س 4 / ماحكم الزام المسلمين جميعا ً في كل دول العالم الصيام برؤية واحدة ؟
هذه المسأله اختلف فيها أهل العلم أي إذا رئي الهلال في بلد من بلاد المسلمين وثبت رؤيتة شرعا ً
فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية .
فمن أهل العلم من قال إنه يلزمهم أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية واستدلوا بعموم قولة تعالى
(( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا ً أو على سفر فعدة من أيام أخر )) .. سورة البقرة , الأية 185
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إذا رأيتموه فصوموا )) قالوا : الخطاب عام لجميع المسلمين .
ومن المعلوم أنه لا يراد به رؤية كل إنسان بنفسة لأن هذا متعذر وإنما المراد بذلك إذا رأه من يثبت برؤيتة
دخول الشهر . وهذا عام في كل مكان .
وذهب أخرون من أهل العلم إلى أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيتة .
وإذا لم تختلف المطالع , فانه يجب على من لم يروه إذا ثبتت رؤيتة بمكان يوافقهم في المطالع
أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية .
واستدل هؤلاء بنفس ما استدل به الأولون فقالوا : إن الله تعالى يقول :
(( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )) سورة البقرة .. الأية : 185
ومن المعلوم أنه لا يراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده , فيعمل به في المكان الذي رئي فيه ,
وفي كل مكان يوافقهم في مطالع الهلال , أما من لم يوافقهم في مطلع الهلال فإنه لم يره لا حقيقة ولا حكما ً .
وقالوا : كذلك نقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم (( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا ))
فإن من كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالع الهلال لا يكن رأه لا حقيقة ولا حكما ً ,
قالوا : والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي , فكما أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري ,
ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثر باتفاق المسلمين ,
فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب ويفطرون قبلهم أيضا ً .
فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي , فإن مثله تماما ً في التوقيت الشهر .
ولايمكن أن يقول قائل إن قوله تعالى ::
(( فالأن باشروهن وابتغوا ماكتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض
من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل )) سورة البقرة .. الأية : 187
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا
وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ))
لايمكن لأحد أن يقول إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار .
الشيخ / محمد ابن عثيمين .. (( يرحمه الله )) في كتاب الدعوة رقم (( 5 )) صفحة 152 –