر: يعتقدون بذلك، فإن تكاثرت الآثام والذنوب كان عقاب السماء لهم بالزلازل والبراكين.
- الحاكم ابن للسماء: فإذا ما قسا وظلم وجانب العدل فإن السماء تسلّط عليه من رعيته من يخلعه ليحلّ محلّه شخص آخر عادل.
- الأخلاق: هي الأمر الأساسي الذي تدعو إليه الكونفوشية، وهي محور الفلسفة وأساس الدين، وهي تسعى إليه بتربية الوازع الداخلي لدى الفرد ليشعر بالانسجام الذي يسيطر على حياته النفسية مما يخضعها للقوانين الاجتماعية والقانونية بشكل تلقائي.
- تظهر الأخــلاق في:
· طاعة الوالد والخضوع له.
· طاعة الأخ الأصغر لأخيه الأكبر.
· طاعة الحاكم والانقياد إليه.
· إخلاص الصديق لأصدقائه.
· عدم جرح الآخرين بالكلام أثناء محادثتهم.
· أن تكون الأقوال على قدر الأفعال، وكراهية ظهور الشخص بمظهر لا يتفق مع مركزه وحاله.
· البعد عن المحسوبية أو الوساطة أو المحاباة.
- وتظهر أخلاق الحاكم في:
· احترام الأفراد الجديرين باحترامه.
· التودّد إلى من تربطهم به صلة قربى وقيامه بالتزاماته حيالهم.
· معاملة وزرائه وموظفيه بالحسنى.
· اهتمامه بالصالح العام، مع تشجيعه للفنون النافعة والنهوض بها.
· العطف على رعايا الدول الأخرى المقيمين في دولته.
· تحقيق الرفاهية لأمراء الأمبراطورية ولعامة أفرادها.
- تحترم الكونفوشية العادات والتقاليد الموروثة، فهم محافظون إلى أبعد الحدود، يقدّسون العلم والأمانة، ويحترمون المعاملة اللينة من غير خضوع ولا استخذاء لجبروت.
- يقوم المجتمع الكونفوشي على أساس احترام الملكية الفردية مع ضرورة رسم برنامج إصلاحي يؤدي إلى تنمية روح المحبّة بين الأغنياء والفقراء.
- يعترفون بالفوارق بين الطبقات، ويظهر هذا جلياً حين تأدية الطقوس الدينية وفي الأعياد الرسمية وحين تقديم القرابين.
- النظام الطبقي لديهم نظام مفتوح،إذ بإمكان أي شخص أن ينتقل من طبقته إلى أية طبقة اجتماعية أخرى إذا كانت لديه إمكانات تؤهله لذلك.
- ليس الإِنسان إلا نتيجة لتزاوج القوى السماوية مع القوى الأرضية أي لتقمص الأرواح السماوية في جواهر العناصر الأرضية الخمسة. ومن هنا وجب على الإِنسان أن يتمتع بكل شيء في حدود الأخلاق الإِنسانية القويمة.
- يبنون تفكيرهم على فكرة "العناصر الخمسة":
· فتركيب الأشياء: معدن - خشب - ماء - نار - تراب.
· الأضاحي والقرابين خمسة.
· الموسيقى لها خمسة مفاتيح، والألوان الأساسية خمسة.
· الجهات خمس: شرق وغرب وشمال وجنوب ووسط.
· درجات القرابة خمس: أبوّة - أمومة - زوجية - بنوّة - أخوّة.
- تلعب الموسيقى دوراً هاماً في حياة الناس الاجتماعية، وتسهم في تنظيم سلوك الأفراد وتعمل على تعويدهم الطاعة والنظام، وتؤدي إلى الانسجام والألفة والإِيثار.
- الرجل الفاضل هو الذي يقف موقفاً وسطاً بين ذاته المركزية وبين انفعالاته ليصل إلى درجة الاستقرار الكامل.
الجــذور الفــكرية والعقائـــدية:
- ترجع الكونفوشية إلى معتقدات الصينيين القدماء، تلك المعتقدات التي ترجع إلى 2600 سنة قبل الميلاد. وقد قبلها كونفوشيوس ومن ثم والكونفوشيون، دون مناقشة أو جدال أو تمحيص.
- في القرن الرابع قبل الميلاد حدثت إضافة جديدة وهي عبادة النجمة القطبية لاعتقادهم بأنها المحور الذي تدور السماء حوله، ويعتقد الباحثون بأن هذه النزعة قد وفدت إليهم من ديانة بعض سكان حوض البحر المتوسط.
- تغلبت الكونفوشية على النزعة الشيوعية والنزعة الاشتراكية اللتان طرأتا عليها في القرنين السابقين للميلاد وانتصرت عليهما. كما أنها استطاعت أن تصهر البوذية بالقالب الكونفوشي الصيني وتنتج بوذية صينية خاصة متميزة عن البوذية الهندية الأصلية.
- لا تزال المعتقدات الكونفوشية موجودة في عقيدة أكثر الصينيين المعاصرين على الرغم من السيطرة السياسية للشيوعيين.
الانتشــار ومواقــع النفـــوذ:
- انتشرت الكونفوشية في الصين.
- منذ عام 1949م زالت الكونفوشية عن المسرحين السياسي والديني لكنها ما تزال كامنة في روح الشعب الصيني الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيير ملامح الشيوعية الماركسية في الصين.
- ما تزال الكونفوشية ماثلة في النظم الاجتماعية في فرموزا أو (الصين الوطنية).
- انتشرت كذلك في كوريا وفي اليابان حيث درست في الجامعات اليابانية، وهي من الأسس الرئيسية التي تشكل الأخلاق في معظم دول شرق آسيا وجنوبها الشرقي في العصرين الوسيط والحديث.
- حظيت الكونفوشية بتقدير بعض الفلاسفة الغربيين كالفيلسوف ليبنتز (1646 - 1716م) وبيتر نويل الذي نشر كتاب كلاسيكيات كونفوشيوس سنة 1711م. كما ترجمت كتب الكونفوشية إلى معظم اللغات الأوربية.
نقلا عن الموسوعة الاسلامية المعاصرة
التعــريــف:
الكونفوشيوسية ديانة أهل الصين، وهي ترجع إلى الفيلسوف الحكيم كونفوشيوس الذي ظهر في القرن السادس قبل الميلاد داعياً إلى إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم مضيفاً إليها من فلسفته وآرائه في الأخلاق والمعاملات والسلوك القويم. إنها تقوم على عبادة إله السماء أو الإِله الأعظم، وتقديس الملائكة، وعبادة أرواح الآباء والأجداد.
التأسيــس وأبــرز الشخصيــات:
أولاً: كونفوشيوس:
- يعتبر كونفوشيوس المؤسس الحقيقي لهذه العقيدة الصينية.
- ولد سنة 551 ق.م. في مدينة تسو وهي إحدى مدن مقاطعة لو .
- اسمه كونج وهو اسم القبيلة التي ينتمي إليها، وفوتس معناه الرئيس أو الفيلسوف، فهو بذلك رئيس كونج أو فيلسوفها.
- ينتسب إلى أسرة عريقة، فجدّه كان والياً على تلك الولاية، ووالده كان ضابطاً حربياً ممتازاً، وكان هو ثمرة لزواج غير شرعي، توفي والده وله من العمر ثلاث سنوات.
- عاش يتيماً، فعمل في الرعي، وتزوج في مقتبل عمره قبل العشرين، ورزق بولد وبنت، لكنه فارق زوجته بعد سنتين من الزواج لعدم استطاعتها تحمل دقته الشديدة في المأكل والملبس والمشرب.
- تلقى علومه الفلسفية على يدي أستاذه الفيلسوف لوتس صاحب النحلة الطاوية، حيث إنه يدعو إلى القناعة والتسامح المطلق ولكن كونفوشيوس خالفه فيما بعد داعياً إلى مقابلة السيئة بمثلها وذلك إحقاقاً للعدل.
- عندما بلغ الثانية والعشرين من عمره أنشأ مدرسة لدراسة أصول الفلسفة، تكاثر تلاميذه حتى بلغوا ثلاثة آلاف تلميذ، بينهم حوالي ثمانين شخصاً عليهم أمارات النجابة والذكاء.
- تنقل في عدد من الوظائف فقد عمل مستشاراً للأمراء والولاة، وعيّن قاضياً وحاكماً، ووزيراً للعمل، ووزيراً للعدل، ورئيساً للوزراء في سنة 496 ق. م حيث أقدم حينها على إعدام بعض الوزراء السابقين وعدداً من رجال السياسة وأصحاب الشغب حتى صارت مقاطعة "لو" نموذجية في تطبيق الآراء والمبادئ الفلسفية المثالية التي ينادي بها.
- رحل بعد ذلك وتنقل بين كثير من البلدان ينصح الحكام ويرشدهم ويتصل بالناس يبث بينهم تعاليمه حاثاً لهم على الأخلاق القومية.
- أخيراً عاد إلى مقاطعة "لو" فتفرغ لتدريس أصدقائه ومحبيه منكباً على كتب الأقدمين يلخّصها، ويرتبها، ويضمنها بعض أفكاره. وحدث أن مات ولده الوحيد عن خمسين عاماً، ومات تلميذه المحبب إليه هووي فحزن لذلك أشد الحزن. وحيده الذي بلغ الخمسين من عمره، وفقد كذلك تلميذه المحبّب إليه (هووي) فبكى عليه بكاء مرّاً.
- مات في سنة 479 ق.م بعد أن ترك مذهباً رسمياً وشعبياً استمرّ حتى منتصف القرن العشرين الحالي.
ثانياً: صفاته الشخصية:
- دمث، مرح، مؤدّب، يحبّ النكتة، يتأثر لبكاء الآخرين، يبدو قاسياً وغليظاً في بعض الأحيان، طويل، دقيق في المأكل والملبس والمشرب، مولع بالقراءة والبحث والتعلم والتعليم والمعرفة والآداب.
- مغرم بالبحث عن منصب سياسي بغية تطبيق مبادئه السياسية والأخلاقية لتحقيق المدينة الفاضلة التي يدعو إليها.
- خطيب بارع، ومتكلمّ مفوّه، لا يميل إلى الثرثرة، وعباراته موجزة تجري مجرى الأمثال القصيرة والحكم البليغة.
- لديه شعور ديني، يحترم الآلهة التي كانت معبودة في زمانه، ويداوم على تأدية الشعائر الدينية، يتوجه في عباداته إلى الإِله الأعظم أو إله السماء، يصلي صامتاً، ويكره أن يرجو الإِله النعمة أو الغفران إذ إن الصلاة لديه ليست إلا وسيلة لتنظيم سلوك الأفراد، والدّين - في نظره - أداة لتحقيق التآلف بين الناس.
- كان يغني، وينشد، ويعزف الموسيقى، وقد ترك كتاب الأغاني كما أنه كان مغرماً بالحفلات والطقوس، إلى جانب اهتمامه بالرماية وقيادة العربات والقراءة والرياضة (الحساب) ودراسة التاريخ.
ثالثاً: أبــرز الشخصــيات:
- انقسمت الكونفوشيوسية بعده إلى اتجاهين:
1- مذهب متشدد حرفي ويمثله "منسيوس" إذ يدعو إلى الاحتفاظ بحرفية آراء كونفوشيوس وتطبيقها بكل دقة، ومنسيوس هذا تلميذ روحي لكونفوشيوس إذ إنه لم يتلق علومه مباشرة عنه بل إنه أخذها عن حفيده وهو الذي قام بتأليف كتاب الانسجام المركزي .
2-المذهب التحليلي، ويمثله هزنتسي ويانجتسي، إذ يقوممذهبهما على أساس تحليل وتفسير آراء المعلم واستنباط الأفكار باستلهام روح النص الكونفوشيوسي.
- تشو هزيوان عاش في عصر أسرة هان (127-200) ميلادية.
- تسي كنج ولد سنة 520م وأصبح من أعظم رجال السلك السياسي الصيني.
- تسي هسيا ولد سنة 507م وأصبح من كبار المتفقهين في الدين الكونفوشيوسي.
- تسينكتز كان أستاذاً لحفيد كونفوشيوس، ويأتي ترتيبه الثاني بعد منسيوس من حيث الأهمية.
- تشو هزي (1200-1130) ميلادية قام بنشر الكتب الأربعة التي كانت تدرس في المدارس الأولية والابتدائية في الصين، يعد الحجة الوحيدة في الآراء الكونفوشيوسية إذ كان يسند إليه تصحيح الامتحانات الدينية التي تؤهل المتقدمين لمباشرة الوظائف الحكومية.
رابعاً: التطور التاريخي للفكر الكنفوشي:
1- قام كونفوشيوس بنقل أفكار الأقدمين وآرائهم ومعتقداتهم وكتب ذلك بلغة عصره وعمل على تلقينها لثلاثة آلاف تلميذ.
2- العبادة في عصره كانت لإِله السماء أو الإِله الأعظم، ثم إله الأرض وتقديس الملائكة وعبادة أرواح الأجداد.
3- عندما مات كونفوشيوس دفن على مقربة من نهر استس في شمال المدينة حيث تكاثر الناس حول قبره شيئاً فشيئاً مشكلين قرية كونج.
4- ثم أخذوا يعقدون حول قبره الندوات العلمية.
5- بنوا معبداً قرب قبره، ثم أخبره باستلهام أفكاره، ثم وصلوا إلى تقديسه.
6-الفيلسوف موتزي (470-381) ق.م. أضاف فكرة جديدة وهي تشخيص إله السماء بشخص عظيم يشبه الآدميين.
7- استمروا في هذا التقديس حتى صار يعبد عبادة في عهد الأمبراطور الأول لأسرة هان 206ق.م. إذ أخذوا يقدمون القرابين عنده، وأصبح لزاماً على الوزراء وكبار الموظفين ورجال الدولة أن يزوروا قبره ومعبده قبل استلامهم لمهام وظائفهم الجديدة.
8- لاقت الكنفوشية اضطهاداً في عهد الأمبراطور "تشي إن شهّوانج" صاحب سور الصين العظيم، وقد استمر الاضطهاد من سنة 212 ق.م. إلى 207 ق.م. فقد أقدم على إحراق كتبهم وإعدام ودفن علمائهم وهم أحياء، وبلغ عدد المدفونين أحياء 460 فيلسوفاً.
9- في سنة 207 ق.م. قام الناس بثورة مما أعاد التقدير إلى أتباع الكونفوشية ودفع الأباطرة لإعادة صياغة كتبها.
10- عندما جاء الأمبراطور دوتي (140 - 87) ق.م. اتخذ من الكونفوشية ديناً رسمياً للدولة الصينية، واستمرت الكونفوشية محتلة لهذا المنصب الرفيع حتى سنة 1912م.
11- في سنة 422م أقيم معبد لكونفوشيوس يضم قبره.
12- في سنة 505م أقيم معبد آخر في العاصمة، وأصبحت كتبه تدرس في المدارس على أنها كتب مقدسة.
13- في سنة 630م أمر أحد الأباطرة ببناء معابد مزودة بتماثيل لكونفوشيوس في جميع أنحاء الأمبراطورية، كما أمر بإِنشاء كليات لتعليم آراء كونفوشيوس الذي أصبح رمزاً للوحدتين السياسية والدينية.
14- في سنة 735م منح كونفوشيوس لقب (ملك).
15- في سنة 1013م منح لقب القديس الأعظم.
16- في سنة 1330م منح الأفراد المنحدرون من سلالته رتبة الشرف وصاروا يعدّون من طبقة النبلاء.
17- في سنة 1530م بدّلت التماثيل الموجودة في المعابد بصور ولوحات حتى لا تختلط الكونفوشية بالوثنية.
18- في سنة 1905م بدأ نجم الكونفوشية بالأفوال، حيث أُلغي الامتحان الديني الذي كان يعتبر ضرورياً للتعيين في الوظائف.
19- في سنة 1910م ظهر شهاب هالي في الأجواء الصينية فاعتبر ذلك استياء من الآلهة على أسرة مانتشو التي بلغ الفساد في عهدها قمته مما أدى إلى ثورة شعبية انتهت بتنازل الأمبراطور عن العرش سنة 1912م وتحول الصين إلى النظام الجمهوري مما أدى إلى اختفاء الكونفوشية من الحياة الدينية والسياسية، لكنها بقيت ماثلة في الأخلاق والتقاليد الصينية.
20- في سنة 1928م صدر قرار بتحريم تقديم القرابين لكونفوشيوس ومنع إقامة الطقوس الدينية له.
21- عندما استولى اليابانيون على منشوريا عادت الصين إلى استنهاض الهمم بالعودة إلى الكونفوشية وعاد الناس في عام (1930 - 1934م) إلى تقديم القرابين مرة ثانية، كما أعيد تدريس الكونفوشية في كل مكان لاعتقادهم بأن نكبتهم ترجع إلى إهمالهم تعاليم المعلم الأكبر، وسادت حركة إحياء جديدة بزعامة تشانج كاي شيك، وقد استمرت هذه الحركة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
22- في عام 1949م سيطرت الشيوعية على الصين، ولكن شيئاً فشيئاً بدأت الخلافات بين الصين والاتحاد السوفيتي بالظهور مما أوجد تبايناً بين كل منهما، وبعد موت الزعيم الصيني الشيوعي الشهير (ماو تسي تونج) بدأ التراجع عن الشيوعية في الصين، وبدأت رياح الغرب تهب عليها.
23- يعتقد الباحثون بأن الروح الكونفوشية ستعمل على تغيير معالم الشيوعية مما يجعلها أبعد ما تكون عن الشيوعية الروسية لما للكونفوشية من سيطرة روحية على الشعب الصيني.
24- ما تزال الكونفوشية تمثل الأساس الرئيسي للنظم الاجتماعية في فرموزا (الصين الوطنية).
الأفـــكار والمعتقـــدات:
أولاً: الكتــب:
- هناك مجموعتان أساسيتان تمثلان الفكر الكونفوشي فضلاً عن كثير من الشروح والتعليقات والتلخيصات، المجموعة الأولى تسمى الكتب الخمسة، والثانية تسمى الكتب الأربعة.
- الكتب الخمسة: وهي الكتب التي قام كونفوشيوس ذاته بنقلها عن كتب الأقدمين وهي:
1-كتاب الأغاني أو الشعر: فيه 350 أغنية إلى جانب ستة تواشيح دينية تغني بمصاحبة الموسيقى.
2-كتاب التاريخ: فيه وثائق تاريخية تعود إلى التاريخ الصيني السحيق.
3-كتاب التغييرات: فيه فلسفة تطور الحوادث الإِنسانية، وقد حوّله كونفوشيوس إلى كتاب علمي لدراسة السلوك الإِنساني.
4-كتاب الربيع والخريف: كتاب تاريخ يؤرخ للفترة الواقعة بين 722 - 481 ق.م. .
5-كتاب الطقوس: فيه وصف للطقوس الدينية الصينية القديمة مع معالجة النظام الأساسي لأسرة "تشو" تلك الأسرة التي لعبت دوراً هاماً في التاريخ الصيني البعيد.
- الكتب الأربعة: وهي الكتب التي ألّفها كونفوشيوس وأتباعه مدوِّنين فيها أقوال أستاذهم مع بعض التفسيرات أو التعليقات وهي تمثل فلسفة كونفوشيوس نفسه وهي:
1-كتاب الأخلاق والسياسة.
2-كتاب الانسجام المركزي.
3-كتاب المنتخبات ويطلق عليه اسم إنجيل كونفوشيوس.
4-كتاب منسيوس: وهو يتألف من سبعة كتب، ومن المحتمل أن يكون مؤلفها منسيوس نفسه.
ثانياً: المعتقـدات الأســاسية:
تتمثل المعتقدات الأساسية لديهم في الإِله أو إله السماء، والملائكة، وأرواح الأجداد.
1- الإِلـــه:
- يعتقدون بالإِله الأعظم أو إله السماء ويتوجهون إليه بالعبادة، كما أن عبادته وتقديم القرابين إليه مخصوصة بالملك، أو بأمراء المقاطعات.
- للأرض إله، وهو إله الأرض، ويعبده عامة الصينيين.
- للشمس والقمر، والكواكب، والسحاب، والجبال ... لكل منها إله. وعبادتها وتقديم القرابين إليها مخصوصة بالأمراء.
2- الملائكــة: يقدسون الملائكة ويقدمون إليها القرابين.
3- أرواح الأجداد: يقدس الصينيون أرواح أجدادهم الأقدمين، ويعتقدون ببقاء الأرواح، والقرابين عبارة عن موائد يدخلون بها السرور على تلك الأرواح بأنواع الموسيقى، ويوجد في كل بيت معبد لأرواح الأموات ولآلهة المنزل.
ثالثاً: معتقدات وأفكار أخرى:
- لم يكن كونفوشيوس نبياً، ولم يدّع هو ذلك، بل يعتقدون بأنه من الذين فوَّضتهم السماء ليقوموا بإرشاد الناس وهدايتهم، فقد كان مداوماً على إقامة الشعائر والطقوس الدينية، وقد كان يعبد الإِله الأعظم والآلهة الأخرى على غير معرفة بهم ودون تثبت من حقيقة الآراء الدينية تلك.
- كان كونفوشيوس مغرماً بالسعي لتحقيق المدينة الفاضلة التي يدعو إليها وهي مدينة مثالية، لكنها تختلف عن مدينة أرسطو الفاضلة، إذ إنّ مدينة كونفوشيوس مثالية في حدود الواقع الممكن التحقيق والتطبيق فيما مدينة أرسطو تجنح إلى مثالية خيالية بعيدة عن مستوى التطبيق البشري القاصر. وكلا الفيلسوفين متعاصران.
- الجنة والنار: لا يعتقدون بهما، ولا يعتقدون بالبعث أصلاً، إذ إنّ همَّهم منصبّ على إصلاح الحياة الدنيا، ولا يسألون عن مصير الأرواح بعد خروجها من الأجساد. وقد سأل كونفوشيوس أحد تلاميذه عن الموت، فقال: "إننا لم ندرس الحياة بعد، فكيف نستطيع أن ندرس الموت".
- الجزاء والثواب: إنما يكونان في الدنيا، إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشر.
- القضاء والقدر: يعتقدون بذلك، فإن تكاثرت الآثام والذنوب كان عقاب السماء لهم بالزلازل والبراكين.
- الحاكم ابن للسماء: فإذا ما قسا وظلم وجانب العدل فإن السماء تسلّط عليه من رعيته من يخلعه ليحلّ محلّه شخص آخر عادل.
- الأخلاق: هي الأمر الأساسي الذي تدعو إليه الكونفوشية، وهي محور الفلسفة وأساس الدين، وهي تسعى إليه بتربية الوازع الداخلي لدى الفرد ليشعر بالانسجام الذي يسيطر على حياته النفسية مما يخضعها للقوانين الاجتماعية والقانونية بشكل تلقائي.
- تظهر الأخــلاق في:
· طاعة الوالد والخضوع له.
· طاعة الأخ الأصغر لأخيه الأكبر.
· طاعة الحاكم والانقياد إليه.
· إخلاص الصديق لأصدقائه.
· عدم جرح الآخرين بالكلام أثناء محادثتهم.
· أن تكون الأقوال على قدر الأفعال، وكراهية ظهور الشخص بمظهر لا يتفق مع مركزه وحاله.
· البعد عن المحسوبية أو الوساطة أو المحاباة.
- وتظهر أخلاق الحاكم في:
· احترام الأفراد الجديرين باحترامه.
· التودّد إلى من تربطهم به صلة قربى وقيامه بالتزاماته حيالهم.
· معاملة وزرائه وموظفيه بالحسنى.
· اهتمامه بالصالح العام، مع تشجيعه للفنون النافعة والنهوض بها.
· العطف على رعايا الدول الأخرى المقيمين في دولته.
· تحقيق الرفاهية لأمراء الأمبراطورية ولعامة أفرادها.
- تحترم الكونفوشية العادات والتقاليد الموروثة، فهم محافظون إلى أبعد الحدود، يقدّسون العلم والأمانة، ويحترمون المعاملة اللينة من غير خضوع ولا استخذاء لجبروت.
- يقوم المجتمع الكونفوشي على أساس احترام الملكية الفردية مع ضرورة رسم برنامج إصلاحي يؤدي إلى تنمية روح المحبّة بين الأغنياء والفقراء.
- يعترفون بالفوارق بين الطبقات، ويظهر هذا جلياً حين تأدية الطقوس الدينية وفي الأعياد الرسمية وحين تقديم القرابين.
- النظام الطبقي لديهم نظام مفتوح،إذ بإمكان أي شخص أن ينتقل من طبقته إلى أية طبقة اجتماعية أخرى إذا كانت لديه إمكانات تؤهله لذلك.
- ليس الإِنسان إلا نتيجة لتزاوج القوى السماوية مع القوى الأرضية أي لتقمص الأرواح السماوية في جواهر العناصر الأرضية الخمسة. ومن هنا وجب على الإِنسان أن يتمتع بكل شيء في حدود الأخلاق الإِنسانية القويمة.
- يبنون تفكيرهم على فكرة "العناصر الخمسة":
· فتركيب الأشياء: معدن - خشب - ماء - نار - تراب.
· الأضاحي والقرابين خمسة.
· الموسيقى لها خمسة مفاتيح، والألوان الأساسية خمسة.
· الجهات خمس: شرق وغرب وشمال وجنوب ووسط.
· درجات القرابة خمس: أبوّة - أمومة - زوجية - بنوّة - أخوّة.
- تلعب الموسيقى دوراً هاماً في حياة الناس الاجتماعية، وتسهم في تنظيم سلوك الأفراد وتعمل على تعويدهم الطاعة والنظام، وتؤدي إلى الانسجام والألفة والإِيثار.
- الرجل الفاضل هو الذي يقف موقفاً وسطاً بين ذاته المركزية وبين انفعالاته ليصل إلى درجة الاستقرار الكامل.
الجــذور الفــكرية والعقائـــدية:
- ترجع الكونفوشية إلى معتقدات الصينيين القدماء، تلك المعتقدات التي ترجع إلى 2600 سنة قبل الميلاد. وقد قبلها كونفوشيوس ومن ثم والكونفوشيون، دون مناقشة أو جدال أو تمحيص.
- في القرن الرابع قبل الميلاد حدثت إضافة جديدة وهي عبادة النجمة القطبية لاعتقادهم بأنها المحور الذي تدور السماء حوله، ويعتقد الباحثون بأن هذه النزعة قد وفدت إليهم من ديانة بعض سكان حوض البحر المتوسط.
- تغلبت الكونفوشية على النزعة الشيوعية والنزعة الاشتراكية اللتان طرأتا عليها في القرنين السابقين للميلاد وانتصرت عليهما. كما أنها استطاعت أن تصهر البوذية بالقالب الكونفوشي الصيني وتنتج بوذية صينية خاصة متميزة عن البوذية الهندية الأصلية.
- لا تزال المعتقدات الكونفوشية موجودة في عقيدة أكثر الصينيين المعاصرين على الرغم من السيطرة السياسية للشيوعيين.
الانتشــار ومواقــع النفـــوذ:
- انتشرت الكونفوشية في الصين.
- منذ عام 1949م زالت الكونفوشية عن المسرحين السياسي والديني لكنها ما تزال كامنة في روح الشعب الصيني الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيير ملامح الشيوعية الماركسية في الصين.
- ما تزال الكونفوشية ماثلة في النظم الاجتماعية في فرموزا أو (الصين الوطنية).
- انتشرت كذلك في كوريا وفي اليابان حيث درست في الجامعات اليابانية، وهي من الأسس الرئيسية التي تشكل الأخلاق في معظم دول شرق آسيا وجنوبها الشرقي في العصرين الوسيط والحديث.
- حظيت الكونفوشية بتقدير بعض الفلاسفة الغربيين كالفيلسوف ليبنتز (1646 - 1716م) وبيتر نويل الذي نشر كتاب كلاسيكيات كونفوشيوس سنة 1711م. كما ترجمت كتب الكونفوشية إلى معظم اللغات الأوربية.
نقلا عن الموسوعة الاسلامية المعاصرة