- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,409
- نقاط التفاعل
- 27,747
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فهذه عشر وقايات لطاعون العصر "كورونا" – عافانا الله وجميع المسلمين منه -وغيرها من الأوبئة والأمراض والأسقام تتبعتها من كتاب الله، وصحيح السنة المطهرة على صاحبها الصلاة والسلام، والله أسأل أن ينفع بها الإسلام والمسلمين، وأن يرفع عنا وعن سائر عباده هذا الوباء إنه نعم المسؤول، وهو أرحم الراحمين.
1. الإيمان الصادق بالله جل وعلا، المتمثل بتصديق وعده ووعيده، ولزوم طاعته، وعدم التعدي على حدوده وشرعه، ثم التوكل عليه بعد فعل الأسباب المشروعة، قال الله تعالى: { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 103].
وقال سبحانه وتعال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [الروم:
47].
وقال سبحانه: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }
[التوبة: 51]. فلا أثر للعدوى إلا بمشيئته، واختياره. وفي الحديث الصحيح أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قال: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامة وَلَا صفر، وفر من الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
قال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد (4/ 140) : "بعض الناس يكون قوي الإيمان، قوي التوكل، تدفع قوة توكله قوة العدوى".
ومهما حُجر ممرض عن مصح، ولم يكن عند الاثنين إيمان بالله يمنعهما عن الوقوع في معصية الله، والتعدي على حرماته، فلا خير في حجر كهذا، إذ حجر النفس عن الوقوع في المعصية ومنعها من التمادي والعصيان حال نزول البلاء والعقاب، أولى وأهم مما سواه.
2. لزوم كتاب الله، والتمسك به، تلاوة، وتدبرا، وعملا. واستشفاء. قال الله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الأنعام: 155]. فجعل اتباع القرآن سببا لنزول الرحمة ورفع البلاء، وقال جل وعلا: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا } [الإسراء: 82].
ذكر الأصبهاني -رحمه الله- في كتابه سير السلف (ص: 756): "عن داود بن أبي هند قال: أصابني الطاعون زمن الطاعون فأغمي علي فكان اثنين أتياني فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: أي شيء تجد؟
فقال: أجد تسبيحا وتكبيرا وخطا إلى المسجد، وشيئا من قراءة القرآن. وفي رواية: فقال أحدهما للآخر: انظر فنظر إلى رجلي فقال: كم من خير مشت. ثم قالا: لم يأن له، فقاما وارتفعا فبرئت وأقبلت على القرآن فحفظته ولم أكن أحفظه قبل ذلك".
3. التوبة إلى الله وكثرة الاستغفار. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) } [الأنفال: 33].
4. التضرع إلى الله بالدعاء بقلوب صادقة وجلة . قال الله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأنعام: 42، 43] وفي الحديث الصحيح: " لا يرد القضاء إلا الدعاء. "حسن". صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1271).
قال ابن القيم -رحمه الله- في الجواب الكافي (ص: 10) : "والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدفعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن".
وكان من دعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: (اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسيىء الأسقام). صحيح. التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 325).
والأحرى بالمسلمين في هذه الأيام الإلحاح على ربهم في رفع هذا البلاء، بالقنوت دبر الصلوات الخمس، فالقنوت عند هذا الوباء أمر اتفق جمهور أهل العلم على مشروعيته، خلافا للحنابلة الذين لهم في المسألة رأي آخر.
ألا وليحذر الذين اتخذوا من هذا الوباء مسرحا للترويح عن النفس ومغالبة الفاجعة -كما يتصورون- بالسخرية والنكت التي يتبادلونها فيما بينهم على منصات التواصل الاجتماعي فإن هذا كله مناف للتوجيه الإلهي عند نزول البلايا والمصائب، من لزوم التضرع والخضوع لله رب العالمين. وإن هذا السلوك لنذير شؤم، ودليل على قسوة القلب الجالبة لمزيد العذاب والنكال والله المستعان.
5. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. في صغير الأمر وكبيره. قال الله تعالى: "فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) . قال السعدي -رحمه الله- في التفسير: (ص: 307) :"وهكذا سنة الله في عباده، أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر".
وقال ابن كثير - رحمه الله - في البداية والنهاية (12/ 127) بتصرف: "كثرت الأمراضُ بالحمى والطاعون بالعراق والحجاز والشام، وماتت الوحوش في البراري، ثم تلاها موت البهائم ، وهاجت ريح سوداء، وتساقطت الأشجار، ووقعت الصواعق ! ثم أمر الخليفة: المقتدي بأمر الله بتجديد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكسر آلات الملاهي، ثم انجلى ذلك"..
6. قيام الليل ولو بركعة واحدة. قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ
وَسَلَّمَ- : «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» . صحيح.
صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 752).
7. الإحسان إلى الناس بالصدقة، ومد يد العون والإحسان إليهم . وفي الحديث الصحيح: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» . صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/707): . وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- : «عليكم باصطناع المعروف فإنه يمنع مصارع السوء، وعليكم بصدقة السر فإنها تطفئ غضب الرب عز وجل» . (صحيح) [ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج] عن ابن عباس. الصحيحة 1908.
8. المحافظة على الصلوات الخمس، وخصوصا صلاة الفجر. في الحديث الصحيح أن الله تعالى يقول: (يَا ابْنَ آدَمَ صَلِّ لِي أَرْبَعَ ركعاتٍ في أول النهار أكفِكَ آخره). رواه الترمذي. صحيح. صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 800).
وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- «من صلى الفجر فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته» . صحيح. صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/
1086) وفي رواية أخرى صحيحه: كما في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/
1086) «من صلى الغداة كان في ذمة الله حتى يمسي» .
9. لزوم بعض الأذكار من القرآن وصحيح السنة المطهرة من ذلك:
- قراءة أواخر سورة البقرة في كل ليلة. وفي الحديث الصحيح عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «الْآيَتَانِ مِنْ آخَرِ سُورَة الْبَقَرَة من قَرَأَ بهما فِي لَيْلَة كفتاه» متفق عليه.
قال العيني -رحمه الله- في عمدة القاري (20/ 30) :"قوله: (كفتاه) أي: عن قيام الليل، وقيل: ما يكون من الآفات تلك الليلة، وقيل: من الشيطان وشره".
- قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين في الصباح والمساء، في الحديث: « {قُلْ هُواللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء». صحيح. صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 812).
-دعاء الخروج من المنزل. في الحديث: "من قال إذا خرج من بيته: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يقال له: كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان». (صحيح) صحيح الترغيب 2/264.
- قول أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق في الصباح والمساء. فعن أبي هريرة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قال : " مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تَضُرَّهُ حَيَّةٌ إِلَى الصَّبَاحِ)
قَالَ: وَكَانَ إِذَا لُدِغَ إِنْسَانٌ من أهله قال: أما قال الكلمات؟ .
صحيح. التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 328). وعَن خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يرحل من منزله ذَلِك ". رَوَاهُ مُسلم.
- قول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم في الصباح والمساء. قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ
وَسَلَّمَ- : «من قال حين يمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يمسي» . صحيح.
صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1097).
10. الأخذ بالأسباب المادية التي تنصح بها الجهات الصحية المتخصصة؛ من تجنب الاختلاط في الأماكن المزدحمة، والحرص على النظافة الدائمة لليدين، وتجنب الورود على من أصيب بهذا الداء، وهذا كله مما قرره الإسلام وحث عليه. فمن ذلك ما جاء عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أنه قال : "لا يُوْرِدُ مُمْرِضٌ على مُصِح" رواه مسلم. وقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- : " «الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه». رواه مسلم.