أروي لك قصة للعبرة وقعت قبل 60 سنة لأحد اقاربي من اهل الصلاح. اُصيب هذا الرجل الصالح بعقم بعد أن رزقه الله بابنة وحيدة فتزوج بامرأة ثانية ظانا أن زوجته الاولى لم تعد قادرة على الإنجاب. يُقال أن زوجته الثانية كانت جميلة شديدة البياض وكانت ابنته من زوجته الأولى قد كبرت وتزوجت. اغتوى زوج ابنته بزوجته الثانية وكان يخرج معها في منطقة استجمام حسب شهود عيان. وصل خبر الخيانة إلى حفيد الرجل فأشار إلى جده بأن زوجته الثانية خضراء دِمن لا تصلح للزواج من دون أن يخبره بأنها تخونه مع والده. طلقها الرجل الصالح ودعا عليها بالبرص. وفعلا قبل أن تموت خضراء الدمن لحقتها دعوة الرجل الصالح فأصابها البرص وكانت بدينة فانتفخت على بدانتها حين ماتت حتى أنهم لم يقدروا على وضعها في تابوت الموتى فما كان منهم إلا أن رموها في حفرة قبرها. أما زوج ابنته فقد اُصيب في آخر عمره بسرطان البروستاتا ومشاكل صحية اردته شبه مقعد لمدة عقد من الزمن بعد موت زوجته (ابنة الرجل الصالح).
الشاهد من القصة هو ان مجرد الإقتراب من الزنا تكون عاقبته وخيمة وإن لم يقع الزنا بعينه كما جاء في الآية الكريمة "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا". النقطة الثانية وهي أن الشيطان اقرب للوقيعة بين الرجل والمرأة إذا جمعت بينهم قرابة او مصاهرة او صداقة بسبب التواصل المستمر بينهم واستئمانهم من ذويهم واصدقائهم من الوقوع في الفاحشة. وكم من امرأة دخلت بيت صديقتها لتمسي ضرتها بين ليلة وضحاها.
اعود لقصة صديقتك مع اختها وزوجها. كُلّنا يعلم الحكمة المأثورة "الوقاية خير من العلاج" وقد جاء الإسلام ليؤكد هذا المبدأ الكوني بسد الذرائع على المسلم قبل الوقوع في المحظور. الغالب في مجتمعنا هو الإختلاط بين الجنسين والثقة العمياء بين الأقارب والجيران والأصدقاء باسم الأخوة او الصداقة وتناسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحمو الموت" وفوق ذلك قول الله تعالى "يا أيها الذِين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم". وهذا ما حصل بالضبط مع صديقتك بقولها أن اختها تربطها بزوجها علاقة صداقة قوية علانية وعادية والحقيقة أنها إن صدقت في توصيف قوة وعلانية هذه الصداقة الملغومة إلا أنها لم تُوفق بقولها "عادية". لا والله لا يوجد علاقة صداقة "عادية" بين رجل وامرأة اجنبية إلا في عُرفنا المريض وتغافلنا عن ضوابط الدين في التعامل بين الجنسين. ونحسب أن ما أقر به الأهل هو الصواب وإن خالف الشرع في وقت كان المفروض فيه مراعاة مسافة قائمة على الحشمة والإحترام بين الزوج واخت زوجته. أما القرب الشديد وكثرة الكلام المقرون بالضحك وفضول النظر فلا محالة سيبث في القلب سموما نسميها حبا وهي في الواقع مرض قلبي مصدره سهم من سهام إبليس وجب الإسراع للتداوي منه. سيقول قائل أنه يحسب فلانة كاخت له وانه متيقن من أنه لن يحصل شيء بينهما. فعلا قد لا يحصل شيء وغالب الظن أنه لن يحصل شيء ولكن لا يوجن ضمان من حبائل إبليس وكثير من الناس وقعوا في الزنا ولم يشعروا بخطوات إبليس إلا وقد وقعوا في الفاحشة فأصبحوا مبلسين. إذن لا يجرب المسلم الفطن نفسه مع الفتن ليس لضعف عزيمته وإنما لثقته بأن الشيطان أمكر منه في غوايته وقد افلح في المكر بابيه آدم وهو نبي عليه السلام.
صراحة استغربت من بعض الردود التي تنادي الزوجة بالتصبر والتزين للزوج عسى ان يرق قلب الزوج لزوجته مما يغنيه عن خليلته وكأن الإنسان لا ضوابط له إلا شهوته وما يُمليه عليه هواه. ثم بأي قلب ستتفنن هذه المرأة في غواية زوج يخون؟ ومع من؟ مع اختها ! لا افهم كثيراً في سيكولوجية المرأة ولكن المُلاحظ أن المجتمع يلقي باللوم على المرأة ضحية الخيانة ويملي عليها البعض زخرف القول غرورا قبل ان "يُسرق" أبو شنب. عالم مجنون ! تراجيديا الخيانة هي أن جميع الحلول التطبيعية معها تكون هشة مهلهلة كخيوط العنكبوت. تمر ببالي أنصاف حلول للحيلولة دون تشريد الاولاد لكنني لا اؤمن بها كمى لا اؤمن بمعجزة الكوافورة ولا إكسير العود, ولا دعواي دمياط ولا طلاسم جلب الحبيب.
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفــاً***** فدعه ولا تُكثِر عليه التأسفـا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحةٌ***** وفي القلب صبرٌ للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواكَ قلبُه ***** ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةً***** فـــلا خيرَ في ودٍ يجئُ تكلٌفا
ولا خيرَ في خِلٍ يخون خليلــــــه***** ويلقاهُ من بعدِ المودة بالجفا
ويُنكِرُ عيشاً قد تقادم عهــــدهُ***** ويُظهِرُ سراً كان بالأمس قد خفا