من كتاب صفوة التفاسير بقلم محمد علي الصابوني
قال الله تعالى : " ويومَ يُحشر أعداء الله إلى النّار فهم يوزعون (19)حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) "
والله تعالى أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مختصر ابن كثير 260/3
(2) هذا جزء من حديث طويل أخرجه مسلم ، وفيه دلالة على أن أعضاء الإنسان تشهد عليه يوم القيامة ، والله على كل شيء قدير
(3) تفسير أبو السعود 22/5
(4) تفسير البيضاوي 156/2
قال الله تعالى : " ويومَ يُحشر أعداء الله إلى النّار فهم يوزعون (19)حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) "
سورة فصلت الآية : 19الى25
تفسير الاية : 19-20-21-22-23
{ويومَ يُحشر أعادء الله إلى النّار } أي واذكر يوم يُجمع أعداء الله المجرمون في أرض المحشر لسوقهم إلى النار
{فهم يوزعون } أي يُحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقو ويجتمعوا ، قال ابن كثير : تجمع الزبانية أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا (1)
{حتى إذا ما جاؤوها} أي حتي إذا وقفوا للحساب
{شهد عليهم سمعُهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون } أي نطقت جوارحهم وشهدت عليهم بما اقترفوه من إجرام و إثم ، وفي الحديث : (( فيُختم على فيه - أي فمه - ثم يقال لجوارحه انطقي ، فتنطق بأعماله ، ثم يُخلَّى بينه وبين الكلام فيقول : بُعداً لكُنَّ وسُحقاً ، فعنكنَّ كنت أناضل )) (2)
{وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا } أي وقالوا لأعضائهم وجلودهم توبيخاً وتعجباً من هذا الأمر الغريب : لم أقررتم علينا ، وشهدتم بما فعلنا ، وإنّما كنا نجادل وندافع عنكم ؟
{قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كلَّ شيءٍ} أي قالوا معتذرين : ليس الأمر بيدنا وإنما أنطقنا الله بقدرته ، الذي ينطق الجماد والإنسان والحيوان ، فشهدنا عليكم بما عملتم من القبائح
{ وهو خلقكم أوَّل مرة } أي هو أوجدكم من العدم ، وأحياكم بعد أن لم تكونوا شيئاً ، فمن قدر على هذا قدر على إنطاقنا
{ وإليه ترجعون } أي وإليه وحده تُردون بالبعث ، قال أبو السعود : المعنى نطقنا بعجبٍ من قدرة الله ، الذي أنطق كل حي ، فإن من قدر على خلقكم وإنشائكم اولاً ، وعلى إعادتكم ورجعكم إلى جزائه ثانياً ، لا يُتعجب من إنطاقه لجوارحكم (3)
{ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم } أي وما كنتم تستخفون من هؤلاء الشهود في الدنيا حين مباشرتكم الفواحش لأنكم لم تظنوا أنها تشهد عليكم ، قال البيضاوي : أي كنتم تستترون عن الناس عند ارتكاب الفواحش ، مخافة الفضيحة ، وما ظننتم أن أعضاءكم تشهد عليكم فما استخفيتم منها ، وفيه تنبيهٌ على أن المؤمن ينبغي ألاّ يمر عليه حاٌ إلا وعليه رقيب (4) .
{ ولكن ظننتم أنّ الله لا يعلمُ كثيراً مما تعملون } أي ولكنْ ظننتم أن الله تعالى لا يعلم كثيراً من القبائح المخفية ، ولذلك اجترأتم على المعاصي والآثام .
{ وذلكم ظنُّكم الَّذي ظننتم بربِّكم أرداكم } أي وذلكم الظنُّ القبيح برب العالمين - أنه لا يعلم كثيراً من الخفايا - هو الذي أوقعكم في الهلاك والدمار فأوردكم النار .
{فأصبحتم من الخاسرين } أي فخسرتم سعادتكم وأنفسكم وأهليكم ، وتمام الخسران والشقاء .
من كتاب صفوة التفاسير الجزء الأخيروالله تعالى أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مختصر ابن كثير 260/3
(2) هذا جزء من حديث طويل أخرجه مسلم ، وفيه دلالة على أن أعضاء الإنسان تشهد عليه يوم القيامة ، والله على كل شيء قدير
(3) تفسير أبو السعود 22/5
(4) تفسير البيضاوي 156/2