يقول مالك بن دينار - رحمه الله: دخلت البصرة يوما فوجدت الناس قد اجتمعوا في المسجد الكبير يدعون الله من صلاة الظهر إلى صلاة العشاء لم يغادروا المسجد
، فقلت لهم: ما بالكم؟!، فقالوا: أمسكت السماء ماءها وجفت الأنهار.. ونحن ندعو الله أن يسقينا فدخلت معهم
يصلون الظهر ويدعون، والعصر ويدعون، والمغرب ويدعون، والعشاء ويدعون.. ولا تمطر السماء قطرة..
خرجوا ولم يستجب لهم !!
يقول: ثم ذهب كل منهم إلى داره وقعدت في المسجد ولا دار لي.
فدخل رجل (أسود).. (أفطس) أي صغير الأنف.. (أبجر) أي كبير البطن.. (عليه خِرقتان) ستر عورته بواحدة وجعل الأخرى على عاتقه.. فصلى ركعتين ولم يطل.. ثم التفت يمينا ويسارا ليرى أحدًا فلم يرني.. فرفع يديه إلى القبلة وقال:
إلهي وسيدى ومولاي
حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك
فأسألك يااااااااا حليمًا ذا أناة
يا من لا يعرف خلقه منه إلا الجود
أن تسقيهم الساعة الساعة الساعة..
يقول مالك:
فما أن وضع يديه إلا وقد أظلمت السماء وجاءت السُحُب من كل مكان فأمطرت كأفواه القِرب.
يقول: فعجبت من الرجل!
فخرج من المسجد فتبعته فظل يسير بين الأزقة والدروب حتى دخل دارًا، فما وجدت شيئًا أُعلّم به الدار إلا من طين الأرض فأخذت منها وجعلت على الباب علامة..
فلما طلعت الشمس تتبعت الطرق حتى وصلت إلى العلامة فإذا هو بيت نخّاس يبيع العبيد..
فقلت: ياهذا إني أريد أن أشترى من عندك عبدًا..
فأراني الطويل والقصير والوجيه..
فقلت: لا لا، أما عندك غير هؤلاء؟
فقال النخاس: ماعندى غير هؤلاء للبيع.
يقول مالك:
وأنا خارج من البيت وقد أيست رأيت كوخا" من خشب جوار الباب فقلت: هل في هذا الكوخ من أحد؟
فقال النخاس: من فيه لا يصلح.. أنت تريد أن تشترى عبدًا"، ومن في هذا الكوخ لا يصلح.
فقلت: أراه ..!!
فأخرجه لي، فلما رأيته عرفته.
فإذا هو الرجل الذي كان يُصلي بالمسجد البارحة..
قلت للنخاس: أشتريه..
فأجابني: لعلك تقول غشّني الرجل.. هذا لا ينفع في شيء.. هذا لا يصلح في شيء!
فقلت: أشتريه.. فزهد في ثمنه وأعطاني إياه..
فلما استقر بي المقام في بيتي رفع العبد رأسه إليّ وقال: يا سيدي، لِمَ اشتريتني؟!
إن كنت تريد القوة فهناك من هو أقوى مني..
وإن كنت تريد الوجاهة فهناك من هو أبهى مني..
وإن كنت تريد الصنعة فهناك من هو أحرف مني.
فلِم اشتريتني؟!
قلت: يا هذا، بالأمس كان الناس في المسجد وظلت البصرة كلها تدعو الله من الظهر إلى بعد العشاء ولم يستجب لهم..
وما إن دخلت أنت ورفعت يديك إلى السماء ودعوت الله واشترطت على الله حتى استجاب الله لك وحقق لك ما تريد!
فقال العبد: لعله غيري؟ وما يدريك أنت لعله رجل آخر؟
فقلت: بل هو أنت..
فقال العبد: أعرفتني؟
فقلت: نعم!
فقال: أتيقنتني؟
فقلت: نعم!
فيقول مالِك: فوالله ما التفت إليّ بعدها، إنما خرّ لله ساجدًا، فأطال السجود، فانحنيت عليه فسمعته يقول:
"ياصاحب السر إن السر قد ظهرا.. فلا أُطيق حياة بعدما اشتهرا".
ففاضت الروح إلى بارئها!
أي سر سره، وأي سر سرنا
وإلى أي درجة بلغ في الإخلاص، وكيف إخلاصنا؟!!
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا
اللهم اجعلنا من عبادك القليل القليل!
المصدر: صور من حياة التابعين .. حلية الأولياء.
، فقلت لهم: ما بالكم؟!، فقالوا: أمسكت السماء ماءها وجفت الأنهار.. ونحن ندعو الله أن يسقينا فدخلت معهم
يصلون الظهر ويدعون، والعصر ويدعون، والمغرب ويدعون، والعشاء ويدعون.. ولا تمطر السماء قطرة..
خرجوا ولم يستجب لهم !!
يقول: ثم ذهب كل منهم إلى داره وقعدت في المسجد ولا دار لي.
فدخل رجل (أسود).. (أفطس) أي صغير الأنف.. (أبجر) أي كبير البطن.. (عليه خِرقتان) ستر عورته بواحدة وجعل الأخرى على عاتقه.. فصلى ركعتين ولم يطل.. ثم التفت يمينا ويسارا ليرى أحدًا فلم يرني.. فرفع يديه إلى القبلة وقال:
إلهي وسيدى ومولاي
حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك
فأسألك يااااااااا حليمًا ذا أناة
يا من لا يعرف خلقه منه إلا الجود
أن تسقيهم الساعة الساعة الساعة..
يقول مالك:
فما أن وضع يديه إلا وقد أظلمت السماء وجاءت السُحُب من كل مكان فأمطرت كأفواه القِرب.
يقول: فعجبت من الرجل!
فخرج من المسجد فتبعته فظل يسير بين الأزقة والدروب حتى دخل دارًا، فما وجدت شيئًا أُعلّم به الدار إلا من طين الأرض فأخذت منها وجعلت على الباب علامة..
فلما طلعت الشمس تتبعت الطرق حتى وصلت إلى العلامة فإذا هو بيت نخّاس يبيع العبيد..
فقلت: ياهذا إني أريد أن أشترى من عندك عبدًا..
فأراني الطويل والقصير والوجيه..
فقلت: لا لا، أما عندك غير هؤلاء؟
فقال النخاس: ماعندى غير هؤلاء للبيع.
يقول مالك:
وأنا خارج من البيت وقد أيست رأيت كوخا" من خشب جوار الباب فقلت: هل في هذا الكوخ من أحد؟
فقال النخاس: من فيه لا يصلح.. أنت تريد أن تشترى عبدًا"، ومن في هذا الكوخ لا يصلح.
فقلت: أراه ..!!
فأخرجه لي، فلما رأيته عرفته.
فإذا هو الرجل الذي كان يُصلي بالمسجد البارحة..
قلت للنخاس: أشتريه..
فأجابني: لعلك تقول غشّني الرجل.. هذا لا ينفع في شيء.. هذا لا يصلح في شيء!
فقلت: أشتريه.. فزهد في ثمنه وأعطاني إياه..
فلما استقر بي المقام في بيتي رفع العبد رأسه إليّ وقال: يا سيدي، لِمَ اشتريتني؟!
إن كنت تريد القوة فهناك من هو أقوى مني..
وإن كنت تريد الوجاهة فهناك من هو أبهى مني..
وإن كنت تريد الصنعة فهناك من هو أحرف مني.
فلِم اشتريتني؟!
قلت: يا هذا، بالأمس كان الناس في المسجد وظلت البصرة كلها تدعو الله من الظهر إلى بعد العشاء ولم يستجب لهم..
وما إن دخلت أنت ورفعت يديك إلى السماء ودعوت الله واشترطت على الله حتى استجاب الله لك وحقق لك ما تريد!
فقال العبد: لعله غيري؟ وما يدريك أنت لعله رجل آخر؟
فقلت: بل هو أنت..
فقال العبد: أعرفتني؟
فقلت: نعم!
فقال: أتيقنتني؟
فقلت: نعم!
فيقول مالِك: فوالله ما التفت إليّ بعدها، إنما خرّ لله ساجدًا، فأطال السجود، فانحنيت عليه فسمعته يقول:
"ياصاحب السر إن السر قد ظهرا.. فلا أُطيق حياة بعدما اشتهرا".
ففاضت الروح إلى بارئها!
أي سر سره، وأي سر سرنا
وإلى أي درجة بلغ في الإخلاص، وكيف إخلاصنا؟!!
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا
اللهم اجعلنا من عبادك القليل القليل!
المصدر: صور من حياة التابعين .. حلية الأولياء.