- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,707
- نقاط التفاعل
- 28,176
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
** عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ مؤمنٍ إلا وله ذنبٌ يعتادُه الفِينةَ بعدَ الفِينةِ، أو ذنبٌ هو مقيمٌ عليه لا يُفارِقُه حتى يُفارِقَ الدنيا، إنَّ المؤمنَ خُلِقَ مفتَّنًا توابًا نسَّاءً، إذا ذُكِّرَ ذكَرَ)
قال المناوي: "(ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة) أي الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة، يقال: لقيته فينة والفينة (أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه أبداً حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتناً) أي ممتحناً، يمتحنه اللّه بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى، والمفتن الممتحن الذي فتن كثيراً (تواباً نسياً إذا ذكر ذكر) أي يتوب ثم ينسى فيعود ثم يتذكر فيتوب.
وهذا الحديث يجيب على تساؤلات تراود الكثيرين
هل يجوز الاستغفار من الذنب وأنا مقيمٌ عليه؟
هل يجوز الاستغفار من الذنب من غير توبة؟
في المستدرك أنّ النّبيّ جاءه رجل فقال يا رسول الله أحدنا يذنب، قال: يُكتب عليه، قال: ثمّ يستغفر منه، قال: يُغفر له ويُتاب عليه، قال: فيعود فيذنب، قال: يُكتب عليه، قال: ثمّ يستغفر منه ويتوب، قال: (يُغفر له ويُتاب عليه، ولا يملّ الله حتّى تملّوا (
وقيل للحسن: ألا يستحي أحدنا من ربّه يستغفر من ذنوبه ثمّ يعود ثمّ يستغفر ثمّ يعود، فقال: ودّ الشّيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملّوا من الاستغفار.
فلا تملوا من قول «استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه»
يروى أنه لما شرب قدامة بن عبد الله الخمر متأولا جُلد، فكاد اليأس يدب في قلبه فأرسل إليه عمر يقول: "قال تعالى: {حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} ما أدري أي ذنبيك أعظم، استحلالك للخمر أولا؟ أم يأسك من رحمة الله ثانيا؟".
وهذا منهج إسلامي إيماني، يمنح العاصين الفرصة للعودة مرة أخرى إلى رحاب الطاعة، ويغلق دونهم أبواب اليأس، ويزرع الأمل في نفوسهم .. جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رسول الله! إني وجدت امرأة في بستان، ففعلت بها كل شيء، غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها، ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه، لو ستر على نفسه، فأتبعه رسول الله بصره ثم قال: ردوه علي، فردوه عليه، فقرأ عليه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} فقال معاذ: يا رسول الله أله وحده، أم للناس كافة؟ فقال: (بل للناس كافة) [مسلم]
وعن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من عبد يذنب ذنبا، فيتوضأ فيحسن الطُهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله بذلك الذنب إلا غفر الله له) [أحمد، صحيح الجامع 5738].
** عَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا جَالِسٌ وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِي الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى إلْيَةِ يَدِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا تَقْعُدُ قَعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [أبو داود]
فأخذ علينا العهد العام من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا نقعد قعدة المغضوب عليهم لا بحضرة الناس ولا وحدنا هروبا من التشبه بمن غضب الله عليه، ويقع في خيانة هذا العهد كثير من أبناء الدنيا لاسيما بحضرة الفقراء الذين لا جاه لهم، وذلك من جملة الإخلال بالأدب مع الجليس، ولو أنه جلس عند فاسق يشرب الخمر ويترك الصلاة وهو من الأكابر أصحاب النفوذ ما جلس إلا متأدبا مطرقا كالجالس في الصلاة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن آداب الجلوس أيضا ما قاله ابن مفلح في الآداب الشرعية: وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالظِّلِّ، قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ [يعني أحمد ابن حنبل] يُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ؟ قَالَ: هَذَا مَكْرُوهٌ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يُقْعَدَ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّد]
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ -وَفِي لَفْظٍ فِي الْفَيْءِ- فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ وَصَارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ)
وقيل هي جلسة الشيطان، وأخرجه عَبْد الرَّزَّاق عن مَعْمَر، عن مُحَمَّد بن المنكدر، عَنْ أَبِي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه فليقم فإنه مجلس الشيطان. [موقوفٌ].
ومن الآداب أيضا ما روي عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا، وكان ابن عمر إذا قام له رجل عن مجلسه لم يجلس.
** عن نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ، لَا تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ) [أحمد]
قيل صلاة الضحى، وقيل الفجر وسنته، وعلى كل حال فصلاة الضحى لا شك في أن فضلها عظيم، وركعتا الفجر النافلة وصلاة الفجر كل منهما شأنه عظيم، والإنسان إذا أتى بركعتي الفجر وصلاة الفجر وأتى بركعتي الضحى فهو على خير عظيم بلا شك.
(أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) والضحى فكان يصليها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحيانا ويتركها أحيانا، ووقتها في الحديث (حين ترمض الفصال) ، وهذا المقدار أدنى ركعات الضحى، وقد جاء ثمانية، واثنتا عشرة.
(أَكْفِكَ آخِرَهُ) أي أكفك آخر النهار من كل شيء: من الهموم والبلايا ونحوهما
قال الشيخ عطية سالم في شرح بلوغ المرام: ومن المجرب -يا إخوان- عند كثير من الناس، وما نسمعه من الآخرين، أن من تعود ركعتي الضحى إذا صلى ركعتي الضحى يظل طوال نهاره مستبشراً مطمئن النفس، قرير العين، قل أن يرد عليه ما يكدر خاطره، ويكفي أنه لم يكتب من الغافلين، وكتب من الأوابين، وغفر له ذنبه، وبني له بيت في الجنة، مع اختلاف عدد الركعات، وليس هناك إلزام بالعدد.
** روى ابن سعد في الطبقات بسند مرسل عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِ ابْنِهِ فَرَأَى فُرْجَةً فِي اللَّحْدِ فَنَاوَلَ الْحَفَّارَ مَدَرَةً وَقَالَ: (إِنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَكِنَّهَا تُقِرُّ عَيْنَ الْحَيِّ)
المدرة: القطعة من الطين اللزج المتماسك, وما يصنع منه مثل اللَّبِنِ والبيوت.
ومن حديث عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ: (إِنَّ الله يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ). [حسن]
فلا تقر عين المؤمن بعمل إلا بتمامه على أكمله وأوجهه فتدبر
قال أهل العلم: وَمَنْ أُعْجِبَ بِعَمَلٍ حَرِصَ أَنْ يُتِمَّهُ، وَمَنْ رَأَى ثَوَابَهُ أَحَبَّ أَنْ يُتْقِنَهُ، وَمَنْ تَآخَى الْحِكْمَةَ شُغِلَ عَمَّا سِوَاهَا، وَمَنْ قَرَّ عَيْنًا بِشَيْءٍ لَهَجَ بِذِكْرِهِ، وَالْأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ إِلَى يَوْمِ تَلْقَاهَا، وَكُلُّ نَفْسٍ رَهِينَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاهَا.
** عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ مؤمنٍ إلا وله ذنبٌ يعتادُه الفِينةَ بعدَ الفِينةِ، أو ذنبٌ هو مقيمٌ عليه لا يُفارِقُه حتى يُفارِقَ الدنيا، إنَّ المؤمنَ خُلِقَ مفتَّنًا توابًا نسَّاءً، إذا ذُكِّرَ ذكَرَ)
قال المناوي: "(ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة) أي الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة، يقال: لقيته فينة والفينة (أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه أبداً حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتناً) أي ممتحناً، يمتحنه اللّه بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى، والمفتن الممتحن الذي فتن كثيراً (تواباً نسياً إذا ذكر ذكر) أي يتوب ثم ينسى فيعود ثم يتذكر فيتوب.
وهذا الحديث يجيب على تساؤلات تراود الكثيرين
هل يجوز الاستغفار من الذنب وأنا مقيمٌ عليه؟
هل يجوز الاستغفار من الذنب من غير توبة؟
في المستدرك أنّ النّبيّ جاءه رجل فقال يا رسول الله أحدنا يذنب، قال: يُكتب عليه، قال: ثمّ يستغفر منه، قال: يُغفر له ويُتاب عليه، قال: فيعود فيذنب، قال: يُكتب عليه، قال: ثمّ يستغفر منه ويتوب، قال: (يُغفر له ويُتاب عليه، ولا يملّ الله حتّى تملّوا (
وقيل للحسن: ألا يستحي أحدنا من ربّه يستغفر من ذنوبه ثمّ يعود ثمّ يستغفر ثمّ يعود، فقال: ودّ الشّيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملّوا من الاستغفار.
فلا تملوا من قول «استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه»
يروى أنه لما شرب قدامة بن عبد الله الخمر متأولا جُلد، فكاد اليأس يدب في قلبه فأرسل إليه عمر يقول: "قال تعالى: {حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} ما أدري أي ذنبيك أعظم، استحلالك للخمر أولا؟ أم يأسك من رحمة الله ثانيا؟".
وهذا منهج إسلامي إيماني، يمنح العاصين الفرصة للعودة مرة أخرى إلى رحاب الطاعة، ويغلق دونهم أبواب اليأس، ويزرع الأمل في نفوسهم .. جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رسول الله! إني وجدت امرأة في بستان، ففعلت بها كل شيء، غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها، ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه، لو ستر على نفسه، فأتبعه رسول الله بصره ثم قال: ردوه علي، فردوه عليه، فقرأ عليه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} فقال معاذ: يا رسول الله أله وحده، أم للناس كافة؟ فقال: (بل للناس كافة) [مسلم]
وعن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من عبد يذنب ذنبا، فيتوضأ فيحسن الطُهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله بذلك الذنب إلا غفر الله له) [أحمد، صحيح الجامع 5738].
** عَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا جَالِسٌ وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِي الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى إلْيَةِ يَدِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا تَقْعُدُ قَعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [أبو داود]
فأخذ علينا العهد العام من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا نقعد قعدة المغضوب عليهم لا بحضرة الناس ولا وحدنا هروبا من التشبه بمن غضب الله عليه، ويقع في خيانة هذا العهد كثير من أبناء الدنيا لاسيما بحضرة الفقراء الذين لا جاه لهم، وذلك من جملة الإخلال بالأدب مع الجليس، ولو أنه جلس عند فاسق يشرب الخمر ويترك الصلاة وهو من الأكابر أصحاب النفوذ ما جلس إلا متأدبا مطرقا كالجالس في الصلاة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن آداب الجلوس أيضا ما قاله ابن مفلح في الآداب الشرعية: وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالظِّلِّ، قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ [يعني أحمد ابن حنبل] يُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ؟ قَالَ: هَذَا مَكْرُوهٌ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يُقْعَدَ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّد]
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ -وَفِي لَفْظٍ فِي الْفَيْءِ- فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ وَصَارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ)
وقيل هي جلسة الشيطان، وأخرجه عَبْد الرَّزَّاق عن مَعْمَر، عن مُحَمَّد بن المنكدر، عَنْ أَبِي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه فليقم فإنه مجلس الشيطان. [موقوفٌ].
ومن الآداب أيضا ما روي عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا، وكان ابن عمر إذا قام له رجل عن مجلسه لم يجلس.
** عن نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ، لَا تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ) [أحمد]
قيل صلاة الضحى، وقيل الفجر وسنته، وعلى كل حال فصلاة الضحى لا شك في أن فضلها عظيم، وركعتا الفجر النافلة وصلاة الفجر كل منهما شأنه عظيم، والإنسان إذا أتى بركعتي الفجر وصلاة الفجر وأتى بركعتي الضحى فهو على خير عظيم بلا شك.
(أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) والضحى فكان يصليها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحيانا ويتركها أحيانا، ووقتها في الحديث (حين ترمض الفصال) ، وهذا المقدار أدنى ركعات الضحى، وقد جاء ثمانية، واثنتا عشرة.
(أَكْفِكَ آخِرَهُ) أي أكفك آخر النهار من كل شيء: من الهموم والبلايا ونحوهما
قال الشيخ عطية سالم في شرح بلوغ المرام: ومن المجرب -يا إخوان- عند كثير من الناس، وما نسمعه من الآخرين، أن من تعود ركعتي الضحى إذا صلى ركعتي الضحى يظل طوال نهاره مستبشراً مطمئن النفس، قرير العين، قل أن يرد عليه ما يكدر خاطره، ويكفي أنه لم يكتب من الغافلين، وكتب من الأوابين، وغفر له ذنبه، وبني له بيت في الجنة، مع اختلاف عدد الركعات، وليس هناك إلزام بالعدد.
** روى ابن سعد في الطبقات بسند مرسل عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِ ابْنِهِ فَرَأَى فُرْجَةً فِي اللَّحْدِ فَنَاوَلَ الْحَفَّارَ مَدَرَةً وَقَالَ: (إِنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَكِنَّهَا تُقِرُّ عَيْنَ الْحَيِّ)
المدرة: القطعة من الطين اللزج المتماسك, وما يصنع منه مثل اللَّبِنِ والبيوت.
ومن حديث عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ: (إِنَّ الله يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ). [حسن]
فلا تقر عين المؤمن بعمل إلا بتمامه على أكمله وأوجهه فتدبر
قال أهل العلم: وَمَنْ أُعْجِبَ بِعَمَلٍ حَرِصَ أَنْ يُتِمَّهُ، وَمَنْ رَأَى ثَوَابَهُ أَحَبَّ أَنْ يُتْقِنَهُ، وَمَنْ تَآخَى الْحِكْمَةَ شُغِلَ عَمَّا سِوَاهَا، وَمَنْ قَرَّ عَيْنًا بِشَيْءٍ لَهَجَ بِذِكْرِهِ، وَالْأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ إِلَى يَوْمِ تَلْقَاهَا، وَكُلُّ نَفْسٍ رَهِينَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاهَا.