- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,357
- نقاط التفاعل
- 27,662
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
أخْرَج الإمامُ أحمد عن أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه عنِ النبي - عليه الصلاة والسلام - قوله: ((الشِّتاء ربيعُ المؤمِن))، وزاد البيهقيُّ وغيرُه: ((طال ليلُه فقامَه، وقصُر نهارُه فصامَه )) في هذا الحديث حث من النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنام موسم الشتاء بعبادتين عظيمتين هما : الصيام وقيام الليل .
نهار الشتاء بارد قصير فلا يشعر الصائم فيه بالتعب ولا بالجوع والعطش لذلك جاء في حديث عامر بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الغنيمة الباردة: الصوم في الشتاء)) رواه الترمذي .
قال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي والمعنى أن الصائم يحوز الأجر من غير أن يمسه حر العطش أو يصيبه ألم الجوع من طول اليوم. انتهى.
وقال المناوي رحمه الله : الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء ـ أي الصوم فيه يشبه الغنيمة الباردة بجامع أن كلا منهما حصول نفع بلا تعب. انتهى.
والصوم أيها الكرام تكفل الله بأجره : عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه مسلم
قال ابن رجب رحمه الله " يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة ، فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلا الصيام ، فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد ، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد ، فإن الصيام من الصبر ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر .
وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( الصوم نصف الصبر ) خرجه الترمذي.
والصبر ثلاثة أنواع : صبر على طاعة الله ، وصبر عن محارم الله ، وصبر على أقدار الله المؤلمة . وتجتمع الثلاثة في الصوم " انتهى من " لطائف المعارف " .
وقال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله " فأعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن ثواب الأعمال الصالحة مقدر من حسنة إلى سبعمائة ضعف ، وخبأ قدر الصبر منها تحت علمه ، فقال : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ولما كان الصوم نوعا من الصبر ، حين كان كفا عن الشهوات ، قال تعالى : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي ، وأنا أجزي به ) قال أهل العلم : كل أجر يوزن وزنا ، ويكال كيلا ، إلا الصوم ، فإنه يحثي حثيا ، ويغرف غرفا ؛ ولذلك قال مالك : هو الصبر على فجائع الدنيا وأحزانها ؛ فلا شك أن كل من سلم فيما أصابه ، وترك ما نهى عنه ، فلا مقدار لأجره ، وأشار بالصوم إلى أنه من ذلك الباب ، وإن لم يكن جميعه " انتهى من " أحكام القرآن ".
فلنستكثر من الصيام في هذا الموسم حتى ندرك هذا الأجر العظيم ، ولنذكر بعضنا به لعل منا من تنفعه الذكرى .
العبادة الثنية التي يحثنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الشتاء هي : قيام الليل .
قال ابن رجب رحمه الله : وأمّا قِيامُ لَيلِ الشِّتاءِ فَلِطُولِه ففِيهِ قَد تَأخُذُ النّفسُ حَظَّها المحتاجَةَ إليهِ مِنَ النّومِ معَ إدْراكِ وِرْدِه، فيَكملُ لهُ مَصلَحةُ دِينهِ وراحَةُ بدَنِه، وقَد ذَكَرَ اللهُ في أوصَافِ أهلِ الجنةِ {أنهم كانُوا قَليلا مِنَ اللّيلِ مَا يَهْجَعُون} ، أي لما كانُوا في الدُّنيا كانُوا قَليلا ما يَنامُونَ . أخرجَ ابنُ جرير وابنُ المنذر عن ابن عباسٍ رضي الله عنهُما في قولِه: كانُوا قَلِيلا مِنَ اللّيلِ مَا يَهجَعُون"يقولُ قَليلا مَا كانُوا يَنامُونَ. الهُجُوعُ النّومُ لَيلا. وقالَ ابنُ عَبّاس كانُوا قَلّ ليلَة تمرُّ بهِم إلا صَلَّوا فيها شَيئًا إمّا مِن أوّلها أو مِن أوسَطِهَا .
أيها المباركون قيام الليل له فضائل منها :
1ـ أنه سببٌ لنيلِ الجنة، وناهيكَ بها من فائدة، قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقال صلى الله عليه وسلم: (( أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام )). رواه الترمذي.
2ـ أنه يقربُ إلى الله عز وجل، وهو سببٌ في تكفير سيئات العبد ومغفرةِ ذنوبه، فعن عمرو بن عنبسة ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن )). رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم على شرط مسلم.
3ـ أنه يعرض صاحبه للنفحات الإلهيه ويكون سببا لإجابة دعائه وإعطائه سؤله وقت نزول الرب عز وجل إلى سماء الدنيا، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له )).رواه البخاري ومالك ومسلم والترمذي وغيرهم.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستغل هذا الموسم في طاعته وأسأله أن يعيننا على كثرة ذكره وشكره وحسن عبادته إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
آخر تعديل: