كانت تسترق النظر إلى علبة السجائر التي وضعها فوق الطاولة، أهملت الفوضى المتراكمة من حولها لوهلة و انشغلت بتلك العلبة، تتساءل عن ما يدفع بأحدهم أن يحرق رئتيه مقابل سيجارة تافهة، و عن ما يفكر به و هو يصرف نصف أمواله على تلك الأعواد اللعينة، دخل فجأة بينما قد انصرفت لترتيب الفوضى مجددا، فأشعل سيجارة و بدأ ينفث دخانها السام حولها، سألها بعصبية:
-لم تحملقين بهذه الطريقة؟
أجابت و البرودة تسري بأطرافها:
-إنها المرة الأولى التي يدخن أحدهم فيها أمامي.
ابتسم ابتسامة لم تفهم معناها آنذاك ثم غادر، حافظت على هدوئها و انهمكت في الترتيب، فتحت الدولاب لترتيب الملابس التي أنهت طيها أخيرا فلمحت علبة صغيرة، فتحتها فكان الذي بها غريب.
سألته مجددا فأجاب ببرودة أعصاب:
-أنا مدمن.
-مدمن؟
-نعم، كما سمعت عزيزتي، إنه حظك أن تتعلقي بمدمن يدخن طوال اليوم و يثور لأتفه الأسباب.
- ألم تعديني أن تكافحي لأجلي؟
-ولكنك شرطي...
-هذا عالمي، تقبليه كما هو أو ارحلي.
خرجت مصدومة نحو مطبخها الصغير، جلست على أحد الكراسي قبالة النافذة فأجهشت بالبكاء، تساءلت كيف كان لها أن تقع في حب رجل مثل هذا و كيف على اتساع الهوة بينهما أن تقترن به، لطالما أخبرته أن الجنة موطنها و أنه من الجحيم مازحة، و كلما ثار بوجهها عادت و قد هدأت عواصفه قتخبره مبتسمة:
-لابأس فالشياطين تكره الملائكة.
عادت بذاكرتها إلى أول يوم التقيا فيه حينما أوقفها جانب الطريق، إذ لم ترتدي حزام الأمان، لاحظ توترها الشديد و رجفة يديها و هي تسلمه أوراقها، و على غير العادة لم تتطاول عليه أو تستخدم شيئا من دهاء و خبث النسوة لتجعله يسامحها، و لم تتغزل بوسامته كما تفعل الكثيرات، كبرت في عينه لحظتها و أحب خضوعها، ككل الرجال الشرقيين يروقهم خضوع الأنثى لأوامرهم دون اعتراض، هنالك كان اللقاء الأول و في بيت أبيها كان الميثاق الغليظ، التفتت نحوه حينما أتاها صوته:
-كنت أعلم منذ البداية أنه سيحين هذا الوقت، لذلك أردتك أن تعلمي بكل هذا باكرا.
سكت وهو ينفث الدخان اللعين من سيجارته، ثم جلس بجانبها مطأطا الرأس مسترسلا في حديثه:
-حينما توفيت أمي كانت زوجة أبي ترميني نحو الشارع عندما يغيب والدي، و هنالك وجدت الكثير من الرفقاء المحرومين مثلي، ولكل واحد منهم كانت لديه قصة و الكثير من المعاناة، لم يكن من العدل أبدا أن يكبر طفل بريء فالشارع بينما غيره ينعم في حضن عائلته، كرهت العالم كله و كرهت نفسي فكيف لي أن أحبك أنت، أصبحت أثور في وجه كل من يصادفني أخالني أحاسب الناس جميعا على موت أمي وعلى كل ليلة أمضيتها في العراء و على إدماني، كان يجب علي أن أكذب فلا شك لو كنت تعرفين حقيقتي كنت سترفضينني، أحببتك منذ لاحظت أنك لا تجيدين الحيلة و لا الخداع، وكنت على يقين حينها أن طيبة قلبك ستحتوي كل هذا.
سكت لحظات ثم أضاف :
- دعيني أخبرك أنك منحت حياتي البائسة معنى.
جثا على ركبتيه يبكي بكاء الطفل الصغير ، التفتت إليه تتعجب بكائه وهو الجبل العظيم الذي لا تزعزه أقسى الحوادث، عم المطبخ الصغير سكون رهيب، قالت و هي تمسح يديها:
-كنت أعلم بكل هذا منذ البداية، و لكنني لم أكن على يقين أنني سأنتصر في معركة مثل هذه، و الغريب من كل هذا أنني أحببتك بكل هذه العيوب و بحجم الاختلاف الذي بيننا، أنا بجانبك...
#بقلمي
#ما أكتبه لا علاقة له بحياتي ولا بقناعاتي أحيانا تزورني أفكار غريبة عجيبة فأتقمص الشخصيات و أسرد على الورق.
آرائكمخ
-لم تحملقين بهذه الطريقة؟
أجابت و البرودة تسري بأطرافها:
-إنها المرة الأولى التي يدخن أحدهم فيها أمامي.
ابتسم ابتسامة لم تفهم معناها آنذاك ثم غادر، حافظت على هدوئها و انهمكت في الترتيب، فتحت الدولاب لترتيب الملابس التي أنهت طيها أخيرا فلمحت علبة صغيرة، فتحتها فكان الذي بها غريب.
سألته مجددا فأجاب ببرودة أعصاب:
-أنا مدمن.
-مدمن؟
-نعم، كما سمعت عزيزتي، إنه حظك أن تتعلقي بمدمن يدخن طوال اليوم و يثور لأتفه الأسباب.
- ألم تعديني أن تكافحي لأجلي؟
-ولكنك شرطي...
-هذا عالمي، تقبليه كما هو أو ارحلي.
خرجت مصدومة نحو مطبخها الصغير، جلست على أحد الكراسي قبالة النافذة فأجهشت بالبكاء، تساءلت كيف كان لها أن تقع في حب رجل مثل هذا و كيف على اتساع الهوة بينهما أن تقترن به، لطالما أخبرته أن الجنة موطنها و أنه من الجحيم مازحة، و كلما ثار بوجهها عادت و قد هدأت عواصفه قتخبره مبتسمة:
-لابأس فالشياطين تكره الملائكة.
عادت بذاكرتها إلى أول يوم التقيا فيه حينما أوقفها جانب الطريق، إذ لم ترتدي حزام الأمان، لاحظ توترها الشديد و رجفة يديها و هي تسلمه أوراقها، و على غير العادة لم تتطاول عليه أو تستخدم شيئا من دهاء و خبث النسوة لتجعله يسامحها، و لم تتغزل بوسامته كما تفعل الكثيرات، كبرت في عينه لحظتها و أحب خضوعها، ككل الرجال الشرقيين يروقهم خضوع الأنثى لأوامرهم دون اعتراض، هنالك كان اللقاء الأول و في بيت أبيها كان الميثاق الغليظ، التفتت نحوه حينما أتاها صوته:
-كنت أعلم منذ البداية أنه سيحين هذا الوقت، لذلك أردتك أن تعلمي بكل هذا باكرا.
سكت وهو ينفث الدخان اللعين من سيجارته، ثم جلس بجانبها مطأطا الرأس مسترسلا في حديثه:
-حينما توفيت أمي كانت زوجة أبي ترميني نحو الشارع عندما يغيب والدي، و هنالك وجدت الكثير من الرفقاء المحرومين مثلي، ولكل واحد منهم كانت لديه قصة و الكثير من المعاناة، لم يكن من العدل أبدا أن يكبر طفل بريء فالشارع بينما غيره ينعم في حضن عائلته، كرهت العالم كله و كرهت نفسي فكيف لي أن أحبك أنت، أصبحت أثور في وجه كل من يصادفني أخالني أحاسب الناس جميعا على موت أمي وعلى كل ليلة أمضيتها في العراء و على إدماني، كان يجب علي أن أكذب فلا شك لو كنت تعرفين حقيقتي كنت سترفضينني، أحببتك منذ لاحظت أنك لا تجيدين الحيلة و لا الخداع، وكنت على يقين حينها أن طيبة قلبك ستحتوي كل هذا.
سكت لحظات ثم أضاف :
- دعيني أخبرك أنك منحت حياتي البائسة معنى.
جثا على ركبتيه يبكي بكاء الطفل الصغير ، التفتت إليه تتعجب بكائه وهو الجبل العظيم الذي لا تزعزه أقسى الحوادث، عم المطبخ الصغير سكون رهيب، قالت و هي تمسح يديها:
-كنت أعلم بكل هذا منذ البداية، و لكنني لم أكن على يقين أنني سأنتصر في معركة مثل هذه، و الغريب من كل هذا أنني أحببتك بكل هذه العيوب و بحجم الاختلاف الذي بيننا، أنا بجانبك...
#بقلمي
#ما أكتبه لا علاقة له بحياتي ولا بقناعاتي أحيانا تزورني أفكار غريبة عجيبة فأتقمص الشخصيات و أسرد على الورق.
آرائكمخ