mohammed dfdf
:: عضو منتسِب ::
لقد جعل الله في انقضاء الليالي ومرور الساعات، دروسا يأخذها المؤمن مما فات، ليستفيد منها فيما هو آت، يقول الله تعالى: ((إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب)) ويقول: ((يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)).
فإذا كان في اختلاف الليـل والنهار عبر وعظات، فكيف بمرور الشهور والسنوات؟ بالأمس كنا نرقب دخول العام الجديد، مؤمـلين فيه الآمال، عازمين على الجد في الأفعال، متعاهدين على الصدق في النيات والأقوال، فأقبل الضيف الكريم، فهنيئا لكم ما عزمتم عليه من صنوف القربات، وما سجـلتم في صحائفكم من الحسنات، ولتهنأ لكم كل ساعة مرت في خير، وزينتموها بجميل الإحسان والبر، وحسبكم ما أمر المولى به سيد المرسلين: ((واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)).
وإذا كان العام قد آذن بالإقبال، فيجب أن تكون الهمة في جوانحنا لا تزال، وقلوبنا تهـفو دوما لكريم الخصال، لا يزيدها مر الأيام إلا عزما، ولا تعاقب السنين إلا حزما، حتى نبـلغ الهداية، وتشرق من حياتنا البداية والنهاية. لقد ربى الإسلام الحنيف أتباعه على الهمة العالية، والنظر إلى المراتب السامية، والتطلع دوما لما وعد به المجدون من الهبات والمزايا، وعدم الالتفات للسـفاسف والدنايا، فإن المؤمن في الخيرات لا يعرف القناعة، ولا يرضى لنفسه إلا المنزلة الرفيعة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها))، ولقد وجه القرآن عناية المؤمنين إلى المسارعة في الخيرات، والمبادرة إلى الطاعات، يقول الله تعالى: ((وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض)).
ويقول عز من قائل: ((سابقوا إلى مغفرة من ربكم)).
كما حثهم على التنافس الشريف فقال: ((وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)).
فحري بنا ونحن نستقبل عاما جديدا، ونأمل فيه أن يكون مشرقا متألقا، أن نحـقق هذه المسارعة، ونحرص على ذاك التنافس، وهذا لا يكون -كما تعلمون- إن كانت الهمم في خمول والعزائم في ركون، فإن مناط ذلك العزيمة العالية، والهمة الرفيعة، فهما مدار النجاح، ومفتاح الرقي والفلاح.