نصيحة مهمة لشباب الأمة ...

إلياس

:: أستاذ ::
أحباب اللمة
إنضم
24 ديسمبر 2011
المشاركات
24,357
نقاط التفاعل
27,662
النقاط
976
محل الإقامة
فار إلى الله
الجنس
ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه ، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ؛ فإنه من المسائل الهامة التي يجب على كل مسلم أن يعتني بفهمها على الوجه الصحيح هي مسألة : كيفية التعامل مع ولاة الأمر أي الحكَّام؛ حيث إنه قد ضلَّ فئام من الناس في هذه المسألة، وخالفوا النصوص القطعية من المحكم من كتاب الله والصحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن والتي تفيد بمجموعها التواتر، ومن هذه النصوص ما يلي:
أولاً: من كتاب الله تعالى :
قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم". (سورة النساء).
ثانيًا: من صحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1. أخرج البخاري (3603) ، ومسلم (1846) -واللفظ له- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى لله عليه وسلم : "إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ ؟ ، قَالَ : تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ".
2. أخرج البخاري (2955) ، ومسلم (1709) عن ابن عمر رضي الله عنهماعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : "عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ".3. أخرج مسلم (1848) عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ –أي وائل بن حجر رضي الله عنه- قَالَ: "سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ؟ ثُمَّ سَأَلَهُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ؟ ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ، وَقَالَ : "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ".4. أخرج مسلم (1849) عن حذيفة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ، قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ ، قَالَ : تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ ؛ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ".
5. أخرج أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من نزع يدًا من طاعة لم يكن له يوم القيامة حجة ، ومن مات وهو مفارق للجماعة فإن يموت ميتة جاهليه ". حسنه الإمام الألباني
6. وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام : "من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة". حسنه الإمام الألباني
فهذه النصوص التي جاءت في السنة فيها الحض على طاعة ولاة الأمر ولو كانوا يستأثرون بالدنيا ، ولو كانوا يخالفون أحكام الله في مسائل كثيرة، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بطاعة هؤلاء الولاة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، لكنها طاعة مقيدة بالمعروف ، فإذا أمروا بما يخالف الشريعة فلا طاعة لهم، لكن مع عدم الخروج عليهم.
وهذه النصوص النبوية المشرقة تدحض الفرية المعتزلية الخارجية القائلة بأن الطاعة إنما تكون للإمام العادل الذي لا يظلم ولا يجور، والذي يحكِّم الشرع في أغلب أحواله.
وكما قيل :
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
فانظر أخي - رعاك الله- كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذرنا من نزع اليد من الطاعة، فعليك أخي في الله الحذر من الكلام في ولاة الأمر أو الاستخفاف بهم لأن الكلام في ولاة الأمر أو التقليل من هيبتهم سبب من أسباب الشر والفساد، وصدق سهل التستري – رحمه الله- حيث قال : (لا يزال الناس بخير ما عظموا السطان والعلماء فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم )) تفسير القرطبي 5 / 260.
وإن حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء الربانيين وهيبة ولاة الأمر ضاع الشرع والأمن لأن الناس إذا تكلموا في العلماء لم يثقوا بكلامهم ، وإذا تكلموا في الأمراء تمردوا على كلامهم وحصل الشر والفساد
فلا يجوز الخروج على الحكام – وإن ظلموا - عن طريق المظاهرات والاغتيالات والتفجيرات والانقلابات والاعتصامات ، لِمَ في ذلك من فتنة كبيرة من سفك للدماء وترويع للأبرياء وهتك للحرمات ، وقد قال تعالى: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}.سور ة البقرة.
وهذا مِمَّا أجمع عليه أهل السنة، ودوَّنوه في مصنَّفات الاعتقاد ، وإليك نُبذة منها :
قال الإمام أحمد في أصول السنة (23): "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين –البر والفاجر-، ومَن ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه، ورَضوا به ، ومَن غَلِبهُم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمِّيَ أمير المؤمنين".
وقال أيضًا (27) : "ومَن خرج على إمام من أئمة المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شقَّ هذا الخارج عصا المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية".
وقال ابن أبي زمنين في "أصول السنة" (ص 275) : "ومن قول أهل السنة : إن السلطان ظل الله في الأرض ، وأنه من لَم ير على نفسه سلطانًا برًّا كان أو فاجرًا فهو على خلاف السنة".
وقال حرب –رحمه الله- في عقيدته التي عزاها إلى السلف الصالح – كما في حادي الأرواح لابن قيم الجوزية (ص401) : - "وإن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية ، فليس لك أن تطيعه البتَّة وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقَّه".
وقال الطحاوي –رحمه الله- في عقيدة أهل السنة والجماعة : "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا ، وإن جاروا ، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ، ما لم يأمروا بمعصية ، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة"، وقال: "والحج والجهاد فرضان ماضيان مع ولي الأمر من المسلمين: برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة ، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما".
وقال البربهاري في شرح السنة (137) : "وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان، فاعلم أنه صاحب هوى".
وقال الحافظ ابن حجر فِي الفتح (13/7) حيث قال : "وقد أجمع الفقهاء عَلَى وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه ، وأن طاعته خير من الخروج عليه لِما فِي ذَلِكَ من حقن الدماء".
وقال العلامة عبدالرزاق عفيفي في بحث له بعنوان : "الخلافة": "وإن لم يكن في الأمة مَن يصلح لذلك –أي للولاية العامة- إلا واحد تعيَّن عليهم أن يقيموه واليًا عامًا عليهم"، ثم قال: "تثبت الخلافة أحيانًا بالنص من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من الخليفة السابق على من يلي الأمر من بعده –ولاية العهد-، وتثبت أحيانًا بالبيعة، أي بيعة ذوي الشأن والرأي في الأمة ، وتثبت أحيانًا بالغلبة والقهر". ا.هـ
"الإمام هُوَ ولي الأمر الأعلى فِي الدولة ، ولا يُشترط أن يكون إمامًا عامًّا للمسلمين ؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة ، وَالْنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : "اسمعوا وأطيعوا ولو تأمرَّ عليكم عبدٌ حبشي"، فإذا تأمَّر إنسان عَلَى جهة ما صار بِمنْزلة الإمام العام ، وصار قوله نافذًا ، وأمره مُطاعًا ، ومن عهد أمير المؤمنين عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه ، والأمة الإسلامية بدأت تتفرق ، فابن الزبير فِي الحجاز ، وابن مروان فِي الشام ، والمختار بن عبيد وغيره فِي العراق ، فتفرقت الأمة ، وما زال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لِمن تأمَّر عَلَى ناحيتهم ، وإن لَم تكن له الخلافة العامة ، وبِهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول : إنه لا إمام للمسلمين اليوم ، فلا بيعة لأحد ، نسأل الله العافية ، ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟ أم يريدون أن يُقال كل إنسان أمير نفسه؟ هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يَموتون ميتة جاهلية ؛ لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة عَلَى أن من استولى عَلَى ناحية من النواحي صار له الكلمة العليا فيها فهو إمام فيها، وقد نصَّ عَلَى ذَلِكَ العلماء مثل صاحب سبل السلام، وَقَالَ: إن هذا لايُمكن الآن تَحقيقه ، وهذا هُوَ الواقع الآن ؛ فالبلاد الَّتِي فِي ناحية واحدة تَجدهم يَجعلونَ انتخابات ، ويَحصل صراع عَلَى السلطة ، ورشاوي وبيع الذمم ، إلى غير ذَلِكَ ، فإذا كَانَ أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحدًا إلا بِمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عمومًا؟ هذا لا يُمكن!!!".

هذا ما أحببت أن أبينه ؛ كي يحافظ المجتمع على أمنه واستقراره ، والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top