بيسان بيبا
:: عضوية محظورة ::
بيسان بيبا، تم حظره "حظر دائم". السبب: بطلب من صاحبه. استعمال عضوية أخرى جديدة
فن التواصل
إنّ الآراء قد تختلفُ من شخصٍ إلى آخر، وهذا الاختلاف حَتمًا لا يجدُر أن يؤدّي إلى اختلاف القلوب، فالشخص العاقل والمتزن لا يهمُّه إن ظهر الحق على يده أو على يد غيره، فالمهم هو الوصول إلى الفكرة الصحيحة والمنطقية، والمستنِدة إلى الحُجَج والبراهين الثابتة، ومن الأمور التي تُوصِل للنقاش الهادف، استخدامُ قواعد فنّ التواصل، كالاعتدال وضبط مستوى الصوت، والتقيّد بشروط الحوار والمتحاور، وفي هذا المقال سيتم التطرق إلى ما هو الحوار، ومعلومات عن آداب الحوار، وشروط الحوار المُحاور.[١]ما هو الحوار
إنّ الحوار والجدال والمناظرة جميعها ألفاظ مُتقارِبة لمعنى واحد، حتى وإن كان أكثر ما جاء من لفظ الجدال في القرآن الكريم كان يطلق على الجدال المذموم، فقد ذُكر أيضًا في مواضعٍ محمودة، ويعدّ الحوار من أفضل الطرق التي تقرب وجهات النظر، والتي تحل العديد من المشاكل المختلفة، وبالتالي فإن الحوار هو سلاح فتّاك، وهو من خير الطرق لإقناع الآخرين، فالحوار الهادئ المقنع يفعل في أكثر الأحيان مما تفعله قوة المَدافع والطائرات، لذلك إن أراد الناس أن يحموا أوطانهم ويحفظوا وحدة أمتهم عليهم بالحوار؛ لأنه لا غنى لهم عنه، فهو وسيلة أساسية للتواصل مع الآخرين، وإقناع أصحاب الانحراف الفكري والعقدي، وليس القمع، فللوصول إلى الحق لا بد من اتباع الحوار، فالحوار هو أداة تصلح مع المسلم وغير المسلم، ويكون مع غير المسلم لدعوته إلى دين الله تعالى، وإقناعه بأنه حق لا شك فيه، وحين يتم محاورة أي شخص من غير المسلمين، من الواجب البحث عن المشترك الإنساني، وعن المشترك الحضاري.[٢]آداب الحوار
إن الحوار في اللغة العربية: "مأخوذ من الحَوْر؛ أي: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، والمحاورة: هي المجاوبة، والتحاور: هو التجاوب"، أما في الاصطلاح: "هو نوع من الحديث بين شخصين، يتمُّ فيه تداول الكلام بينهما بطريقة ما، فلا يتأثَّر به أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبُعد عن الخصومة والتعصُّب"، وفي ذِكر لآداب الحوار:[٣]- الابتعاد عن التعصب للرأي أو الفكر؛ وذلك لأن المحاور مهما كان على درجة عالية من الحق، فلا بد أن يوصل فكرته إلى الآخرين بعيدًا عن الأهواء الشخصية، بل يجب نشر الحق بأسلوب حضاري.
- استخدام الألفاظ الحسنة مع البعد عن جرح الآخرين، بمجرد أن يطرح فكرة تُعارَض فكرته مثلًا.
- اعتماد الحوار على الحجج الصحيحة وعلى الدليل الصحيح، فذلك يوصل إلى نتائج مرضية إلى جميع الأطراف.
- البعد عن التناقض في الرد على أقوال الآخر، والثبات على مَبْدأ ونقطة الحوار.
- الحرص على الوصول إلى الحقيقة وليس الانتصار للنفس.
- الإصغاء وحسن الاستماع.
- التواضُع بالقول والفعل؛ قال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "ولَكِنَّ الكِبرَ بَطَرُ الحقِّ وغمصُ النَّاسِ"[٤].
شروط الحوار الفعال
بعد أن تم التطرق إلى آداب الحوار يجب التعرف أيضًا على شروط الحوار، فحتى ينجح الحوار ويحقق أهدافه لا بُدّ من التقيد بشروط تتعلق بعملية المحاورة نفسها، وفي الآتي شروط الحوار:[٥]- استخدام اللغة القوية: تهدف المحاورة إلى إقناع الطرف الآخر بوجهة نظر معينة، وهذا يتطلب لغة قوية عن طريق وضوح الألفاظ وترتيب الأفكار، وتسلسل المقدمات، حتى يتم الوصول إلى النتائج المرجوة، وبالتالي لا بد من استخدام عدد أقل من الكلمات، كما أنه من الضرورة انتقاء أفضل الألفاظ وأكثرها وقعًا في النفس وتأثيرًا على المحاور.
- اختيار الأسلوب: هناك طريقتان للحوار الفكري مجالاته، فإما أن يتم الحوار بأشد الكلمات وأقسى العبارات، بحيث يتم التركيز على كل ما يساهم في إيلامه وإهانته، دون مراعاة لمشاعره وأحاسيسه، فهذه الطريقة تنتج المزيد من الحقد والعداوة والبغضاء، وتبعد عن الأجواء التي تسهم في الوصول إلى النتائج الطيبة.
- احترام التخصص: من شروط المحاورة احترام الخصوصية، وعدم التحاور في موضوعات ليس لها علاقة بفكر المحاور واهتماماته، والواقع أن هذا شرط يتسع ليشمل جميع وسائل المعرفة ولا يقتصر على الحوار فحسب.
- طلب الحق بتجرد عن العاطفة: إن الحماس للفكرة تعد ظاهرة صحية، فبمجرد الادعاء لا يحقق الغرض المطلوب للوصول إلى الحقيقة، ولا تكفي للوصول إلى عقول الناس وقلوبهم، بل لا بد أن يُطلب الحق بتجرد عن العاطفة.
سمات المحاور
لا يكفي فقط أن تتوفر الشروط فقط في الحوار ذاته، بل هناك أيضًا مجموعة من الشروط التي ترتبط بذات المحاور نفسه، فمن آداب الحوار أن يتقيد المحاور بالعديد من الشروط للوصول إلى حوار هادف، وهذه الشروط كالآتي:[٥]- التخلي عن الأنانية: من أهم شروط المتحاور أن يتخلى عن الأنانية في تفكيره؛ وذلك لأن لجوء المتحاور إلى رؤية أفكار الآخرين من منظر ضيق يؤدي إلى ضعف الحوار واختناق مسيرته وغياب النقاش العلمي عن الواقع الفكري.
- الاستقلالية في الفكر: يجب أن يكون المتحاور ذا فكر نظر وتفكير مستقلّيْن، بحيث يجب ألّا يكون تابعًا لغيره، وفي هذا يقول الإمام الغزالي: "أن يكون اعتماده في علومه على بصيرته، وإدراكه بصفاء قلبه، لا على الصحف والكتب، ولا على تقليد ما يسمعه من غيره، فلا يسمى عالمًا إذا كان شأنه الحفظ من غير إطلاع على الحِكم والأسرار".
- سرعة البديهة: أن يكون المحاور سريع البديهة، فإن من حسن المحاورة أن يكون المحاور ذواقاً للكلام، مدركًا لأبعاده، متجاوبًا مع العواطف؛ لأنّ عدم التجاوب السريع مع الطرف الآخر قد يفوّت عليه الكثير من المعلومات التي ينبغي أن يتوقف عندها ويعالجها بلباقة وحنكة.
- الاستشهاد بأدلة: أن يُحسِن المحاور الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في الموضوعات الشرعية بحيث تتوفّر لديه القدرة على فهم آيات القرآن وأحاديث النبيّ، فإن ذلك ممّا يُعينه على ظهور الحقّ، خاصة فيما يتعلق بمحاورة غير المسلمين.